راجية الجنة
مُديرة عامّة
طـــاقم الإدارة
★★ نجم المنتدى ★★
نجم الشهر
عضو المكتبة الإلكترونية
كبار الشخصيات
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
الفَرْق بَيْن مَحبّة الكافِر ومُوَالاته ، وَبَيْن الإحسان إليه ، والتعامل معه صاحِب الْخُلُق الْحَسَن والتّعامُل
إخوتي في الله؛ رُوّاد
توجيهٌ قيم. وتوضيحٌ مُهمّ؛
عسى أن ننفع منهِ جميعًا.
::
الفَرْق بَيْن مَحبّة الكافِر ومُوَالاته ، وَبَيْن الإحسان إليه ، والتعامل معه صاحِب الْخُلُق الْحَسَن والتّعامُل

إخوتي في الله؛ رُوّاد
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
توجيهٌ قيم. وتوضيحٌ مُهمّ؛
عسى أن ننفع منهِ جميعًا.
::
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلى الله عليه وسلم
1441هـ 2019م
جمع وتعليق: د.حمزة بن فايع الفتحي.1441هـ 2019م
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم

::
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
/
حديثٌ قيم؛ عسى أن ننفع منهِ جميعًا.
::
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
من أسس العلم وجمالياته، حفظه من الضياع، وضبطه عن النسيان،
إذ به ترسخ العلوم، وتُصان الفهوم، ويُعرف الجاد، ويكتشف الجواد ،
ولا يمكن لعالم أن يدّعي العلم بلا ذاكرة واعية، أو حافظة حاوية،
تضبط بها الأصول، وتمهر المتون، وتستلهم الأخبار،
حتى يصير قائدهم ومقدمهم، وسيدهم ومفيدهم،
قال تعالى: (والربانيون والأحبارُ بما استُحفظوا من كتاب الله) (المائدة :٤٤ ) .
وصحّت دعوته صلى الله عليه وسلم للعلم والتعلم، والحفظ والتحفظ،
بل نص في آثار معلومة على الحفظ والوعي والحرص، ونبه صحابته،
فصرحوا بحفظهم وعنايتهم بذلك، وما بزّوا هم ومن بعدهم إلا بالحفظ المتقن،
والضبط المعلن، وجعله العلماء رتبة من رتب العلم وأصوله وآدابه،
قال عبدالله بن المبارك رحمه الله: (181هـ): ( أول العلم النية ، ثم الاستماع ،
ثم الفهم ، ثم الحفظ ، ثم العمل ، ثم النشر ) .
١/ الحديث الأول: حفظ العلم ووعيه:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
يَقُولُ : ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ )
. الترمذي (٢٦٥٧).
في الحديث؛ فضل حملة الحديث ومبلغيه، وأن الله يكسبهم نورا وبهجة في الوجه ،
واستحباب البلاغ النبوي والنشر السني لآثاره صلى الله عليه وسلم،
وأن بعض المبلّغين أوعى وأفهم ممن حضر واستمع .
٢/ الحديث الثاني : فضل من حفِظ وعلّم:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ،
أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ،
وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ- أي الأرض التي لا تنبت-
أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ،
- أي ملساء- لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ؛
مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) .
البخاري (٧٩) ومسلم (٢٢٨٢) .
فيه بيان علو من حفظ العلم وعلمه الناس، وعمل به، وأنه أفضل الأصناف الثلاثة،
ويليه من علّم غيره وإن لم يعمل في نفسه، والثالث من لم يرفع بذلك رأسا،
كالسباخ لا تعلمت ولا علمت غيرها ،
قال الناظم:
والنَاس كالأراضي المزروعةْ/ رياضُ أو أجدبُ أو ممنوعة
قال النووي رحمه الله: ومعناه : أن الأرض ثلاثة أنواع ، وكذلك الناس ،
فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتا ،
وينبت الكلأ ، فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها ، وكذا النوع الأول من الناس.
والنوع الثاني من الأرض : ما لا تقبل الانتفاع في نفسها ، لكن فيها فائدة ،
وهي إمساك الماء لغيرها ، فينتفع بها الناس والدواب ..
