غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي


إن العباداتِ والقربات ليست محصورة في الصلاة والزكاة والصيام والحج والذكر وقراءة القرآن ونحو ذلك من الأمور العظيمة، بل إن العفو والمسامحة أيضا من أفضل العبادات والقربات التي يتقرب بها العبد إلى خالقه سبحانه.
فعن سيدنا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ». [رواه البيهقي في شعب الإيمان].
وعَنْ سيدنا عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ». [رواه البيهقي في شعب الإيمان].
وعن سيدنا أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ، فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ، فَيَقُولُ: لَا؛ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: اسْمَحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي» [رواه ابن حبان].
وعَنْ سيدنا حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُتِيَ اللهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي». [رواه مسلم].
السماحة بين الزوجين
كان صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعر زوجاته الكريمات، ويعاملهن باللين والرفق، ويلاطفهن بالكلمة الطيبة، وكان يساعد أهله في شئون البيت، وكان صلى الله عليه وسلم يضفي روح المودة والسعادة في بيته بالمزاح والملاطفة.
لقد أمر الإسلام بغضِّ الطرْفِ عن عيوب شريك الحياة، والبحث عن جميل المحاسن فيه، مع التقويم والإرشاد والتوجيه برفق ولين، ليكون ذلك دافعًا للنفس على تَقَبُّلِ ما يصدُر عنه من أخطاء تصدر بحكم البشرية، فلا معصوم إلا من عصم الله تعالى، فيجب على الزوجين أن يبحثا عن المحاسن لا أن يتربصا لأخطاء بعضهما، فمن السماحة حمل كلام الغير أو فعله على المحمل الحسن، وبهذا تسود الألفة والمحبة، ويذهب الكيد وتصيد الأخطاء.
عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» [رواه مسلم].
السماحة بين الأهل والأقارب
إذا بدأنا الحديث عن التسامح بين الزوجين، فلا بد من توسيع دائرة التسامح لتشمل كل الأقارب، وكثيرًا ما يتعرض الإنسان إلى أذية أحد أقاربه، بل ربما يأتي الأذى من القريب دون البعيد، ومبدأ الشريعة هو تقويم المخطئ برفق، مع مسامحته عند الخطأ بل والإحسان إليه بعد الخطأ، وهذا مسلك الأنبياء وأعلى درجات الصالحين، ولا شك أن هذا من أشق الأمور على النفس، ولكن أذية الناس تهون عليك إذا علمت أن الجزاء من جنس العمل، فكما تسامح الخلق يسامحك الله، وكما تعفو عنهم يعفو عنك الله، وإن عاملتَ الخلق بالعدل عاملك الله تعالى بالعدل، وإن عاملتهم بالإحسان عاملك الله تعالى بالإحسان، فالمتفضل على الخلق متفضَّل عليه من ربه.
وقد صح عَنِ سيدنا ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ». [رواه أحمد].
وعَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ "إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ"، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» [رواه مسلم].
وزارة الأوقاف المصرية

