س36: إن في بلادي التي أنا فيها مشايخ كثير وهم يفعلون الأشياء التالية: هم يضربون الدُّفوف ويذهبون إلى القبور ويذبحون عليها الأغنام والإبل والبقر ويطبخون الطعام هل هذا شيء حرام أم لا؟! .. وهم يبنون قُبّة خارج المدينة ويضربون فيه الدُّفوف والطَّبل وهناك ترتفع أصواتهم وهم قائلون: "أغثنا يا شيخنا جيلاني"، وغيرهم من المشائخ الآخرين؛ ويمشون بين الناس ويأخذون المال ويقولون: زيارة شيخ ابن فلان إلى آخره .. وإذا مرض أحد من الناس يأخذونه إليهم ويقرأون عليه الآيات ويقولون: "تأتي بكبش أو ثور أو ناقة وغيره من المواشي"، وفي السَّنة يدفع الناس مالاً كثيراً ويذهبون إليهم فهل هذا شيء مُحَرَّم في ديننا؟!
الجواب: أولاً: لا يجوز ذبحهم الإبل والبقر والغنم ونحوها على القُبور، بل هو شِرك يُخرج مِن مِلّة الإسلام إذا قصدوا التَّقرب إليها رجاء بركتها؛ لأن التَّقرّب بذلك لا يكون إلا لله، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(1)، {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(2)، وكذا لا يجوز الضَّرب بالدُّفوف للرِّجال مطلقًا، ويجوز الضَّرب عليها للنِّساء في النِّكاح لإعلانه.
ثانياً: الاستغاثة بالأموات والغائبين مِن الأحياء مِن جِنّ وملائكة وإِنس ودعاؤهم لجَلب نَفع أو دَفع ضُر، شِرك أكبر يُخرج مِن المِلّة، قال اللهُ تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}(3)، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}(4)؛ أمَّا الضَّرب على الطُّبول فلا يجوز لا للرجال ولا للنساء.
ثالثاً: زيارة مشايخ الطُّرق الصُّوفية لمُرِيديهم لأخذ أموال منهم، تَسوّل وأكل للمال بالباطل، وينبغي لمَن يقدر على نُصحهم والأخذ على أيديهم أن يقوم بذلك وأن يقوم بنُصح المُريدين حتى لا يدفعوا لهم الأموال إلاَّ بحقِّها الشَّرعي.
رابعاً: رُقْية المريض بقراءة القرآن والأذكار والدّعوات النبوية الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام مشروعة، أما الذّهاب إلى مَن ذكرتَ ليقرأ عليه أبياتاً ويأمره بذبح كبش أو ثور مثلاً فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك رُقْية بِدعية وأكل للمال بالباطل، وقد يكون شِركًا إذا ذبح ما ذَكَر للجِنّ أو للأموات ونحو ذلك؛ لِدَفع شَر أو جَلب نَفع منهم.
وبالله التَّوفيق؛
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنا مُحَمَّد وآلَهِ وصَحبِه وسلِّم
((اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء))
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن قعود
عضو اللجنة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن غديان
نائب الرئيس فضيلة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي عطية
رئيس اللجنة سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
------------------------
(1) سورة الأنعام - الآية 162
(2) سورة الأنعام - الآية 163
(3) سورة يونس - الآية 106
(4) سورة يونس - الآية 107