• بادئ الموضوع بادئ الموضوع gmahrans
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • المشاهدات 2,167
الباحث عن الحقيقة

سلمان الخير

لقمان الحكيم


سلمان الفارسى

ثم احتضر فكلمته إلى من يوصي بي ؟ قال : أي بني ، والله ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه

آمرك أن تأتيه ، ولكن قد أظلك زمان نبي يبعث من الحرم ، مهاجره بين حرتين إلى أرض سبخة ذات

نخل ، وإن فيه علامات لا تخفى ، بين كتفيه خاتم النبوة ، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، فإن استطعت

أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل ، فإنه قد أظلك زمانه .

فلما واريناه ، أقمت حتى مر بي رجال من تجار العرب من كلب ، فقلت لهم : تحملوني إلى أرض العرب

، وأعطيكم غنيمتي وبقراتي هذه ؟ قالوا : نعم . فأعطيتهم إياها وحملوني ، حتى إذا جاءوا بي وادي

القرى ظلموني ، فباعوني عبدا من رجل يهودي بوادي القرى ، فو الله لقد رأيت النخل ، وطمعت أن

يكون البلد الذي نعت لي صاحبي .


وما حقت عندي حتى قدم رجل من بني قريظة وادي القرى ، فابتاعني ( اشترانى ) من صاحبي ،

فخرج بي حتى قدمنا المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها ، فعرفت نعتها .


فأقمت فى رق بعث الله نبيه – صلى الله عليه سلم - بمكة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من

الرق ، حتى قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قباء ، وأنا أعمل لصاحبي في نخلة له ، فوالله

إني لفيها إذ جاءه ابن عم له ، فقال : يا فلان ، قاتل الله بني قيلة ( الأنصار ) ، والله إنهم الآن لفي قباء

مجتمعون على رجل جاء من مكة يزعمون أنه نبي .


فوالله ما هو إلا أن سمعتها فأخذتني العرواء ( الرعدة ) حتى ظننت لأسقطن على صاحبي ، ونزلت

أقول : ما هذا الخبر ؟ .

فرفع مولاي يده فلكمني لكمة شديدة ، وقال : ما لك ولهذا ، أقبل على عملك . فقلت : لا شيء ، إنما

سمعت خبرا فأحببت أن أعلمه .


فلما أمسيت ، وكان عندي شيء من طعام ، فحملته وذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وهو بقباء ، فقلت له : بلغني أنك رجل صالح ، وأن معك أصحابا لك غرباء ، وقد كان عندي شيء من

الصدقة فرأيتكم أحق من بهذه البلاد ، فهاك هذا ، فكل منه


قال : فأمسك ، وقال لأصحابه : كلوا . فقلت في نفسي : « هذه خلة مما وصف لي صاحبي» .

ثم رجعت ، وتحول رسول الله إلى المدينة ، فجمعت شيئا كان عندي ثم جئته به ، فقلت : إني قد رأيتك

لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية . فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكل أصحابه ، فقلت : « هذه


خلتان» .

ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتبع جنازة وعلي شملتان لي وهو في أصحابه ،

فاستدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف .


فلما رآني استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي ، فألقى رداءه عن ظهره ، فنظرت إلى

الخاتم فعرفته ، فانكببت عليه أقبله وأبكي .


فقال لي : « تحوّل ». فتحولت ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس ، فأعجب رسول الله -

صلى الله عليه وسلم - أن يسمع ذلك أصحابه .


ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدر وأحد . ثم قال رسول الله :

« كاتب يا سلمان ». فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية . فقال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : أعينوا أخــــاكم . فأعــانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية

( فسيلة ) والرجل بعشرين ، والرجل بخمس عشرة ، حتى اجتمعت ثلاث مائة ودية . فقال : اذهب يا

سلمان ففقر لها ( أى احفر لها ) ، فإذا فرغت فائتني أكون أنا أضعها بيدي . ففقرت لها وأعانني

أصحابي ، حتى إذا فرغت منها ، جئته وأخبرته ، فخرج معي إليها نقرب له الودي ، ويضعه بيده


فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة ، فأديت النخل ، وبقي علي المال ، فأتي رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المغازي ، فقال : « ما فعل


الفارسي المكاتب » ؟ فدعيت له ، فقال : « خذها فأد بها ما عليك » . قلت : وأين تقع هذه يا رسول

الله مما علي ؟ قال : « خذها فإن الله سيؤدي بها عنك ». فأخذتها فوزنت لهم منها أربعين أوقية ،

وأوفيتهم حقهم وعتقت . الهيثمىمجمع الزوائد


وشهد سلمان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق حرا ، ثم لم يفته معه مشهد بعد ذلك .

ولما مرض سلمان، خرج سعد بن أبى وقاص من الكوفة يعوده ( يزوره ) ، فقدم ، فوافقه وهو في

الموت يبكي ، فسلم وجلس ، وقال : « ما يبكيك يا أخي ؟ ألا تذكر صحبة رسول الله ؟ ألا تذكر


المشاهد الصالحة ؟ قال : والله ما يبكيني واحدة من ثنتين : ما أبكي حبا بالدنيا ولا كراهية للقاء الله .

قال سعد : فما يبكيك ؟ قال : يبكيني أن خليلي عهد إلي عهدا قال : ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد


الراكب ، وإنا قد خشينا أنا قد تعدينا ».

ومات سلمان فى خلافة عثمان بن عفان بالمدائن
 

التعديل الأخير:
ساقى الحرمين

عباس بن عبد المطلب

عباس بن عبد المطلب بن هاشم . عم رسول الله وصنو أبيه ، يكنى أبا الفصل بابنه ، وأمه نُتيلة بنت

جناب بن كليب وهى أول عربية كست البيت الحرير والديباج، وسببه أن العباس ضاع ، وهو صغير ،

فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت ، فوجدته ، ففعلت


قيل: إنه أسلم قبل الهجرة ، وكتم إسلامه ، وخرج مع قومه إلى بدر ، فأسر يومئذ ، فادعى أنه

مسلم وليس هو في عداد الطلقاء ( طلقاء فتح مكة ) ، فإنه كان قد قدم إلى النبي صلى الله عليه

وسلم قبل الفتح و أجار أبا سفيان بن حرب عند فتح مكة


ولما قدم العباس الشام مع عمر بن الخطاب وكان على فرس عتيق ، وكان رجلا جميل الطلعة ،

فجعلت البطارقة يسلمون عليه ظناً منهم أنه الخليفة ، فيشير : « لست به – أى لست أنا الخليفة -


وإنه ذاك- ويشير إلى عمر بن الخطاب »

وكان أسن ( أكبر ) من رسول الله بسنتين ، وقيل : بثلاث ، ويؤكد ذلك ما قيل للعباس : أنت أكبر أو

النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو أكبر و أنا ولدت قبله .( يريد أن الرسول اكبر فى الفضل

والشرف والدرجة
)


وكان العباس فى الجاهلية رئيسا فى قريش ، وإليه عمارة المسجد الحرام والسقاية فى الجاهلية ،

أما السقاية فمعروفة ، وأما عمارة المسجد الحرام فإنه كان لا يدع أحدا يسُب فى المسجد الحرام ، ولا

يقول فيه هجرا ، لأن ملأ ( أشراف وأعيان ) قريش كانوا قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك ، فكانوا له

أعوانا عليه . كما كان يمنع الجار ، ويبذل المال ، ويعطي في النوائب


وشهد مع رسول الله بيعة العقبة ، لما بايعه الأنصار ، ليُشدِّد له العقد ، وكان حينئذ مشركاً ، وكان ممن

خرج مع المشركين إلى بدر مكرها ، وأسر فيمن أسر ، ولما أسر لم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص

عبد الله بن أبى ابن سلول ، فألبسوه إياه ، ولهذا لما مات عبد الله بن أبى كفنه رسول الله صلى الله


عليه وسلم فى قميصه


كان العباس جسيماً ، فلما أسره أبو اليسر ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : كيف أسرته ؟ قال :

لقد أعاننى عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد ، هيئته كذا . قال : «لقد أعانك عليه ملك كريم ». الهيثمى


وشهد حنيناً ، ولما انهزم الناس ، ثبت مع الرسول حتى نزل النصر و كان آخذا بلجام بغلة النبي صلى

الله عليه وسلم و هو الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يهتف يوم حنين يا أصحاب الشجرة

لأن العباس كان جهورى الصوت


ساقى الحرمين: لما اشتد القحط بالمسلمين عام الرمادة ، استسقى عمر بن الخطاب بالعباس رضى

الله عنهما فقال : « اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك توسلنا به ، وإنا نستسقي إليك بعم نبيك


العباس» ، فسقاهم الله تعال به ، وأخصبت الأرض. فقال عمر: «هذا والله الوسيلة إلى الله ، والمكان

منه ».

ولما سقى الناس طفقوا يتمسحون بالعباس ، ويقولون: هنيئاً لك ساقى الحرمين

ولما توفى العباس وله ست وثمانون سنة ، صلى عليه عثمان بن عفان ، ودفن بالبقيع

صفاته

كان العباس شريفا ، مهيبا ، عاقلا ، طويلا معتدل القامة ، جميلا ، أبيض ، له ضفيرتان ، جهير الصوت
 
التعديل الأخير:
ترجمان القرآن

عبد الله بن عباس

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم رسول الله ، وأمه لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية

، وهو ابن خالة خالد بن الوليد ، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج الرسول صلى الله عليه وسلم


ولد والنبى وأهل بيته بالشعب من مكة وذلك قبل الهجرة ، فأُتى به النبى فحنكه بريقه فكان أول ما

دخل جوفه ريق النبي صلى الله عليه وسلم ودخلت معه التقوى والحكمة ، وكان أجمل عصره

وأفصحهم وأعلمهم، وكان إذا مر من طريق قال الناس: « أمرَّ المسك؟ أم مر ابن عباس؟ »

ألقابه

البحر: لسعة وغزارة علمه . فإنه لم يُسأل عن شىء إلا وأجاب عليه. قال ليث بن أبى سليم: قلت

لطاووس: لزمت هذا الغلام – يعنى ابن عباس – وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله ؟ قال: إنى رأيت

سبعين رجلا من أصحاب رسول الله إذا تدارءوا (اختلفوا ) فى أمر صاروا إلى قول ابن عباس


حبر الأمة: وصفه عبيد لله بن عبد الله بن عتبه فقال: كان ابن عباس قد فات ( سبق ) الناس بخصال:

بعلم ما سبقه ، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه ، وحلم ، ونسب ، وطائل ، وما رأيت أحدا كان أعلم بما

سبقه من حديث رسول الله منه ، ولا بقضاء أبى بكر وعمر وعثمان منه ، ولا أفقه فى رأى منه ، ولا

أعلم بشعر ولا عربية ولا تفسير القرآن ، ولا بحساب ولا بفريضة ( مواريث ) منه ، ولاأثقب ( أصوب ) رأيا

فيما احتيج إليه منه ، ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه ، ويوما التأويل ، ويوما المغازى ، ويوما

أيام العرب – أى كان يقسم الأيام فكان يخصص يوما للتفسير ويوما للفقه ويوما لغزوات الرسول ...

وهكذا - ولا رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له ( انقاد له وأقر بعلمه ) ، وما رأيت سائلا قط سأله إلا

وجد عنده علما


ولما مات ابن عباس بالطائف ، صلى عليه محمد ابن الحنفية ( محمد بن على بن أبى طالب) ، فلما

سُوى عليه التراب قال ابن الحنفية: مات والله اليوم حبر هذه الأمة


ترجمان القرآن: دعا له الرسول وقال: «اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل »مسند الإمام أحمد ، ودعا

له أيضا فقال: «اللهم أعط ابن عباس الحكمة وعلمه التأويل »مسند الإمام أحمد . وقال ابن عباس :

«سلوني عن التفسير فإن ربي وهب لي لسانا سؤولا وقلبا عقولا »

سئل ابن عباس يوما: " أنّى ( كيف ) أصبت هذا العلم"؟ فأجاب: « بلسان سؤول .. وقلب عقول »،

فاللسان السؤول كان ابن عباس يجالس ويلازم أكابر الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ،

يسألهم ويستمع إليهم ويأخذ عنهم ويروي لهم ، ويعرف منهم مواطن نزول القرآن ، وأسباب النزول ،

وتواريخ التشريع ، وبلغ حبه وتحصيله للعلم أن تحمل الشدائد فى تحصيله ، فكان يقول: لما توفي

رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلم نسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم فإنهم اليوم كثير ، فقال : واعجبا لك يا بن عباس ! أترى الناس يحتاجون إليك ، وفي الناس من

أصحاب النبي عليه السلام من ترى ؟ فترك ذلك . وأقبلت على المسألة ، فإن كان ليبلغني الحديث عن

الرجل فآتيه وهو قائل ( وقت القيلولة من الظهيرة ) ، فأتوسد ردائي على بابه ، فتسفى ( سفت الريح

التراب: أذرته وألقته ) الريح علىّ التراب ، فيخرج فيراني ، فيقول: يابن عم رسول الله ! ألا أرسلت إلي

فآتيك؟ فأقول :أنا أحق أن آتيك ، فأسألك ، وبهذا السلوك القويم فى تحصيل العلم ، كان ابن عباس

يزداد كل يوم علما وحكمة ، كما كان حفظه واتقانه للغة العربية ، ومعرفته لغريبها، وآدابها ، وأساليبها

جعلته يستشهد فى تفسير المشكل من القرآن بالبيت والأكثر من الشعر العربي. وأما القلب العقول

فهو ملازمته للرسول منذ أن وعى وأصبح قادراً على التمييز ، فكان لا يكاد يسمع حديثا نبويا حتى يعيه

ويستوعبه و لايكاد يسمع آية من كتاب الله حتى يحفظها عن ظهر قلب ، وكان قائده فى ذلك العقل

النابه الراجح والقلب الواعى والذاكرة القوية ، فكان جديرا أن يصل ابن عباس إلى مرتبة الفتيا وهو فى

سن صغيرة ، وكان جديراً أن يكون إمام التفسير في عهد الصحابة ، ومرجع المفسِّرين فيما تلاه من

عصور ، وأصبح بحق « ترجمان القرآن »

فتى الكهول: هذا اللقب أطلقه عليه عمر بن الخطاب ، وكان إذا ذكره قال:
« ذاكم كهل الفتيان » . وكان

عمر يحرص على مشورته في كل أمر كبير، فإذا جاءته الأقضية المعضلة قال لابن عباس:
«إنها قد

طرأت علينا أقضية وعضل ، فأنت لها ولأمثالها » ثم يأخذ بقوله ، ما كان يدعو لذلك أحدا سواه

صفاته

كان جميلا أبيض ، مديد القامة (طويل القامة ) ، مشربا صفرة ، جسيما ( ضخم البدن ) وسيما صبيح

الوجه ، فصيحا ، له وفرة ( شعر مجتمع على الرأس ) وكان يخضب ( يلّون الشعر أو اللحية ) بالحناء
 
التعديل الأخير:
أسد الله – سيد الشهداء

حمزة بن عبد المطلب

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم . وأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف وهى ابنة عم آمنة بنت هب أم

النبى صلى الله عليه وسلم ، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير ، وهو خال الزبير وأخوه من

الرضاعة ، أرضعتهما ثويبة مولاة ( خادمة ) أبى لهب


ولما قتل حمزة فى غزوة أحد وقد مُثّل به ، وقف رسول الله عليه فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه

فقال : « رحمةُ اللهِ عليك أن كنتَ ما علمتُ لوصولا للرحم فعولا للخيرات » مجمع الزوائد - الهيثمى


أسد الله : كان حمزة يُعلم فى الحرب بريشة نعامة ، فلما كان يوم بدر قاتل بين يدى رسول الله صلى

الله عليه وسلم بسيفين وأبلى فيها بلاء عظيما وقتل فيها من رؤوس الكفر والشرك ما قتل مثل شيبة

بن ربيعة وطعيمة بن عدى وعتبة بن ربيعة مشاركة مع على بن أبى طالب.


وأسر عبد الرحمن بن عوف فى هذه الغزوة أمية بن خلف ، فقال أمية: « من الرجل الـمُعلّم بريشة

نعامة فى صدره ؟ قال عبد الرحمن بن عوف : ذاك حمزة بن عبد المطلب . قال أمية : ذاك الذى فعل بنا

الأفاعيل ».


وكان رضى الله عنه يقاتل يوم أحد بسيفين أيضاً ، فقال قائل : أىُّ أسد هو حمزة ! وقتل من المشركين

فى هذه الغزوة واحدا وثلاثين نفسا وذلك قبل أن يُقتل .


سيد الشهداء : لما قتل حمزة فى غزوة أحد على يد وحشى الحبشى مثَّل به المشركون كما مثلوا

بغيره من الشهداء من جدع الأنوف والآذان وبقر البطون وبقرت هند بنت عتبة بطن حمزة فأخرجت كبده

، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها. ويُروى عن جابر بن عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :

«سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب» الحاكم.


ودفن حمزة وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد.
 
التعديل الأخير:
سيف الله

خالد بن الوليد

خالد بن الوليد بن المغيرة ، أمه لبابة بنت الحارث الصغرى ، وهى أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبى

صلى الله عليه وسلم ، وأخت لبابة بنت الحارث الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب ، وهو ابن خالة

أولاد العباس الذين من لبابة
، وأبوه الوليد بن المغيرة الملقب بريحانة قريش والعدل والوحيد ، لأنه كان

يكسو الكعبة وحده سنة وتكسوها قريش كلها كسوة مثلها سنة أخرى


وكان عمه أبو حذيفة أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف الرداء وحملوا فيه الحجر الأسود إلى موضعه من

الكعبة كما أشار النبى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة


ونشأ خالد بن الوليد فى قبيلة بنى مـخزوم من أعرق البيوت فى الغنى والشرف وكان لبنى مـخزوم

فى الجاهلية أمر القبة وأعنة الخيل ، فالقُبة هى خيمة عظيمة يضربونـها ليجمعوا فيها عـــــدة القـتال

(تجهيز الجيش ) ، والأعنّة هى الخيل وفرسانـها ( قيادة الفرسان ) ، وكان خالد هو المقدم على خيول

قريش فى الحرب إذ رشحه أبوه لقيادة الخيل ولم يكن أكبر أبنائه


سيف الله : هذا اللقب أطلقه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففى سرية مؤتة وكان سببها أن

النبى عليه السلام أرسل وفدا من خمسة عشر رجلا إلى ذات الطلح بمقربة من الشام ليدعوهم إلى

الاسلام ، فقُتلوا جميعا إلا رئيسهم نجا من القتل وحده ، ثم أرسل عليه السلام الحارث بن عمير الأزدىّ

رسولا إلى هرقل فقتله شرحبيل بن عمر الغسانى وهو فى الطريق . فلم يكن أمام الرسول صلى الله

عليه سلم بدا من الثأر لأصحابه المقتولين حتى لا يستضعف الغسانيون وجيرانـهم وقبائل الجزيرة

العربية شأن النبى وأصحابه وجرد جيشا صغيرا ( حملة تأديبية ) لا تتجاوز عدته ثلاثة آلاف ، وكان فى

ذلك الجيش خالد بن الوليد ونخبة من الصحابة وولى عليهم زيد بن حارثة ، فإن أصيب فالرئيس جعفر

بن أبى طالب ، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة ، فإن أصيب فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه

عليهم . ولما بدأت المعركة وقتل فيها القادة الثلاثة زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة ، اتفقت كلمة

المسلمين على خالد بن الوليد لقيادة الجيش ، فأبلى فيها بلاء حسنا واندقت فى يده سبعة سيوف لم

تصبر معه إلا صفيحة ( سيف عريض ) يمانية ، وفى أثناء هذه المعركة خطب الرسول صلى الله عليه

وسلم الناس وأعلمهم بقتل زيد وجعفر وابن رواحة ، وقال : ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن

الوليد ، ففتح الله ، وكان من فتح الله عليه أن آثر التراجع والارتداد المأمون بجيشه الصغير ( ثلاثة آلاف )

مقابل جيش الروم ( مائة ألف أو يزيد ) ورجع إلى المدينة بسلام وعُرف خالد منذ ذلك اليوم بلقبه الذى

منحه له الرسول الكريم عليه السلام


وهناك رواية عن أبى هريرة ، قال : « نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فجعل الناس

يمرون ، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا يا أبا هريرة ؟ فأقول : فلان ، فيقول : نعم


عبد الله هذا ، حتى مر خالد بن الوليد ، فقال : من هذا ؟ قلت : خالد بن الوليد ، فقال : نعم عبد الله خالد

بن الوليد ، سيف من سيوف الله ». الترمذى


صفاته

على خلاف المعروف والمروى من أحاديث عن صفات وسمات بعض الصحابة ، إلا أنه لاتوجد روايات أو

أخبار عن ملامح وسمات خالد بن الوليد إلا قصة واحدة نستلهم من خلالـها بعض سمات وصفات خالد

وخلاصتها أن علقمة بن عُلاّثــة لقى عمر بن الخطاب سراً ( اللقاء ليلا ) فقال له : مرحباً بك ياأبا

سليمان ! ( كنية خالد ) ..ثم دنا منه فلم يميزه ( يبدو أن علقمة كان ضعيف النظر ) مع دنوه وسماع

صوته برد السلام عليه ، فقال : عزلك ابن الخطاب ؟ فأجابه عمر : نعم . فمضى علقمة يقول : ما يشبع

، لا أشبع الله بطنه ! وأصبح عمر فدعا بخالد وعلقمة وسأل خالدا : ماذا قال لك علقمة ! فنفى أن يكون

قد لقيه أو جرى بينهما كلام . وكرر عمر السؤال ، فأقسم خالد بالله ما رآه ولا سمع منه شيئا . فقال

علقمة كالـموّسع له من حرج ( كأنـما يريد أن يفتح الطريق لخالد لكى يخرج من الحرج الذى وقع فيه ) :

حلاًّ أبا سليمان ! ( أى تستطيع أن تتحلل من قسمك بالكفارة مثلا وتقول الحقيقة ظنا من علقمة أن


خالدا كان يتستر عليه ) ولم يفطن لغلطه حتى تبسم عمر وأخبرهما بالحديث ومن هذه القصة نفهم أن

خالدا كان طويلا بائن الطول ، وكان عظيم الجسم والهامة ، مهيب الطلعة يميل إلى بياض اليشرة كما

كان عمر بن الخطاب


ولما حضرته الوفاة حبس فرسه وسلاحه فى سبيل الله . فلما بلغ ذلك عمر قال : « رحم الله أبا

سليمان . كــان والله سدادا ( من تسديد السهام أو الرماح فى صدر العدو ) لنحور العدو ميمون النقيبة

( السجية والطبع وهى أيضا المشورة ) » .


