Fonts Lover
زيزوومي VIP
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال للصحفي
أحمد سالم الفلاحي
يقال: هذا رقم صعب
_______________________________________________________
تكثر التوصيفات بالأرقام الصعبة، وخاصة في الأوقات والظروف الصعبة، فهذه الدولة "رقم صعب" وهذا الفرد "رقم صعب" وهذه الفئة "رقم صعب" وهذه السلعة "رقم صعب" وهذه المعادلة "رقم صعب" وهذه الفكرة "رقم صعب" وتغيير هذا الأمر "رقم صعب"
وتتعدد الأمثلة على تجاوز الرقم الصعب، مع أن هذه الصعوبة ليس شرطاً أن تكون حقيقة صعبة، بقدر ما يعطيها الآخرون هذا التوصيف؛ بغية عدم الاقتراب منها، وتظل تغلفها هذه الصعوبة بغلاف هلامي غير حقيقي، اقتنعت أنفس الناس بذلك فقط،
فالمسألة يلعب فيها العامل النفسي دوره الكامل.
إبان عملي كصحفي ممارس للصحافة بصورة مباشرة، كانت هناك توصيفات من هذا النوع تنسب إلى مسؤولين كبار في الدولة، ولذلك كان الحذر يسبق الإقدام في مسألة إجراء حوارات صحفية، أو الاتصال بهم لأخذ تعليقاتهم على أمر ما، وخاصة في الأوقات المتأخرة من المساء،
ومع ذلك كان هناك زملاء قليلون يتخطون هذه الأرقام الصعبة لمن يشار إليهم بذلك، مع أن المسألة لا تخرج عن تخيل بأن فلاناً من الناس هو "رقم صعب" وبالتالي ليس من اليسير التحدث معه، أو مخاطبته بالهاتف؛ على سبيل المثال.
السؤال هنا أكثر: من الذي يضفي هذه الأرقام الصعبة سواء على الأفراد، أو على الدول، أو على المواقف، أو على كل شيء من شأنه أن تكون له علاقة بالآخر؟ يقيناً؛ ليس هناك مقياس لهذا الأمر، أو مستوى معين عندما يصل إليه هذا الفرد أو هذه الدولة، أو هذا الموقف يمكن أن يكتسب هذه الصفة "رقم صعب"
ولكن؛
كما أعتقد أن الناس يفترضون تصورات للآخرين انطلاقا من صور نمطية اقتنع بها البعض بأنها تمثل رقما صعباً، بينما لم يعرها آخرون هذا الافتراض، ولذلك تجاوزها في تعاملاتهم المختلفة مع الآخر.
وفي جانب آخر من هذه المسألة أن هناك أناساً ينزلون أنفسهم منازل الأرقام الصعبة، دون أن ينتظروا من الآخرين هذا التوصيف، وذلك انعكاسا أيضا من مظاهر مادية أصبحوا عليها، ولم يكونوا كذلك قبل فترة من الزمن، وهذه الصورة الأخيرة لا تخرج عن مفهوم النرجسية التي يتلبسها البعض في كثير من تصرفاتهم الحديثة لم يكونوا كذلك قبل فترة من الزمن،
ولعل هذه مسألة أسوأ من السابقة، لأنَّه؛ أن يصفك الآخرون بأنك "رقم صعب" فهذا أهون، لأنك قد تأتي بأفعال وممارسات لا تعبر إطلاقا عن هذا الرقم الصعب الذي ألبسه إليك الآخرون، أما عندما تتبنى الفكرة نفسها من ذلك وبقناعاتك، فهذه أصعب،
لأن الخروج منها ليس يسيرا إطلاقا، وقد تفقد الكثير من مكتسباتك الاجتماعية مع الآخر، فتكون خسارتك مضاعفة.
صحيح؛ أن هناك دعوة نسمعها كثيرا بضرورة أن تكون ما بينك وبين الآخرين مسافة فاصلة؛ حتى لايسقط عليك الآخرون صفة الرقم الصعب، وفي المقابل أن لا تسقط على الآخرين ذات الصفة،
فتتعقد العلاقات بينكما كثيرا، فمحاسن هذه المسافة الفاصلة بينك وبين الآخرين أنها تلغي الأرقام الصعبة، وتحولها أرقاما سهلة، وتبقى المعادلة (1+1 =2) دون تكلف،
أما في مفهوم الأرقام الصعبة فذات المعادلة لن تكون نتيجتها كذلك، حيث تقبل التأويل والتخمين، وتؤول خاتمتها إلى التعقيد.
المصدر : جريدة عُمان

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

التعديل الأخير: