س20: أسلم كافر فهل ينطق بالشَّهادتين أو يتوضأ أو لا؟!


الجواب: يَنطق بالشَّهادتين أولاً، ثم يتطهَّر للصَّلاة، ويُشرع له الغُسل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَر بعض الصَّحابة بذلك لما أسلم.


وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم


((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 

توقيع : Mr. HATEM
س21: رَجُل يعيش في جماعة تستغيث بغير الله، هل يجوز له الصَّلاة خلفهم، وهل تجب الهِجرة عنهم، وهل شِركهم شِرك غليظ، وهل مُوَالاتهم كمُوالاة الكُفَّار الحقيقيين؟!

الجواب: إذا كانت حال مَن تعيش بينهم - كما ذكرتَ: مِن استغاثتهم بغير الله، كالاستغاثة بالأموات والغائبين عنهم من الأحياء أو بالأشجار أو الأحجار أو الكواكب ونحو ذلك- فهم مُشرِكون شِركًا أكبر يخرج مِن مِلّة الإسلام، لا تجوز مُوَالاتهم، كما لا تجوز مُوَالاة الكُفَّار، ولا تصح الصلاة خلفهم، ولا تجوز عشرتهم ولا الإقامة بين أظهرهم إلا لمَن يدعوهم إلى الحق على بَيِّنة، ويرجو أن يستجيبوا له وأن تصلح حالهم دينيًا على يديه، وإلاَّ وجب عليه هَجرهم والانضمام إلى جماعة أخرى يتعاون معها على القيام بأصول الإسلام وفروعه وإحياء سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد اعتزل الفِرَق كلَّها ولو أصابته شِدَّة؛ لما ثبت عن حُذَيْفَة رضي الله عنه أنه قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»(1) مُتَّفق عليه.

((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

----------------------------------

(1) صحيح البخاري (4/ 3606)، وصحيح مسلم (3/ 1847).
 
توقيع : Mr. HATEM
س22: إنني أسمع وأرى بعيني، يقولون: بأن الأولياء عندهم التَّصرف في الدُّنيا في العَبد، ويقولون: بأنهم عندهم أربعين وجهاً .. تَراه رَجُلاً وتَراه ثُعبانًا وأَسدًا وغير ذلك، ويذهبون عند المقابر وينامون هناك ويدلجون هناك، ويقولون: بأنه يقف عندهم في المَنَام، ويقول لهم: اذهبوا فإنك شُفيت، فهل هذا الكلام صحيح أم لا؟!


الجواب: ليس للأولياء تصرُّف في أَحَد، وما آتاهم اللهُ من الأسباب العاديَّة التي يؤتيها الله لغيرهم مِن البَشَر، فلا يملكون خَرق العادات، ولا يمكنهم أن يتمثَّلوا في غير صُور البَشَر مِن ثَعَابين أو أُسود أو قُرود أو نحو ذلك من الحيوان، إنما ذلك أعطاه اللهُ للملائكة والجِن وخصَّهم به، ويَشْرع الذِّهاب إلى القبور لزيارتها والدُّعاء بالمغفرة والرَّحمة لأهلها، ولا يجوز الذِّهاب إليها لطلب البركة والشِّفاء من أهلها والاستغاثة بهم في تَفريج الكُرُبات وقضاء الحاجات، بل هذا شِرك أكبر، كما أنَّ الذَّبح لغير الله شِرك أكبر، سواء كان عند قبور الأولياء أم غيرها، فما حَكيتَه عنهم مخالف للشَّرع، بل مِن البِدَع المنكرة والعقائد الشَّركية.


وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
 
توقيع : Mr. HATEM
س23: إنَّ رَجُلاً -خطيب مسجد بإحدى القرى التي نعيش فيها نحنوهو من الصُّوفية والطَّريقة الشَّاذلية التي يُسمُّونها على أنفسهم؛ وهذا الرَّجُل يدعو النَّاس ويُعلَّمهم التَّوسل بمخلوقات الله مثل: الأنبياء، والأولياء، ويدعوهم إلى زيارة الأضرحة (القِبَابويُحلّ لهم الحَلِف بالنبي والولي والكفَّارة في هذا الحَلِف إذا حَنَث الحالف .. ونحن ناظرناه في ذلك الخطأ الذي يفعله ويُعلّمه للناس ولكنه مُصِرّ على ذلك، ويستدل بأحاديث ضعيفة وموضوعة فهل هذا يُصلَّى وراءه؟! لأننا لم نتم بناء المسجد؛ لأننا جمعنا تبرعات لبناء هذا المسجد ولكن لم يُنشأ إلى الآن .. فنرجو فَتواكم على هذا السُّؤال؛ وفَّقنا ووفَّقكم الله تعالى؟!

الجواب: إن َّالاستغاثة بالأموات ودعاءهم من دون الله أو مع الله شِرك أكبر يُخرج مِن مِلّة الإسلام، سواء كان المُستغاث به نبيًا أم غير نبي، وكذلك الاستغاثة بالغائبين شِرك أكبر يُخرج من مِلةَّ الإسلام والعياذ بالله، وهؤلاء لا تصح الصلاة خلفهم لِشِركهم .. أمَّا مَن استغاث بالله وسأله سبحانه وحده مُتوسلاً بجاههم أو طاف حول قبورهم دون أن يعتقد فيهم تأثيراً وإنما رَجَا أن تكون منزلتهم عند الله سببًا في استجابة الله له فهو مُبتدِع آثم مُرتكِب لوسيلة من وسائل الشِّرك، ويُخشى عليه أو أن يكون ذلك منه ذريعة إلى وقوعه في الشِّرك الأكبر .. ونسألُ اللهَ أنْ يُعينكم على نَشر التَّوحيد ونُصرة الحقِّ وجهاد المبتدعين.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
 
توقيع : Mr. HATEM
س25: رَجُل يُصلي ويصُوم ويفعل جميع أركان الإسلام ومع ذلك كلّه يدعو غير الله، حيث إنه يتوسّل بالأولياء وينتصر بهم ويعتقد أنهم قادرون على جَلب المنافع ودَفع المضار، أخبرنا جزاكم الله خيرًا، هل يَرثهم أولادهم المُوَحِّدون بالله الذين لا يُشركون مع الله شيئاً؟!


الجواب: مَن كان يُصلي ويصوم ويأتي بأركان الإسلام إلا أنه يستغيث بالأموات والغائبين وبالملائكة ونحو ذلك فهو مُشرِك، وإذا نُصح ولم يقبل وأصرّ على ذلك حتى مات فهو مُشرِك شركاً أكبر يُخرجه مِن مِلّة الإسلام، فلا يُغسّل ولا يُصلّى عليه صلاة الجنازة ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يُدعَى له بالمغفرة ولا يَرثه أولاده ولا أبواه ولا إخوته المُوَحِّدون ولا نحوهم ممَن هو مُسْلِم لاختلافهم في الدِّين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلاَ الكَافِرُ المُسْلِمَ»(1)، رواه البخاري ومسلم.


وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------


(1) رواه البخاري (8/ 6764)، ومسلم (3/ 1614).

 
توقيع : Mr. HATEM
س26: يقول أرباب الصوفية: أنهم يستعينون ويستغيثون بعِبَاد صالحين مجازاً واللهُ عزّ وجلّ هو المُستعان حقيقةً، فكيف تَرُدّ على هؤلاء؟! ثم إنهم يقولون حُجة لهم في الاستعانة بالصالحين: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}(1 حُجة لهم فكيف تَرُدّ على هذا؟!

الجواب: أولاً: الاستعانة والاستغاثة بغير الله من الأموات والغائبين والأصنام ونحوها شِرك بالله عزّ وجلّ، وهكذا الاستغاثة والاستعانة بغير الله من الأحياء فيما لا يقدر عليه إلا الله شِرك أكبر يُخرج مِن مِلّة الإسلام.

