توقيع : Mr. HATEM

29/ الغُلاَمُ الصَّالِحُ وأَصْحَابُ الأُخْدُوْدِ

-- عَنْ صُهَيْبٍ الرُّوْمِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: «كَانَ مَلِكٌ فِيْمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَه سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لَلْمَلِكِ: إِنَّى قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَاَمَاً أُعَلِّمُهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَاَمَاً يُعَلِّمُهُ، وَكَانَ في طَرِيْقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَاَمَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَىَ السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَال: إِذَا خَشِيْتَ السَّاحِرَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيْتَ أهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ».

«فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ أتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيْمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَال: اليَوْمَ أَعَلمُ السَّاحِرُ أفْضَلُ أمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟! فَأَخَذَ حَجَراً فَقَال: اللَّهُمَّ إِنْ كَاْنَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ، فَـاقْـتُـلْ هَذِهِ الدَّابَةَ حَتَّى يَمْضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَـقَــتَــلَــهَـا، وَمَضَى النَّاسُ».

«فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأخْبَرَهُ. فَقَال لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ! أَنْت اليَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيْتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ».

«وَكَانَ الغُلَامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأدْوَاءِ».

«فَسَمِعَ جَلِيْسٌ لِلْمَلِكِ كَاْنَ قَدْ عَمِىَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيْرَةٍ، فَقَال: مَا هَاهُنَا لَكَ أجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي».

«فَقَال: إِنِّى لَا أَشْفِي أَحَدَاً، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ آمَنْتَ باللَّهِ تَعَالَى، دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ».

«فَآمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَشَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى».

«فَأَتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إِليْهِ كَمَا كَاْنَ يجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَليْكَ بَصَرَكَ؟!»

«قَالَ: رَبِّي».

«قَالَ: وَلَكَ رَبٌ غَيْرِى؟!»

«قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ».

«فَأَخذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلَامِ».

«فَجِيءَ بِالغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ! قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَتَفْعَلُ، وَتَفَعْلُ».

«فَقَالَ: إِنِّي لَا أُشْفِي أحَداً، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ تَعَالَى».

«فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبهُ حَتَّى دلَّ عَلى الرَّاهِبِ».

«فَجِيَء بِالرَّاهِبِ فَقِيْلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِيْنكَ، فَأَبَى؛ فَدَعَا بِالمِنْشَارِ، فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِقِ رَأسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ».

«ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيْسِ المَلِكَ فَقِيْلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِيْنكَ، فَأَبَى؛ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِقِ رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ».

«ثُمَّ جِيءَ بِالغُلَامِ فَقِيْلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأبَى. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصحَابِهِ، فَقَال: اذْهَبُوا بِهِ إلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ، وَإلَّا فَاطْرحُوْهُ».

«فَذَهَبُوا بِهِ، فَصَعَدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيْهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الجَبَلُ فَسَقَطُواْ، وجَاءَ يَمْشِي إِلَى المَلِكِ».

«فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فُعِلَ بِأَصْحَابِكَ؟!».

«فَقَالَ: كَفَانِيْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى».

«فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُوْرٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ، وإِلَّا فَاقْذِفُوهُ».

«فَذَهَبُواْ بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيْهِمْ بِمَا شِئتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِيْنَةُ فَغَرَقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى المَلِكِ».

«فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فُعِلَ بِأَصْحَابِكَ؟!»

«فَقَالَ: كَفَانِيْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى».

«فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَـاتِـلِـي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ».

«قَالَ: وَمَا هُوَ؟!»

«قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيْدٍ وَاحِدٍ، وتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنَانَتِي، ثمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الغُلاَمِ، ثمَّ اِرْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَـتَـلْـتَـنِي».

«فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيْدٍ وَاحِدٍ، وصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِن كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وضع السَّهْمَ في كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فَمَاتَ».

«فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِاللَّهِ رَبِّ الغُلاَمِ».

«فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟! قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ».

«فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَقْحِمُوهُ فِيهَا؛ فَفَعَلُوا».

«حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ».

رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 3005)، والتِّرْمِذِيُّ (5/ 3340).

- (الأَكْمَهَ): المَوْلُود أَعمَى.

- (مَفْرِقِ رَأْسِهِ): وَسَطِ رَأْسِه.

- (ذُرْوَتَهُ): أَعلَى الجَبَل.

- (الجِذْع): عُود مِن أَعوَاد النَّخْل.

- (كِنَانَتِي): بَيْت السِّهَام.

- (كَبْد القَوْسِ): وَسَطَه.

- (خُدَّتْ): شُقَّتْ.

- (أَقْحْمُوهُ): أَلْقُوهُ.

- (قُرْقُورٍ): نَوْع مِن السُّفُنِ.

- (صَعِيدٍ): الأَرض البَارِزَة.

- (أَضْرَمَ): أَوْقَدَ النِّيرَان.

- (تَقَاعَسَتْ): تَوَقَّفَت وجَبُنَت.
 
توقيع : Mr. HATEM

30/ الرَّجُلُ والكَلْبُ


-- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطرَيْقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرَاً فَنَزَلَ فِيْهَا فَشَرَبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ».


«فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَاْنَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأ خُفَّهُ مَاْءًا، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيْهِ، حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ».


«فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ».


«قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللَّهِ! وَإِنَّ لَنَا في البَهَائِم أَجرَاً؟»


«فَقَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».



رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 2363)، ومُسْلِمٌ (4/ 2244).

- (يَلْهَثُ): يُخْرِجُ لِسَانَهُ مِن شِدَّةِ العَطَشِ.

- (الثَّرَى): التُّرَابُ النَّدِيّ.

- (وَإِنَّ لَنَا في البَهَائِم أَجرَاً): أَيَكُونُ لَنَا فِي سُقْي البَهَائِم والإِحسَانِ لهَا أَجر.

- (في كُلِّ كَبِدٍ): فِي الإِحسَانِ إِلَى كُلِّ ذِي كَبِدٍ.

- (رَطْبَةٍ) حَيَّة.
 
توقيع : Mr. HATEM
شكراً لك وبارك الله فيك
ربي يعطيك العافية
 
توقيع : أبوفيصل

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي


أعزَّك اللهُ وأكرمك وأحسن إليك أخي الكريم
 
توقيع : Mr. HATEM

31/ الأَبْرَصُ والأَقْرَعُ والأَعْمَى

-- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقَولُ: «إِنَّ ثَلَاثَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبرَصَ، وَأقرَعَ، وَأعْمَى، أرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكَاً».

«فَأَتَى الَأَبْرَصَ فَقَالَ: أيُّ شَيءٍ أحبُّ إِلَيْكَ؟».

«قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ».

«فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ، وَأُعْطِيَ لَوْنَاً حَسَنَاً».

«قَالَ: فَأيُّ الَمَالِ أحَبُّ إِلَيْكَ؟»

«قَالَ: الِإبِلُ».

«فأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَراءَ».

«فَقَالَ: بَاركَ اللَّهُ لَكَ فِيْهَا».

«فَأتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟»

«قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَنِي النَّاسُ».

«فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ، وَأُعْطِيَ شَعْرَاً حَسَنَاً».

«قَالَ: فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟».

«قَالَ: البَقَرُ».

«فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً».

«وَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيْهَا».

«فَأَتَى الأَعْمَى، فَقَالَ: أيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟»

«قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِليَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ النَّاسَ».

«فَمَسَحَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ إِليْهِ بَصَرَهُ».

«قَالَ: أيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟»

«قَالَ: الغَنَمُ».

«فَأُعْطيَ شَاةٍ وَالِدَاً».

«فَأَنْتَجَ هَذَانِ، وَوَلَدَ هَذَا، فَكَاْنَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الِإبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ».

«ثُمَّ إِنَّهُ أتَى الأَبْرَصَ في صُوْرَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِيْنٌ، قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ اليَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ، والجِلْدَ الحسَنَ، وَالمَالَ، بَعِيْراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَرِي».