واجتمع نساء بنى المغيرة يبكين على خالد ، فقيل لعمر: « أرسل إليهن فانـههن ..فقال : دعهن يبكين

على أبى سليمان ما لم يكن نقع ( رفع الصت وتتابعه ) أو لقلقة ( الصوت فى حركة واضطراب ) . على

مثل أبى سليمان تبكى البواكى » .

دفن خالد بـحمص من سوريا
 
التعديل الأخير:
صاحب السواد والسواك

عبد الله بن مسعود

عبد الله بن مسعود وأمه أم عبد بنت عبدُ ود بن سواء

من السابقين الأولين إلى الاسلام هاجر الهجرتين جميعا إلى الحبشة وإلى المدينة ، وصلى القبلتين ،

وشهد بدراً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الذى أجهز على أبى جهل بعد

أن قتلاه معوّذ بن عمرو بن الجموح و معاذ بن عفراء وشهد له رسول الله صلى الله عليه

وسلم بالجنة


كان من السابقين إلى الاسلام ويروى ابن مسعود سبب إسلامه فيقول : كنت غلاما يافعا فى غنم

لعقبة بن أبى مُعَيْط أرعاها، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر ، فقال : يا غلام هل معك

من لبن ؟ فقلت : نعم ولكنى مؤتمن فقال : ائتنى بشاة لم ينز عليها الفحل ( أى لا تدر لبنا ) فأتيته

بعناق أو جذعة فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يمسح الضرع ويدعو حتى أنزلت ،

فأتاه أبو بكر بصخرة ( أى صخرة منقعرة ) فاحتلب فيها ، ثم قال لأبى بكر : اشرب . فشرب ابو بكر ، ثم

شرب النبى صلى الله عليه وسلم بعده ثم قال للضرع : اقلص (
أي إنضم وأمسك عن إنزال اللبن) .

فقلص فعاد كما كان ، ثم أتيت فقلت : يارسول الله علمنى من هذا الكلام أو من هذا القرآن فمسح

رأسى وقال : « إنك غلام مُعَلَّم » . قال : فلقد أخذت منه سبعين سورة ما نازعنى فيها بشر.


وهو أول من جهر بالقرآن بمكة حيث أتى المقام ( مقام ابراهيم ) فى الضحى وقريش فى أنديتها ،

فقرأ رافعا صوته بأوائل سورة الرحمن فتأملوا فجعلوا يقولون : مايقول ابن أم عبد ؟ ثم قالوا : إنه ليتلو

بعض ما جاء به محمد فقاموا فجعلوا يضربون وجهه ، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ ، ثم

انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه فقالوا : هذا الذى خشينا عليك فقال : ما كان أعداء الله قط أهون

علىّ منهم الآن ، ولئن شئت غاديتهم بمثلها غدا ؟ قالوا : حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون .


وكان عالما عابدا تقيا ورعا فهو القائل : « إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة ، وأعمال

محفوظة ، والموت يأتي بغتة ، من زرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة ، ومن زرع شرا يوشك أن يحصد

ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع ، لا يسبق بطيء بحظه ، ولا يدرك حريص ما لم يُقدَّر له ، فمن أعطي

خيرا ، فالله أعطاه ، ومن وقي شرا ، فالله وقاه ، المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة » .

صاحب السواد والسواك والنعلين : لما أسلم ابن مسعود أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان

يخدمه ، وقال له : « إذنُكَ عليَّ أن يُرْفَعَ الحجابُ ، وأن تستمعَ سِوادي ، حتى أنهاكَ » مسلم . أى


حينما تأتينى وترغب فىى الدخول علىّ فعلامة إذنى لك هو أن أرفع الحجاب الذى يحجبك عنى

ويحجبنى عنك وترى شخصى وقد قارب شخصك ، فاعتبر هذا إذناً منى لك بالدخول ، إلا إذا نهيتك عن

الدخول . والسواد هنا بمعنى السرار أو السر وهو مأخوذ من إدناء سوارك من سواره عند المساررة ،

أى قرب شخصك من شخصه . وهذا يدل على فضل ابن مسعود وقربه من النبى صلى الله عليه وسلم

. ولذلك كان الصحابة يعدون ابن مسعود وأمه من أهل بيت النبى عليه السلام لما كانوا يرونه من كثرة


دخولهم وخروجهم على النبى صلى الله عليه وسلم


وكان ابن مسعود صاحب سواد رسول الله ( أى سره ) ووساده ( أى فراشه ) وسواكه ، وطهوره يلبس

رسول الله – نعليه ثم يمشي أمامه بالعصا حتي إذا أتي مجلسه نزع نعليه فأدخلها في ذراعيه

وأعطاه العصا وكان يدخل الحجرة أمامه بالعصا ، ويمشى معه وأمامه ، ويستره إذا اغتسل ، ويوقظه

إذا نام .


فضله

سمعت عليا يقول : أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ابنَ مسعودٍ فصعَد على شجرةٍ أمَرَه أنْ يأتيَه منها

بشيءٍ فنظَر أصحابُه إلى ساقِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ حين صعَد الشجرةَ فضحِكوا مِنْ حُموشَةِ ( دقة )

ساقيه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : « ما تَضحكون ؟ لَرِجْلُ عبدِ اللهِ أثقلُ في الميزانِ يومَ


القيامةِ مِنْ أُحُدٍ » . الإمام أحمد

وقال صلى الله عليه وسلم « اقتدوا باللَّذَيْنِ من بعدي ؛ من أصحابي أبي بكرٍ و عمرَ ، و اهتدوا بهديِ

عمَّارٍ ، و تمسَّكوا بعهدِ ابنِ مسعودٍ » الترمذى

وقال أيضا « من سرَّهُ أن يقرأَ القرآنَ غضًّا كما أُنْزِلَ ، فليَقرأهُ منَ ابنِ أمِّ عبدٍ » . الإمام أحمد

وفي حقه يقول عمر بن الخطاب : « كُنَيْف مُلٍىء علما » شبّه عمر قلب ابن مسعود بِكِنْف ( وعاء )

الرّاعي لأَن فيه مِبْراتَه ومِقَصَّه وشَفْرته ففيه كلُّ ما يريد ، والمعنَي أَنه وعاء للعلم بمنزلة الوعاء الذي

يضع الرجل فيه أَداته أى أن قلب ابن مسعود قد جُمع فيه كلُّ ما يحتاج إليه الناس من العلوم




وفي حقه يقول الإمام على : « لقد قرأ القرآن فأحل حلاله وحرم حرامه فقيه في الدين عالم بالسنة »

صفاته

كان عبد الله رجلا نحيفا ، قصيرا ، شديد الأدمة ( شديد سواد البشرة ) ، وكان لا يغير شيبه ، أحمش

الساقين ( دقيق الساقين)


وفاته

توفى ابن مسعود سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة ، ودفن ليلاً - بناء على وصيته - بالبقيع . وكان عمره

يوم توفى بضعاً وستين سنة . وصلى عليه عثمان . وقيل : صلى عليه عمار بن ياسر . وقيل : صلى

عليه الزبير بن العوام.
 
التعديل الأخير:
الطِّيب المطيب

عمار بن ياسر

عمار بن ياسر بن عامر بن مالك ، وأمه سمية بنت خياط ، وهى أول من استشهد فى سبيل الله ، وكان

أبوه قحطانى من اليمن ، وهو وأبوه وأمه من السابقين الأولين إلى الاسلام ، وكان عمار مولى لبنى

مخزوم ، لأن أباه ياسرا تزوج أمة ( جارية ) لبعض بنى مخزوم واسمها سمية بنت خياط ، فولدت له

عمارا ، وعمار هو أخو السيدة أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.


وكان سبب قدوم ياسر من اليمن إلى مكة أنه قدم هو وأخوان له ، يقال لهما: الحارث ومالك ، فى طلب

أخ لهما رابع ، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن ، وأقام ياسر بمكة ، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد

الله ، وتزوج أمة يقال لها: ( سمية بنت خياط ) ، فولدت له عماراً ، فأعتقه أبو حذيفة ، ومن هنا صار

عمارا مولى لبنى مخزوم.


وأسلم عمار ورسول الله فى دار الأرقم ( دار الاسلام ) ، وعذب عمار هو وأبوه وأمه فى الله عذابا

شديدا ، فكان رسول الله يمر بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح فى رمضاء مكة ، فيقول: «صبراً آل


ياسر ، موعدكم الجنة » الألبانى

وأمه سمية بنت خياط هى أول شهيدة فى الاسلام ، حيث جاء أبو جهل يشتم سمية وجعل يطعن

بحربته في قُبلها ( موطن العفّة ) حتى قتلها ، فكانت أول شهيدة في الإسلام


شهد عمار بدرا ، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومن مناقبه أنه أول من بنى مسجدا فى الاسلام ، وذلك أن رسول الله قدم المدينة ضُحىً ، فقال

عمار : ما لرسول الله بُد من أن نجعل له مكانا إذا استظل من قائلته ليستظل فيه ، ويصلى فيه ، فجمع

حجارة ، فبنى مسجد قباء ، فهو أول مسجد بُنى وعمار بناه.


وكان شجاعا لا يهاب الموت ، فعن عبد الله بن عمر يقول: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة ( معركة

اليمامة لمحاربة مسيلمة الكذاب) على صخرة يصيح : يامعشر المسلمين ، أمن الجنة تفرون ، إلىّ إلىّ

، أنا عمار بن ياسر ، هلموا إلىّ ، قال ابن عمر: وانا انظر إلي أذنه قد قُطعت ، فهى تذبذب وهو يقاتل

أشد القتال


وفى حقه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « من عادى عماراً عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه

الله »، وسبب ذلك أنه قد حدث كلام بينه وبين خالد بن الوليد ، فأغلظ خالد له القول ، فذهب عمار إلى

النبى صلى الله عليه وسلم يشكو خالدا ، فجاء خالد وعمار يشكوه إلى النبى ، فما كان من خالد إلا أن

أغلظ له القول وزاد فى غلظته ، والنبى ساكت لا يتكلم ، فبكى عمار وقال: يارسول ألا تراه ! فرفع

رسول الله رأسه وقال: «من عادى عماراً عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله » ابن حبان .وفى

ذلك يقول خالد: فخرجت فما كان شىء أحب إلىّ من رضا عمار ، فلقيته فرضى


ويقول أيضاً النبى صلى الله عليه وسلم: « ملىء عمار إيمانا إلى مشاشه » سنن ابن ماجه. يعني من

رأسه إلى قدميه - أى اختلط الإيمان بلحمه ودمه وعظمه ، وامتزج بسائر أجزائه امتزاجا لا يقبل

التفرقة ، فلا يضره الكفر حين أكرهه عليه كفار مكة بضروب العذاب. وقيل:هذه الصفة لا تقع إلا ممن

أجاره الله من الشيطان الرجيم ، ومما يؤيد هذا القول أن علقمة قال: قدمتُ الشام ، فقلت: من ها هنا

؟ قالوا أبو الدرداء، قال: أفيكم الذى أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ؟