ثانياً: الاستدلال على مشروعية الاستعانة والاستغاثة بغير الله بقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}(1)، استدلال باطل، فإن معناها: وما أصبت عيون الكُفَّار في غَزْوَة بَدر مع كثرتهم وانتشارهم في ميدان القتال بما حذفتهم به من الحَصَى مع ضَعفك وقِلّة ما بيدك من الحَصَى، ولكن الله تعالى هو الذي أوصله إليهم فأصاب أعينهم جميعًا بقدرته سبحانه، فليس في الآية استغاثة بغير الله، إنما فيها أخذ بالأسباب ولو ضعيفة وهو حذف الحصى مع الضَّراعة لله واللُّجوء إليه، فكانت النَّتائج بفضل الله وقُدرته عظيمة، وكان مع حذف الحصى أيضاً دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم وطلبه النَّصر من الله وحده على أعدائه لا دعاء الصالحين.

وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم

((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

------------------------

(1) سورة الأنفال - الآية 17
 
توقيع : Mr. HATEM
س27: قال بعضُ أهل البِدَع الذين يدعون أهل القُبور: كيف تقولون: الميت لا ينفع وقد نفعنا موسى عليه الصلاة والسلام حيث كان السبب في تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس، وقال بعضهم: كيف تقولون: كل بِدعة ضلالة، فماذا تقولون في شكل القرآن ونقطه، كل ذلك حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبماذا نجيبهم؟!


الجواب: أولاً: الأصل في الأموات أنهم لا يسمعون نداء مَن ناداهم مِن النَّاس، ولا يستجيبون دعاء مَن دعاهم، ولا يتكلَّمون مع الأحياء مِن البشر ولو كانوا أنبياء، بل انقطع عملهم بموتهم؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}(1)، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}(2)، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}(3)، وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}(4)، {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (5)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (6) رواه مسلم في صحيحه؛ ويُستثنى مِن هذا الأصل ما ثَبت بدليل صحيح، كسماع أهل القَلِيب من الكُفَّار كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عَقِب غَزوة بَدر، وكصلاته بالأنبياء ليلة الإسراء، وحديثه مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في السماوات حينما عُرِج به إليها، ومِن ذلك نُصح مُوسَى لنبينا عليهما الصلاة والسلام أن يسأل الله التَّخفيف مما افترضه عليه وعلى أُمَّته مِن الصَّلوات فراجع نبينا صلى الله عليه وسلم رَبّه في ذلك حتى صارت خمس صلوات في كل يوم وليلة، وهذا من المعجزات وخوارق العادات فيقتصر فيه على ما وَرَد .. ولا يُقاس عليه غيره مما هو داخل في عُموم الأصل؛ لأنَّ بقاءه في الأصل أقوى من خروجه عنه بالقياس على خوارق العادات، علماً بأن القياس على المستثنيات من الأصول ممنوع خاصة إذا لم تُعلَم العِلَّة، والعِلَّة في هذه المسألة غير معروفة، لأنها من الأمور الغيبية التي لا تُعلَم إلا بالتَّوقيف مِن الشَّرع، ولم يثبت فيها توقيف فيما نعلم، فوجب الوقوف بها مع الأصل.



