Mr. HATEM
زيزوومي VIP
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

.. افتراق أهل الكِتابيْن، وافتراق هذه الأُمَّة على ثلاث وسبعين فِرقة إنما أوجبه التأويل، وإنما أُريقت دماء المسلمين يوم "الجَمَل" و "صِفِّين" و "الحَرّة" و"فِتنة" ابن الزبير رضي اللهُ عنه، وهلم جرًّا بالتأويل، وإنما دخل أعداء الإسلام من المتفلسفة والقرامطة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية من باب التأويل .. فما امتُحن الإسلام بمِحنة قطّ إلا وسببها التأويل؛ فإن محنته إما من المتأولين، وإما أن يُسلّط عليهم الكفار بسبب ما ارتكبوا من التأويل وخالفوا ظاهر التنزيل وتعلَّلُوا بالأباطيل ..
فما الذي أراق دماء "بني جذيمة" وقد أسلموا غير التأويل حتى رفع رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم يديه وتبرَّأ إلى الله مِن فِعل المُتأوِّل بقتلهم وأخذ أموالهم؟!
وما الذي أوجب تأخُّر الصحابة رضي اللهُ عنهم يوم "الحُديبية" عن موافقة رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم غير التأويل، حتى اشتدّ غضبه لتأخرهم عن طاعته حتى رجعوا عن ذلك التأويل؟!
وما الذي سَفك دم أمير المؤمنين عثمان رضي اللهُ عنهم ظلماً وعدواناً وأوقع الأُمة فِيما أوقعها فيه حتى الآن غير التأويل؟!
وما الذي سَفك دم عليٍّ وابنه الحسين وأهل بيته رضي اللهُ تعالى عنهم غير التأويل؟!
وما الذي أراق دم عمار بن ياسر وأصحابه غير التأويل؟!
وما الذي أراق دم ابن الزبير وحجر بن عدي وسعيد بن جبير وغيرهم من سادات الأمة غير التأويل؟!
وما الذي أُريقت عليه دماء العرب في فتنة أبي مسلم غير التأويل؟!
وما الذي جرد الإمام أحمد بين العقابين وضرب السياط حتى عجت الخليقة إلى ربها تعالى غير التأويل؟!
وما الذي قتل الإمام أحمد بن نصر الخزاعي وخلد خلقا من العلماء في السجون حتى ماتوا غير التأويل؟!
وما الذي سلَّط سيوف التتار على دار الإسلام حتى ردوا أهلها غير التأويل؟!
وهل دخلت طائفة الإلحاد من أهل الحلول والاتحاد إلا من باب التأويل؟!
وهل فتح باب التأويل إلا مضادة ومناقضة لحكم الله في تعليمه عباده البيان الذي امتنّ اللهُ في كتابه على الإنسان بتعليمه إياه؟!
فالتأويل بالألغاز والأحاجي والأغلوطات أولى منه بالبيان والتبيين، وهل فرق بين دفع حقائق ما أخبرت به الرسل عن الله وأمرت به بالتأويلات الباطلة المخالفة له وبين ردّه وعدم قبوله، ولكن هذا ردّ جُحود ومُعاندة، وذاك ردّ خداع ومُصانعة!!
*******
العلامة الإمام ابن القيم
(أعلام الموقعين عن رب العالمين/ ج ٤/ ص ١٩٣ - ١٩٤)
(أعلام الموقعين عن رب العالمين/ ج ٤/ ص ١٩٣ - ١٩٤)
