malek bennabi

زيزوومي جديد
إنضم
6 أغسطس 2025
المشاركات
21
مستوى التفاعل
46
النقاط
20
متصل
يقول تعالى:﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة،71)

ويقول تعالى:﴿لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الاِْيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾(المجادلة،22).

ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ﴾(لممتحنة،12).

عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم لأصحابه: أخبروني بأوثق عرى الإسلام، فبعضهم قال: الصلاة، وبعضهم قال الزكاة، وبعضهم قال الجهاد.. فقالوا: يا رسول الله، فأخبرن، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الحبّ في الله والبغض في الله"

عن ابى امامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من احب في الله وابغض في الله واعطى في الله ومنع لله فقد استكمل الايمان) [رواه أبو داود والضياء، وهو صحيح]

فالحب في الله والبغض في الله، أصل عظيم من أصول الايمان يجب على العبد مراعاته، ولهذا جاء في الحديث: "أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله" ، وقال تعالى: {وَالَّذينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} ، فعقد تعالى الموالاة بين المؤمنين وقطعهم من ولاية الكافرين، وأخبر ان الكفار بعضهم أولياء بعض، وإن لم يفعلوا ذلك وقع من الفتنة والفساد شيء عظيم وكذلك يقع، فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد وعلم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله والمعاداة فيه والموالاة فيه؟ ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن فرقان بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أؤلياء الرحمن وأولياء الشيطان والآيات في هذه كثيرة) أهـ [من مجموعة التوحيد، رسالة؛ أوثق عرى الايمان] .

فالحبّ في الله يتحقّق في عدّة صور ولعدّة أسباب:

الأوّل: أن تحبّ شخصاً في الله لكونه قريباً من الله تعالى ومنسوباً إليه، ففي الدعاء: "اللّهم ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك".
وكلّما كان تدرّجُهُ في القرب من الله وترقّيه في طاعته أكثر كان حبُّك له في الله أعظم، إلى أن يصل الأمر إلى حبِّ الأنبياء والأئمّة عليهم السلام، والأولياء، فإنّه حبٌّ عظيم قد لا تستوعبه بعض النفوس والعقول، فإنّه حبّ أكبر من حبّ النفس والذرّية والولد!!

ففي الرواية عن النبيّّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يؤمن عبدٌ حتّى أكون أحبَّ إليه من نفسه، وأهلي أحبّ إليه من أهله، وعترتي أحبّ إليه من عترته، وذاتي أحبّ إليه من ذاته"16.

الثاني: أن تُحبّ من يكون معيناً لك على قربك من ربّك، فإذا أحببت المؤمن لأنّه يساعدك في إنفاذ الأعمال الخيرية مثلاً الّتي فيها لله رض، كتوزيع المعروف على الفقراء، أو في إحياء الشعائر الإلهية، وإقامة المراسم لترويج الدِّين والشريعة المقدّسة بتهيئة مقدّماتها من مال أو تجهيز، ويسعى في إنجاحها وقوّة تأثيرها في المؤمنين وإيصالها إلى أهدافها. فحبّك لهذا الشخص حبّ في الله لأنّه يساعدك ويعينك على القرب من الله تعالى.

الثالث: كلّ من يعينك في رفع حوائجك الدنيوية الّتي لا بدّ منه، كالمسكن والغذاء والملبس إذا كان يفرِّغُكَ بذلك لطاعة الله تعالى من عبادة، وعلم، وعمل بحيث يكون قد قطع عن نفسك تلك العلائق والاهتمام به، فإنّها تؤدّي إلى صرف الهمّة عن ذلك كلّه، وخاصّة فيما يتعلّق بتحصيل العلم، حيث يحتاج إلى خلوّ الذهن من الشواغل:"اللّهم.. واكفني ما يشغلني الاهتمام به، واستعملني بما تسألني غداً عنه، واستفرغ أيّامي فيما خلقتني له".

