ضياء البرق

زيزوومى مميز
إنضم
6 نوفمبر 2012
المشاركات
332
مستوى التفاعل
345
النقاط
520
غير متصل
بسم الله الرحمن الرحيم

العبادةَ حياةُ القلوبِ وربيعُها
(1)

العبادةَ حياةُ القلوبِ وربيعُها، وأُنسُ النفوسِ وبهجتُها؛ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)[الْبَقَرَةِ: 197].



أُمَّةَ الإسلامِ: إنَّ اللهَ -تبارك وتعالى- لم يخلق الخلقَ ليتعزَّز بهم من ذلة، ولا ليستكثرَ بهم مِنْ قِلَّة؛ فهو الكبيرُ المتعال، وهو المنعِم المتفضِّل؛ (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)[الْأَنْعَامِ: 18]، وفي الحديث القدسي، يقول الله -جل جلاله-: "يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ في مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا"(رواه مسلم)؛ فاللَّهُ -تعالى- خلَق الجنَّ والإنسَ لعبادته، وحدَه لا شريكَ له، وهي الغاية التي لأجلها أرسل رسله، وأنزل كتبه، ومِنْ أَجْلِها نُصبت الموازينُ، ونشرت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار، وانقسم الناس فيها إلى مؤمنين وكفار، ومتقينَ وفُجَّار، قال جلَّ شأنُه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)[الْأَنْبِيَاءِ: 25].



وأصلُ العبادةِ توحيدُ الربِّ -جلَّ جلالُه-، ولقد أفاض اللَّهُ في كتابه، بذِكْر الأدلة، وضَرْب الأمثلة، وبيانِ دلائلِ الوحدانيةِ، وبراهينِ استحقاق العبادة، فقال سبحانه: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)[الرَّعْدِ: 16].



إخوةَ الإيمانِ: إنَّ العبدَ إذا أخلَص في عبادة ربِّه، صَلُحَ أمرُه، وانشرح صدرُه، واطمأنَّ قلبُه؛ (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرَّعْدِ: 28]، فمن آثار العبادة، حلاوة الإيمان والطاعة، فلا يزال العبد في أداء العبادات، والإكثارِ من الصالحات، حتى يصبح الذِّكْرُ أنيسَه، والقرآن جليسه، والصلاة قرة عينه، والصيام متعتَه، فيُحِييه اللَّهُ حياةً طيبةً، فيكون من أطيب الناس عيشًا، وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، فتراه في أشدِّ الكروبِ والخطوبِ، وعندَ حلولِ الهمومِ والغمومِ، يَفزَع إلى الصلاة، فيُناجي فيها ربَّه، ويبثُّ إليه شكواه وهمَّه، يتذكر قول الرب -جل في علاه-: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)[النَّمْلِ: 62].



وهذا رسولُنا الكريمُ -عليه أفضل الصلاة والتسليم- بشرٌ يعتريه ما يعتري البشرَ؛ مِنْ حُزنٍ وهمٍّ وكدرٍ، فيُعلِّمنا بفعله ومقاله كيف يُزالُ الهمُّ، وكيف يُدفَع القلقُ والغمُّ، فكان إذا حزبَه أمرٌ، صلَّى، وفي سنن أبي داود: قال صلى الله عليه وسلم: "يا بلالُ، أَقِمِ الصلاةَ، أَرِحْنَا بها"، وفي مسند الإمام أحمد، قال علي -رضي الله عنه-: "لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ، وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إِلا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ" بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-.



قال ابن القيم في شأن عبادة الصلاة: "فلها تأثيرٌ عجيبٌ في حفظ صحَّة البدن والقلب وقُواهما، ودَفْع الموادِّ الرديئةِ عنهما، وما ابتُلي رجلانِ بعاهةٍ أو داءٍ أو محنةٍ أو بليَّةٍ، إلا كان حظُّ المصلِّي منهُما أقلَّ، وعاقبتُه أسلَمَ، وللصلاةِ تأثيرٌ عجيبٌ في دفعِ شرورِ الدنيا، ولا سيما إذا أُعطِيَتْ حقَّها مِنَ التكميلِ ظاهرًا وباطنًا، فما استُدفعَتْ شرورُ الدنيا والآخرة، ولا استُجلِبَتْ مصالحُهما بمثلِ الصلاةِ" انتهى كلامه -رحمه الله-.


الشيخ د. ماهر بن حمد المعيقلي

يتبع
 

اللّهمّ أعنّا على ذكرك وشُكرك، وحُسن عِبادتك
اللّهمّ صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا وقائدنا وقدوتنا وقره اعيننا سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه اجمعين
أخى الكريم..شرح الله صدرك ويسر لك امرك وهداك وكفاك شر ما تكره يارب
 
توقيع : fathy100
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك شكراً
 
بارك الله فيك
 
توقيع : أسيرالشوق
عودة
أعلى