ضياء البرق
زيزوومى مميز
- إنضم
- 6 نوفمبر 2012
- المشاركات
- 334
- مستوى التفاعل
- 346
- النقاط
- 520
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
بسم الله الرحمن الرحيم
التربية بناء للإنسان وحماية للأوطان (1)
الشيخ د. صالح بن حميد
إمام وخطيب الحرم المكي الشريف
معاشرَ المسلمينَ: لا هَمَّ يعلو فوق هم التربية؛ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الْفُرْقَانِ: 74]، التربية -حفظكم الله- ليست مشروعَ أسرةٍ، أو مشروعَ مدرسةٍ، بل هي مشروعُ أمةٍ، ومشروعُ دولةٍ.
الزراعة تُنتِج الغذاءَ، والصناعةُ تَصنَع الأدواتِ، والتجارةُ تَجلِب المواردَ، أمَّا التربيةُ فتبني الإنسانَ والوطنَ، وتصنَع ذلك كلَّه، التربية علم يُتَعلم، وعمل يُكْتَسب، والتزامٌ يُطبَّق، التربية تُنمِّي القدراتِ ولا تُوجِدُها، وتُطوِّر الملكاتِ ولا تُنشِئها، ومَنْ شبَّ على شيء شَابَ عليه.
معاشرَ الإخوةِ: هذه هي التربية، في مكانتها وأثرها، أما محلُّها ومَيدانُها فهم أولادنا، قرة العين، وسلوة الفؤاد، وزينة الحياة، وأُنْس العيش، وثمار القلوب، وعماد الظهور، بُناة الغد ورجالُه، ومفكِّروه، وسواعدُه، ومستودع أمانات الوالدين والمعلمين والمربين.
اللهَ اللهَ فيهم، فما أعظمَ المسؤوليةَ، وما أكبرَ المهمةَ.
أيها الآباء، أيها الأمهات: هَمُّ التربيةِ فوقَ كلِّ همٍّ، لا يَعصِم من الذنوب سوى مراقَبة علام الغيوب، اغرسِوا فيهم عقيدةَ التوحيد، تثبت بها قلوبُهم، وتسكُن إليها نفوسُهم، وتنشرح بها صدورُهم، وتلهَج بها ألسنتُهم، وتقوم عليها أعمالُهم، ربُّوهم على تقوى الله وخشيته ومراقَبته، حتى لا يرجو الولدُ إلا ربَّه، ولا يخاف إلَّا ذنبَه، يتعلَّقون بالله -عز وجل-، ويتوكَّلون عليه، ويتمسَّكون بكتابه، ويلتزمون بسُنَّة نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويستعينون بالصبر والصلاة، ويذكرون الله كثيرًا، اجعلوا طاعة الله لهم دِسارًا، والخوف منه شعارًا، والإخلاص له زادًا، والصدق جنة، ومَن استحيا من الله بلَّغه عاليَ المقامات، ورفيع المنازل، علِّموهم أن الله -سبحانه- قد حكَم ألَّا يُطيعه أحدٌ إلا أعزَّه، ولا يعصيه أحدٌ إلا أذلَّه، العز مربوط بطاعة الله، والذل مربوط بمعصية الله.
معاشر المربين: في سورة الإسراء، وفي سورة النور، وفي سورة الفرقان، وفي سورة لقمان، من الوصايا التربوية، والآداب السلوكية، ما يجسِّد عناية هذا الدين بأصول التربية، ووسائلها وطرائقها؛ (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الْإِسْرَاءِ: 36]، (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ)[النُّورِ: 28]، (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)[النُّورِ: 30]، (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)[الْفُرْقَانِ: 63]، (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لُقْمَانَ: 13]، (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[لُقْمَانَ: 17].
أيها الآباء، أيها المعلمون: حبِّبوا إليهم القراءةَ، وطلبَ العلمِ، فالعلمُ سلوةُ العيشِ، ودليلُ الحيرةِ، وأنيسُ الوحشةِ، وخيرُ ما يُعلَّمون كتابُ اللهِ؛ تلاوةً، وحفظًا، واستماعًا، في البيت، وفي المدرسة، وفي سائر المرافِق والأحوال، وبقَدْرِ ما يقرأ الولدُ من كتاب الله تزداد طمأنينتُه، وتحصُل سعادتُه.
أيها المربون: أقيموا ألسنتَهم بلغة القرآن حتى تُحفظَ لغتُهم، ويحلو بيانُهم.
معاشرَ الأحبةِ: ليس أعظم ضَعفًا، ولا أشد هزالًا من أن تتكلمَ الناشئة بغير لغتها، وتُؤرِّخَ بغير تاريخها، وتُفاخِرَ بغير إنتاجها، وتحتفلَ بغير أعيادها، علِّمُوهم أن يغتنموا تعليمَ العالِمِ، ويستمعوا إلى نصحِ المشفِق، ويأخذوا بإرشادِ الحكيمِ، ويقتدوا ببذلِ الكريمِ.