ثانياً: الأُمَّة مأمورة بحفظ القرآن كتابة وتلاوة، وبقراءته على الكيفية التي علَّمهم إياها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت لُغة الصَّحابة رضي الله عنهم عربية سليمة، لِقِلّة الأعاجم بينهم، وعنايتهم بتلاوته - كما أُنْزِل- عظيمة، واستمرَّ ذلك في عَهد الخُلفاء الرَّاشدين فلم يخشَ عليهم اللَّحن في قراءة القرآن ولم يشقَّ عليهم قراءته مِن المصحف بلا نقط ولا شكل، فلما كانت خلافة عبد الملك بن مروان وكثر المسلمون من الأعاجم واختلطوا بالمسلمين من العرب خشي عليهم اللَّحن في التلاوة وشُق عليهم القراءة من المصحف بلا نقط ولا شكل، فأمر عبد الملك بن مروان بنقط المصحف وشكله، وقام بذلك الحسن البصري، ويحيى بن يعمر رحمهما اللهُ، وهما من أتقى التَّابعين وأعلمهم وأوثقهم؛ محافظة ًعلى القرآن، وصيانة ًله مِن أن يناله تحريف، وتسهيلاً لتلاوته وتعليمه وتعلّمه، كما ثَبَت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وبهذا يتبين أنَّ كلاًّ مَن نقط القرآن وشكله -وإن لم يكن موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم- فهو داخل في عُموم الأمر بحفظه وتعليمه وتعلُّمه على النَّحو الذي علمَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أُمّتَه؛ ليتم البلاغ، ويَعُمّ التَّشريع، ويستمرّ حتى يَرِث اللهُ الأرض ومَن عليها، وعلى هذا لا يكون مِن البِدَع؛ لأنَّ البِدعة: ما أحدث ولم يدل عليه دليل خاص به أو عام له ولغيره، وقد يُسمَّى مثل هذا بعض من تكلم في السنن والبدع: مصلحة مرسلة، لا بدعة، وقد يسمى هذا: بِدعة من جِهة اللُّغة؛ لكونه ليس على مثال سابق لا من جهة الشَّرع؛ لدخوله تحت عُموم الأدلة الدَّالة على وجوب حفظ القرآن وإتقانه تلاوةً وتعلَّماً وتعليماً، ومِن هذا قول عُمَر رضي الله عنه لما جمع الناس على إمام واحد في التَّراويح: "نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ" (7)؛ والظَّاهر دخول النقط والشكل في عموم النُّصوص الدَّالة على وجوب حفظ القرآن كما أُنْزِل.


وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------


(1) سورة فاطر - الآية 13


(2) سورة فاطر - الآية 14


(3) سورة فاطر - الآية 22


(4) سورة الأحقاف - الآية 5


(5) سورة الأحقاف - الآية 6


(6) صحيح مسلم (3 / 1631)، وسُنَن أبي داود (3/ 2880).


(7) صحيح البخاري (3/ 2010)، ومُوَطّأ مالك (1/ 241) وله اللّفظ.

 
توقيع : Mr. HATEM
س28: إذا كان إنسان إمام مسجد ويستغيث بالقبور ويقول: هذه قبور ناس أولياء ونستغيث بهم من أجل الواسطة بيننا وبين الله؛ هل يجوز لي أن أُصلي خلفه؟!


الجواب: مَن ثَبَت لديك أنه يستغيث بأصحاب القُبور أو ينذر لهم فلا يصح أن تصلي خلفه؛ لأنه مُشرِك، والمُشرِك لا تصح إمامته ولا صلاته ولا يجوز للمسلم أن يصلي خلفه؛ لقول الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(1)، وقوله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2)، {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (3).


وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------


(1) سورة الأنعام - الآية 88


(2) سورة الزمر - الآية 65


(3) سورة الزمر - الآية 66
 
توقيع : Mr. HATEM
س29: هل يجوز لمسلم أن يقول في دعائه: "أجيبوا وتوكلوا يا خُدّام هذه الأسماء الحُسْنى بقضاء حاجتي"؟!

الجواب: نِداء خُدَّام الأسماء الحُسْنى لقضاء الحاجات شِرك؛ لأنَّه نداء لغير الله مِن خَدَم غائبين، موهومين لا نعلم له أصلاً، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}(1)، {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (2)، وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}(3)، وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}(4)، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}(5) الآية، وقال عزّ وجلّ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}(6)، وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}(7)، وثَبَت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا سَأَلْتَ، فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» (8)، إلى غير ذلك مِن الآيات والأحاديث الدَّالة على أنَّ الدُّعاء لجَلب النَّفع أو دَفع الضَّرر إنما هو لله، فصَرفه لغير الله شِرك؛ لأنَّه عِبَادة.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم

((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------

(1) سورة الأحقاف - الآية 5

(2) سورة الأحقاف - الآية 6

(3) سورة المؤمنون - الآية 117

(4) سورة يونس - الآية 106

(5) سورة يونس - الآية 107

(6) سورة الجن - الآية 18

(7) سورة الجن - الآية 6

(8) سُنَن الترمذي (4 / 2516) وصحَّحه، ومُسْنَد أحمد (4/ 2763).
 
