• بادئ الموضوع بادئ الموضوع lover111
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • المشاهدات 2,729

lover111

زيزوومي نشيط
إنضم
21 نوفمبر 2007
المشاركات
164
مستوى التفاعل
6
النقاط
200
الإقامة
مصر-القاهرة
غير متصل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كلمات نحسبها دعاء .. أو ألفآظ نقولها ولانحسب لها حساب ..

وقد تكون علينا بلاء منها ..




"اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه "

سبب النهي : فيه سوء أدب مع الله تعالى لأن فيه نوعاً من التحدي فكأنه يقول : يارب افعل ما شئت ولكن الطف فيه،
بدلاً من أن يدعوه متذللاً أن يرفع عنه البلاء تماماً .. ويعرف أنه بضعفه ليس حملاً للحظة ابتلاء واحدة من رب العالمين..

" وأيضاً فيه منافاة للحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يردُّ القضاء إلا الدعاء " ..
ما حكم قول: "اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه" لأنني سمعت أنه منهي عنه بسبب أنَّ فيه سوء أدب مع الله تعالى لأن فيه نوعاً من التحدي فكأنه يقول: "يا رب افعل ما شئت ولكن الطف فيه"، وأيضاً فيه منافاة للحديث: "لا يرد القضاء إلا الدعاء"؟

الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأما قول القائل: "اللهم إني لا أسألك رد القدر وإنما أسألك اللطف فيه"، فهذا دعاء لا أصل له، ومعناه غير صحيح، فكل من دعا الله ليدفع عنه مكروهاً - عدواً أو خطراً أو أن يكشف عنه شدة - فإنه يطلب بذلك رد القدر، والله تعالى قد أمر عباده بالدعاء، والداعي يطلب جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ثم إذا دعا العبد وسأل ربه حاجته فالله تعالى يفعل ما يشاء وهو الحكيم العليم، والله تعالى قد قدر الأسباب والمسببات، وكلها بقدر الله، وجعل هذه الأقدار تتدافع، فالجوع قدر، والعطش قدر، والمرض قدر، وقد جعل الله لرفع هذه الأقدار أسباباً فيدفع قدر الجوع بالأكل، والعطش بالشرب، والمرض بالدواء، وقدر البرد بالثياب والاستدفاء، وما أشبه ذلك، ويفر الإنسان من المكان الذي يخاف فيه، أو لا يجد فيه ما يحتاجه إلى المكان الذي يأمن فيه ويجد فيه ما يحتاجه من المنافع، ولهذا لما رجع عمر رضي الله عنه بالمسلمين ولم يدخل بهم الشام لأنه قد حدث فيه الطاعون قيل له: أتفر من قدر الله، قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فعلى الداعي أن يدعو ربه ويسأله حاجته؛ فيسأله النصر والرزق والشفاء من المرض وحصول الولد وسائر المطالب، ويسأل ربه أن يدفع عنه المكاره، ويسأل مع ذلك ربه أن يلطف به في جميع أحواله، أما قول القائل: إني لا أسألك رد القدر فهذا كلام لا يصح، وليس له اعتبار ولا أصل له في النقل فهو دعاء مبتدع. والحاصل أن هذه العبارة لا ينبغي ذكرها في الدعاء، بل يدعو الإنسان ربه بالصيغ الشرعية المأثورة، وعلى الوجه المشروع، والله أعلم.


المفتي
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك::
 

توقيع : lover111
شكرا اخي العزيز
 
توقيع : aymantaiger
شكر على التنبية
 
توقيع : sport
مشكــــــــــــــــــور
 
توقيع : عصام ابوهيبه
صحيح كلامك هذاالدعاء فيه تحدي لله اللهم اغفر لنا وارحمنا يالله للمعلومية فقط أن كلمة باي إذا قلتها يصير عليك ذنب لأن معناها في حفظ البابا . أناحاولت قدر الأمكان أخفف من قولها تعودت عليها أقول بدلها مع السلامة في حفظ الله ,قي أمان الله وشكراً
 
جزاك الله خيرا اختى العزيزة زيزى واعانك الله على تقواه:kmj-by0000 (16):
 
