(32) عَنْ شَيْبَانَ بْنِ الحَسَنِ، قَالَ: "خَرَجَ أَبِي وَعَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ يُرِيدَانِ الغَزْوَ، فَهَجَمُوا عَلَى رَكِيَّةٍ(1) وَاسِعَةٍ عَمِيقَةٍ فَأَدْلُوا حِبَالَهُمْ بِقِدْرٍ فَإِذَا القِدْرُ قَدْ وَقَعَتْ فِي الرَّكِيَّةِ، قَالَ: فَقَرَنُوا حِبَالَهُمْ وَحِبَالِ الرُّفْقَةِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمَا إِلَى الرَّكِيَّ فَلَمَّا صَارَ فِي بَعْضِهِ إِذَا هُوَ بِهَمْهَمَةٍ(2) فِي الرَّكِيِّ، فَرَجَعَ فَصَعِدَ فَقَالَ: أَتَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ قَالَ: نَعَمْ، فَنَاوَلَنِي العَمُودَ، قَالَ: فَأَخَذَ العَمُودَ ثُمَّ دَخَلَ الرَّكِيَّةَ فَإِذَا هُوَ بِالْهَمْهَمَةِ وَالكَلَامِ يَقْرُبُ مِنْهُ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ عَلَى أَلْوَاحٍ جَالِسٍ وَتَحْتَهُ المَاءُ فَقَالَ: أَجِنِّيٌّ أَمْ إِنْسِيٌّ؟ قَالَ: بَلْ إِنْسِيٌّ، قَالَ: مَا أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكْيَةَ(3وَإِنِّي مِتُّ فَحَبَسَنِي رَبِّي هَا هُنَا بِدَيْنٍ عَلَيَّ، وَإِنَّ وَلَدِي بِأَنْطَاكْيَةَ مَا يَذْكُرُونِي وَلَا يَقْضُونَ عَنِّي، فَخَرَجَ الَّذِي كَانَ فِي الرَّكِيَّةِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: غَزْوَةٌ بَعْدَ غَزْوَةٍ، فَدَعْ أَصْحَابَنَا يَذْهَبُونَ، فَتَكَارُوا إِلَى أَنْطَاكْيَةَ فَسَأَلُوا عَنِ الرَّجُلِ وَعَنْ بَنِيهِ فَقَالُوا: نَعَمْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَبُونَا وَقَدْ بِعْنَا ضَيْعَةً(4) لَنَا فَامْشُوا مَعَنَا حَتَّى نَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنَهُ، قَالَ: فَذَهَبُوا مَعَهُمْ حَتَّى قَضَوْا ذَلِكَ الدَّيْنَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا مِنْ أَنْطَاكْيَةَ حَتَّى أَتَوْا مَوْضِعَ الرَّكِيَّةِ وَلَا يَشْكُونَ أَنَّهَا ثَمَّ(5) فَلَمْ تَكُنْ رَكِيَّةٌ وَلَا شَيْءٌ فَأَمْسُوا هُنَاكَ فَإِذَا الرَّجُلُ قَدْ أَتَاهُمْ فِي مَنَامِهِمْ، فَقَالَ لَهُمَا: جَزَاكُمَا اللَّهُ خَيْرًا، فَإِنَّ رَبِّي قَدْ حَوَّلَنِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ قُضِيَ عَنِّي دَيْنِي".


(1) بِئْر.
(2) هِيَ التَّكَلُّم بِكَلاَمٍ خَفِيٍّ لاَ يُسْمَع.
(3) مَدِيْنَةٌ فِي تُركِيَا.
(4) إِقْطَاعِيَّة.
(5) هُنَا.
 