يعنى عمارا
. رواه البخارى

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يهتدوا بـهديه ، ويسيروا على طريقته ، فقال: «اقتدوا باللذين

من بعدى: أبى بكر وعمر ، واهتدوا بهدى عمار ، وتمسكوا بعهد ابن أم معبد (عبد الله بن مسعود) أى

سيروا سيرته ، واختاروا طريقهالترمذى . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عمارا تقتله الفئة

الباغية ، فقال: « ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، عمار يدعوهم إلى الله ، ويدعونه إلى النار » البخارى

.وقال الرسول ذلك عند بناء مسجد قباء ، فكان الصحابة ينقلون لبنة لبنة ، وكان عمار ينقل لبنتين

لبنتين ، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمسح عن رأسه الغبار ، وقال مقولته السابقة


ولما قتل عمار فى معركة صفين ( بين الامام على بن أبى طالب وأصحاب معاوية ) ، وكان مع الامام

على ، قال: «ادفنونى فى ثيابى فإنى مخاصم » ، ونفذ الامام على وصيته ، فدفنه فى ثيابه ولم

يغسله ، وكان عمره يومئذ ثلاث وتسعين سنة


لقبه

الطيب المطيب: هذا اللقب أطلقه السول صلى الله عليه وسلم ، حيث جاء عمار يستأذن على النبى

صلى الله عليه وسلم ، فقال: «ائذنوا له ، مرحبا بالطِّيب المطيب »الترمذى


وكان عمار آدم ( أسمر اللون ) ، طويلا ، مضطرباً ، أشهل العينين ( يخالط سواد العين زرقة ) ، بعيد ما

بين المنكبين ، وكان لايغير شيبه
 
التعديل الأخير:
صاحب سر رسول الله

حذيفة بن اليمان

حذيفة بن جابر بن حسيل ، واليمان لقب حسيل بن جابر ، وإنما قيل له ذلك لأنه أصاب دماً فى قومه ،

فهرب إلى المدينة ، وحالف بنى عبد الأشهل من الأنصار ، فسماه قومه اليمان ، لأنه حالف الأنصار ،

وهم من اليمن.


وقتل أبوه خطأ فى غزوة أحد ، لأن الجيش يختفون في لأمة ( لباس) الحرب ويسترون وجوههم ، فإن

لم يكن لهم علامة بينة ، وإلا ربما قتل الأخ أخاه ، ولا يشعر .


وهاجر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فخيره بين الهجرة والنصرة ، فاختار النصرة

وحذيفة صاحب سر رسول الله فى المنافقين ، لم يعلمه أحد إلا حذيفة ، أعلمه بهم رسول الله ، وسأله

عمر: « أفى عمالى أحد من المنافقين ؟ قال: نعم ، واحد قال: من هو؟ قال: لا أذكره » . قال حذيفة :

فعزله ، فكأنما دُل عليه ، وكان عمر إذا مات ميت يسأل عن حذيفة فإن حضر الصلاة عليه صلّى عيه ،

وإن لم يحضر الصلاة عليه لم يحضر عمر.


ولم يشهد بدراً وذلك لسبب يحكيه حذيفة :ما منعنى أن أشهد بدراً إلا أنى خرجت أنا وأبى الحسيل ،

فأخذنا كفار قريش ، وقالوا : إنكم تريدون محمدا . فقلنا : ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا علينا عهد الله

وميثاقه لننصرف إلى المدينة ولا نقاتل معه ، فأتينا النبى فأخبرناه ، فقال : « انصرفا ، نفى بعهدهم ،


ونستعين الله عليهم ». مسلم

وكان يسأل النبى عن الشر ليجتنبه ، وسأل رجل حذيفة فقال : « أى الفتن أشد ؟ فقال: أن يعرض

عليك الخير والشر ، لا تدرى أيهما تركب »

وكان ورعا تقيا زاهدا ، استعمله الخليفة عمر بن الخطاب على المدائن ، فلما قدم المدائن استقبله

رئيس الدهاقين ( رئيس القرية ) ، وقال له : سلنا ما شئت ، قال : « أسألكم طعاماً أكله وعلف حمارى

ما دمت فيكم
» ، فأقام فيهم ، ثم كتب إليه عمر ليقدم عليه ، فلما بلغ عمر قدومه كمن له فى الطريق

، فلما رآه عمر على الحال التى خرج من عنده عليها ، أتاه فالتزمه ( احتضنه ) ، وقال : أنت أخى وأنا

أخوك
.


وبعث إليه عمر مالا لينظر ما يصنع ، فقسمه ، ولم يبق منه شيئاً ، فقال عمر لأصحابه : قد قلت لـكم :

« إنى أتمنى رجالا مثل أبى عبيدة ، ومعاذ بن جبل ، وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم فى طاعة الله »


وشهد حذيفة معركة نـهاوند ( فتح الفتوح ) ، فلما قتل النعمان بن مقرن أمير ذلك الجيش أخذ الراية ،

وفُتحت همذان والرىّ ، والدّينور على يده ، وشهد فتح الجزيرة ، ونزل نصيبين ، وتزوج بها.


ولما نزل بحذيفة الموت جزع جزعا شديدا وبكى بكاءً كثيراً ، فقيل : ما يبكيك ؟ فقال : « ما أبكى أسفاً

على الدنيا ، بل الموت أحب إلىّ ، ولكنى لا أدرى علام أقدم ، على رضا أم سخط ؟ »

وقيل : لما حضره الموت قال : « هذه آخر ساعة من الدنيا ، اللهم ، إنك تعلم أنى أحبك ، فبارك لى فى لقائك » ثم مات

ومات حذيفة بن اليمان بعد قتل عثمان بن عفان بأربعين ليلة

صاحب سر رسول الله : لأن رسول الله أعلمه بالمنافقين ، لم يعلمهم أحد إلا حذيفة .
 
التعديل الأخير:
سيد الأوس

سعد بن معاذ

سعد بن معاذ بن النعمان الأنصارى الأوسى ، وأمه كبشة بنت رافع.

أسلم على يد مصعب بن عمير ، وبإسلامه أسلم قومه ( بنى عبد الأشهل ) فكان سعد من أعظم

الناس بركة فى الإسلام. شهد بدرا أحدا والخندق


ومقاماته فى الإسلام مشهودة وكثيرة ، ولعل أشهرها موقفه فى غزوة بدر عندما أشار الرسول بقوله

أشيروا على أيها الناس وكرررها أكثر من مرة بعدما أجابه أبو بكر وعمر بن الخطاب والمقداد بن عمرو

وكان الرسول يقصد الأنصار بتكرار قوله أشيروا على أيها الناس لأن الذين أجابوه فى بادىء الأمر وهم

أبو بكر وعمر بن الخطاب والمقداد بن عمرو كانوا من المهاجرين وهم أقلية فى الجيش ، فأراد الرسول

أن يعرف رأى قادة الأنصار لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش فضلا عن أن نصوص بيعة العقبة لم تكن

تلزمهم بالقتال خارج ديارهم ( المدينة ) ، ففطن سعد بن معاذ قائد الأنصار وحامل لوائهم إلى ذلك ،

فقال: والله لكأنك تريدنا يارسول الله ؟ قال: أجل. قال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت


به الحق ، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك ، فو

الذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا

عدونا غدا ، إنا لصُبُر عند الحرب صُدَّق عند اللقاء لعل الله يريك فينا ما تقرُّ به عينك ، فسر على بركة الله

. فسُر رسول الله لقوله ونشطه ذلك للقاء الكفار.


وسعد بن معاذ هو الذى اقترح على رســــول الله صــــلى الله علــيه وســلم أن يبنى المسلمون مقرَّا

( عريش ) لقيادته فقال: يانبى الله ، ألا نبنى لك عريشاً تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا

، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت

بمن ورائنا من قومنا ، فقد تخلف عنك أقوام يانبى الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ، ولو ظنوا أنك تلقى

حربا ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم ، يناصحونك ويجاهدون معك.


ولما وقعت غزوة الأحزاب ، كان على سعد درع مقلصة قد خرجت منه ذراعه ( أى ذراعيه مكشوفتان )

، ولذلك أصيب سعد بن معاذ بسهم فقطع منه الأكحل ( عرق فى الذراع ) ، رماه رجل من قريش يقال

له: حَبَّان بن قيس بن العَرِقة وقيل له : ابن العرقة لأن أمه وهى امرأة من بنى سهم كانت طيبة الريح


ولما أصيب سعد ، دعا : اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلى أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك

وأخرجوه ، اللهم فإنى أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فإن كان بقى من حرب قريش شىء

فأبقنى لهم حتى أجاهدهم فيك ، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتى فيها. وقال فى آخر

دعائه : ولا تمتنى حتى تقر عينى من بنى قريظة


وسبب دعاء سعد على بنى قريظة أنهم عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصروه إذا

أصابته حرب ، ولكنهم نقضوا العهد ودخلوا مع المشركين فى حربهم ضد المسلمين فى غزوة الأحزاب

( الخندق ) وجمعوا ألفاً خمسمائة سيف ، وألفين من الرماح ، وثلاثمائة درع وخمسمائة ترس ، وحَجَفة

( ترس من جلد ) وكل ذلك حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم.كما أخذوا يمدون المشركين بالمؤن

حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشربن جملا.


ولما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أراد أن يتحقق من ذلك ، فأرسل سعد بن معاذ

وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة وخوَّات بن جُبير إلى بنى قريظة ليقفوا على حقيقة الأمر ، فلما

دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون ، فقد جاهروهم بالسب والعداوة ونالوا من رسول الله . وقالوا:

من رسول الله ؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد.


ولما تحقق رسول الله من خيانتهم ونقضهم عهدهم ، سار إليهم فى ثلاثة آلاف من المسلمين فنازلوا

حصون بنى قريظة ، وفرضوا عليهم الحصار الذى دام خمسا وعشرين ليلة .


ولما اشتد عليهم الحصار، نزلوا على حكم رسول الله ، فقامت الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه

سلم فقالوا: يارسول الله قد فعلت فى بنى قينقاع ما قد علمت ، وهم حلفاء إخواننا الخزرج ، وهؤلاء

موالينا ، فأحسن فيهم ، ققال : « ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ » قالوا : بلى. قال: « فذاك


إلى سعد بن معاذ » . قالوا : رضينا

فأرسل رسول الله إلى سعد بن معاذ ، وكان فى خيمة رُفيدة الأسلمية بالمسجد حيث أمر رسول الله

بذلك ليعوده من قريب وليتدواى من الجرح الذى أصاب أُكحله .


فأقبل على حمار ، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يقولون ، وقد أحاطوا به : ياسعد

، اجمل فى مواليك ، فأحسن فيهم ، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم وهو ساكت لا يرجع إليهم

شيئاً ، فلما أكثروا عليه قال: « لقد آن لسعد ألا تأخذه فى الله لومة لائم ». فلما سمعوا ذلك منه رجع

بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القوم.


لما انتهى سعد إلى النبى صلى الله عليه سلم ، قال: « قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ».صحيح ابن حبان.

فلما أنزلوه قالوا : ياسعد ، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك ( أى ارتضوا حكمك ) قال : حكمى نافذ عليهم

؟ قالوا : نعم قال :وعلى المسلمين؟ قالوا : نعم . قال: وعلى من ها هنا ؟ وأعرض بوجهه وأشار إلى

ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له وتعظيما. قال: « نعم ، وعلىّ ». قال : فإنى أحكم


فيهم أن يقتل الرجال ، وتُسبى الذرية ، وتقسم الأموال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لقد

حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات » العلو للذهبى.

