Mr. HATEM
زيزوومي VIP
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

المَلِك الأَسَد
فِي عام 1530م كان هناك مَلِك مُسلِم يَحكُم أفغانستان وأجزاء مِن الهِند اسمه فريد خان، كان أُعجُوبة في العَدل، قَلَّ أنْ يَرَى العَالَم لَه مَثيل في هذا الزَّمان!
كان للمَلِك فريد خان جيش يُحارب على حُدود دَولته فوق إِحدى قِمَم الجِبال، وكان لِأَحد الفُقراء هناك كوخ يعيش فيه وأُسرته؛ واحتاج الجيش أن يُزيل الكوخ لأَمر خاص بالخطط العسكرية الخاصة بالجيش.
وبعد ما أزال الجيشُ كوخَ الفقير ونَزل الرَّجُل مِن على الجبل إلى السَّهل المُنبسِط ولم يستطع التَّأقلم والعيش في السُّهول، إِذْ كانت حياته مُرتبطة بقِمَّة الجبل والصَّيد فيها والإِحتطاب ورَعي الأغنام.
فَقرَّر الرَّجُل الذَّهاب إلى المَلِك فريد خان ليشتكي له قائد الجيش لِهَدمه بيته، وعندما وَصَل المدينة التي بها مَقرّ الحُكم سأل عن المَلِك فريد خان، فقِيل له إنه عند أطراف المدينة يلعب مع الأطفال!
فظنّ الرَّجُل أنَّ النَّاس يسخرون منه لِهَيئته البَسيطة!
فسأل آخرون فقِيل له نفس الرَّد!
فذهب للمكان الذي وَصَفوه له خلف المسجد الكبير بالبلدة، فوَجد سَاحة كبيرة وبها أطفال يلبسون أجمل الثِّياب وأغلاها ووجد المَلِك فريد خان يلعب مع الأطفال!
ولمَّا سأل مَن يقف بجواره: "مَن هؤلاء الأطفال؟!"
قال له: "هؤلاء اليَتَامى مِن أطفال المُسلِمين".
قال الفقيرُ: "ولكن مَظهُرهم لا يدلّ على أنهم أيتام؟!"
فقال الرَّجُل: "اليتامي عندنا يلبسون ثيابًا أفخر وأقيم مِمَّا يلبسه باقي أولادنا، وهذا أمر مِن المَلِك فريد خان، أن يكون مظهر الأيتام أعلى قيمة مِن باقي الأطفال"!
فاستبشر الرَّجل في المَلِك العَادِل خَيرًا، وظنَّ بربِّه خيرًا أنَّ الله سيقضي له حاجته مِن المَلِك.
ولمَّا فَرَغ المَلِك مِن اللَّعب مع الأيتام وذهب إليه أحدُهم يبلغه أنَّ هناك غريب يريد المَلِك في حاجةٍ له.
فقال لمُحدِّثه: "ولِمَ لَمْ تُوصِّله لي مباشرة فور أن حَضَر؟! يَا رَجُل، رُبَّما الغَرِيب جَائِع أو خَائِف أو غير آمِن؛ فكيف أسعفك فِكرك إلى أنْ تُؤخِّره عنَّا؟! سَامَحك اللهُ يا رَجُل".
وكان يتحدَّث وهو في طريقه إلى الغَريب خارج سَاحة اللَّعب، فلم يكن ليُضيع الوقت مع مُحدِّثه والغَريب ينتظر بالخارج؛ ووَقَف المَلِك أمام الفقير وقال له بكل تواضعٍ: "لَبَّيك يَا عَبد الله، أنا خَادِمكم فريد خان؛ هل لك مِن مَظلمة نَقضيها لك بإذن الله تعالى؟"
فانبهر الرَّجُل الفَقِير مِن الرَّد وتَلجلَج في الكلام!
فَطَمأنه المَلِك وتَبسَّم في وجهه وقال له: "تَحدَّث يَا عَبد الله، ولا تَخف مِن غير الله تعالى، فواللهِ لو كان حقّك عندي لجعلتُك تَقتصه مِنِّي الآن".
فَزَاد انبهار الرَّجُل وعدم تَصديقه!
فأخبر الفقيرُ قِصَّته على المَلِك فريد خان.
فقال له فريد خان: "أَبْشِر يَا عَبد الله، فقد قَضيتُ مَظْلَمتك وهِي فِي ذِمَّتي الآن حتَّى يَصلِك حقّك".
فَأَمر مِن فَوره عِقابًا لقائد الجيش، أن يُؤخَذ بَيت قائد الجيش حتى يُشيّد للفَقِير بَيتًا فوق قِمَّة الجبل، وبجواره قلعة عسكرية بها أبراج للدِّفاع عن المنطقة ضدّ أي عُدوان!
فَزَاد تَعجُّب الرَّجُل وهو يضرب كفًا بكفٍّ!
وحاول شُكر المِلك بكلمات الثَّناء والمَدِيح، فأوقفه المَلِكُ أن يُكمِل حَدِيثه وقال بِغَضَب وتَوَاضع: "يَا رَجُل، لا تَشكُرنا أن أدَّينا لك حقَّك، فهذا ليس مَالِي ولا مال أَبِي، بل هو مَال اللهِ استخلفنا فيه لِخدمة ضُعفاء المُسلِمين قبل أقويائهم؛ فواللهِ الذي لا إله غيره، لأن أخسر المعركة ويأسرني العدوّ ويُقطعني إِربا تأكلني السِّباع والجَوَارح هو خير لي مِن أن ألقى اللهَ يوم القيامة وفوق كَتِفى مَظلَمة فقير يُحاجِجني بها بين يدي الله جلّ وعَلا".
*********
المصدر
تاريخ الإسلام في الهند/ عبد المنعم النمر
تاريخ الإسلام في الهند/ عبد المنعم النمر