والنوع الثالث من الأرض : السباخ التي لا تنبت ونحوها ، فهي لا تنتفع بالماء ،
ولا تمسكه لينتفع بها غيرها ، وكذا النوع الثالث من الناس ؛
ليست لهم قلوب حافظة ، ولا أفهام واعية ، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ،
ولا يحفظونه لنفع غيرهم ، والله أعلم . (شرح النووي مختصرا ).
٣/ الحديث الثالث : الحفظ والبث:
عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ :
( حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ،
فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ ) .
البخاري( ١٢٠ )
فيه عناية السلف بحفظ العلم، وأن الحفظ مقتضاه النشر والبث،
إلا ما استثني من بعض العلوم الضارة أو غير المجدية أو كانت الحكمة تأخيرها .
٤/ الحديث الرابع : الحفظ الدقيق:
عَنِ ابن عمر رضي الله عنهم قَالَ :
( حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ :
رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ،
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ،
كَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا) .
البخاري( ١١٨٠ ) ومسلم ( ٧٢٩ ).
فيه منقبة لابن عمر وحسن تتبعه لصلاة رسول الله، وأن الرواتب عشر،
خلافا لمن يزيد عليها، وقد عُرف هو بقوة التتبع، وشدة السؤال والمثابرة .
٥/ الحديث الخامس:المرأة الحافظة :
عَن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قَالَتْ : مَا حَفِظْتُ { ق }
إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ،
قَالَتْ : وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا. مسلم( ٨٧٣ ).
فيه سنية الخطبة بسورة ق، وحضور النساء الخطبة أو استماعهن بالجوار،
وأن في النساء حافظات مجدات.
قال النووي رحمه الله:" قال العلماء سبب اختيار ( ق ) أنها مشتملة على البعث والموت ،
والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة ، وفيه دليل للقراءة في الخطبة كما سبق ،
وفيه استحباب قراءة ( ق ) أو بعضها في كل خطبة ".
٦/ الحديث السادس : التشكيك في بعض الحفظ:
عن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةً،
ثُمَّ أَخَذَ الْأَسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصًى، فَحَصَبَهُ بِهِ، فَقَالَ : وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا ؟
قَالَ عُمَرُ : لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ،
لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ، أَوْ نَسِيَتْ، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ ؛
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } .
مسلم ( ١٤٨٠ ).
في الحديث: الرد على بعض الحفاظ والتشكيك في كلامهم،
لا سيما إذا ورد ما يناقض دعواهم، وأن الحافظ قد يعتريه النسيان .
٧/ الحديث السابع : الحفظ المؤكد :
عَنْ عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ ؛
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،
وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا..)
مسلم( ٢٩٤١ ).
فيه بيان الحفظ الراسخ بلا نسيان، وأن من القضايا؛
ما يثبت ويطول مع صاحبه كأخبار الفتن والأشراط .
٨/ الحديث الثامن : جرأة الحافظ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ ).
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ : أَمَا يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ ؟
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ : لَا. قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ : أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ : فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ : هَلْ تُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّهُ اجْتَرَأَ وَجَبُنَّا.
قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ : فَمَا ذَنْبِي إِنْ كُنْتُ حَفِظْتُ وَنَسُوا ..)
رواه الترمذي ( ١٢٦١ ).
فيه فضل أبي هريرة وذاكرته القوية، وأن كثرة محفوظاته جعلته كثير التحديث والبلاغ،
وأن كتمانه لا يجوز، وهو معرض للجام الناري كما صح بذلك الحديث .
٩/ الحديث التاسع : حفظ دقيق العلم وجليله :
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ، وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ ). أبو داود ( ٢٨٧٣ ).
فيه بيان حفظ السلف وعنايتهم ولو المسائل الصغيرة،
وأن اليتم ينقطع بالبلوغ كالاحتلام، وكراهة الصمت إلى الليل، وأنه من أفعال الجاهلية .
١٠/ الحديث العاشر : سؤال الحفَظة:
عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ :
مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ؛
فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ).
الترمذي( ٢٥١٨ ).
فيه استلهام ما عند الحفظة من العلم، وقد التقوا بالقدوات والأعلام، ومذاكرة السنن،
والتباعد عن الأمور الظنية والمشتبهة والمتوهمة، لأن الحقائق لا يشك فيها القلب،
بخلاف الأكاذيب والأباطيل . قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
( وهذا الحديث من جوامع الكلم ، وما أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه ،
فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء كثيرة ، فنقول : دع الشك إلى ما لاشكّ فيه ،
حتى تستريح وتسلم ، فكل شيء يلحقك به شكّ وقلق وريب :
اتركه إلى أمر لا يلحقك به ريب ، وهذا ما لم يصل إلى حد الوسواس ،
فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له ).