توقيع : lover111
مشكور على التنبيه
 
توقيع : emperor_2222
ما نطقت الا صدقا.بارك الله فيك اخي العزيز
 
توقيع : mezouari
شكر على التنبية
 
توقيع : ahmed fathy 13
شكرا
 
توقيع : zoro779
لكم الشكر يا احبابى
 
توقيع : lover111
مشكور اخى lover111وبارك الله فيك
 
توقيع : العقاب
مشكور اخوي وبارك الله فيك وكثر من أمثالك

لكل مني كل التقدير
 
جزاك الله خيرا
 
توقيع : nada10
بارك الله فيك ونفع بمقالك
 
شأن الدعاء والقضاء

شأن الدعاء والقضاء


بسم الله الرحمن الرحيم

ليسَ مَعنى القضاءِ والقدَرِ الإجبارُ والقهرُ، وإنما المعنى إظهارُ ما عَلِمَ اللهُ تعالى أنه لا بدَّ كائنٌ، فالقدَرُ خيرُه وشرّه وحُلوُه ومرّه مِن الله لا خالقَ إلا هوَ سبحانه، لا يُسأل عمّا يفعلُ وهُم يُسألون.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين وصحبه الطاهرين وسلم، وبعد،
فقد رغّب الله تعالى عباده بالدعاء وجعله بابًا من أبواب الفرج ولا سيما في أيام الشدة التي يعانيها المسلم. وقد كان من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللجوء إلى ربّه في شؤونه كلها وبخاصّة حين الشدائد بالدعاء والرّجاء ليستنّ به المسلمون من بعده وهو الذي أرسله الله ليبيّن للناس ما نزّل إليهم من ربّهم كما هو في كتاب الله تعالى.
وفي سنن الترمذي (279هـ.) عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا "الدعاء مخّ العبادة"، وقال الله تعالى: [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ] {غافر:60}، قال القرطبي (ت671هـ) في تفسيره: يفسر الآية حديث الترمذي وأبي داود عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: "الدعاء هو العبادة"، فالمعنى وحّدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم وأغفر لكم، وهو قول أكثر المفسرين. وقيل هو الذكر والدعاء والسؤال وأن المعنى أستجب لكم إن شئتُ كما في الأنعام [بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ] {الأنعام:41}، فهو من باب المطلق والمقيّد، وهو لا يقضي الاستجابة مطلقًا وإنما المعنى أنه يجيب دعاء الداعين في الجملة، وذلك بشروط منها ما ذكر في حديث الأشعث الأغبر يرفع يديه وفي آخره "وأنى يُستجاب لذلك" كما في مسلم وغيره. اهـ.
وقال الإمام الخطابي (388هـ.) في شأن الدعاء إن الآية من العام المخصوص، وإنه قيل إن معنى الاستجابة أن الداعي يعوّض من دعائه عوضًا ما، فربما كان ذلك إسعافًا بطلبته التي دعا لها وذلك إذا وافق القضاء، فإن لم يساعده القضاء فإنه يُعطى سكينة في نفسه وانشراحًا في صدره وصبرًا يسهُل معه احتمال ثقل الواردات عليه، وعلى كل حال فلا يعدم فائدة دعائه وهو نوع من الاستجابة. اهـ.
يدلّ على ذلك حديث مسلم وغيره عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأعطيت الكنـزين الأبيض والأحمر، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسَـنة عامة وأن لا يسلط عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُردّ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسَـنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها حتى يكون يهلك بعضهم بعضًا"، وفي رواية لمسلم "وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها"، وفي كتاب الله تعالى: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ] {الشُّورى:30}، وفيه كذلك [ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] {الأنفال:53} ، وهو ما نراه اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