«فَقَالَ: الحُقُوْقُ كَثِيْرَةٌ».

«فَقَالَ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُ أَبْرَصَ يَقْذُرُكَ النَّاسُ، فَقِيْرَاً فَأعطَاكَ اللَّهُ؟!»

«فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المَالَ كَابِرَاً عَنْ كَاِبرٍ!!»

«فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبَاً فَصَيَّركَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنتَ».

«وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُوْرَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَال لَهُ مِثْلَ مَا قَال لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا».

«فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبَاً فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ».

«وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُوْرَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِيْنٌ وَابْنُ سَبِيْلٍ انْقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ اليَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاْةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفَرىِ؟»

«فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِليَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ مَا أَجْهَدُكَ اليَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّه عَزَّ وَجَلَّ».

«فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيْتُمْ، فَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ».

رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4/ 3464)، ومُسْلِمٌ (4/ 2964).

- (يَبْتَلِيَهُمْ): يَخْتَبِرَهُم.

- (مَلَكًا): بِصُورَةِ إِنْسَان.

- (قَذِرَنِي النَّاسُ): تَبَاعَدُوا عَنِّي وكَرِهُونِي.

- (أَتَبَلَّغُ بِهَا): أَبْلُغُ بِهَا المَنْزِلَ الَّذِي أُرِيدُ.

- (نَاقَةً عُشَراءَ): نَاقَة حَامِل.

- (فَأَنْتَجَ هَذَانِ): صَاحِبُ الإِبِل والبَقَر، وأَنْتَجَ مِنَ النتاج، وهُوَ: مَا تَضَعُهُ البَهَائِم.

- (كَابِرَاً عَنْ كَاِبرٍ): وَرِثْتُهُ عَن آبَائِي وأَجْدَادِي، حَالُ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم كَبِيرًا وَرِثَ عَن كَبِيرٍ.

- (انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ): الأَسْبَابُ الَّتِي يَتَعَاطَاهَا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ.

- (شَاةٍ وَالِدَاً): شَاةٍ حَامِلاً.

- (مَا أَجْهَدُكَ): لاَ أَشُقَّ عَلَيْكَ.
 
التعديل الأخير:
توقيع : Mr. HATEM

32/ جُرَيْجٌ العَابِدُ، والمُتَكَلِّمَانِ فِي المَهْدِ



-- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ».

«وَكَانَ جُرَيْجُ رَجُلاً عَابِدَاً، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيْهَا، فَأتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي».

«فَقَالتْ: يَا جُرَيْجُ

«فَقَالَ: يَارَبِّ! أُمِّي وَصَلَاتِي؟»

«فَأقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ».

«فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالتْ: يَا جُرَيْجُ

«فَقَالَ: أيْ رَبِّ! أمِّي وَصَلَاتِي؟»

«فَأقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ».

«فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالتْ: يا جُرَيْجُ

«فَقَالَ: أيْ رَبِّ! أمِّي وَصَلَاتِي؟»

«فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى وُجُوْهِ المُوْمِسَاتِ».

«فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجَاً وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بحُسْنِهَا، فَقَالتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأفْتِنَنَّهُ

«فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِياً كَانَ يَأوِي إِلى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِن نَّفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ».

«فَلَمَّا وَلَدَتْ قالتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوْهُ وَهَدمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعلُوا يَضْرِبُوْنَهُ».

«فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟!»

«قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ البَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ».

«قَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟!»

«فَجَاؤُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أُصَلِّي».

«فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ في بَطْنِهِ وَقَالَ: يَا غُلَامُ! مَنْ أبوْكَ؟!»

«قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي

«فَأقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُوْنَهُ، وَيَتَمَسَّحُوْنَ بِهِ، وَقَالوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ».

«قَالَ: لَا، أَعِيْدُوْهَا مِنْ طِيْنِ كَمَا كَانَتْ».

«فَفَعَلُوا».


«وَبَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ، وشَارَةٌ حَسَنَةٌ، فَقَالتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذَا

«فَتَرَكَ الثَّدْيَ، وَأقْبَلَ إلَيْهِ، فَنَظرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَى ثَدْيهِ فَجَعَلَ يَرْتِضعُ».

«وَمَرُّوا بِجَارِيةِ وَهُمْ يَضْرِبُوْنَهَا وَيَقُوْلُوْنَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ! وَهِيَ تَقُوْلُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ».

«فَقَالتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظرَ إِليْهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا».

«فَهُنَالِكَ تَرَاجَعَا الحَدِيْثَ، فَقَالتْ: مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. وَمَرَّوُا بِهَذِهِ الأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُوْنَهَا وَيَقُوْلُوْنَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجَعَلْنِي مِثْلَهَا؟!»

«قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَاْنَ جَبَّارَاً، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإنَّ هَذِهِ يَقُوْلُوْنَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَلَمْ تَزْنِ، وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا».


رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4/ 3436)، ومُسْلِمٌ (4/ 2550).

- (المَهْدِ): الفِرَاشُ الَّذِي يُهَيَّأُ لِلصَّبِيِّ لِيَنَامَ فِيْهِ، والمُرَادُ هُنَا حَالُ الصِّغَرِ قَبْلَ أَوَانِ الكَلاَمِ.

- (المُومِسَاتِ): الزَّوَانِي البَغَايَا المُتَجَاهِرَاتِ بِذَلِكَ.

- (يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا): يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ لِانْفِرَادِهَا بِهِ.

- (ذُو شَارَةٍ): ذُو حُسْنٍ وجَمَالٍ وصَاحِبِ هَيْئَةٍ ومَلْبَسٍ حَسَنٍ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ ويُشَارُ إِلَيْهِ.

- (تَرَاجَعَا الحَدِيثَ): أَقْبَلَتْ عَلَى الرَّضِيعِ تُحَدِّثُهُ، وكَانَتْ أَوَّلًا لَا تَرَاهُ أَهْلًا لِلْكَلَامِ، فَلَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الكَلَامَ عَلِمَتْ أَنَّهُ أَهْلٌ لَهُ، فَسَأَلَتْهُ ورَاجَعَتْهُ.

- (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا): اللَّهُمَّ اجعَلْنِي سَالِمًا مِنَ المَعَاصِي كَمَا هِيَ سَالِمَةٌ، ولَيْسَ المُرَادُ مِثْلَهَا فِي النِّسْبَةِ إِلَى بَاطِلٍ تَكُونُ مِنْهُ بَرِيًّا.
 
توقيع : Mr. HATEM
بســــــم اللـــه الرحمـــــــــن الرحيــــــــــم
الســــــــــــــــــــــلام عليكــــــــم

oooooo11.gif
 
توقيع : roufaida
جزاكم الله خير
 
توقيع : KMKMMM

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي




وعليكم السلام ورحمة الله


شكرًا جزيلاً لمرورك الجميل

 
توقيع : Mr. HATEM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على الطرح القيم
تحياتي
 
بارك الله فيك وجزاك خيرا وشكرا لك
 
توقيع : aelshemy

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك اللهُ كل خير أخي الفاضل

 
توقيع : Mr. HATEM

33/ صَاحِبُ الوَدِيْعَةِ


-- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ».

«فَقَالَ: ائْتِنِي بِشُهَدَاءَ أُشْهِدُهُمْ».

«فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا».

«فَقَالَ: ائْتِنِي بِالكَفِيلِ».

«قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا».

«قَالَ: صَدَقْتَ».

«قَالَ: فَدَفَعَهَا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ إلى البَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدُمُ عَلَيْهِ، لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلاً، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَإِنِّي جَهِدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكِبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالَّذِي لَهُ، فَلَمْ أَجِدْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا

«فَرَمَى بِهَا إِلَى البَحْرِ، حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ».

«فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَهُ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةُ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ المَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أسلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ».

«قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ شَيئاً؟! قَالَ: أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ».

«قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ بِهِ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ دِينَارٍ رَاشِدًا».


رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 2291)، وأحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (14/ 8587).

- (التَمَسَ): طَلَبَ.


- (لِلْأَجَلِ): الوَقْت الَّذِي حَدَّدَهُ لَهُ لِلْوَفَاءِ.

- (فَنَقَرَهَا): حَفَرَهَا.

- (صَحِيفَةً): مَكْتُوبًا.

- (زَجَّجَ): سَوَّى مَوْضِعَ النَّقْرِ وأَصْلَحَهُ.

- (تَسَلَّفْتُ فُلاَنًا): طَلَبْتُ مِنْهُ سَلَفًا.

- (جَهَدْتُ): بَذَلْتُ وُسْعِي.

- (وَلَجَتْ): دَخَلَتْ فِي البَحْرِ.
 
توقيع : Mr. HATEM

34/ المَرْأَةُ القَصِيرَةُ

-- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَصِيرَةٌ تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوهَا، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا».

رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 2252) ولَهُ اللَّفْظُ، وأحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (17/ 11364).

- (تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ): ماشية في عادتها بين امرأتين طويلتين منهم فعرفت قصرها ونقصها عنهما وقبح مشيتها معهما.

- (فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ): لِتُطَوِّلَ قَامَتِهَا، فَتَكُونُ مُتَنَاسِبَةً مَعَ صَاحِبَتَيْهَا.

- (مِنْ خَشَبٍ): صَنَعَتْ لِنَفْسِهَا، بِأنْ حَشَتْهُمَا بِنَحْوِ قُطْنٍ، فَلَبِسَتْهُمَا، فَصَارَت مُسَاوِيةً لِلْمَرأَتَيْنِ أَوْ أَطْوَلَ مِنْهُمَا.

- (وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ): الخَاتَمُ المُغْلَقُ هُوَ: المَربُوطُ المَشْدُودُ وَسَطُهُ عِنْدَ مُلْتَقَى الطَّرَفَيْنِ بِغَلْقٍ كَغَلْقِ البَابِ؛ والمُطْبَقُ هُوَ: المَجْعُولُ فَصَّهُ كَالطَّبَقِ عَلَيْهِ.

- (حَشَتْهُ مِسْكًا): مَلأَت فَصَّهُ مِسْكًا، لِأَنَّهُ كَانَ مُجَوَّفًا.

- (فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ): مَشَت تِلْكَ المَرْأَةُ القَصِيْرَةُ بَيْنَ المَرْأَتَيْنِ الطَّوِيْلَتَيْنِ.

- (فَلَمْ يَعْرِفُوهَا): فَلَمْ يَعْرِفُهَا النَّاسُ الَّذِيْنَ يَعْرِفُونَهَا أَوَّلًا؛ لِكَوْنِهَا طَوِيْلَةً الآنَ.

- (فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا): فَأَشَارَتْ تِلْكَ المَرْأَةُ بِيَدِهَا الَّتِي فِيْهَا الخَاتَمُ، رَافِعَةً لَهَا لِيَعْرِفَهَا النَّاسُ.
 
توقيع : Mr. HATEM

35/ صَاحِبُ الصَّدَقَاتِ الثَّلاَثِ

-- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ».

«فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ».

«فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى سَارِقٍ».

«فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ! لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ».

«فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ

«فَأَصْبَحُوا يَقُولُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ».

«فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ! لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ».

«فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ».

«فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تَصَدَّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى غَنِيٍّ».

«فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ، وَعَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ».

«فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفُّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ».

رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2/ 1421) واللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (2/ 1022).

- (فِي يَدِ سَارِقٍ): أَيْ وهُوَ يَظُنُّهُ فَقِيْرًا ولاَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَارِقٌ؛ وكَذَلِكَ الزَّانِيَةُ والغَنِيُّ.

- (فَأَصْبَحُوا): القَوْمُ الَّذِيْنَ فِيْهِم هَذَا الرَّجُلُ المُتَصَدِّقُ.

- (فَأُتِيَ): رَأَى فِي المَنَامِ.
 
توقيع : Mr. HATEM
عودة
أعلى