Mr. HATEM

زيزوومي VIP
إنضم
6 مايو 2020
المشاركات
4,128
مستوى التفاعل
8,887
النقاط
3,760
الإقامة
Egypt
غير متصل

4.png


يدأب الشيطان محاولًا صرف المؤمن عن سبيل ربه، ويستحدث له الطرق والأساليب والوسائل والأفكار التي تُلهيه عن الصراط السَّوي، وأكثر ذلك أن يُلهيه عن التوبة والاستغفار ..

فتارة يُثقلها عليه، ويُوسوس له بأنها عمل صعب ثقيل، وأنه لن يقدر عليه لأنه يحتاج جهدًا واجتهادًا!

وتارة يُصعِّب التوبة عليه من باب أن ذنوبه أثقل من أن تُغفر، وأن معاصيه أكثر من أن يتوب منها!
وتارة أخرى يُيَئِّسه من قبول تلك التوبة، لأنها غير مُخلِصة وغير نَقيَّة، وأنه مُدنَّس بالآثام!
ولو لم تجد أمامه تلك الطرق وسوس له صارفًا له عن الاستغفار والتوبة بكونه كثيرًا ما يستغفر ثم يعود، وأنه بذلك يُخادع ربَّه، وأنه يجب أن يتوقف عن ذلك!

كل ذلك من كيد الشيطان، وكل ذلك ينبغي ألا يفتّ في عضد المؤمن، ويجب أن يتفطن المؤمن إليه، فطريق التائبين ليس مجرد كلمة تُقال بل إيجابية وعمل ونية صالحة وإرادة قوية وعزم أكيد يصحب تلك التوبة وذلك الاستغفار .. قيل للحسن: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يكرر الذنب؟! فقال: "ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملُّوا من الاستغفار".


إنها أمنية الشيطان، أن يظفر من المؤمن بذلك، فيقنعه بأن يتوقف عن الاستغفار بحُجَّة أو بأخرى، خصوصًا تلك الحُجَّة التي هي من طبيعة بني آدم، كونهم يعاودون الذنوب بعد الاستغفار منها؛ هي أمنية الشيطان، ويجب علينا أن نعمل على دحض تلك الأمنية بكل سبيل .. فكثير من المؤمنين يقعون في تلك المصيدة الشيطانية، مصيدة اليأس، فيقعون صيدًا سهلًا للشيطان، وعندئذ تتضاعف معاصيهم، وتهون عليهم الكبائر خطوة خطوة، وكلما سقطوا سقطة زاد وُلُوغهم في الإثم، وزاد بُعدهم عن التوبة، ذلك لأنهم اقتنعوا بأن الاستغفار لا ينبغي لِمَن عاد للذنب بعد التوبة منه فكرَّره وأدمنه!


النفس الإنسانية صعبة المراس، نعم، لكنها ممكنة القياد أيضًا إذا عرفنا دواءها، ودواؤها ها هنا أن نربيها على الثوابت ونرسِّخ بداخلها المعاني باعتبارها رواسخ لا تتزعزع، ثم ندفعها للبدء في التطبيق، ولا نتركها لتتراخ في التنفيذ .. أما الثابت ها هنا فهو أن من طبيعة الإنسان الخطأ والضعف والسقوط في الإثم، وأن الله سبحانه علم ذلك من بني آدم فقبل منهم التوبة مرارًا وتكرارًا، ووعدهم بألا يقنطوا ولا ييأسوا ما دامت فيهم حياة، قال اللهُ سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]؛ وفي الحديث القدسي الصحيح: «مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى مَغْفِرَةِ الذُّنُوب، غَفَرْتُ لَهُ وَلاَ أُبَالِي مَا لَم يُشْرِك بِي شَيْئاً» (رواهُ الطَّبَرانيُّ، صحيح الجامع).


وانظر إلى جميل عفوه سبحانه وواسع مغفرته سبحانه كما في الحديث القدسي العظيم: «يَا ابْنَ آدَمَ إنَّكَ مَا دَعَوتَنِي ورَجَوْتَنِي غفَرتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيْكَ ولاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَو بَلَغَت ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرتَنِي غَفَرتُ لَكَ ولاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إنَّكَ لَو أَتَيتَنِي بِقِرَابِ الأَرضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً» (رواهُ التِّرمِذِيُّ وقال: حَدِيْثٌ حَسَنٌ).