فدلّ ما تقدّم على أن الله تعالى لا يغيّر شيئًا مما شاء في الأزل حصوله سواء بدعاء سيدنا محمد فمَن دونه صلى الله عليه وسلم أو بالصدقة، ويدل على هذا الأمرحديث البزار والبيهقي: "لا ينفع حذر من قدر"، قال البيهقي: معناه في ما كتبالله من القضاء المحتوم (يعني القضاء المبـرم) كما لا ينفع الدعاء والدواء فيردّ الموت إن جاء الأجل المحتوم، ثم إن النفع يكون في الحذر والدعاء والدواء إذا كان القلم قد جرى بإلحاق النفع بأحد هؤلاء، والعبد ميسّر لما كتِب له أوعليه من جميع ذلك لا يستطيع أن يعمل غيره. وعلى هذا يُحمل حديث ابن ماجه "لا يردّ القدر إلا الدعاء" على ما في إسناده من لين، وهو أن الله تعالى قد كتب ما يُصيب عبدًا من عباده من البلاء والحرمان والموت وغير ذلك، وأنه إن دعا الله تعالى وأطاعه في صلة الرحم وغيرها لم يُصبه ذلك البلاء ورزقه كثيراً وعمّره طويلاً. ويدل عليه كذلك حديث عمر في الطاعون عند البخاري حين قيل له: أفرارًا من قدر الله؟ فقال رضي الله عنه: نعم، نـفِـرّ من قدر الله إلى قدر الله.أرأيتَ لو كان لك إبل فهبطت واديًا له عدوَتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيتَ الخصبة رعيتَها بقدر الله، وإن رعيتَ الجدبةَ رعيتَها بقدر الله؟اهـ.
وفي صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري (261هـ.) عن يحيى بن يَـعمر عن أبي الأسود الدؤلي قال: قال لي عمران بن الحصين: أرأيتَ ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضيَ عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيّهم وثبتت الحجةُ عليهم، فقلتُ بل شيء قضيَ عليهم ومضى عليهم، قال فقال أفلا يكون ظلمًا، قال ففزعتُ من ذلك فزعًا شديدًا وقلتُ كلّ شيء خلق الله ومِلك يده، فلا يُـسأل عما يَفعل وهم يُسألون، فقال لي يرحمك الله، إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزرَ عقلك، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله أرأيتَ ما يعملُ الناسُ اليومَ ويكدحون فيه، أشيءٌ قضيَ عليهم ومضى فيهم من قدَر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيّهم وثبتت الحجةُ عليهم، فقال: لا، بل شيءٌ قضيَ عليهم ومضى فيهم، وتصديقُ ذلك في كتاب الله عز وجل: [فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا] {الشمس:8} اهـ.
وهذا ما يدل عليه النقل والعقل إذ إن العقل يشهد أن للإنسان إرادةً لا يستطيع أن يفعل بها كل ما يريد إذ إنها تحت مشيئة الله تعالى، وهو ما يدل عليه قول الله تعالى: [وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ] {التَّكوير:29}، والعقل يشهد كذلك أن للإنسانأفعالاً يفعلها باختياره تغاير ما يفعله بغير اختياره كحركة النائم والمرتعش،فما يفعله باختياره هو محل التكليف، وكل ذلك على أي حال لا يخرج عن علم الله الأزلي الذي لا يتغيّر، [أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ] {الملك:14}ولا عن إرادته الأزلية، [فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ] {البروج:16}، فالكل بإرادته تعالى وليس الكل بأمره عز وجلّ، ويوضح ذلك قول الله تعالى: [وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ] {الزُّمر:36 37}،