حبّ الزوجة قد يكون في الله، إذا كانت النيّة أنّها عنصر مساعد للقرب من الله تعالى، حيث إنّها تكون أنس، وسكن، ومستراحاً يأنس بها الزوج، وترجع نفسُه من خلالها إلى الراحة والدّعة، بعد الخوض في شؤون الحياة وضغوطاته، لتستجمّ بعد ذلك مجدّدة نشاطها عائدة من جديد إلى ميدان الجدّ، وحقل النتاج والعمل.

وهي سبب للقرب من الله أيض، لأنّه بوسيلتها يعفّ نفسه وبصره عن الحرام، ويدفع الخيالات والأوهام عن داخله، الّتي هي بمثابة الحجب المانعة له من العروج في سماء المعرفة، وصفاء الروح، أضف إلى ذلك ما تقوم به الزوجة من قضاء حوائج الزوج، وتهيئة أموره، من مطعم وملبس وغيره، فإنّه أدعى للتفرّغ للطاعة، والعبادة، وطلب العلم.

وقس على ذلك كلّ الأمور المماثلة، فإنّ الحبّ في موردها سيكون حبّاً في الله تعالى، لأنّه حبّ لمن يرفع عوائق طيّ طريق التكامل من أمامك، لتصل إلى شاطئ محبّة الله تعالى ورضاه.

أمّا البغض في الله، فهو أن يبغضَ المؤمنُ إنساناً لأجل عصيانه لله ومخالفته لإرادته تعالى، فإنّ من يحبّ في الله لا بدّ وأن يبغض في الله، فإنّك إن أحببت إنساناً لأنّه مطيع لله ومحبوب عنده، لا بدّ في المقابل أنّك ستُبغِضُ من يعصيه ويكون ممقوتاً عنده، ومبغوضاً لديه، ورد عن النبيّ عيسى عليه السلام: "تحبّبوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، وتقرّبوا إلى الله بالتباعد منهم، والتمسوا رضاه بسخطهم"17.

روي أنّ الله أوحى إلى بعض عبّاد بني إسرائيل وقد دخل قلبه شيء: "أمّا عبادتك لي فقد تعزّزت بي، وأمّا زهدك في الدنيا فقد تعجّلت الراحة، فهل واليت لي وليّاً أو عاديت لي عدوّاً؟"18.

ثمّ للمعصية درجات مختلفة، فإنّها قد تكون بالاعتقاد، كالكفر والشرك والبدعة، وقد تكون بالقول والفعل. ولأنّ الكفر والشرك هما الظلم العظيم ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾19 فإنّ البغضَ في الله للكافر المشرك أعظمُ بُغض.

وأما المَعاصي في القول والفعل من المسلم فإنّ منها الكبير، ومنها الأكبر، ومنها الصغير، وقد يكون العبد مبتلىً بشيء واحد منه، وقد يكون مصرّاً على أكثر من ذنب، وقد يكون مستتراً وقد يكون متجاهراً..

فإنّ البغض في الله تعالى لمن يقيم على معاصيه يكون بحسب تلك المعاصي الّتي يصرّ عليها، ويجاهر فيها، ويبارز الله به، كمّاً وكيفاً.


أسباب تقوية الأخوة في الله:

- زيارته والسؤال عنه دون النظر إلى درجة الفضل بينهما (القصة بين أيدينا): قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الله الله -تبارك وتعالى-: (وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

قال الإمام الشافعي -رحمه الله- لما عجب البعض من زيارته لتلميذه أحمد بن حنبل:

قــالـوا يـزورك أحــمـد وتــــزوره قـلـتُ: الـفـضـائل لا تغـادر منزله

إن زارنـي فـلــفـضــلـه أو زرتــه فلفضله فالفضل في الحالين له(5)

- ذكره بما يحب في حضوره وغيابه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فِي اللَّهِ فَلْيُعْلِمْهُ فَإِنَّهُ أَبْقَى فِي الْأُلْفَةِ وَأَثْبَتُ فِي الْمَوَدَّةِ) (أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وقيل لمعاوية -رضي الله عنه-: "أيُّما أحب إليك؟ قال: صديق يُحَبِّبُنِي إلى الناس".

- الدعاء له في حياته وبعد مماته: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دُعَاءُ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ لَا يُرَدُّ) (رواه البزار، وصححه الألباني).