توقيع : Mr. HATEM
(33) عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمٍ المَدَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القُرَظِيَّ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: "{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: 155] قَالَ: اخْتَارَ مِنْ صَالِحِيهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ تَذْهَبُ بِنَا؟ قَالَ: أَذْهَبُ بِكُمْ إِلَى رَبِّي، وَعَدَنِي أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيَّ التَّوْرَاةَ، قَالُوا: فَلَا نُؤْمِنُ بِهَا حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [البقرة: 44]، فَبَقِيَ مُوسَى قَائِمًا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ(1) لَيْسَ مَعَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَالَ: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: 155] مَاذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مَعِي رَجُلٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعِي؟ ثُمَّ قَرَأَ: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 56] فَقَالُوا: هُدْنَا(2) إِلَيْكَ، قَالَ: فَبِهَذَا تَعَلَّقَتِ الْيَهُودُ فَتَهَوَّدَتْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ".

(1) فِي وَسَطِهِم.

(2) تُبْنَا ورَجِعنَا.
 
توقيع : Mr. HATEM
بسم الله الرحمن الرحيم
حياك الله أخي الحبيب حاتم الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولآ أستسمحك عذرآ فوالله لم أرى موضوعك إلا اليوم , وهذا لعمري تقصير مني
ثانيآ الموضوع جد رائع بهذه المعلومات والاحاديث القيّمة , بارك الله فيك وبمجهودك الرائع وجعل الله ما خطته يمينك بميزان أعمالك إن شاء الله , ولاحرمك الله الأجر والثواب
محبك في الله أخوك أبوعبدالله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
بسم الله الرحمن الرحيم
حياك الله أخي الحبيب حاتم الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولآ أستسمحك عذرآ فوالله لم أرى موضوعك إلا اليوم , وهذا لعمري تقصير مني
ثانيآ الموضوع جد رائع بهذه المعلومات والاحاديث القيّمة , بارك الله فيك وبمجهودك الرائع وجعل الله ما خطته يمينك بميزان أعمالك إن شاء الله , ولاحرمك الله الأجر والثواب
محبك في الله أخوك أبوعبدالله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحياك الإلهُ أخانا الكبير الكريم/ أبا عبد الله

العفو أستاذنا الكريم
بل هو شرف لي اطلاعك على الموضوع وتقريظه بكلماتك النيرة والتي تسعدني جدًّا
فلا حرمنا اللهُ من تواجدك بيننا وحفظك اللهُ من كل سوء وشر
أخوك الصغير/ حاتم
 
توقيع : Mr. HATEM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحياك الإلهُ أخانا الكبير الكريم/ أبا عبد الله

العفو أستاذنا الكريم
بل هو شرف لي اطلاعك على الموضوع وتقريظه بكلماتك النيرة والتي تسعدني جدًّا
فلا حرمنا اللهُ من تواجدك بيننا وحفظك اللهُ من كل سوء وشر
أخوك الصغير/ حاتم
حياك الله أخي الحبيب حاتم الفاضل
اللهم لاتؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرآ مما يظنون وإغفر لي مالا يعلمون
بارك الله بك أخي الحبيب على حسن ردك الجميل وأسأل الله تعالى أن يحفظك ورعاك من كل مكروه وسقم وأسعدك الله بالدارين
آمين يارب العالمين
واعلم رحمني الله وإياك إني أحبك في الله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله


(34) عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ‌‌{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 243]، قَالَ: "كَانَ أُنَاسٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا وَقَعَ فِيهِمِ الوَجَعُ ذَهَبَ أَغْنِيَاؤُهُمْ وأَشْرَافُهُمْ وأَقَامَ فُقَرَاؤُهُمْ وسَقْطَتُهُمْ(1فَاسْتَحَرَّ(2) المَوْتُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقَامُوا وَلَمْ يُصِبِ الْآخَرِينَ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ عَامٌ مِنْ تِلْكَ الْأَعْوَامِ قَالُوا: إِنْ أَقَمْنَا كَمَا أَقَامُوا هَلَكْنَا كَمَا هَلَكُوا، وَقَالَ هَؤُلَاءِ: لَوْ ظَعَنَّا(3) كَمَا ظَعَنَ هَؤُلَاءِ نَجَوْنَا كَمَا نَجَوْا؛ فَأَجْمَعُوا فِي عَامٍ عَلَى أَنْ يَفِرُّوا، فَفَعَلُوا، حَتَّى بَلَغُوا حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغُوا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمِ المَوْتَ حَتَّى صَارُوا عِظَامًا تَبْرُقُ(4فَكَنَسَهَا أَهْلُ الدِّيَارِ وَأَهْلُ الطُّرُقِ فَجَمَعُوهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَمَرَّ نَبِيٌّ لَهُمْ عَلَيْهِمْ، قَالَ: يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَحْيَيْتَ هَؤُلَاءِ فَيَعْبُدُوكَ وَيُعَمِّرُوا بِلَادَكَ وَيَلِدُوا عِبَادَكَ، قَالَ: وَأَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَفْعَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قُلْ كَذَا وَكَذَا، فَتَكَلَّمَ بِأَمْرٍ أُمِرَ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَى العِظَامِ تُكْسَى لَحْمًا وَعَصَبًا، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ أُمِرَ بِهِ فَإِذَا هُمْ يُكَبِّرُونَ وَيُسَبِّحُونَ وَيُهَلِّلُونَ، فَعَاشُوا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَعِيشُوا".