توقيع : Mr. HATEM
س30: هل يجوز لمسلم أن يكتب الأسماء الرَّوحانية (الجِنّ أو الملائكة) أو أسماء الله الحُسْنى أو غير ذلك مِن الحِرز والعزيمة المشهورة عند العلماء الرَّوحانيين بإرادة حفظ البدن مِن شَر الجِن والشيطان والسِّحر؟!

الجواب: الاستعانة بالجنِّ أو الملائكة والاستغاثة بهم لدَفع ضُر أو جَلب نَفع أو للتَّحصُّن مِن شر الجِنِّ شِرك أكبر، يُخرج عن مِلّة الإسلام -والعياذ بالله- سواء كان ذلك بطريق ندائهم أو كتابة أسمائهم وتعليقها تميمة أو غسلها وشُرب الغسول أو نحو ذلك، إذا كان يعتقد أن التميمة أو الغسل تجلب له النَّفع أو تدفع عنه الضُّر دون الله.

وأما كتابة أسماء الله تعالى وتعليقها تميمة فقد أجازه بعضُ السَّلَف وكرهه بعضهم؛ لعموم النَّهي عن التَّمائم واعتبار تعليقها ذريعة إلى تعليق غيرها من التّمائم الشِركية؛ ولأنَّ تعليقها يُعرِّضها للأوساخ والأقذار وفي ذلك امتهان لها، وهذا هو الصَّواب.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
 
توقيع : Mr. HATEM
س31: شخص عبد غير الله، أو دعا غير الله، أو ذبح لشيخ، كما يحدث في بعض البلاد، فهل يُعذر بجهله أم لا يُعذر بجهل؟! وإذا كان لا عُذْر بجهل فما الرَّد على قصة ذات أنواط .. أفتونا مأجورين؟!


الجواب: لا يُعذَر المُكَلّف بعبادته غير الله أو تقرّبه بالذبائح لغير الله أو نَذره لغير الله ونحو ذلك من العبادات التي هي من اختصاص الله إلا إذا كان في بلاد غير إسلامية ولم تبلغه الدعوة؛ فيُعذَر لعدم البلاغ لا لمجرد الجهل، لما رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». (1)، فلم يَعذُر النبي صلى الله عليه وسلم مَن سمع به، ومَن يعيش في بلاد إسلامية قد سمع بالرسول صلى الله عليه وسلم فلا يُعذَر في أصول الإيمان بجهله.



أما مَن طلبوا مِن النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذات أنواط يعلقون بها أسلحتهم، فهؤلاء كانوا حديثي عهد بكفر، وقد طلبوا فقط ولم يفعلوا؛ فكان ما حصل منهم مخالفًا للشرع، وقد أنكره عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يفعلوه.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------------------


(1) صحيح مسلم (1/ 153)، ومسند أحمد (13/ 8203).

 
توقيع : Mr. HATEM
س32: ما حُكم طالِب المَدَد مِن شخص ميت بأن يقول: "مَدَد يا فلان"..؟! وما الحُكم في طلبه أيضًا مِن الأحياء الغير حاضرين لذلك الشخص الطالب للمَدَد؟!

الجواب: أولاً: طالب المدد مِن شخص ميّت بأن يقول: "مَدَد يا فلان"، يجب نُصحه وتنبيهه بأن هذا أمر مُحَرّم، بل هو شِرك، فإن أَصرّ على ذلك فهو مُشرِك كَافِر؛ لأنه طلب مِن غير الله ما لا يقدر عليه إلا اللهُ، فقد صَرَف حق الله إلى المخلوق، قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}(1) الآية.

ثانياً: طلب المَدَد من الحيّ الذي ليس بحاضر لا يجوز؛ لأنه دعا غير الله وطلب منه ما لا يقدر عليه إلا اللهُ تعالى، وهو شِرك أيضًا، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(2)، ودعاء الحي الغائب نوع من العبادة، فمَن فعل ذلك نُصِح، فإن لم يقبل فهو مُشرِك شِركًا يُخرج من المِلّة.

وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم

((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

------------------------

(1) سورة المائدة - الآية 72

(2) سورة الكهف - الآية 110
 
توقيع : Mr. HATEM
س33: أبي يعتقد في الشيخ المتوفى، ويُعرف عندنا بالوليّ، فيتوسّل به ويُشركه في الدعاء مع الله، فيقول مثلاً: "يا رب، يا سيدي عبد السلامما حُكم الإسلام في ذلك مع أنه يُصلِّي ويصوم ويُزكِّي؟!

الجواب: دعاء الأموات والغائبين من الأنبياء والأولياء وغيرهم وحدهم أو مع الله شِرك أكبر، ولو صام وصَلّى وزَكّى؛ لقول الله سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}(1)، وقوله سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}(2)، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}(3)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


----------------------------------

(1) سورة يونس - الآية 106

(2) سورة فاطر - الآية 13

(3) سورة فاطر - الآية 14
 
توقيع : Mr. HATEM
س34: يقول الناس عند النَّوازل والشَّدائد: "يا رسول اللهوغيره من الأولياء، ويذهبون إلى مقابر الصالحين في حالة المرض ويستغيثون بهم، ويقولون: "إن الله يدفع البلاء بهم، نحن نستمدهم لكن نيتنا إلى الله، لأن المؤثر هو اللههل هذا شِرك أم لا، وهل يُقال لهم: إنهم مشركون؟! والحال أنهم يُصَلّون ويقرأون القرآن وغيره من العمل الصالح؟!

الجواب: ما يفعله هؤلاء هو الشِّرك الذي كان عليه أهل الجاهلية الأولى، فإنهم كانوا يدعون اللات والعزى ومناة وغيرهم ويستغيثون بهم؛ تعظيمًا لهم، ورجاء أن يقربوهم إلى الله ويقولون: {ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1)، ويقولون أيضًا: {هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}(2)، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء عبادة، وأنها لا تكون إلا لله، ونهى الله تعالى عن دعاء غيره، فقال: {ولا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}(3)، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(4)، وعلى المسلمين أن يقولوا: {إياك نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(5)، في كل ركعة من صلواتهم؛ إرشادًا لهم إلى أن العبادة لا تكون إلا له، وأن الاستعانة لا تكون إلا به دون الأموات من الأنبياء وسائر الصالحين، ولا يغرّنك مع ذلك كثرة صلاة هؤلاء وصيامهم وقراءتهم، فإنهم ممَن ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعًا؛ وذلك أنها لم تُبن على أساس التوحيد الخالص، فكانت هَباءًا مَنثورًا، والأدلة من الكتاب والسُّنة على شِركهم وإحباط عملهم كثيرة، فراجع في ذلك آيات القرآن والسنة الصحيحة وكُتب أهل السُّنة، نسألُ اللهَ لنا ولك الهِداية.

وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------

(1) سورة الزمر - الآية 3

(2) سورة يونس - الآية 18

(3) سورة يونس - الآية 106

(4) سورة يونس - الآية 107

(5) سورة الفاتحة - الآية 5
 
توقيع : Mr. HATEM
س35: هل للأولياء الصالحين أن يسمعوا نداء مَن دعاهم؟! ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ، إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ».(1أفيدوني؟!

الجواب: الأصل أن الأموات صالحين كانوا أو غير صالحين لا يسمعون كلام البشر؛ لقوله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}(2)، وقوله سبحانه: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}(3)، ولكن قد يسمع اللهُ الموتى صوت رسول من رُسله لحكمة من الحِكَم، كما أسمع سبحانه قَتلى بَدر من الكفّار صوت رسوله صلى الله عليه وسلم؛ إهانةً وتبكيتًا لهم، وتكريماً لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حينما استنكر بعضهم ذلك: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُوا».(4)

وأما سَماع الميت حيث يُوضع في قبره قَرع نِعال المشيّعين فهو إسماع خاص ثبت في النَّص، فلا يُزاد عليه لاستثنائه من الأدلة العامة الدالة على عدم سماع الموتى؛ كما تقدَّم.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------

(1) صحيح البخاري (2/ 1374)، وصحيح مسلم (4/ 2870).

