abdelkader206
زيزوومى فضى
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
خطورة الاستشراف للفتن
الشيخ / عبد الرزاق بن عبد المحسن حمد العباد آل بدر
ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ - أي تهلكه - وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ )) . وقوله عليه الصلاة والسلام
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في التحذير من الخوض في الفتن والدخول في غِمارها والاستشراف لها أحاديث عديدة يوصي فيها - عليه الصلاة والسلام - أن يكون العباد "أحلاس البيوت" وأن يكون "عبدَ الله المقتولَ وليس القاتل" ، وأن يكون "خير ابني آدم" في أحاديث عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر فيها أمته من الاستشراف للفتن والبروز لها والخوض في غمارها لأنها هلكة وضرر على العبد في دنياه وأخراه ولا يحمدُ صاحبها العاقبة بل يجني على نفسه وعلى غيره. والأحاديث الواردة في هذا الباب لا يوفَّق للعمل بها والاعتصام بما دلت عليه إلا من شرح الله صدره للحق والهدى ويسر الله سبيله للزوم هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، أما من أشرب قلبه الفتنة فإنه لا يقيم لهذه الأحاديث وزناً ولا يرفع بها رأساً ولا يرى لها قيمة ، روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح إلى حُميد بن هلال -رحمه الله- أنه روى عن رجل كان من الخوارج ثم تاب وترك طريقتهم ، قال ذلك الرجل : دَخَلُوا – أي الخوارج - قَرْيَةً فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ ذَعِرًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالُوا
لَمْ تُرَعْ - أي ليس هناك ما يخيف أو يبعث إلى الخوف والقلق – قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ رُعْتُمُونِي ، قَالُوا أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالوا : فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ حَدِيثًا يُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُنَاهُ ؟ قَالَ نَعَمْ ؛ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ : (( فِتْنَةً الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، قَالَ فَإِنْ أَدْرَكْتَ ذَاكَ فَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ )) ، قَالُوا : أَأَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ أَبِيكَ يُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ فَقَدَّمُوهُ عَلَى ضَفَّةِ النَّهَرِ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ فَسَالَ دَمُهُ - ابن صحابي ويحدِّثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقيموا وزناً لحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام !! بل لم يكتفوا بذلك فذهبوا إلى بيته - وَبَقَرُوا بطن أُمِّ وَلَدِهِ. وهكذا عندما يُشرَب القلب بالفتنة ويَستشرف لها تُتلى على الإنسان آيات الله ووحيه وتنزيله وتتلى عليه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يُبالي ولا يرفع بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام رأسا ؛ ولهذا جاء في أحاديث ما يدل على أن الفتن إذا برزت وظهرت يلتبس أمرها على كثير من الناس ؛ ولهذا يقال : فتنة عمياء ، ويقال: فتنة صماء ؛ لأن أكثر الناس يعمى عليهم أمرها ولا يستبين لهم شأنها فيخوضون في غمار الفتن ثم لا يحمدون العاقبة ويندمون فيما بعد أشد الندم ؛ ولهذا أيضا كان الأئمة -رحمهم الله من سلف الأمة- يحذرون العباد من الفتن ويدعون الناس إلى التأمل في عواقب الأمور " انظروا في عاقبة أمركم " ، " اصبروا " ، " لا تُريقوا دماءكم ولا دماء المسلمين " إلى غير ذلكم من الوصايا المأثورة والحكم المشهورة والكلمات العظيمة المأثورة عن السلف الصالح رحمهم الله . ولما وقعت الفتنة في زمن التابعين أتى نفر من الصلحاء إلى طلق بن حبيب -رحمه الله- وقالوا: قد وقعت الفتنة فبم نتقيها ؟ قال : اتقوها بتقوى الله ، قالوا: أجمِل لنا التقوى ؟ قال : " تقوى الله : العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله ، وترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله " . وعندما يلزم عبدُ الله المؤمن سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ويعتصم بحبل الله المتين وبصراطه المستقيم ويُبعد نفسه عن الأهواء والبدع تتحقق نجاته بإذن الله ، قال مالك رحمه الله : " السنة سفينة نوح فمن ركِبها نجا ومن تركها غرِق " ؛ ولهذا كان متأكداً على كل مسلم ومتعيّنا في حق كل مؤمن أن يؤمِّر السنة على نفسه وأن يحكِّم كتاب الله في شأنه ولاسيما في الأمور الكبار والقضايا الخطيرة التي تمس أمن الأمة وخوفها ، وعندما يُعوِّل الناس وعامة المؤمنين على الأئمة الأكابر والعلماء الراسخين أهل البصيرة في دين الله والدراية بكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام يأمنون بإذن الله من العِثار ، قال الله تعالى