وفي حديث البخاري ومسلم مرفوعًا "اعملوا فكلٌّ ميسّـرٌ لما خلق له"، وفيه كذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: "فوالذي لا إله غيره إن أحدَكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدَكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها"، وفي حديث ابن عباس المشهور "رفعت الأقلام وجفت الصحف" رواه الترمذي.
وفي كتاب الله تعالى خطابًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أحبّ لعمه أبي طالب الهدى: [إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ] {القصص:56} أي الله تعالى، وليس العبد، إذ إن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله وليست مشيئة الله تابعة لمشيئة العبد، يوضح ذلك ما في كتاب الله تعالى: [وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ] {الأنعام:111}، وكذلك قوله تعالى حكاية عن موسى: [إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ] {الأعراف:155}، وما في حديث جبريل الطويل الذي في آخره "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" وقد سأله عليه السلام عن الإيمان "وأن تؤمن بالقدر خيره وشره"، وفي رواية "وحلوه ومرّه"، وفي رواية "وأن تؤمن بالقدر كله" ذكرها جميعًا بالإسناد المتصل الإمام البيهقي في كتاب القدر.
فما كان وما يكون وما سـيكون إنما هو بخلق الله تعالى وبعلمه الذي لا يتغيّر وبإرادته التي لا يغلبها مغالب إذ هو تعالى القاهر فوق عباده والغالب على أمره والحافظ للعرش وما دونه، جميع الخلائق مقهورون بقدرته، لا تتحرّك ذرّة إلابإذنه، ليس معه مدبّر في الخلق ولا شريك في الملك، [لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ] {الأنبياء:23} سبحانه، وهو المنـزّه عن الظلم، [وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ] {فصِّلت:46}، إذ الظلموضع الشيء في غير موضعه كما في القاموس للفيروزآبادي (817هـ.)، والظلم فعل الجاهل بعواقب الأمور والله منـزّه عن ذلك إذ هو المتصرّف في ملكه ولا تخفى عليه خافية ولا ينازعه في ذلك منازع لأن فعله تعالى لا يخلو من حكمة إذ لم يخلق الله تعالى شيئًا عبثًا.
ثم إن الله تعالى بيّـن سبب إرسال الرسل بقوله عز وجل: [رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ] {النساء:165}، وذلك منه تعالى فضل وليس ذلك بواجب عليه تعالى، [قُلْ إِنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ] {آل عمران:73} [وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ] {البقرة:105}، وذلك لقيام الدليل على وجوده عز وجل بما هو مشاهد من مخلوقاته على ما فيها من تباين ما يدلّ على كمال قدرته تبارك وتعالى، [إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ] {آل عمران:190} .
على أن كثيرًا من الناس يسأل بعضهم بعضًا هل الإنسان مخير أو مسيّر؟، وهو سؤال الجواب عنه سهل إذ يقال إن الإنسان مختار تحت مشيئة الله تعالى، فللعبد الكسب الذي لا خلق فيه، [لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ] {البقرة:286}، ولله الخلق الذي لا يشاركه فيه أحد إذ هو الله الخالق لكل شيء كما نص عليه القرآن [قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ] {الرعد:16}، فمن خاصم في ذلك من المعتزلة عن الحق كان نصيبه ما في صحيح مسلم أن مشركي قريش جاؤوا يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فأنزل الله تعالى: [يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ] {القمر:48 49}. وقد كان من أول من ألف في الرد عليهم سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (101هـ.) في رسالة طويلة سردها الحافظ أبو نعيم الأصبهاني (430هـ.) في حلية الأولياء، وفيها قال رضي الله عنه: "لو أرادَ الله أن لا يُعصى ما خلق إبليس".
وفي شأن الدعاء للإمام أبي سليمان الخطابي (388هـ.):فإن قال قائل فإذا كان الأمر على ما ذكرتموه من أن الدعاء لا يدفع ضررًا ولا يجلب نفعًا لم يكن جرى به القضاء، فما فائدته وما معنى الاشتغال به؟، فالجواب أن هذا من جملة الباب الذي وقع التعبّد فيه بظاهر من العلم يجري مجرى الأمارة المبشّرة أو المنذِرة دونالعلة الموجِبة، وذلك والله أعلم، لِتكون المعاملة فيه على معنى الترجّيوالتعلق بالطمع الباعثَين على الطلب دون اليقين الذي يقع معه طمأنينة النفس،فيُفضي بصاحبه إلى ترك العمل والإخلاد إلى دَعة العُطلة، فإن العمل الدائر بينالظفر بالمطلوب وبين مخافة فوته يحرّك على السعي له والدأب فيه، وأما اليقينفيسكّن النفس ويريحها، كما اليأس يُبلّدها ويُطفئها. وقد قضى الله سبحانه أنيكون العبدُ ممتحَنًا ومعلّقًا بين الرجاء والخوف اللذين هما مدرَجتا العبوديةليُستخرج منه بذلك الوظائف المضروبة عليه التي هي سِمة كلّ عبد ونصبة كل مربوب مدبَّر، وعلى هذا بُنيَ الامر في معاني ما نعتقده في مبادئ الأمور التي هي الأقدار والأقضية مع التزامنا الأوامر التي تعبّدنا اللهُ تعالى بها ووعدنا عليها في المعاد الثوابَ والعقابَ. ولما عرَض هذا الإشكال سألت الصحابة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أرأيتَ أعمالنا هذه، أشيء قد فُرغ منه أم أمرٌ نستأنِفه، فقال صلى الله عليه وسلم: بل هو أمر قد فُرِغ منه، فقالوا ففيمَ العمل إذًا؟، قال صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكلٌّ ميسَّرٌ لما خلِق له، قالوا: فنعمل إذًا.


