غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

بعدما قرأَ عن أثار الذنوب لابن القيم وعرف أنها
" تستدعي نسيان الله لعبده، وتركه، وتخليته بينه وبين نفسه
وشيطانه ، وهناك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة."
تحدث مع أحد أصدقائه الملتزمين، قائلاً :
أشعر بالضيق والقلق من كثرة المعاصى التى أقترفها..
أريد أن أبتعد عنها، لكن لا أجد القوة والعزيمة لذلك..
هل لديك نصيحة تُرشدنى بها؟
قال له :
لا تقلق يا صديقى فكلنا نخطئ ونذنب لكن ما يهم هو أن ندرك خطأنا
ونسعى للتوبة والعودة إلى الله..
رد بعلامات اليأس والحُزن تسيطر عليه :
لكن كيف أستطيع التوبة ؟ وكيف أبتعد عن المعاصى
التى تُحيطُ بى من كل جانب ولا أملك القوة الكافية للصمود
أمام إغراءات الدنيا ؟ ..
فلقد أصبحت كالمسافر فى صحراء مهجورة، يزداد شعوره بالوحدة
مع كل خطوة يخطوها...
أبحث عن ينبوع ينعش روحى ويروى ظمأ قلبى، لكنى
لا أجد سوى الرمال الصمّاء والسماء المُكتَسِيةّ بالماء
والتى توحى بالبعد عن كل ما يمكن أن يساعدنى
فى الصباح أو المساء...
أشعر كأنني طائر محاصر فى قفص ، لا أملك سوى جناحين
مقيدين لا يمكنهما التحليق فى سماء الحرية...
أشتاق للانطلاق ، للارتفاع عاليا دون حدود، لكن قيود الوحدة تعيق
طيرانى وتحاصر أحلامى...
أصبحت كشجرة خضراء فى صحراء مهجورة ، تحاول جاهدة
أن تقاوم الجفاف والعزلة...
تبحث عن قطرة ماء تروى ظمأها وتنعش أوراقها، لكن كل ما أجده
هو الرمال المتسخة والشمس الحارقة...
أشعر كأننى بحار فقّدَ بوصلته، أجد نفسى تائهاً فى بحر
من الشكوك والظنون...
أبحث عن شاطئ الأمان، عن ضوء يرشدنى إلى الطريق الصحيح، لكن كل
ما أراه هو أمواج متلاطمة تهدد بغرقى فى أعماق اليأس...
أشعر بالضياع، بالوحدة، باليأس، لكننى لا زلت أقاوم...
لا زلت أبحث عن الماء، عن الحرية، عن قطرة ماء
تروى ظمأ روحى، عن شاطئ الأمان...
لا زلت أؤمن بأننى سأجد طريق الخلاص، وضوءاً يرشدنى
إلى المستقبل، سأجد نفسى من جديد...
فقال له :
لقد سألت وجاوبت بنفسك ، والآن حان وقت العمل..
فلا تضيع وقتك فى التردد، بل ابدأ العمل فوراً...
صديقى :
سَمِعت كلماتك وشَعُرت بصدق مشاعرك...
لقد وصفت حالتك ببراعة، وأظهرت شعورك بالوحدة والضياع
بسبب المعاصى التى تقترفها، وشعورك بالضيق والقلق من المعاصى
يدل على وجود ضمير حى يرفض الخطأ...
فانطلق وستجد الماء الذى يروى ظمأ روحك
وستجد الحرية التى تنشدها
وستجد شاطئ الأمان الذى تبحث عنه...
فالطريق طويل ، يلفّه الغموض ويزدحم بالأشواك ، ونفق الحياة
مغلق أبوابه ، تارك النفس رهينة للظلمة..
وفى هذه اللحظات العصيبة ، يلتفت الإنسان يمينا ويساراً
ويبحث هنا وهناك ولا يجد ملاذاً ولا مُعيناً إلا الله...
أوقف بحثك فى الخارج ، وإبدأ بحثك فى الداخل
وستجد الدليل...