؛
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
....................
يُتبع بإذن الله تعالى.
من المصد ر/
اللهمّ اكتُبنا وإخوتي ووالدينا ووالديهم من سُعداء الدّارين؛ آمينَ.
وفّقكم اللهُ.
/
حديثٌ قيم؛ عسى أن ننفع منهِ جميعًا.
::
أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
من أسس العلم وجمالياته، حفظه من الضياع، وضبطه عن النسيان،
إذ به ترسخ العلوم، وتُصان الفهوم، ويُعرف الجاد، ويكتشف الجواد ،
ولا يمكن لعالم أن يدّعي العلم بلا ذاكرة واعية، أو حافظة حاوية،
تضبط بها الأصول، وتمهر المتون، وتستلهم الأخبار،
حتى يصير قائدهم ومقدمهم، وسيدهم ومفيدهم،
قال تعالى: (والربانيون والأحبارُ بما استُحفظوا من كتاب الله) (المائدة :٤٤ ) .
وصحّت دعوته صلى الله عليه وسلم للعلم والتعلم، والحفظ والتحفظ،
بل نص في آثار معلومة على الحفظ والوعي والحرص، ونبه صحابته،
فصرحوا بحفظهم وعنايتهم بذلك، وما بزّوا هم ومن بعدهم إلا بالحفظ المتقن،
والضبط المعلن، وجعله العلماء رتبة من رتب العلم وأصوله وآدابه،
قال عبدالله بن المبارك رحمه الله: (181هـ): ( أول العلم النية ، ثم الاستماع ،
ثم الفهم ، ثم الحفظ ، ثم العمل ، ثم النشر ) .

١/ الحديث الأول: حفظ العلم ووعيه:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
يَقُولُ : ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ )
. الترمذي (٢٦٥٧).
في الحديث؛ فضل حملة الحديث ومبلغيه، وأن الله يكسبهم نورا وبهجة في الوجه ،
واستحباب البلاغ النبوي والنشر السني لآثاره صلى الله عليه وسلم،
وأن بعض المبلّغين أوعى وأفهم ممن حضر واستمع .
٢/ الحديث الثاني : فضل من حفِظ وعلّم:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ،
أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ،
وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ- أي الأرض التي لا تنبت-
أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ،
- أي ملساء- لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ؛
مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) .
البخاري (٧٩) ومسلم (٢٢٨٢) .
فيه بيان علو من حفظ العلم وعلمه الناس، وعمل به، وأنه أفضل الأصناف الثلاثة،
ويليه من علّم غيره وإن لم يعمل في نفسه، والثالث من لم يرفع بذلك رأسا،
كالسباخ لا تعلمت ولا علمت غيرها ،
قال الناظم:
والنَاس كالأراضي المزروعةْ/ رياضُ أو أجدبُ أو ممنوعة
قال النووي رحمه الله: ومعناه : أن الأرض ثلاثة أنواع ، وكذلك الناس ،
فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتا ،
وينبت الكلأ ، فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها ، وكذا النوع الأول من الناس.
والنوع الثاني من الأرض : ما لا تقبل الانتفاع في نفسها ، لكن فيها فائدة ،
وهي إمساك الماء لغيرها ، فينتفع بها الناس والدواب ..
والنوع الثالث من الأرض : السباخ التي لا تنبت ونحوها ، فهي لا تنتفع بالماء ،
ولا تمسكه لينتفع بها غيرها ، وكذا النوع الثالث من الناس ؛
ليست لهم قلوب حافظة ، ولا أفهام واعية ، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ،
ولا يحفظونه لنفع غيرهم ، والله أعلم . (شرح النووي مختصرا ).
٣/ الحديث الثالث : الحفظ والبث:
عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ :
( حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ،
فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ ) .
البخاري( ١٢٠ )
فيه عناية السلف بحفظ العلم، وأن الحفظ مقتضاه النشر والبث،
إلا ما استثني من بعض العلوم الضارة أو غير المجدية أو كانت الحكمة تأخيرها .