- العفو عن زلاته وهفواته فالاختلاف طبيعة الخلق: قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) (رواه مسلم)، وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذْ أقْبَلَ أبو بَكْرٍ آخِذًا بطَرَفِ ثَوْبِهِ حتَّى أبْدَى عن رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (أمَّا صَاحِبُكُمْ فقَدْ غَامَرَ) فَسَلَّمَ وقَالَ: إنِّي كانَ بَيْنِي وبيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شيءٌ، فأسْرَعْتُ إلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أنْ يَغْفِرَ لي فأبَى عَلَيَّ، فأقْبَلْتُ إلَيْكَ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لكَ يا أبَا بَكْرٍ، ثَلَاثًا، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فأتَى مَنْزِلَ أبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أثَّمَ أبو بَكْرٍ؟ فَقالوا: لَا، فأتَى إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وجْهُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَمَعَّرُ، حتَّى أشْفَقَ أبو بَكْرٍ، فَجَثَا علَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، واللَّهِ أنَا كُنْتُ أظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ... " (رواه البخاري).

- موالاته ونصرته في الحق، ونصحه وإرشاده إذا تركه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: (تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ) (رواه البخاري).

- المواساة بالمال التي تصل إلى المشاركة والإيثار: "جاء رجل مِن السلف إلى بيت صديقٍ له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟ قال: علي أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها ثم خرج فأعطاه ثم عاد إلى الدار باكيًا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه إذا كان إعطاؤه يشق عليك. فقال: إنما أبكي لأني لم أفتقد حاله فاحتاج أن يقول لي ذلك!" (التبصرة) "ورأى أحد السلف رَجُلَيْنِ يَصْطَحِبَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ فَسَأَلَ عَنْهُمَا فَقِيلَ: هُمَا صَدِيقَانِ، فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِهِمَا فَقِيرٌ، وَالْآخَرِ غَنِيٌّ؟!".

- الإعانة بالنفس والبدن على قضاء الحاجات(6): قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ مِن أَنْ أعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجدِ -يَعْنِي مَسْجدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا) (رواه الطبراني وقال الألباني: حسن لغيره).

مِن أقوال السلف في فضل صديق الخير:

- نظروا في أثر أخوة الخير في الدنيا والآخرة، فكانت منهم هذه الدرر مِن الأقوال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لِقَاءُ الْإِخْوَانِ جَلَاءُ الْأَحْزَانِ"، وقال بعض السلف: "رُب صديق أودُّ من شقيق"، وقال آخر: "أَفْضَلُ الذَّخَائِرِ أَخٌ وفِيٌّ"، وقال آخر: "صديق مُسَاعدُ عضدٌ وَسّاعدً" (أدب الدنيا والدين، ص161).

- فقدان صاحب الخير عندهم مصيبة: قال الامام أحمد -رحمه الله-: "إذا مات أصدقاء الرجل ذل" (طبقات الحنابلة). وقال سفيان بن عيينه: "قال لي أيوب: إنَّهُ لَيَبْلُغُنِي مَوْتُ الرَّجُلِ مِنْ إخْوَانِي فَكَأَنَّمَا سَقَطَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِي" (الآداب الشرعية)، وقال الخليل بن أحمد: "الرجل بلا صديقٍ كاليمين بلا شمال".

وقال الشاعر:

لـكـل شـيء عـدمـتـه عـوض وما لفقد الصديق من عوض

وقال جعفر بن محمد: "لقد عظمت مكانة الصديق، ألم تسمعوا قوله -تعالى- في أهل النار: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ . وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (الشعراء: 100-101)".

اللهم اجمعنا على حبك ومع من احبك وابعدنا عن من عاداك وعادى اخوننا المؤمنين
 

اللهم اجمعنا على حبك ومع من احبك وابعدنا عن من عاداك وعادى اخوننا المؤمنين
 
توقيع : (Microsoft)
جزاك الله خيرا
.......................
 
بارك الله فيك وجزاك كل خير
شكراً
 
عودة
أعلى