malek bennabi

زيزوومي جديد
إنضم
6 أغسطس 2025
المشاركات
42
مستوى التفاعل
95
النقاط
40
غير متصل
1758660220176.webp


يقول الله تعالى:(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
يجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
يجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
)155_157 البقرة


من سُنَن الله المقرَّرة في منهجه الحكيم: أنه يَبتلي عباده المؤمنين بالضراء كما يبتليهم بالسراء، ويمتحنهم بالمِحَن كما يمتحنهم بالمِنَح، ويبلوهم بالشر كما يبلوهم بالخير

وعندما تتضح للمؤمن الأسرار الربانية والحِكَم الإلهية في البلاء يسهل عليه وَقْع ذلك البلاء فيتلقاه بصَدْر رحب مطمئنًا لحكمة ربه فيه، مستسلمًا لأمره، راضيًا بقَدَره.بقدره.

الحِكَم الربانية وراء ابتلاء المؤمنين بالضراء:

أولًا: سماع الله لتضرُّع عباده وقت البلاء

فالله يحب من عباده أن يدعوه، لا سيما وقت البلاء؛ فيتضرعون إليه وينيبون إليه؛ ليكشف عنهم الضُّرّ، يقول الله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42، 43]، يقول الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: «{فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ} يَعْنِي الْفَقْرَ وَالضِّيقَ فِي الْعَيْشِ، {وَالضَّرَّاءِ} وَهِيَ الْأَمْرَاضُ وَالْأَسْقَامُ وَالْآلَامُ، {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}؛ أَيْ يَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ وَيَخْشَعُونَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}؛ أَيْ فَهَلَّا إِذِ ابْتَلَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ، تَضَرَّعُوا إِلَيْنَا وتمسكنوا لدينا، {وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}؛ أَيْ مَا رَقَّتْ وَلَا خَشَعَتْ، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي من الشرك والمعاندة وَالْمَعَاصِي»، ويقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94] ؛ يَقُولُ الطبري: «فَعَلْنَا ذَلِكَ لِيَتَضَرَّعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَسْتَكِينُوا إِلَيْهِ، وَيُنِيبُوا بِالْإِقْلَاعِ عَنْ كُفْرِهِمْ، وَالتَّوْبَةِ مِنْ تَكْذِيبِ أَنْبِيَائِهِمْ»؛ فما أجمل أن يواجه العبد الضراء بالتضرع إلى الله ليرفع عنه البلاء، ولا يلقاه بالتسخط والجزع.

ثانيًا: تعجيل العقوبة للعبد في الدنيا قبل الآخرة

ولا شك أن عقوبة الآخرة أشد وأعظم، فتعجيل العقوبة في الدنيا خيرٌ للمؤمن؛ ليَرِد على ربه مطهرًا من ذنبه الذي عُوقب به في الدنيا، فعن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»أخرجه الترمذي؛ فمن رحمة الله بعبده أن يُعجّل العقوبة لعبده المؤمن في الدنيا قبل الآخرة، فعذاب الدنيا مهما رآه العبد كبيرًا فهو بالمقارنة للآخرة صغير، ومن رأى شدائد الآخرة وأهوالها والعقوبة فيها عَلم أن الله كان رحيمًا به عندما عجَّل له العقوبة في الدنيا.

ثالثًا: تكفير السيئات

فالمسلم الذي يسعى لرضا ربه، ينزعج من السيئات التي ارتكبها، لذلك يسعى لتكفيرها، والبلاء من أعظم ما يكفّر السيئات، فعن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) أخرجه البخاري »

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» أخرجه الترمذي ؛ فكم من خطيئة قد لا تتفطن لها، فيكفّرها الله عنك بسبب صبرك الجميل على الضراء.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟! قَالَ: «أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ»؛ قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا»أخرجه البخاري ؛ فتكفير الخطايا لا يقف عند المصائب الكبيرة، بل من رحمة الله جعل تكفير الخطايا بسبب البلاء كبر أم صغر.

رابعًا: رفعة الدرجات والجزاء الجزيل

فقد يكون للمسلم منزلة عند الله فلا يستطيع أن يصل لها بعمله، فمن حكمة الله أن يبتليه بهذا البلاء، ثم يرزقه الصبر عليها، فينال تلك المنزلة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) أخرجه الترمذي

والمؤمن ترتفع درجته عند الله بالصبر على الابتلاء ولا يُمَكَّن إلا بهذا الابتلاء ثم الصبر على ذلك الابتلاء؛ لذلك قيل للشافعي -رحمه الله-: يا أبا عبد الله! أيهما أفضل للرجل أن يُمَكَّن أو يُبتَلى؟ (أي بالضراء)، فقال الشافعي: لا يُمَكَّن حتى يُبْتَلى، فإنّ الله تعالى ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا -صلوات الله عليهم أجمعين- فلمَّا صبروا (على الابتلاء) مَكَّنَهم

ولقد ساق الله لعباده المؤمنين الصابرين على البلاء أعظم المُبشِّرات؛ فقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْـخَوْفِ وَالْـجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].