٤/ الحديث الرابع : الحفظ الدقيق:
عَنِ ابن عمر رضي الله عنهم قَالَ :
( حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ :
رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ،
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ،
كَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا) .
البخاري( ١١٨٠ ) ومسلم ( ٧٢٩ ).
فيه منقبة لابن عمر وحسن تتبعه لصلاة رسول الله، وأن الرواتب عشر،
خلافا لمن يزيد عليها، وقد عُرف هو بقوة التتبع، وشدة السؤال والمثابرة .
٥/ الحديث الخامس:المرأة الحافظة :
عَن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قَالَتْ : مَا حَفِظْتُ { ق }
إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ،
قَالَتْ : وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا. مسلم( ٨٧٣ ).
فيه سنية الخطبة بسورة ق، وحضور النساء الخطبة أو استماعهن بالجوار،
وأن في النساء حافظات مجدات.
قال النووي رحمه الله:" قال العلماء سبب اختيار ( ق ) أنها مشتملة على البعث والموت ،
والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة ، وفيه دليل للقراءة في الخطبة كما سبق ،
وفيه استحباب قراءة ( ق ) أو بعضها في كل خطبة ".
٦/ الحديث السادس : التشكيك في بعض الحفظ:
عن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةً،
ثُمَّ أَخَذَ الْأَسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصًى، فَحَصَبَهُ بِهِ، فَقَالَ : وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا ؟
قَالَ عُمَرُ : لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ،
لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ، أَوْ نَسِيَتْ، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ ؛
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } .
مسلم ( ١٤٨٠ ).
في الحديث: الرد على بعض الحفاظ والتشكيك في كلامهم،
لا سيما إذا ورد ما يناقض دعواهم، وأن الحافظ قد يعتريه النسيان .
٧/ الحديث السابع : الحفظ المؤكد :
عَنْ عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ ؛
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،
وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا..)
مسلم( ٢٩٤١ ).
فيه بيان الحفظ الراسخ بلا نسيان، وأن من القضايا؛
ما يثبت ويطول مع صاحبه كأخبار الفتن والأشراط .
٨/ الحديث الثامن : جرأة الحافظ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ ).
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ : أَمَا يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ ؟
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ : لَا. قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ : أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ : فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ : هَلْ تُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّهُ اجْتَرَأَ وَجَبُنَّا.
قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ : فَمَا ذَنْبِي إِنْ كُنْتُ حَفِظْتُ وَنَسُوا ..)
رواه الترمذي ( ١٢٦١ ).
فيه فضل أبي هريرة وذاكرته القوية، وأن كثرة محفوظاته جعلته كثير التحديث والبلاغ،
وأن كتمانه لا يجوز، وهو معرض للجام الناري كما صح بذلك الحديث .
٩/ الحديث التاسع : حفظ دقيق العلم وجليله :
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ، وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ ). أبو داود ( ٢٨٧٣ ).
فيه بيان حفظ السلف وعنايتهم ولو المسائل الصغيرة،
وأن اليتم ينقطع بالبلوغ كالاحتلام، وكراهة الصمت إلى الليل، وأنه من أفعال الجاهلية .
١٠/ الحديث العاشر : سؤال الحفَظة:
عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ :
مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ؛
فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ).
الترمذي( ٢٥١٨ ).
فيه استلهام ما عند الحفظة من العلم، وقد التقوا بالقدوات والأعلام، ومذاكرة السنن،
والتباعد عن الأمور الظنية والمشتبهة والمتوهمة، لأن الحقائق لا يشك فيها القلب،
بخلاف الأكاذيب والأباطيل . قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
( وهذا الحديث من جوامع الكلم ، وما أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه ،
فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء كثيرة ، فنقول : دع الشك إلى ما لاشكّ فيه ،
حتى تستريح وتسلم ، فكل شيء يلحقك به شكّ وقلق وريب :
اتركه إلى أمر لا يلحقك به ريب ، وهذا ما لم يصل إلى حد الوسواس ،
فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له ).
؛


أربعون الحفظ والتحصيل من كلم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
....................
يُتبع بإذن الله تعالى.
من المصد ر/
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
اللهمّ اكتُبنا وإخوتي ووالدينا ووالديهم من سُعداء الدّارين؛ آمينَ.
وفّقكم اللهُ.