ألا تراه صلى الله عليه وسلم كيف علّقهم بين الأمرين، فرَهَنهم بسابق القدَر المفروغ منه، ثم ألزمهُم العملَ الذي هو مَدرَجة التعبّد لتكون تلك الأفعال أمائر مبشّرة ومنذرة فلم يَبطل الثوابُ الذي هو كالفرع بالعلة التي هي له كالأصل، ولم يَترك أحد الأمرين للآخر. وأخبر مع ذلك أن فائدة العمل هو القدر المفروغ منه، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فكلّ ميسّـرٌ لما خلق له"، يريد أنه ميسّـر في أيام حياته إلى العمل الذي سبق له القدر به قبل وقت وجوده وكونه، إلا أن الواجب أن تعلم فرق ما بين الميسّر والمسخّر، فتفهّم ذلك. وكذلك القول في باب الرزق وفي التسبب إليه بالكسب وهو أمر مفروغ منه في الأصل لا يزيده الطلب ولا يُنقصه الترك، ونظير ذلك أمر العمر والأجل المضروب فيه في قوله عز وجلّ: [فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ] {الأعراف:34}، ثم قد جاء في الطب والعلاج ما جاء وقد استعمله عامة أهل الدين من السلف والخلف مع علمهم بأن ما تقدّم من الأقدار والأقضية لا يدفعه العلاج بالعقاقير والأدوية. فإذا تأملت هذه الأمور علمتَ أن الله سبحانه قد لطف بعباده فعلّل طباعهم البشرية بوضع هذه الأسباب ليأنسوا بها فيخفف عنهم ثقل الامتحان الذي تعبّدهم به وليتصرفوا بذلك بين الرجاء والخوف، وليستخرج منهم وظيفتي الشكر والصبر في طورَي السرّاء والضرّاء والشدة والرّخاء، ومِن وراء ذلك عِلمُ الله تعالى فيهم، ولله عاقبة الأمور وهو العليم الحكيم لا معقب لحكمه ولا رادّ لقضائه لا يُسأل عمّا يَفعلُ وهُم يُسألون. اهـ. كلام الخطابي وهو عجيبٌ لمن تأمله فرحمه الله من إمام بَرّ وعالم بحر.
وليُعلم أن مسألة القضاء والقدر مما يخشى فيه الزلل والزيغ إذ هي من أدق مسائل
التوحيد التي أوضحها أهل العلم فلم يتركوا فيها مجالاً لشبهة لمعتزلي ولا لجبري، هذا ومن المهم التنبيه إلى أن القدَر بمعنى المقدور المخلوق ينقسم إلى خير وشرّ وحلو ومرّ، أما صفة الله تعالى، [وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا] {الفرقان:2} فلا تنقسم إلى خير وشرّ. فالتقدير والتدبير صفتان أزليّتان لله تعالى تفيدان أن اللهَ سبحانه دبّر الأشياء وقدّرها على وفق علمه الأزلي كما أفادت الآية الكريمة. وأما القضاء هنا فمعناه الخلق كما في قوله تعالى: [فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ] {فصِّلت:12}، [وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ] {البقرة:117}.
ولله درّ عالم قريش الذي ملأ طباق الأرض علمًا كما نص عليه حديث البيهقي (458 هـ.) وغيره، أعني الإمام محمد بن إدريس الشافعي (204هـ.) الذي قـال رضي الله عنه:
ما شـئتَ كان وإن لم أشـأ وما شئتُ إن لم تَشأ لم يَكن
خلقتَ العبـادَ على ما علمتَ ففي العلم يجري الفتى والمسِن
على ذا مننـتَ وهذا خذلتَ وهـذا أعنـتَ وذا لم تعِـن
فمنهم شـقيٌّ ومنهم سـعيدٌومنهم قبيـحٌ ومنهم حسَـن
ومنـهم غـنيّ ومنـهم فقيرٌ وكُـلّ بأعمـالـه مُرتـهن
والحمد لله رب العالمين.
 
عودة
أعلى