بل إن هناك بلاء كان عقوبة يُنزلها بالأمم السابقة، جعله الله لأُمّتنا أجرًا عظيمًا لمن يصبر عليه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ) صحيح البخاري

خامسًا: لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم

وهذا ما أشار القرآن إليه في حديثه عن واقعة الإفك، في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]؛ يقول الإمام الطبري -رحمه الله-: (لَا تَظُنُّوا مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْإِفْكِ شَرًّا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ النَّاسِ، بَلْ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِلْمَرْمِيِّ بِهِ، وَيُظْهِرُ بَرَاءَتَهُ مِمَّا رُمِيَ بِهِ، وَيَجْعَلُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا)

وهذا الخير نراه في قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، ونراه في قوله تعالى: { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [سورة النساء: 19]، ونراه في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) أخرجه أحمد

والخير الأخروي المؤجَّل نلمحه في النقاط السابقة من المقال؛ أما الخير المعجَّل فنراه في الخبرات والتجارب وقوة القلب التي يكسبها المبتلى من المِحَن؛ فمادة قوة القلب إنما تكون من المِحَن وليست من المِنَح، فكم من غنيّ لم يعرف قيمة النعمة التي بيده ولم يُحْسن التدبير إلا بعد الابتلاء بالحاجة والفقر! وكم من مُنَعَّم لم يعرف للنعمة التي كان فيها قدرها إلا بالابتلاء بسلبها منه! وكم من مُعْرِض عن الله لما ابتلاه ربّه بالضراء تاب وأناب إلى الله

فضائل الابتلاء بالضراء والحكمة منها عديدة: منها سماع الله لتضرع عباده المبتلين، وتعجيل العقوبة وتكفير السيئات ورفعة الدرجات والخبرات التي ينالها المبتلى، وقوة القلب بمواجهة الشدائد.

ومع ما في الابتلاء بالضراء من الفوائد، ومع ما في المِحَن من مِنَح -مما يجعل المؤمن يطمئن لحكمة الله ويصبر ولا يجزع-؛ إلا أن تلك الفضائل لا تجعله يتمنَّى البلاء أو يدعو بالشر، بل يدعو بالخير ويسأل الله العافية. رزقنا الله وإياكم العافية وسَعتها ودوامها وشُكر الله عليها، والصبر على البلاء.


الدنيا دار ابتلاء، دار امتحان واختبار، والإنسان فيها طالب في الميزان

قال الإمام أبو حامد الغزالي:

"إذا رأيت اللهِ يحبس عنك الدنيا ويكثر عليك الشدائد والبلوى فاعلم أنك عزيز عنده وأنك عنده بمكان وأنه يسلك بك طريق أوليائه وأصفيائه؛ فهو لم يهب الدنيا لأنبيائه ولكن خبأ لهم الآخرة... وأعطاها لفرعون وقارون وأشباهه.

سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيّ الناس أشدّ بلاءً؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زِيد في بلائه، وإن كان في دينه رِقّة خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة" أخرجه الإمام أحمد.

فأنبياء الله عليهم السلام امتُحنوا فصبروا، وتعدّدت أنواع محنهم: فمنهم من رُمي في الجُب، ومنهم من دخل بطن الحوت، ومنهم مَن نُشر، ومنهم مَن أصابه المرض سنين طوالًا. كُذِّبوا وأوذوا إيذاءً شديدًا وهم أحَب خلق الله لله، فهل اعترضوا أو لَجّوا؟ بل رضُوْا وسلّموا لله. ونراهم يتضرّعون لله: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83] على لسان سيدنا أيوب عليه السلام، وكذلك سيدنا يونس عليه السلام حين التجأ وناجى: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].

وقد يأتي الابتلاء بصورة النِّعمة والإكرام، لكنه في الحقيقة امتحان للعبد، يقول تعالى: ﴿ فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15، 16] فوصف تعالى الإكرام والإنعام بأنه بلاء كبلاء الفَقر والحرمان، والغاية من كِلا البلاءين الامتحان والاختبار، وابتلاء الإكرام والإنعام أصعب وأكبر من ابتلاء الحرمان؛ ذلك أن ابتلاء الحرمان يجعل الإنسان دائم الصِّلة بالله تعالى، دائم الدعاء والالتجاء، تشتد مصيبته فيشتدّ دعاؤه فيستشعر حلاوة الالتجاء والانكسار للرحمن، ولَربما رضي أن يمتد به البلاء لِمَا يلقى من الطمأنينة وانشراح الصدر بين يدي خالقه.

أما ابتلاء الإكرام فيدفع العبد للدنيا والركون إليها دفعًا، فلا ألم أو هَم يدفعانه لمناجاة خالقه والتذلل لبارئه.. وفي هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ * نُسَارِع لَهُمْ فِي الْخَيْرَات بَلْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55، 56].

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن جَهدِ البلاءِ ودَرَكِ الشَّقاءِ وسوءِ القضاءِ وشَماتةِ الأعداءِ​
 

المرفقات

  • 1758654627390.webp
    1758654627390.webp
    40.2 KB · المشاهدات: 1
عودة
أعلى