ولما تم أمر قريظة أجيبت دعوة سعد فانتقضت جراحته ومات منها.

وحملت جنازة سعد بن معاذ فقال المنافقون : ما أخف جنازته ، وذلك لحكمه فى بنى قريظة ، فبلغ

ذلك النبى صلى الله عليه سلم فقال : « إن الملائكة كانت تحمله » الترمذى. وقال أيضا « اهتز عرش


الرحمن لموت سعد بن معاذ » . مسلم

أقوال العلماء فى اهتزاز العرش

العَرْش خَلْق لِلِّهِ مُسَخر ، إِذَا شَاءَ أَنْ يَهْتَز اهْتَز بِمَشِيْئَةِ اللهِ ، وَجَعَلَ فِيْهِ شعوْرا لِحب سَعْدٍ ، كَمَا جَعَلَ

تَعَالَى شعوراً فِي جَبَلِ أُحُدٍ بِحبِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ تَعَالَى : ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ

[سبأ:10] ، وَقَالَ : ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ﴾ [الإسراء:44] ، ثم عمم فَقَالَ : ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ


إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾[الإسراء:44] ، وَهَذَا حَقٌّ. الإمام الذهبى

اهتز له عرش الرحمنِ فرحا بقدوم روحِهِ . ابن تيمية

استبشار حملة العرشِ وَفرحهمْ بقدومِ رُوحِ سعد . الإمام القرطبى

صفاته

كَانَ سعد بن معاذ رجلا جسيما ، أبيض ، طوالا ، جميلا ، حسن الوجه ، أعين حسن اللحية.

ولما مات صلى عليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفن بالبقيع.
 
التعديل الأخير:
الكامل - سيد الخزرج

سعد بن عبادة

سعد بن عبادة بن دُلَيم ، يكنى أبا ثابت . نقيب بنى ساعدة عند جميعهم.وكانت أمُّه عمرة بنت مسعود

من المبايعات


كان سيدا جوادا ، وهو صاحب راية الأنصار فى المشاهد كلها ، وكان وجيها فى الأنصار ذا رياسة سيادة

، يعترف قومه له بها .


وكان من جوده أنه كان يحمل إلى النبى صلى الله عليه وسلم كل يوم جفنة مملوءة ثريدا ولحما تدور

معه فى بيوت أزواجه.


ومن جوده أيضاً أن الرجل من الأنصار كان ينطلق إلى داره بالواحد من المهاجرين ، أو بالاثنين ، أو

بالثلاثة. وكان سعد بن عبادة ينطلق بالثمانين .


وكان سعد مثل آبائه فى الجود والكرم ، وكان لهم أُطُم يُنادى عليها كل يوم : من أحب الشحم واللحم ،

فليأت أطم ( بيت مربع مسطح ) دليم بن حارثة . ولهذا كان سعد يسأل ربه دائما المزيد من خيره ورزقه

، فيقول: « اللهم إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه » وأيضا يقول : « اللهم ارزقني مالا فلا تصلح


الفعال إلا بالمال ».

وكان رضى الله عنه شديد الغيرة ، فعندما نَزَلَ قول الله تعالى: ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا

بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا
[ النور : 4 ] قال سعدُ بنُ عُبادةَ وهو

سيِّدُ الأنصارِ : أهكذا نَزَلَتْ يا رسولَ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : يا مَعشرَ الأنصارِ ألا


تسمعونَ إلى ما يقولُ سيدُكُم قالوا : يا رسولَ اللهِ لا تلُمْهُ فإنه رجُلٌ غَيورٌ واللهِ ما تزَّوج امرأةً قطُّ إلا بِكرًا

وما طلَّق امرأةً له قَطُّ فاجترأ رجُلٌ مِنَّا على أنْ يتزوجَها من شِدَّةِ غَيرَتِه فقال سعدٌ : واللهِ يا رسولَ اللهِ

إني لأعلمُ أنها حقٌّ وأنها من اللهِ تعالى ولكني تَعَجَّبْتُ أن لو وجدتٌّ لكاعًا ( يقصد امرأة حمقاء ) قدْ

تَفَخَّذَها رجلٌ لم يكن لي أنْ أُهَيِّجَهُ ولَا أُحَرِّكَهُ حتى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شهداءَ واللهِ لا آتِي بِهِم حتى يَقْضِيَ

حاجَتَهُ . مجمع الزوائد.الهيثمى

ويروى قيس بن سعد فيقول : زارَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في منزلِنا فقال : السَّلامُ عليكُم

ورَحمةُ اللهِ ، فردَّ سَعدٌ ردًّا خفيًّا ، قال قَيسٌ : فقُلتُ : ألا تأذَنُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ؟ فقال

: ذَرْهُ يُكثِرْ علَينا السَّلامَ ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ ، فردَّ سعدٌ

ردًّا خفيًّا ، ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ ثمَّ رجَعَ رسولُ اللهِ صلَّى

اللهُ عليْهِ وسلَّمَ واتَّبعَه سَعدٌ فقال : يا رسولَ اللهِ إنِّي كنتُ أسمعُ تَسليمَكَ وأردُّ عليكَ ردًّا خفيًّا لتُكْثِرَ

علَينا مِنَ السَّلامِ ، قالَ : فانصرَفَ معهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ، فأمرَ سعدٌ لهُ بغُسلٍ فاغتسَلَ

ثمَّ ناوَلَه مِلحفَةً مَصبوغَةً بزَعفرانٍ أو ورسٍ فاشتَملَ بها ، ثمَّ رفَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يدَيْهِ

وهوَ يقولُ : « اللَّهمَّ اجعَلْ صلاتَكَ ورحمتَكَ علَى آلِ سعدِ بنِ عُبادَة » قال : ثمَّ أصابَ رسولُ اللهِ صلَّى

اللهُ عليْهِ وسلَّمَ منَ الطَّعامِ ، فلمَّا أرادَ الانصرافَ قرَّبَ إليه سعدٌ حمارًا قد وَطِّأَ عليهِ بقَطيفةٍ ، فركِبَ

رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ سعدٌ : يا قَيسُ اصحَبْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ، قال

قَيسٌ : فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : اركَبْ ، فأبيتُ فقال : إمَّا أن تركبَ وإمَّا أن تنصَرفَ ، قال

: فانصرفْتُ. تفسير القرآن . ابن كثير.


وذات يوم أفطَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عندَ سعدٍ بن عبادة فقال: « أفطَر عندَكم الصَّائمونَ

وصلَّتْ عليكم الملائكةُ وأكَل طعامَكم الأبرارُ
». صحيح ابن حبان


وكانت له مواقف مشهودة ومنها موقفه فى غزوة الأحزاب ( الخندق ) ، فعندما أراد الرسول صلى الله

عليه وسلم أن يخذّل الأحزاب بعضها عن بعض ، أراد أن يصالح عيينة بن حصن والحارس بن عوف

رئيسى غطفان على ثلث ثمار المدينة حتى ينصرفا بقومهما ، ويخلو المسلمون بقريش لإلحاق

الهزيمة بها. فاستشار الرسول صلى الله عايه وسلم السعدين ( سعد بن عبادة وسعد بن معاذ ) فى

ذلك ، فقالا: يارسول الله إن كان الله أمرك بهذا فسمعا وطاعة ، وإن كان شىء تصنعه لنا فلا حاجة لنا

فيه ، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة

إلا قِرًى أو بيعاً ، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أمولنا ؟ والله لا نعطيهم إلا

السيف ، فصوّب الرسول رأيهما وقال : « إنما هو شىئ أصنعه لكم لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس


واحدة ». مجمع الزوائد . الهيثمى.

الكامل: كان يكتب بالعربية في الجاهلية ، وكان يحسن العوم والرمي ، ولذلك سُميَ الكامل.

وفى خلافة عمر بن الخطاب سار سعد بن عبادة إلى الشام فأقام به إلى تُوفى بحوران ( المنطقة

الجنوبية من سوريا ) سنة خمس عشرة أو أربع عشرة أو إحدى عشرة وقيل تُوفى فى المنيحة قرية

من غوطة دمشق .


وأجمع المؤرخون على أن سعد بن عبادة قد وُجد ميتا على مغتسله.
 
التعديل الأخير:
حب رسول الله

زيد بن حارثة

زيد بن حارثة بن شراحيل وأمه سعدى بنت ثعلبة من بنى مَعن من طيىء ، ويُكنى أبا أسامة

هو مولى ( خادم ) رسول الله ، أشهر موالبه ، وهو حِب رسول الله ، اصابه سباء فى الجاهلية لأن أمه

خرجت به تزر قومها بنى مَعن ، فأغارت عليهم خيل بنى القَين بن جسر ، فأخذوا زيداً فقدموا به سوق

عكاظ أو سوق حُباشة فاشتراه حكيم بن حِزام بن خويلد لعمته خديجة بنت خويلد فوهبته خديجة

للنبى محمد صلى الله عليه وسلم قبل النبوة فأعتقه وتبناه


وشهد زيد بن حارثة بدراً وهو الذى كان البشير إلى المدينة بالظفر والنصر وزوجه رسول الله مولاته

وحاضنته أم أيمن ( بركة بنت ثعلبة ) فولدت له أسامة بن زيد .


وهو الصحابى الوحيد الذى ذكر فى القرآن صراحة.

حب رسول الله : حدث أن ناساً من كلب ( قوم زيد ) حجُّوا البيت فرأوا زيداً ، فعرفهم وعرفوه ، فما كان

منهم إلا أن أعلموا أباه ووصفوا له موضعه عند من هو ، فخرج حارثة ( والد زيد ) وأخوه كعب ( عم زيد )

فقدما مكة فدخلا على النبى صلى الله عليه وسلم فقالا : يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد

قومه جئناك فى ابننا عندك فامنن علينا وأحسن علينا فى فدائه . فقال : من هو ؟ قالوا : زيد بن حارثة

. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلا غير ذلك . قالوا : ما هو ؟ قال : ادعوه وخيروه فإن

اختاركم فهو لكم ، وإن اختارنى فو الله ما أنا بالذى أختار على من اختارنى أحداً . قالا : قد زدتنا على

النَّصَف وأحسنت . فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل تعرف هؤلاء . قال نعم هذا أبى

وهذا عمى . قال : فأنا من قد عرفت ورأيت فى صُحبتى لك ، فاخترنى أو اخترهما . قال : ما أريدهـما ،

وما أنا بالذى أختار عليك أحدا أنت منى بمكان الأب والعم . فقالا : ويحك يازيد أتختار العبودية على

الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك ؟! قال : نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئاً ما أنا بالذى أختار عليه أحدا .

فلما رأى رسول الله ذلك أخرجه إلى الحجر فقال : يا من حضر ، اشهدوا أن زيدا ابنى يرثنى وأرثه .


وبلغ من حب النبى صلى الله عليه وسلم لزيد أن آخى بينه وبين عمه حمزة بن عبد المطلب وزوجه

زينب بنت جحش ابنة عمته وهى التى تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زيد.