(2) سورة فاطر - الآية 14

(3) سورة فاطر - الآية 22

(4) صحيح البخاري (5/ 3976)، وصحيح مسلم (4/ 2874)، وسُنَن النسائي (4/ 2075) وله اللّفظ.
 
توقيع : Mr. HATEM
س36: إن في بلادي التي أنا فيها مشايخ كثير وهم يفعلون الأشياء التالية: هم يضربون الدُّفوف ويذهبون إلى القبور ويذبحون عليها الأغنام والإبل والبقر ويطبخون الطعام هل هذا شيء حرام أم لا؟! .. وهم يبنون قُبّة خارج المدينة ويضربون فيه الدُّفوف والطَّبل وهناك ترتفع أصواتهم وهم قائلون: "أغثنا يا شيخنا جيلانيوغيرهم من المشائخ الآخرين؛ ويمشون بين الناس ويأخذون المال ويقولون: زيارة شيخ ابن فلان إلى آخره .. وإذا مرض أحد من الناس يأخذونه إليهم ويقرأون عليه الآيات ويقولون: "تأتي بكبش أو ثور أو ناقة وغيره من المواشيوفي السَّنة يدفع الناس مالاً كثيراً ويذهبون إليهم فهل هذا شيء مُحَرَّم في ديننا؟!

الجواب: أولاً: لا يجوز ذبحهم الإبل والبقر والغنم ونحوها على القُبور، بل هو شِرك يُخرج مِن مِلّة الإسلام إذا قصدوا التَّقرب إليها رجاء بركتها؛ لأن التَّقرّب بذلك لا يكون إلا لله، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(1)، {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(2)، وكذا لا يجوز الضَّرب بالدُّفوف للرِّجال مطلقًا، ويجوز الضَّرب عليها للنِّساء في النِّكاح لإعلانه.

ثانياً: الاستغاثة بالأموات والغائبين مِن الأحياء مِن جِنّ وملائكة وإِنس ودعاؤهم لجَلب نَفع أو دَفع ضُر، شِرك أكبر يُخرج مِن المِلّة، قال اللهُ تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}(3)، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}(4)؛ أمَّا الضَّرب على الطُّبول فلا يجوز لا للرجال ولا للنساء.

ثالثاً: زيارة مشايخ الطُّرق الصُّوفية لمُرِيديهم لأخذ أموال منهم، تَسوّل وأكل للمال بالباطل، وينبغي لمَن يقدر على نُصحهم والأخذ على أيديهم أن يقوم بذلك وأن يقوم بنُصح المُريدين حتى لا يدفعوا لهم الأموال إلاَّ بحقِّها الشَّرعي.

رابعاً: رُقْية المريض بقراءة القرآن والأذكار والدّعوات النبوية الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام مشروعة، أما الذّهاب إلى مَن ذكرتَ ليقرأ عليه أبياتاً ويأمره بذبح كبش أو ثور مثلاً فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك رُقْية بِدعية وأكل للمال بالباطل، وقد يكون شِركًا إذا ذبح ما ذَكَر للجِنّ أو للأموات ونحو ذلك؛ لِدَفع شَر أو جَلب نَفع منهم.

وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم

((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

------------------------

(1) سورة الأنعام - الآية 162

(2) سورة الأنعام - الآية 163

(3) سورة يونس - الآية 106

(4) سورة يونس - الآية 107
 
توقيع : Mr. HATEM
س37: يقول اللهُ تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(1ما حق مَن دَعَا الله بأسمائه الحسنى؟! أيتوسَّل بعشرة أسماء مِن أسمائه أو أكثرها أو يُتوسَّل بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله؟!