انتظرونا في الجزء الثاني
التربية بناء للإنسان وحماية للأوطان (1)
الشيخ د. صالح بن حميد
إمام وخطيب الحرم المكي الشريف
معاشرَ المسلمينَ: لا هَمَّ يعلو فوق هم التربية؛ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الْفُرْقَانِ: 74]، التربية -حفظكم الله- ليست مشروعَ أسرةٍ، أو مشروعَ مدرسةٍ، بل هي مشروعُ أمةٍ، ومشروعُ دولةٍ.
الزراعة تُنتِج الغذاءَ، والصناعةُ تَصنَع الأدواتِ، والتجارةُ تَجلِب المواردَ، أمَّا التربيةُ فتبني الإنسانَ والوطنَ، وتصنَع ذلك كلَّه، التربية علم يُتَعلم، وعمل يُكْتَسب، والتزامٌ يُطبَّق، التربية تُنمِّي القدراتِ ولا تُوجِدُها، وتُطوِّر الملكاتِ ولا تُنشِئها، ومَنْ شبَّ على شيء شَابَ عليه.
معاشرَ الإخوةِ: هذه هي التربية، في مكانتها وأثرها، أما محلُّها ومَيدانُها فهم أولادنا، قرة العين، وسلوة الفؤاد، وزينة الحياة، وأُنْس العيش، وثمار القلوب، وعماد الظهور، بُناة الغد ورجالُه، ومفكِّروه، وسواعدُه، ومستودع أمانات الوالدين والمعلمين والمربين.
اللهَ اللهَ فيهم، فما أعظمَ المسؤوليةَ، وما أكبرَ المهمةَ.
أيها الآباء، أيها الأمهات: هَمُّ التربيةِ فوقَ كلِّ همٍّ، لا يَعصِم من الذنوب سوى مراقَبة علام الغيوب، اغرسِوا فيهم عقيدةَ التوحيد، تثبت بها قلوبُهم، وتسكُن إليها نفوسُهم، وتنشرح بها صدورُهم، وتلهَج بها ألسنتُهم، وتقوم عليها أعمالُهم، ربُّوهم على تقوى الله وخشيته ومراقَبته، حتى لا يرجو الولدُ إلا ربَّه، ولا يخاف إلَّا ذنبَه، يتعلَّقون بالله -عز وجل-، ويتوكَّلون عليه، ويتمسَّكون بكتابه، ويلتزمون بسُنَّة نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويستعينون بالصبر والصلاة، ويذكرون الله كثيرًا، اجعلوا طاعة الله لهم دِسارًا، والخوف منه شعارًا، والإخلاص له زادًا، والصدق جنة، ومَن استحيا من الله بلَّغه عاليَ المقامات، ورفيع المنازل، علِّموهم أن الله -سبحانه- قد حكَم ألَّا يُطيعه أحدٌ إلا أعزَّه، ولا يعصيه أحدٌ إلا أذلَّه، العز مربوط بطاعة الله، والذل مربوط بمعصية الله.
معاشر المربين: في سورة الإسراء، وفي سورة النور، وفي سورة الفرقان، وفي سورة لقمان، من الوصايا التربوية، والآداب السلوكية، ما يجسِّد عناية هذا الدين بأصول التربية، ووسائلها وطرائقها؛ (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الْإِسْرَاءِ: 36]، (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ)[النُّورِ: 28]، (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)[النُّورِ: 30]، (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)[الْفُرْقَانِ: 63]، (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لُقْمَانَ: 13]، (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[لُقْمَانَ: 17].
أيها الآباء، أيها المعلمون: حبِّبوا إليهم القراءةَ، وطلبَ العلمِ، فالعلمُ سلوةُ العيشِ، ودليلُ الحيرةِ، وأنيسُ الوحشةِ، وخيرُ ما يُعلَّمون كتابُ اللهِ؛ تلاوةً، وحفظًا، واستماعًا، في البيت، وفي المدرسة، وفي سائر المرافِق والأحوال، وبقَدْرِ ما يقرأ الولدُ من كتاب الله تزداد طمأنينتُه، وتحصُل سعادتُه.
أيها المربون: أقيموا ألسنتَهم بلغة القرآن حتى تُحفظَ لغتُهم، ويحلو بيانُهم.
معاشرَ الأحبةِ: ليس أعظم ضَعفًا، ولا أشد هزالًا من أن تتكلمَ الناشئة بغير لغتها، وتُؤرِّخَ بغير تاريخها، وتُفاخِرَ بغير إنتاجها، وتحتفلَ بغير أعيادها، علِّمُوهم أن يغتنموا تعليمَ العالِمِ، ويستمعوا إلى نصحِ المشفِق، ويأخذوا بإرشادِ الحكيمِ، ويقتدوا ببذلِ الكريمِ.
انتظرونا في الجزء الثاني
