مَوْلِد السَّيِّد العَظِيم
فِي يَوم 15 رَمَضان عام 3 هـ، وُلِد سَلِيلُ الهُدَى وحَلِيف أَهْل التُّقَى، وخَامِس أَهْلِ الكِسَاء، وابْنُ سَيِّدَة النِّسَاء، العَلَم الكَبِير والسَّيد الكَرِيم وسَيِّد شَبَاب أَهْل الجَنَّة/ الحَسَن بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو مُحَمَّد القُرَشِي الهَاشِمِي؛ سِبْط رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ابْن ابْنَته فَاطِمَة الزَّهْراء، ورَيْحَانَته، وأَشْبَه خَلْق اللهِ به.
فحنَّكَه رسولُ اللهِ بِريقِه وسمَّاه "حَسَنًا"، وهُو أَكبر وَلَد أَبَوَيْه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحِبه حُبًّا شديدًا حتَّى كان يُقبِّل ذَبِيبته وهو صغير، ويمُصّ لِسَانه ويَعتنقه ويُداعِبه، وكان إذا جَاء ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَاجِد في الصَّلاة فَيَركَب عَلَى ظَهْرِه، فَيُقِرّه عَلَى ذلك ويُطِيل السُّجودَ مِن أَجلِه، وكان يَصعَد مَعَه إِلى المِنْبَر؛ وكان النبي صلى اللهُ عليه وسلَّم يَحمِل الحَسَنَ عَلَى عَاتِقِه ويقول: «اللَّهُمُّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ»، وقَالَ أيضًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ».
وقد كان أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيق يُجِلَّه ويُعظِّمه ويُكرِمه ويُحِبه ويَتفدَّاه، وكَذلِك عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب.
وكذلك كان عُثْمَانُ بْنُ عَفَّان يُكرِمه ويُحِبه.
وقد كان الحَسَنُ يومَ الدَّار - وعُثْمَانُ بْنُ عَفَّان مَحصُور- عنده ومعه السَّيف مُتقِلدًا به يُدَافِع عن عُثْمَان، حتَّى أُخِرج مِن البَيت وهُو مُضرَّج بِدِمَائه.
وكان عَلِيٌّ يُكْرِم الحَسَنَ إِكرامًا زَائدًا، ويُعظِّمه ويُبجِّله.
وقد كان ابْنُ عَبًّاس يَأخذ الرِّكَاب لِلحَسَن إِذَا رَكِب.
وحَجّ خَمْسًا وعِشْرِين مرَّةً، وكان إذا طَاف بالبَيْت يَكَاد النَّاسُ يُحطِّمونه ممِّا يزدحمون عليه، للسَّلام عليه.
وقد كان يَنْهى أَبَاه عن الخُروج يوم الجَمل وصِفِّين، ويَدعُو النَّاس لِعَدم الخُروج.
وبعد موت أبيه رضي اللهُ عنه، بَايَع الحَسَنَ تِسعُون ألفًا، فَزَهد في الخِلاَفة، وصَالَح مُعاوِية، حَقنًا لِدِماء المسلمين وعدم فُرقتهم، ولَم يَسِل في أيَّامه مَحجَمة مِن دَم.
قال عِمران بْن عَبد الله: "رأيتُ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي المَنَام مَكْتُوب بَين عَيْنَيه: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، فَفَرحتُ بِذَلِك، فأخبرتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيّب بذلك، فقال: "إِنْ كَان رَأَى هَذِه الرُّؤيَا فَقَلَّ مَا بَقِي مِن أَجَلِه". فَلَم يَلبِث الحَسَنُ بَعد ذَلِك إلاَّ أيامًا حتَّى مات.
وقَد دُفِن بالبَقِيع مَع أُمِّه عَلَيْهما السَّلامُ والرَّحمة والرِّضوان؛ وكان ذلك في سنة 49 هــ.
********
المصادر
الجامع الصحيح/ البخاري
الصحيح/ مسلم
التاريخ الكبير/ البخاري
الكنى والأسماء/ مسلم
الطبقات الكبرى/ ابن سعد
معرفة الصحابة/ أبو نعيم
الاستيعاب/ ابن عبد البر
تاريخ دمشق/ ابن عساكر
أسد الغابة/ ابن الأثير
سير أعلام النبلاء/ الذهبي
تاريخ الإسلام/ الذهبي
البداية والنهاية/ ابن كثير
الإصابة/ ابن حجر
سمط النجوم/ العصامي