(1) ضُعَفَاؤُهُم والمُحتَقَرُونَ مِنْهُم.

(2) اشْتَدَّ واسْتَمَرَّ.

(3) ذَهَبْنَا.

(4) تَلْمَعُ.
 
توقيع : Mr. HATEM
جزاك الله خيرًا وبارك الله فيك
 


(35) عَنْ الحَسَنِ البَصرِيّ، فِي هَذِهِ الآيَةِ: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} قَالَ: "ذُكِرَ لِي أَنَّهُ أَمَاتَهُ ضَحْوَةً(1) ثُمَّ بَعَثَهُ حِينَ سَقَطَتِ الشَّمْسُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْرُبَ، {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ}، قَالَ: "إِنَّ حِمَارَهُ لَيُجْنِبُهُ(2) وطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ قَدْ مُنِعَ مِنْهُ الطَّيْرُ والسِّبَاعُ مِنْ طَعَامِهِ وشَرَابِهِ، {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} [البقرة: 259]، قَالَ: "لَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ أَوَّلَ مَا خُلِقَ مِنْهُ عَيْنَاهُ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى العِظَامِ عَظْمًا عَظْمًا كَيْفَ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ: ‌‌{أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 259] .. ‌‌ثُمَّ جَاءَ شَابًّا وأَوْلَادُهُ شُيُوخٌ.


(1) أَوَّلُ النَّهَارِ.

(2) بِجِوَارِهِ.
 