وتصف السيدة عائشة رضى الله عنها حب الرسول لزيد وثقته فيه فتقول : « ما بعث رسول الله زيد بن

حارثة فى سَرِيّة إلا أمَّره عليهم ، ولو بقى لاستخلفه بعده »

ولما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم مقتل جعفر بن أبى طالب وزيد بن حارثة فى سرية مؤتة قـــال :

« أخواى ومُؤنساى ومُحدِّثاى » وشهد له الرسول عليه السلام بالشهادة.
 
التعديل الأخير:
ابن حب رسول الله

أسامة بن زيد

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل ، وأمه أم أيمن حاضنة النبى صلى الله عليه وسلم فهو وأيمن

أخوان لأم ، وهو مولى رسول الله من أبويه


وكان شجاعا لا تأخذه فى الله لومة لائم ، فلم يبايع عليا ، ولا شهد معه شيئاً من حروبه ، وقال له : لو

أدخلت يدك فى فم تنين لأدخلت يدى معها ، ولكنك قد سمعت ما قال لى رسول الله صلى الله عليه

وسلم حين قتلت ذلك الرجل الذى شهد أن لا إله إلا الله ، ففى إحدى السرايا ، أدرك أسامة ورجل من

الأنصار ، رجلا من المشركين فلما أشهرا عليه السيف ، قال : لا إله إلا الله . فلم ينزعا عنه ، حتى قتلاه

فلما قدما على النبى صلى الله عليه وسلم ، أخبراه خبره ، فقال : يا أسامة ، من لك بلا إله إلا الله ؟

فقال : يارسول الله ، إنما قالها متعوذا من القتل . قال : « يا أسامة ، أَقتَلْتَه بعد ما قال :لا إله إلا الله !

قال : قلت : يا رسول الله ، إنما كان متَعَوِّذا . قال : أَقتَلْتَه بعدما قال :لا إله إلا الله ! قال : فما زالَ يُكررها


علي ، حتى تمنَّيتُ أني لم أكنْ أسلَمتُ قبلَ ذلك اليومِ ». البخارى

ويُروى أيضاً عن أسامة أنه كان مضطجعا عند باب حجرة عائشة رافعا عقيرته يتغنى ، وكان يصلي عند

قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- فمر به مروان ، فقال : أتصلي عند قبر ! وقال له قولا قبيحا . فقال :

يا مروان ، إنك فاحش متفحش ، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : « إن الله


يبغض الفاحش المتفحش » ابن حبان

وقيل أن أسامة قدم على معاوية ، فأجلسه معه ، وألطفه ، فمد رجله. فقال معاوية : يرحم الله أم

أيمن ، كأني أنظر إلى ظنبوب ( العظم الظاهر ) ساقها بمكة ، كأنه ظنبوب نعامة خرجاء ( فيها بياض

وسواد ) . فقال : فعل الله بك يا معاوية، هي والله خير منك ! فقال معاويةاللهم غفرا .

ولما طُلّقت فاطمة بنت قيس ، انقضت أشهر العدة ، قال لها رسول الله ، صلى الله عليه سلم : هل

ذكرك أحد ؟ قالت : نعم ، معاوية وأبو الجهم . فقال : أما أبو الجهم فشديد الخلق ، وأما معاية فصعلوك

لا مال له . لكن أنكحك أسامة فقلت : أسامة – تـهاونا بأمر أسامة – ثم قلت : سمعا وطاعة لله

ولرسوله . فزوجنيه ، فكرمنى الله بأبى زيد ، وشرفنى الله ، ورفعنى به .

ألقابه

حب رسول الله : قال أسامة : كان النبى صلى الله عليه وسلم يأخذنى و الحسن ، فيقول : « اللهم


إنى أحبهما ، فأحبهما » البخارى

ولما أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أسامة ، فطعنوا فى إمارته ، فقال : « إن تَطعُنوا في إمارتِه


فقد كنتُم تَطعنونَ في إمارةِ أبيه من قَبلُ ، وايمُ اللهِ إن كان لخَليقًا للإمارةِ ، وإن كان لمن أحَبِّ الناسِ

إليَّ ، وإنَّ هذا لمن أحَبِّ الناسِ إليَّ بعدَه » البخارى

الأمير : كان عمر لا يلق أسامة قط إلا قال : « السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله ، توفي رسول الله -


صلى الله عليه وسلم- وأنت عليّ أمير »

وكان أسامة أسود أفطس الأنف ( منخفض قصبة الأنف )

ومات أسامة بالجرف ، وحُمل إلى المدينة فى آخر أيام معاوية بن أبى سفيان

وقال ابن عمر « عجلوا- أى بدفنه - بحب رسول الله قبل أن تطلع الشمس»

 
التعديل الأخير:
إمام المهاجرين

سالم مولى أبى حذيفة


سالم بن معقل . وهو مولى أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، كان من أهل فارس من إصطخر ، وهو

معدود فى المهاجرين لأنه لما أعتقته مولاته ثُبيتة الأنصارية زوج أبى حذيفة تولى أبا حذيفة وتبناه أبو

حذيفة فلذلك عُد من المهاجرين ، وهو معدود فى بنى عبيد من الأنصار لعتق مولاته ثُبيتة زوج أبى

حُذيفة له.


وكان أبو حُذيفة قد تبنى سالما ، وكان يرى أنه ابنه ، فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة وهى

من المهاجرات وكانت من أفضل أيامى ( أرامل ) قريش ، فلما أنزل الله تعالى : ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ


أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب: 5] . رد كل أحد تبنى

ابنا من أولئك إلى أبيه ، فإن لم يُعلم أبوه رُدّ إلى مولاه ( مـخدومه أو سيده )


وشهد سالم بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل يوم اليمامة

شهيدا فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب.


وكان عمر بن الخطاب يكثر الثناء عليه حتى قال لما أوصى عند موته : « لو كان سالم حيا ما جعلتها

شورى » أى كان يصدر عن رأيه فيمن يوليه الخلافة

ويُعد فى القُرّاء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خذوا القرآن من أربعة : من ابن مسعود ،

وأُبىّ بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبى حذيفة » البخارى

إمام المهاجرين : كان سالم مولى أبى حُذيفة قد هاجر إلى المدينة قبل النبى صلى الله عليه وسلم ،

فكان يؤم المهاجرين بالمدينة فيهم عمر بن الخطاب وغيره لأنه كان معدودا فى القرّاء وأكثرهم أخذا

للقرآن
 
التعديل الأخير:
جامع القرآن

زيد بن ثابت

زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصارى ، شيخ المقرئين ، والفرضيين مفتي المدينة . أمه النَّوار بنت مالك .


شهد الخندق وكان ينقل التراب مع المسلمين ، وكان يكتب الوحى وغيره لرسول الله صلى الله عليه

وسلم ، وأمره الرسول بتعلم لغة اليهود عندما وردت له كتب بالسريانبة ، كما كتب لأبى بكر وعمر من

بعد الرسول عليه السلام ، وهو الذى كتب القرآن فى عهد أبى بكر وعثمان رضى الله عنهما ، وكان

أعلم الصحابة بالفرائض ( علم المواريث ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم : « أفرضكم زيد بن

ثابت
». ابن حبان


وهو أحد أصحاب الفَتْوى الستة : عمر ، وعلي ، وعبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ،

وأبو موسى الأشعرى وكان حافظا للقرآن ومن أعلم الصحابة ، ومن فضل القرآن على صاحبه ، قدمه


الرسول على عُمارة بن حزم ، ففى غزة تبوك كانت راية مالك بن النجار مع عمارة بن حزم ، فأخذها

الرسول عليه السلام ودفعها إلى زيد بن ثابت ، فقال عمارة متسائلا : « يارسول الله أبلغك عنى شىء


؟ قال : لا ولكن القرآن مقدّم وزيد أكثر أخذاً منك للقرآن » الاستيعابابن عبد البر

ولما كان زيد من أعلم الصحابة ، كان عمر وعثمان يقدمان زيدا في الفرائض والفتوى والقراءة والقضاء ،

كما كان عمر بن الخطاب يستخلفه في كل سفر. وهو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك


وكان له دور بارز فى درء القتنة لما توفي رسول الله ،حيث قام خطباء الأنصار ، فتكلموا ، وقالوا : رجل

منا ، ورجل منكم . فقام زيد بن ثابت ، فقال : إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره ، وإنما


يكون الإمام من المهاجرين ونحن أنصاره ، وحمد له أبو بكر هذا الفعل وقال : جزاكم الله خيرا يا معشر

الأنصار ، وثبت قائلكم ، لو قلتم غير هذا ما صالحناكم.

و كان يقول إذا سئل عن الأمر : أكان هذا ؟ فإن قالوا : نعم . حدث فيه بالذي يعلم . وإن قالوا : لم يكن .

قال : فذروه ( اتركوه ) حتى يكون .


وكان ابن عباس يجله ويوقره ، فإذا رآه راكبا قام إليه فأخذ له بركابه ( قاد له دابته ) ، فقال : تنح يابن

عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنا هكذا نفعل بعلمائنا وكبرائنا . ويقول ابن عباس أيضاً :

لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت ، من الراسخين في

العلم
. ولما دفن زيد بن ثابت قال ابن عباس : لقد دفن اليوم علم كثير.


جامع القرآن : لما قتل عدد كبير من الشهداء من حفظة القرآن فى معركة اليرموك أشار عمر بن

الخطاب على أبى بكر بجمع القرآن وقال له : إنّ القتل استمرّ بقُرّاء القرآن ، وإنّي أخشى أن يستمرّ


القتل بالقُرّاء في المواطن ، فيذهب كثيرٌ من القرآن ، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقال أبو بكر

لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال عمر: هو والله خير. فلم

يزل يراجع عمر أبا بكر حتّى شرح الله صدره لذلك. فأرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت وقال له : إنك رجل

شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتتبّع القرآن

فاجمعه. فقال زيد : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟

قال : هو والله خير .فلم يزل أبو بكر يراجع زيدا ، حتى شرح الله صدره. فكان يتتبع القرآن يجمعه من

الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال .وقال زيد بن ثابت كلمته المشهورة في جمع القرآن قال:

«والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن» ،وظل هكذا

حتى جمعه وأودعه عند أبي بكر حتى توفي ، فكان عند عمر ، ثم عند السيدة حفصة بنت عمر. وقيل

أن أبا بكر رضي الله عنه قرن مع زيد ثلاثة من قريش سعيد بن العاص ، و عبد الرحمن بن الحارث بن


هشام ، و عبد الله بن الزبير.

وكان له الدور الأكبر فى جمع القرآن على قراءة واحدة ، ففى عهد عثمان لمّا خشي الفتنة عند اختلاف

أهل العراق والشام في حروف القراءات قرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة


توحيد المصحف لحمل الناس على قراءةٍ واحدةٍ ، وهي القراءة المتعارفة بينهم والمتواترة عن النبي

صلى الله عليه وآله وسلم ،فأرسل عثمان رضي الله عنه إلى السيدة حفصة بنت عمر يطلب إليها

الصحف لينسخها في مصحف ، وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص و عبد الرحمن

بن الحارث بن هشام
وقال للثلاثة: « إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش

فإنما نزل بلسانهم
» ففعلوا حتى نسخوا الصحف في المصاحف ثم أعاد عثمان الصحف إلى السيدة

حفصة رضي الله عنها وفى رواية أخرى قال عثمان: « مَنْ أكتب الناس ؟. قالوا: كاتب رسول الله زيد

بن ثابت. قال: فأي الناس أعربُ؟ . قالوا: سعيد بن العاص ،
وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول

الله
، فقال عثمان: فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ». وبعد أن تم جمع المصحف على قراءة واحدة ، أرسل

عثمان في كل أفق مصحفا ، ومنع المسلمين من سائر القراءات الأخرى التي توافق بعض لغات

العرب وأحرق سائر المصاحف التي تخالف القراءة المتواترة ، وكتب إلى الأمصار أن يحرقوا ما عندهم

منها ، ونهاهم عن الاختلاف في القراءة .


