ضياء البرق

زيزوومى مميز
إنضم
6 نوفمبر 2012
المشاركات
334
مستوى التفاعل
346
النقاط
520
غير متصل
بسم الله الرحمن الرحيم

الفطرة السوية طريق السداد والرشاد (1)

الشيخ فيصل غزاوي

العناصر /
1/الخَلْق مفطورون على الخير والفضائل
2/الدين الإسلامي دين الفطرة السليمة
3/سمات الفطرة السوية
4/العواقب الوخيمة لانتكاس الفطرة
5/الخصائص المميزة لكل من الذكر والأنثى
6/المآلات الخطيرة لانتكاس فطرة بعض الرجال وبعض النساء
7/الهداية والرشاد للفطرة السوية
8/خطورة الدعوة للتمرد على الفطرة السوية




الحمد لله، الحمد لله خلَق الإنسانَ في أحسن تقويم، وأكرمَه أعظمَ تكريم، وهدى مَنْ شاء بفضله إلى دينه القويم، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، العلي العظيم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، الهادي إلى الحق، وإلى طريق مستقيم، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه، وعلى آله وصحبه، الذين فازوا بعز الدنيا، وفي الآخرة بالنعيم المقيم.



أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله-؛ فتقوى الله عنوان السعادة، وعلامة الفَلَاح؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[الْأَنْفَالِ: 29].



أيها المسلمون: إن الله -تعالى- خلَق الإنسانَ على فطرة سوية؛ وهي الخِلْقة التي خلَق اللهُ عبادَه عليها، وجعَلَهم مفطورينَ عليها، وعلى محبَّة الخير والفضائل والمحاسن، وكراهية الشر والمساوئ والقبائح، وفطَرَهم حنفاءَ مستعدينَ لقَبول الخير والإخلاص لله والتقرب إليه.



والدين الإسلامي ديـن الفطـرة السـليمة، فخالقُ الفطرة -جلَّ في علاه- هو الذي أنزل الدينَ القويمَ، وشرَعَه وارتضاه، ولم يقبل من أحد دينا سواه؛ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[الرُّومِ: 30].



عبادَ اللهِ: وعلى الرغم من اختلاف البشر في مِلَلِهم ومشاربهم وأجناسهم، فإنهم لا يزالون متفقينَ على المحافَظة على إنسانيتهم؛ ليستمرَّ بقاؤهم، وتنتظم حياتهم.



وهذه الخِلقة التي خلَق اللهُ الناسَ عليها تأبى الشهواتِ الشاذةَ بحُكم فطرتها، وهذا في غالب الناس؛ إذ النادر لا حُكم له، بل هو شاذٌّ، فلا يُعتَدّ بمن طرأ على فطرته عارضٌ فأفسَدَها وطمَس بصيرتَها، حتى تختلَّ المفاهيمُ لديه؛ فيرى الحقَّ باطلًا والباطل حقًّا، والحسنَ قبيحًا، والقبيحَ حسنًا، والحلالَ حرامًا، والحرامَ حلالًا، فعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا؛ كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاه".



عبادَ اللهِ: توحيد الله وعدم الإشراك به هو مقتضى الفطرة التي فُطِرَتْ عليها البشريةُ كلُّها؛ فقد وُلِدَ الناسُ حنفاءَ على فطرة الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ"، وجاء في الحديث القدسي: "إنِّي خلقتُ عبادي حنفاءَ، فاجتالَتْهم الشياطينُ"، لكن عندما تنتكس الفطرةُ وتتعطَّل العقولُ يَضِلُّ العبادُ؛ فيُشركون بربهم، ويعبدون الأصنامَ، والأحجارَ، والأشجارَ، والكواكب، والشيطان، والبقر، والفئران، وغيرَها من المعبودات الباطلة، والآلهة الزائفة، التي تُعبَد من دون الرحمن، ومع فساد فطرة هؤلاء، وفَقْدِهم الهدى، فهم يُصِرُّون على باطلهم، ويستحِبُّون الكفرَ على الإيمان، حتى إن منهم مَنْ يبذُل جهدَه للصدِّ عن سبيل الله وفتنة المؤمنين؛ لإخراجهم من عبادة الواحد الدَّيَّان إلى عبادة الأوثان، وردِّهم عن دين الفطرة المستقيم ليَضلوا مثلهم، ويكونوا من أصحاب الجحيم.



والاعترافُ بالخالق أمرٌ فطريٌّ ضروريٌّ في نفوس الناس، لكِنْ عندما تنتكِس الفطرةُ فمِنَ الناس من يكابر فطرته ويغالب عقله ويناقض البديهيات؛ فيُنكِر وجودَ الله -تعالى-، وينفي أن يكون لهذا الكون خالقٌ مدبِّرٌ، مع أن كلَّ ما في الكون والآفاق دلائلُ على وجوده وربوبيته، وشواهدُ على وحدانيته وقدرته.



وعند الشدائد والأهوال تستيقظ فطرةُ الإنسان؛ فيُفرِد ربه بالألوهية، كما قال تعالى: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)[الْإِسْرَاءِ: 67]، لكِنْ عندما تنتكس الفطرةُ عندَ بعض جهلة المتسمِّينَ بالإسلام إذا دهمتهم الشدائدُ وغشيتهم المحنُ والكروبُ تركوا دعاءَ الله، واستغاثوا بمن يعتقدون فيه الولايةَ والصلاحَ، وطلبوا منه العونَ والمددَ؛ فكانوا في ذلك أسوأَ من المشركين عبدةِ الأصنام، الذين كانوا عند حلول الحوادث العظام، والخطوب الجسام، يلجؤون إلى الله وحدَه، وينسَوْن آلهتَهم، طالبينَ النجاةَ كما قال -جل في علاه-: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 65].

للموضوع بقية
 

بارك الله فيك وجزيت خيرا
 
توقيع : MesterPerfectMesterPerfect is verified member.
بارك الله فيك
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق
عودة
أعلى