توقيع : Mr. HATEM
(36) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَتْ مَدِينَتَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ إِحْدَاهُمَا حَصِينَةٌ ولَهَا أَبْوَابٌ، والأُخْرَى خَرِبَةٌ؛ فَكَانَ أَهْلُ المَدِينَةِ الحَصِينَةِ إِذَا أَمْسَوْا أَغْلَقُوا أَبْوَابَهَا وإِذَا أَصْبَحُوا قَامُوا عَلَى سُورِ المَدِينَةِ فَنَظَرُوا، هَلْ حَدَثَ فِيمَا حَوْلَهُ حَدَثٌ؟ فَأَصْبَحُوا يَوْمًا فَإِذَا شَيْخٌ قَتِيلٌ مَطْرُوحٌ بِأَصْلِ مَدِينَتِهِمْ، فَأَقْبَلَ أَهْلُ المَدِينَةِ الخَرِبَةِ فَقَالُوا: أَقَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا؟ وابْنُ أَخٍ لَهُ شَابٌّ يَبْكِي عِنْدَهُ، وَيَقُولُ: قَتَلْتُمْ عَمِّي، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا فَتَحْنَا مَدِينَتَنَا مُنْذُ أَغْلَقْنَاهَا وَمَا نُدِينَا مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ هَذَا بِشَيْءٍ. فَأَتَوْا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} [البقرة: 68] حَتَّى بَلَغَ {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71]؛ قَالَ: وكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ غُلَامٌ شَابٌّ يَبِيعُ فِي حَانُوتٍ(1) لَهُ، وكَانَ لَهُ أَبٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَلَدٍ آخَرٍ يَطْلُبُ سِلْعَةً لَهُ عِنْدَهُ فَأَعْطَاهُ بِهَا ثَمَنًا فَانْطَلَقَ مَعَهُ لِيَفْتَحَ حَانُوتَهُ فَيُعْطِيَهُ الَّذِي طَلَبَ والمُفْتَاحُ مَعَ أَبِيهِ فَإِذَا أَبُوهُ نَائِمٌ فِي ظِلِّ الحَانُوتِ، فَقَالَ: أَيْقِظْهُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبِي لَنَائِمٌ كَمَا تَرَى وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُرَوِّعَهُ مِنْ نَوْمِهِ، فَانْصَرَفَا إِلَى الشَّيْخِ يَغِطُّ نَوْمًا قَالَ: أَيْقِظْهُ. قَالَ: واللَّهِ إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أُرَوِّعَهُ مِنْ نَوْمَتِهِ، فَانْصَرَفَا، فَأَعْطَاهُ ضِعْفَ مَا أَعْطَاهُ، فَعَطَفَ عَلَى أَبِيهِ فَإِذَا هُوَ أَشَدُّ مَا كَانَ نَوْمًا، فَقَالَ: أَيْقِظْهُ. قَالَ: لَا واللَّهِ لَا أُوقِظُهُ أَبَدًا ولَا أُرَوِّعُهُ مِنْ نَوْمِهِ، قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ وذَهَبَ طَالِبُ السِّلْعَةِ اسْتَيْقَظَ الشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبَتَاهُ واللَّهِ لَقَدْ جَاءَ هَاهُنَا رَجُلٌ يَطْلُبُ سِلْعَةَ كَذَا وكَذَا فَكَرِهْتُ أَنْ أُرَوِّعَكَ مِنْ نَوْمِكِ، فَلَامَهُ الشَّيْخُ، فَعَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْ بِرِّهِ لِوَالِدِهِ أَنْ نَتَجَتْ(2) بَقَرَةٌ مِنْ بَقَرَهِ، تِلْكَ البَقَرَةُ الَّتِي يَطْلُبُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: بِعْنَاهَا، فَقَالَ: لَا أُبِيعُكُمُوهَا، قَالُوا: إِذَنْ نَأْخُذُهَا مِنْكَ، قَالَ: إِنْ غَصَبْتُمُونِي سِلْعَتِي فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ. فَأَتَوْا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلَامُ، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَأَرْضُوهُ مِنْ سِلْعَتِهِ، فَقَالُوا: حُكْمُكَ؟ قَالَ: حُكْمِي أَنْ تَضَعُوا البَقَرَةَ فِي كِفَّةِ المِيزَانِ وتَضَعُوا ذَهَبًا فِي الكِفَّةِ الأُخْرَى، فَإِذَا مَالَ الذَّهَبُ أَخَذْتُهُ. قَالَ: فَفَعَلُوا؛ وأَقْبَلُوا بِالبَقَرَةِ حَتَّى أَتَوْا بِهَا إِلَى قَبْرِ الشَّيْخِ وهُوَ بَيْنَ المَدِينَتَيْنِ، واجْتَمَعَ أَهْلُ المَدِينَتَيْنِ وَابْنُ أَخِيهِ عِنْدَ قَبْرِهِ يَبْكِي، فَذَبَحُوهَا، فَضَرَبَ بِبَضْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا القَبْرَ،‌‌ فَقَامَ الشَّيْخُ يَنْفُضُ رَأْسَهُ يَقُولُ: "قَتَلَنِي ابْنُ أَخِي؛ طَالَ عَلَيْهِ عُمْرِي وأَرَادَ أَخْذَ مَالِيومَاتَ".

(1) دُكَّان.
(2) وَلَدَت.

 
توقيع : Mr. HATEM
(37) عَنْ الحُوَيْرِثِ بْنِ الرِّئَابِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا بِالأَثَايَةِ(1إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا إِنْسَانٌ مِنْ قَبْرِهِ يَلْتَهِبُ وَجْهُهُ وَرَأْسُهُ نَارًا وَهُوَ فِي جَامِعَةٍ(2) مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ: اسْقِنِي اسْقِنِي مِنَ الإِدَاوَةِ، وَخَرَجَ إِنْسَانٌ فِي إِثْرِهِ فَقَالَ: لَا تَسْقِ الكَافِرَ لَا تَسْقِ الكَافِرَ، فَأَدْرَكَهُ فَأَخَذَ بِطَرَفِ السِّلْسِلَةِ، فَجَذَبَهُ فَكَبَّهُ، ثُمَّ جَرَّهُ حَتَّى دَخَلَا القَبْرَ جَمِيعًا؛ قَالَ الحُوَيْرِثُ: فَضَرَبَتْ بِي النَّاقَةُ لَا أَقْدِرُ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ حَتَّى التَوَتْ بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ(3فَبَرَكَتْ فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ والعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ رَكِبْتُ حَتَّى أَصْبَحْتُ بِالمَدِينَةِ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ، فَقَالَ يَا حُوَيْرِثُ: "وَاللَّهِ مَا أَتَّهِمُكَ ولَقَدْ أَخْبَرْتَنِي خَبَرًا شَدِيدًا ثُمَّ أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ كَنَفِي الصَّفْرَاءِ(4) قَدْ أَدْرَكُوا الجَاهِلِيَّةَ ثُمَّ دَعَا الحُوَيْرِثَ فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا قَدْ أَخْبَرَنِي حَدِيثًا ولَسْتُ أَتَّهِمُهُ، حَدِّثْهُمْ يَا حُوَيْرِثُ مَا حَدَّثْتَنِيفَحَدَّثْتُهُمْ، فَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ مَاتَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، "فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ، وسُرَّ بِذَلِكَ حَيْثُ أَخْبَرُوا أَنَّهُ مَاتَ فِي الجَاهِلِيَّةِ وسَأَلَهُمْ عُمَرُ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ كَانَ‌‌ رَجُلًا مِنْ رِجَالِ الجَاهِلِيَّةِ ولَمْ يَكُنْ يَرَى لِلضَّيْفِ حَقًّا".


(1) مَوْضِعٌ فِي طَرِيْقِ الجُحْفَةِ، بَيْنَهُ وبَيْنَ المَدِينَةِ خَمْسَةُ وعِشْرُونَ فَرسَخًا.

(2) سِلْسِلَة.

(3) مَكَانٌ عَلَى ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ مِمَّا يَلِي المَدِيْنَةِ، وبِهِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.

(4) قَريَةٌ فَوْقَ يَنْبُع، كَثِيْرَة المَزَارِع والنَّخْلِ، مَاؤُهَا عُيُونٌ يَجْرِي فَضْلُهَا إِلَى يَنْبُع.
 
توقيع : Mr. HATEM
(38) عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ: "أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ حَسَنَةُ التَّبَعُّلِ(1) لِزَوْجِهَا، فَتَرَدَّى(2) ابْنَانِ لَهَا فِي بِئْرٍ فَمَاتَا، فَأَمَرَتْ بِهِمَا فَأُخْرِجَا وطُهِّرَا ونُظِّفَا ووُضِعَا عَلَى فِرَاشٍ وسُجِّيَ عَلَيْهِمَا بِثَوْبٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَتْ إِلَى خَدَمِهَا وَأَهْلِ دَارِهَا أَنْ لَا يُعْلِمُوا أَبَاهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِمَا حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُوهُمَا وُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ ابْنَايَ؟ قَالَتْ: قَدْ رَقَدَا واسْتَرَاحَا، قَالَ: لَا لَعَمْرُ اللَّهِ(3)، يَا فُلَانُ وفُلَانُ، فَأَجَابَا؛ وَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أَرْوَاحَهُمَا شُكْرًا لِمَا صَنَعَتْ".


(1) مُطَاوِعَة لِزَوْجِهَا مُحِبَّة لَهُ.


(2) سَقَطَا.


(3) قَسَمًا باللهِ.

 
توقيع : Mr. HATEM
عودة
أعلى