ولما توفى زيد صلى عليه مروان بن الحكم ، وقال أبو هريرة : « اليوم مات حبر هذه الأمة ، وعسى الله

أن يجعل فى ابن عباس منه خلفا»
 
التعديل الأخير:
سابق الروم

صهيب بن سنان

صهيب بن سنان بن مالك ، وأمه سلمى بنت قعيد ، وكنيته أبو يحيى كناه بها رسول الله صلى الله عايه وسلم.

وإنما قيل له : الرومى لأن الروم سَبَوه صغيرا ، وكان أبوه وعمه عاملين لكسرى على الأُبُلَّة ، وكانت

منازلهم على دجلة عند الموصل ، وقيل : كانوا على الفرات من أرض الجزيرة فأغارت الروم عليهم

فأخذت صهيبا وهو صغير فنشأ بالروم فصار ألكن ، فابتاعته منهم كلب ، ثم قدموا به مكة فاشتراه عبد

الله ين جُدعان التَّيمى منهم فأعتقه فأقام معه حتى عبد الله بن جُدعان. وقيل : أن صهيب هرب من

الروم لما كبر وعقل ، فقدم مكة فحالف ابن جُدعان ، وأقام معه حتى هلك عبد الله بن جُدعان


وكان من السابقين إلى الاسلام ، أسلم هو وعمار ين ياسر فى يوم واحد ، وكان من المستضعفين

بمكة المعذَّبين فى الله.


ولما هاجر صُهيب إلى المدينة تبعه نفر من المشركين ، فَنَثل كنانته وقال لهم : يامعشر قريش تعلمون

أنى من أرماكم ، والله لا تصلون إلىّ حتى أرميكم بكل سهم معى ، ثم أضربكم بسيفى ما بقى فى

يدى منه شىء ، فإن كنتم تريدون مالى دللتكم عليه ، قالوا : فدُلَّنا على مالك ونخلى عنك ، فتعاهدوا

على ذلك ، فدلهم عليه ، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله : « ربح البيع أبا


يحيى ». مجمع الزوائد . الهيثمى . وأنزل الله تعالى ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ

وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [البقرة :207 ]

وكان فيه مع فضله وعلو درجته مُداعبة وحُسن خُلق ، فعندما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم

وهو نازل بقباء ، وبين أيديهم رطب وتمر ، وصُهيب أرمد ، فأكل ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم :

أتأكل التمر وأنت أرمد ؟ فقال إنما آكُلُ بالشِّقِّ الآخرَ يا رسولَ اللهِ فتبسَّم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .تخريج

الإحياء
. العراقى.


دخل عمر بن الخطاب على صهيب حائطا له بالعالية ، فقال له عمر : ما فيك شىء أعيبه ياصهيب إلا

ثلاث خصال لولاهن ما قدمت عليك أحدا : أراك تنتسب عربيا ، وتكتنى بأبى يحيى اسم نبى ، وتطعمُ

الطعامَ الكثيرَ وذلك سَرَفٌ في المالِ ، فقال صهيبٌ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كناني أبا

يحيى، وأما انتمائى إلى العرب ، فإن الروم سبتنى صغيراً ، فأخذت لسانهم ، وقد عقلتُ أهلي وقومي

فأنا رجلٌ من النمرِ بنِ قاسطٍ من أهلِ الموصلِ ، وأما قولُك في الطَّعامِ ، فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّمَ كان يقولُ: خِيَارُكُم مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَرَدَّ السَّلامَ. فذلِك الذي يحملُني على أنْ أُطعمَ الطعامَ.


ولذلك كان عمر بن الخطاب محبا لصُهيب ، حسن الظن فيه ، حتى إنه لما ضُرب أُوصى أن يصلى عليه

صهيب ، وأن يصلى بجماعة المسلمين ثلاثا ، حتى يتفق أهل الشورى على من يُستخلف.

سابق الروم :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« صُهيبٌ سابقُ الرومِ » . تاريخ الإسلام . الذهبى .

صفاته

كان صهيب أحمر شديد الحمرة ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، وهو إلى القصر أقرب ، كثير شعر الرأس.

وتوفى صهيب بالمدينة سنة ثمان وثلاثين أو تسع وثلاثين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة أو سبعين سنة

ودفن بالبقيع .
 
التعديل الأخير:
حكيم الأمة

عويمر بن عامر

عويمر بن عامر بن مالك بن زيد ، أبو الدرداء الأنصارى الخزرجى .وأمه محبَّة بنت واقد بن عمرو ، وزوجه

أم الدرداء واسمها َخَيرة بنت أبى حَدْرد الأسلمى ، والدرداء ابنته كنى بها فقامت الكنيه مقام اسمه .


كان من أفاضل الصحابة وفقهائهم وحكمائهم وأحد الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله علية

وسلم.


وكان ينطق بالحكمة ، فقيل عنه: حكيم الأمة عويمر ، وكان الصحابة يقولون : أتبعنا للعلم والعمل أبو

الدرداء ، وقال أبو ذر لأبي الدرداء : «ما حملت ورقاء ، ولا أظلت خضراء ، أعلم منك يا أبا الدرداء ».


وقيل لأم الدرداء : أي عبادة أبي الدرداء كانت أكثر ؟ قالت : « التفكر والاعتبار ».

وكان ابن عمر يقول لأصحابه: حدثونا عن العاقلين: « معاذ بن جبل وأبي الدرداء » .

ومن الأقوال البليغة لأبى الدرداء « ويل للذي لا يعلم مرة ، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات ».

آخى رسول الله صلى الله عليه سلم بينه وبين سلمان الفارسى .

تأخر إسلامه ، فلم يشهد بدراً ، واختلف فى شهوده أحداً ، وشهد ما بعدها من المشاهد مع رسول الله

صلى الله عليه سلم .


رُوى أن أبا الدرداء مرَّ على رجل قد أصاب ذنباً ، وكانوا يسبونه ، فقال : أرأيتم لـــو وجدتموه فــى قليب

( بئر) ألم تكونوا مستخرجيه ؟ قالوا : بلى . قال : فلا تسبوا أخاكم ، واحمدوا الله الذى عافاكم . قالوا :

أفلا تبغضه ؟ قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تركه فهو أخى .


ولى أبو الدرداء قضاء دمشق فى خلافة عثمان .

حكيم الأمة : لما هُزِم أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يومَ أُحُدٍ كان أبو الدَّرداءِ فيمن فاء إلى رسولِ

اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّاسِ فلمَّا أظلَّهم المُشركون من فوقِهم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه

وسلَّم اللَّهمَّ ليس لهم أن يغلِبونا فثاب إليه يومئذٍ ناس وانتدبوا وفيهم عُوَيْمرٌ أبو الدرداءِ حتَّى إذا

حصروهم عن مكانِهم الذي كانوا فيه وكان أبو الدَّرداءِ يومئذ حسنَ البلاءِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ

عليه وسلَّم « نعم الفارسُ عُوَيْمرٌ » وقال: « حكيم أمتى عويمر » تاريخ دمشق ابن عساكر


كان أبو الدرداء أقنى أشهل ، يخضب بالصفرة ، عليه قلنسوة وعمامة قد طرحها بين كتفيه .

توفى أبو الدرداء فى خلافة عثمان بن عفان ، ودفن فى دمشق.
 
التعديل الأخير:
فقيه الأمة

شداد بن أوس

شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي الأنصاري ، وحسان بن ثابت ، شاعر رسول الله هو عم شداد بن أوس

ولاه عمر بن الخطاب على حمص، ولما قُتل عثمان بن عفان اعتزل الولاية ، وعكف على العبادة

وكان شداد كثير العبادة والورع والخوف من الله

وكان إذا أخذ مضجعه من النوم يقول : اللهم إن النار قد حالت بينى وبين النوم ، ثم يقوم فلا يزال يصلى حتى يصبح

قال أبو الدرداء : إن شداد بن أوس أوتي علما وحلما

وقال عبادة بن الصامت : كان شداد ممن أوتى العلم والحلم

وقيل : لم يبق بالشام أحد كان أوثق ولا أفقه ولا أرضى من عبادة بن الصامت ، وشداد بن أوس

وقيل: فضل شداد بن أوس الأنصار بخصلتين : ببيان إذا نطق ، وبكظم إذا غضب .

وقيل :زهاد الأنصار ثلاثة : أبو الدرداء ، و عمير بن سعد ، و شداد بن أوس

ومن أقواله المأثورة :« إن الدنيا أجل حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، وإن الآخرة أجل مستأخر ، يحكم

فيها ملك قادر . ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ، وإن الشر كله بحذافيره في النار » .

توفى فى القدس وهو ابن خمس وسبعين سنة

فقيه الأمة : قال أبو الدرداء : «إن لكل أمة فقيها ، وإن فقيه هذه الأمة شداد بن أوس ».
 
التعديل الأخير:
يوسف هذه الأمة

جرير بن عبد الله

جرير بن عبد الله ابن جابر البجلى القسرى ، الأمير النبيل الجميل من أعيان الصحابة ، كنيته أبو عمرو،

وقسر من قحطان باليمن ، و قبيلة بجيلة هي الآن قبيلة بني مالك.


قال جرير : لَمَّا دنَوْتُ مِن مدينةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَخْتُ راحلتي وحلَلْتُ عَيْبَتي فلبِسْتُ

حُلَّتي فدخَلْتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ فسلَّم علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه

وسلَّم فرماني النَّاسُ بالحَدَقِ فقُلْتُ لجليسي : يا عبدَ اللهِ هل ذكَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

مِن أمري شيئًا ؟ قال : نَعم ذكَرك بأحسَنِ الذِّكرِ بَيْنَما هو يخطُبُ إذ عرَض له في خُطبتِه فقال : « إنَّه


سيدخُلُ عليكم مِن هذا البابِ أو مِن هذا الفجِّ مِن خيرِ ذي يَمَنٍ ( أي خير أهل اليمن ) وإنَّ على وجهِه

مَسحةَ مَلَكٍ » فحمِدْتُ اللهَ على ما أبلاني . ابن حبان . ومسحة ملك كناية عن أنه كان بديع الحسن

كامل الجمال


ولما كان جرير من اليمن ، فوَّضه رسول الله صلى الله عليه وسلم للقضاء على ذى الخلصة ، وكان يُقالُ

له: الكعبةُ اليَمَانَيَّةُ ، أو : الكعبةُ الشَّأْمِيَّةُ ، حيث روى فقال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :

ألا تريحني ( ألا تُرِيحُ قَلبي ) من ذي الخلصة . فقلت : بلى ، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من

أحمس ( قَبيلةٌ منَ العَربِ ) ، وكانوا أصحاب خيل ( أي لهم ثَباتٌ عليها ) ، وكنت لا أثبت على الخيل ،

فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده ( أثرَ أصابعِهِ ) في

صدري ، وقال : ( اللهم ثبته ، واجعله هاديا مهديا ) . قال : فما وقعت عن فرس بعد . قال : وكان ذو

الخلصة بيتا باليمن لخثعم وبجيلة ، فيه نصب ( حِجارةٌ يَذبحونَ عليها ) تعبد ، يقال له الكعبة ، قال :

فأتاها فحرقها بالنار وكسرها . قال : ولما قدم جرير اليمن ، وكان بها رجل يستقسم بالأزلام ( أي يَطلبُ


قِسْمَهُ منَ الشَّرِّ والخَيرِ بالقَدَحِ ) ، فقيل له : إن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ها هنا ، فإن

قدر عليك ضرب عنقك ، قال : فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير ، فقال : لتكسرنها ولتشهدن : أن

لا إله إلا الله ، أو لأضربن عنقك ؟ قال : فكسرها وشهد ، ثم بعث جرير رجلا من أحمس يكني أبا أرطاة

إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بذلك ، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول

الله ، والذي بعثك بالحق ، ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب ( وذلك منْ سَوادِ الإحْراقِ وشِدَّتِهِ ) ،

قال : فَبَرَّك النبي صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات ( أي دَعا صلَّى اللهُ


عليه وسلَّم بِالبَركةِ- على خَيْلِ أحْمَسَ ورِجالِها ).البخارى

وبعثه رسول الله إلى ذي الكلاع بن ناكور الحميري ، وذي عمرو باليمن يدعوهما إلى الإسلام ، فأسلما

وأسلمت ضريبة بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذي الكلاع.