وانظر إلى فعل التوبة الصادقة في الذنوب، كما يقوله صلى اللهُ عليه وسلم: «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنَبَ لَهُ» (أخرجه ابن ماجه، وحسّنه الألباني)؛ وعن أبي بكر رضي اللهُ عنه قال: سمعت رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» (أخرجه أصحاب السنن)؛ وقال صلى اللهُ عليه وسلم: «إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ: كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعٌ ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقَتْهُ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً أُخْرَى فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ أُخْرَى، حَتَّى يَخْرُجَ إِِلَى الأَرضِ» (صحيح الجامع)؛ وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ» (رواهُ مُسْلِم).


لكن احذر أيها النادم التائب، فإنه لا بطالة مع التوبة، ولا قعود ولا كسل مع التوبة، فلا بد للتوبة كي تكتمل من عمل صالح، فكما أنها ترك لما يكره سبحانه فإنها فعل لما يحب سبحانه، وكما أنها تَخَلّ عن معصية فإنها تحل بطاعة.

قال الإمام ابن القيم: "إن أحد الصالحين كان يسير في بعض الطرقات، فرأى بابًا قد فُتِح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمه خلفه تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه، ودخلت فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكرًا، فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أُخرِج منه ولا مَن يؤويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزينًا، فوجد الباب مغلقًا فتوسَّده، ووضع خدَّه على عتبة الباب ونام ودموعه على خدَّيه، فخرجت أُمه بعد حين، فلما رأته على تلك الحال لم تملك إلا أن رَمَت نفسها عليه والتزمته تُقبّله وتبكي وتقول: يا ولدي أين ذهبت عني؟ ومَن يؤويك سُواي؟ ألم أقل لك: لا تُخالفني؟ ولا تُحمِّلني بمعصيتك لي على خلاف ما جُبِلتُ عليه من الرحمة بك والشَّفقة عليك وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت، فتأمل قول الأم .. وتأمل قوله صلى اللهُ عليه وسلم: «للَّهُ أَرْحَمُ بِعِبادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» (رواه البخاري ومسلم).


وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟! .. فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة، فإذا تاب عليه فقد استدعى منه ما هو أهله وأولى به.

فإذا هداك اللهُ إلى توبة قلبية مخلصة، فاحذر الذنوب، واحذر أن تحترق بنارها مرة أخرى، وإذا ما زلَّت بك قدمك فسارع بالاستغفار فورًا، وبالعمل الصالح، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا».
*******
د. خالد رُوشه
"بتصرف"
 

توقيع : Mr. HATEM
بارك الله فيك اخي حاتم
 
بارك الله فيك وجزاك خيرا وشكرا لك على هذة النصائح الغالية وقانا الله وإياك شر وسوسة الشيطان
 
توقيع : aelshemy
موضوع رائع جدا
بارك الله فيك اخي حاتم
بارك الله فيك اخي حاتم
بارك الله فيك وجزاك خيرا وشكرا لك على هذة النصائح الغالية وقانا الله وإياك شر وسوسة الشيطان

أجمل وأرقّ باقات وُرُودي لكلامكم الجميل ومروركم العطر
دُمتم برضى من الرحمن .. لكم خالص احترامي
كل الود والتقدير لكم أيها الأحبة
 
توقيع : Mr. HATEM
جزاك الله خيرا أخي وبوركت جهودك
 
توقيع : MesterPerfectMesterPerfect is verified member.
ســــــم اللـــه الرحمـــــــــن الرحيــــــــــم
الســــــــــــــــــــــلام عليكــــــــم

oooooo11.gif
 
توقيع : roufaida
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق
ســــــم اللـــه الرحمـــــــــن الرحيــــــــــم
الســــــــــــــــــــــلام عليكــــــــم

oooooo11.gif

أجمل وأرقّ باقات وُرودى لكلامك الجميل ومرورك العطر
دُمت برضى من الرحمن .. لك خالص احترامي

 
توقيع : Mr. HATEM
شكراً على حضورك ومشاركتك

أجمل وأرقّ باقات وُرودى لكلامك الجميل ومرورك العطر
دُمت برضى من الرحمن .. لك خالص احترامي

 
توقيع : Mr. HATEM
عودة
أعلى