الجواب: دُعاء الله بأسمائه الحُسنى والتَّوسُّل إليه بها مشروع؛ لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(1)، ولما رواه الإمام أحمد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا». قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: «بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا».(2)



وللدّاعي أن يتوسَّل إلى الله بأي اسم من أسمائه الحسنى التي سمَّى بها نفسه، أو سمَّاه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو اختار منها ما يناسب مطلوبه كان أحسن مثل: يا مغيث، أغثني، ويا رحمن، ارحمني، رب اغفر لي وارحمني، إنك أنت التَّواب الرَّحيم.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


------------------------


(1) سورة الأعراف - الآية 180


(2) رواه أحمد في "المُسْنَد" (6 / 3712)، وصحيح ابن حبان (3/ 972)؛ وصحّحه العلاَّمة الألباني.

 
توقيع : Mr. HATEM
س38: هل الدُّعاء يَرُدّ القَضَاء؟!

الجواب: شَرَع اللهُ سبحانه الدعاءَ وأَمر به، فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(1)، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}(2)، فإذا فعل العبد السَّبب المشروع ودَعَا فإن ذلك مِن القضاء فهو رَدّ القضاء بقضاء إذا أراد اللهُ ذلك، وقد ثَبَت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ، وَلَا يَرُدُّ القَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمُرِ إِلَّا البِرُّ».(3)

وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم

((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود

عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

------------------------

(1) سورة غافر - الآية 60

(2) سورة البقرة - الآية 186

(3) رواه أحمد في "المُسْنَد" (37/ 22386)، وابن ماجة (1/ 90)، وصحيح ابن حبان (3/ 872).
 
توقيع : Mr. HATEM
س39: هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلاً بالله عز وجل: "يا مُعين"، "يا ربّأو عند طلب التيسير فيسأل: "يا مُسَهِّلأو "يا مُيَسِّر يا ربوما الضابط في ذلك؟! وما حُكم مَن يقول ذلك ناسيًا أو جاهلاً أو مُتعمِّدًا؟!


الجواب: يجوز لك أن تقول ما ذكرتَ؛ لأن المقصود مِن المعين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى؛ لتصريحك بقولك: "يا ربّ"، آخر النداء، سواء قلتَ ذلك ناسيًا أو جاهلاً أو مُتعمِّدًا.


وبالله التَّوفيق؛

وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان

نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية

رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
 
توقيع : Mr. HATEM
س40: ما حُكْم المناذير، وهو دُعاء الجِن والشياطين على شخص ما، ليعملا به عملاً مكروهًا، كأن يُقال: "خذوه اذهبوا به"، "انفروا بهبقصد أو بغير قصد، وما حكم مَن دعا بهذا القول، حيث سمعت قول أحدهم: "أنه مَن دعاء الجِنّ لم تُقبل له صلاة ولا صيام ولا يُقبر في مقابر المسلمين ولا تُتبع جنازته ولا يُصلَّى عليه إذا مات"؟!

الجواب: الاستعانة بالجِن واللُّجوء إليهم في قضاء الحاجات من الإِضرار بأحد أو نفعه، شِرك في العبادة؛ لأنه نوع من الاستمتاع بالجِني بإجابته سؤاله وقضائه حوائجه في نظير استمتاع الجِني بتعظيم الإنسي له ولجوئه إليه واستعانته به في تحقيق رغبته، قال اللهُ تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}(1)، {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(2)، وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}(3)؛ فاستعانة الإِنسي بالجِني في إنزال ضَرر بغيره واستعاذته به في حِفظه مِن شرّ مَن يخاف شَرَّه كلّه شِرك .. ومَن كان هذا شأنه فلا صلاة له ولا صيام؛ لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(4)، ومَن عُرِف عنه ذلك لا يُصَلَّى عليه إذا مات، ولا تُتَّبَع جنازته، ولا يُدفن في مقابر المسلمين.

وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم



((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))


عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن منيع
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية


------------------------

(1) سورة الأنعام - الآية 128

(2) سورة الأنعام - الآية 129

(3) سورة الجن - الآية 6

(4) سورة الزمر - الآية 65
 
توقيع : Mr. HATEM
عودة
أعلى