وكان موضع ثقة النبى صلى الله عايه وسلم منذ أسلم ، قال جرير : « ما حَجَبَني رسولُ اللهِ صلى الله

عليه وسلم منذُ أَسْلَمْتُ ، ولا رآني إلا ضَحِكَ ».

وكان موضع حب النبى وكرمه ، حيث يروى أنَّه جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في بيتٍ

مَدْحوسٍ ( مملوء ) مِن النَّاسِ فقام بالبابِ فنظَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمينًا وشِمالًا فلَمْ يَرَ

موضِعًا فأخَذ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رِداءَه فلَفه ثم رمى به إليه فقال اجلِسْ عليه فأخَذه جَريرٌ

فضمَّه وقبَّله ثمَّ ردَّه على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال أكرَمك اللهُ يا رسولَ اللهِ كما أكرَمْتَني فقال

رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أتاكم كريمُ قومٍ فأكرِموه . المعجم الأوسط . الطبرانى.


وقال عنه عمر بن الخطاب : « جرير يوسف هذه الأمة . وهو سيد قومه » وقـــال علي بن أبي طالب :
« جرير منا آل البيت »

يوسف هذه الأمة
: هذا اللقب أطلقه عليه عمر بن الخطاب فقال : « جرير يوسف هذه الأمة » - يعنى


فى حسنه. وقال أيضاً لما رأى جرير متجردا ، فناداه وقال له : خذ رداءك ، خذ رداءك . قال جرير :

فأخذت ردائي ، ثم أقبلت إلى القوم ، فقلت : ما له ؟ قالوا : لما رآك متجردا. وقال عمر للقوم : « ما


رأيت رجلا أحسن من هذا إلا ما بلغنا من صورة يوسف » .

وكان له في الحروب أثر عظيم ، ففى حروب الردة قاتل المرتدين حتى نزل بصنعاء ، كما شارك فى

حروب العراق وفارس مجاهداً تحت لواء المثنى بن حارثة وسعد بن أبي وقاص حيث كان على رأس

قومه البجليين وعلى ميمنة سعد بن أبي وقاص يوم القادسية وفى همذان سنة ثلاثة وعشرين

أصيبت عينه بسهم فقال: أحتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ونور لي ما شاء ثم سلبنيها في

سبيله


سكن جرير الكوفة وأبتنى فيها داراً ثم ولاه عثمان على همذان وهمذان أو همدان هى مدينة إيرانية

وبقي فيها إلى أن استدعاه علي بن أبي طالب وأرسله سفيراً إلى معاوية ليدعوه إلى الدخول في

الطاعة .. ثم اعتزل جرير الفتنة بين علي ومعاوية وارتحل بأهله إلى "قرقيسيا" (مدينة سورية صغيرة


عند مصب نهر الخابور في نهر الفرات. وهي اليوم أطلال أثرية) على نهر الفرات قرب مدينة دير الزور

شرق سوريا حيث بقي فيها حتى توفاه الله سنة إحدى وخمسين ـ ويقال سنة أربع وخمسيين . دفن

في بني مالك بجيلة


صفاته

كان جرير طويل القامة بديع الجمال حسن الصورة وهو شاعر وخطيب لسن ( فصيح ) ، ضخم الجثة ،

حتى قُدِّر طول نعله بذراع.
 
التعديل الأخير:
حمىّ الدّبر

عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح الأنصارى

عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح ، واسم أبى الأقلح: قيس بن عصمة

وعاصم بن ثابت هو جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه ، شهد بدرا

حمى الدبر: قدم على رسول الله قوم من عضل وقارة ، وذكروا أن فيهم إسلاما ، وسألوا أن يبعث معهم

من يعلمهم الدين ، ويقرئهم القرآن ، فبعث معهم عشرة نفر وأمر عليهم عاصم بن ثابت فذهبوا معهم ،

فلما كانوا بالرجيع ( ماء لهذيل بناحية الحجاز بين رابغ وجدة ) استصرخوا عليهم حيا من هذيل يقال

لهم: بنو لحيان ، فتبعوهم بقريب من مائة رام ، واقتصوا آثارهم ( تتبعوا آثارهم ) حتى لحقوهم ،

وأحاطوا بهم من كل جانب – وكانوا قد لجأوا إلى فدفد ( مكان أو تل مرتفع ) – وقالوا: لكم العهد

والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلا. أما عاصم فأبى النزول وقال لا أنزل فى جوار مشرك ، فجعل

عاصم يقاتلهم فرماهم بالنبل حتى فنيت نبله ، ثم طاعنهم بالرمح حتى كسر رمحه ، وبقى السيف

فقال: « اللهم حميت دينك أول نهارى فاحم لى لحمى آخره »، وكانوا يجردون كل من قتل من أصحابه ،

فكسر غمد سيفه ثم قاتل حتى قتل ، وقد جرح رجلين وقتل واحدا ، ثم شرعوا فيه الأسنة حتى قتلوه

فى سبعة نفر من أصحابه ، وبقى من العشرة خُبيب بن عدى و زيد بن الدثنة ورجل آخر ، فأعطوهم

العهد والميثاق مرة أخرى ، فنزلوا إليهم ولكنهم غدروا بهم وربطوهم بأوتار قسيهم ، فقال الرجل الثالث

( عبد الله بن طارق): هذا أول الغدر ، وأبى أن يصحبهم ، فجرروه وعالجوا ( غالبوا ) على أن يصحبهم

فلم يفعل وقاومهم فقتلوه ، وأما خبيب و زيد فباعوهما بمكة وكانا قتلا من رءوسهم يوم بدر ، فأما زيد

بن الدثنة فابتاعه ( اشتراه ) صفوان بن أمية فقتله بأبيه ( أمية بن خلف الذى قتل ببدر ) ، وأما خُبيب

فقتله عقبة بن الحارث بن عامر ، وكان خُبيب قد قتل أباه حارثا يوم بدر ، و خبيب بن عدى هو أول من


سن ركعتين عند القتل


وكانت سلافة بنت سعد بن الشُّهيد قد قتل زوجها وأربعة من أبناءها ، وقد كان عاصم قتل منهم اثنين :

الحارث ، ومسافعا ، فنذرت لأن أمكنها الله منه أن تشرب فى قحف رأسه الخمر ، وجعلت لمن جاء

برأس عاصم مائة ناقة ، قد علمت بذلك العرب وعلمته بنو لحيان ، فأرادوا أن يجتزوا رأس عاصم ليذهبوا

به إلى سلافة بنت سعد ليأخذوا منها مائة ناقة ، فبعث الله عليه مثل الظُلة من الدّبر ( الزنابير وقيل


ذكور النحل) فحمته من رسلهم ، فلم يدن إليه أحد إلا لدغت وجهه ، فلم يقدروا منه على شىء ، فلما

أعجزهم قالوا: إن الدبر سيذهب إذا جاء الليل ، فلما جاء الليل بعث الله مطراً فجاء سيل – ولم يكن فى


السماء سحاب فى وجه من الوجوه - فاحتمله فذهب به ، فلم يصلوا إليه . وكان عاصم أعطى عهداً

ألا يمسه مشرك ولا يمس مشركا ، فحماه الله بعد وفاته ، فسمى حمىّ الدّبر.


وكان عمر بن الخطاب لما بلغه خبره يقول: « يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه فى حياته »
 
التعديل الأخير:
المعتق ليموت

المنذر بن عمرو

المنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة الأنصارى الخزرجى ، شهد العقبة ، وبدرا ، وأحدا ، وكان نقيب بنى

ساعدة هو وسعد بن عبادة . وكان يكتب فى الجاهلية بالعربية


المعنق: قدم أبو عامر بن مالك بن جعفر المدعو بملاعب الأسنة على رسول الله المدينة ، فدعاه إلى

الاسلام فلم يسلم ولم يبعد ، فقال: يارسول الله ، لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك

لرجوت أن يجيبوهم ، فقال: « إنى أخاف عليهم أهل نجد »، فقال أبو براء: أنا جارٌ لهم فبعث معه

سبعين رجلاً من الأنصار يقال لهم القراء ، وأمّر عليهم المنذر بن عمرو الملقب بالمعنق ليموت أو أعنق


الموت ( لقب بذلك لأنه أسرع إلى الشهادة وأن المنية أسرعت به و ساقته إلى مصرعه) ، وكانوا من

خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم ، فساروا يحتطبون بالنهار ، يشترون به الطعام لأهل

الصفة ، ويتدارسون القرآن ويصلون بالليل ، حنى نزلوا بئر معونة ( أرض بين بنى عامر وحرّة بنى سليم

) فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان وهو خال أنس بن مالك بكتاب رسول الله إلى عدو الله عامر بن

الطفيل ، فلم ينظر فيه ، وأمر رجلا ( جبار بن سلمى ) فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ورأى

الدم ، قال حرام: الله أكبر ، فزت ورب الكعبة ( أى فاز بالشهادة )


ثم استنفر عدو الله لفوره بنى عامر إلى قتال الباقين ، فلم يجيبوه الى طلبه وقالوا لا نخفر ذمة أبا براء

وهو الداعى لزيارة وفد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وقد عقد لهم عقدا وجوارا ، فاستنفر

بنى سليم ، فأجابته عُصَية ورعل وذكوان ، فجاءوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله فقاتلوا حتى قتلوا

إلا كعب بن زيد بن النجار ، فإنه ارتثّ ( رُفع وبه جراح ) من بين القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق


وكان عمرو بن أمية الضمرى و المنذر بن عقبة بن عامر فى سرح المسلمين ، فرأيا الطير تحوم على

موضع الوقعة ، فنزل المنذر ، فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه ، وأسر عمرو بن أمية الضمرى ،

فلما أخبر أنه من مضر جزَّ عامر بن الطفيل ناصيته ، وأعتقه عن رقبة كانت على أمه.
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى