ميدو المحلة
زيزوومي VIP
غير متصل

هم قوم ورد ذِكرهم في المصادر الدينية اليهودية والمسيحية والإسلامية يكفنهم الغموض وتتباين الروايات عنهم وبعضها أقرب إلى الأساطير لكن ثمة إجماع على أنهم كثيرو العدد جداً (مثل رمل البحر)، وهم أهل شرّ وفساد وقوة وعدوان، لا يصدّهم شيء عن ظلم مَن حولهم بطشهم وجبروتهم كانوا موجودين واختفوا بعد أن بُنِيَ بينهم وبين جيرانهم سدّ يمنعهم من الخروج إليهم، وقيل لا بل هم تحت ذلك الردم أو السدّ، وأنهم سوف يظهرون ثانيةً في آخر الزمان ويعيثون في الأرض فساداً، إلا أنهم يُقتَلون جميعاً في مَقتلة عظيمة، ويكون ذلك من أشراط الساعة، أي من علامات نهاية العالم
الروايات متعدّدة لكن هنا بعض الإضاءة عليهم مُستقاة من المصادر الدينية والروايات المُتعارِضة. نشير أولاً إلى أن ماجوج هو إسم ثاني أولاد يافث بن نوح. ولعلّ القوم كانوا من نسله، ويُقصَد بهم في التوراة قبائل الكيثيين المتوحّشة الذين كانوا يأتون من الشمال بقوّتهم العظيمة فرساناً ومُشاةً متسلّحين بالقسيّ
ويرد الإسمُ على ثلاثة أوجه في المصادر المذكورة. ففي العهد القديم، أو التوراة، يُسمَّون جوج وماجُوج، أما في العهد الجديد (رؤيا يوحنا) ياجوج وماجوج، في حين أنهم في القرآن الكريم يأجوج ومأجوج بالهمزة
ويذهب قاموس الكتاب المقدّس إلى أن إسم جوج ربما أُخِذَ من جيجيس، رئيس ماشك وتوبَل (في نواحي أذربيجان). وفي مكان آخر يذكر أن جوج شخصية شبيهة بجوج المذكور في نبوءة حزقيال ستظهر في نهاية العصر الحاضر
وقيل إن "ما" في ماجوج تعني "في" أو "من بلاد" باللغة العِبرية، فيكون الإسم "جوج" في بلاد ماجوج. وقيل إن الإسم جوج وماجوج عبارة صينية، بمعنى قارّة شعب الخيل وهم المغول والدول المجاورة للصين. وقيل أيضاً إنه إسم علَم أعجمي ممنوع من الصرف العلمية والعُجمة، كما ذهب بعضهم إلى أن جوج مشتقّ من الأُجاج وهو الماء الشديد الملوحة، أو من الأجّ أي سرعة العدو، أو من الأجّة وهي الاختلاط والاضطراب، غير أن هذا لا يُعوّل عليه لأن القوم لم يكونوا عرباً حتى يؤخذ إسمهم من اللغة العربية
أما في أوصافهم فقد ورد في المصادر الإسلامية أن يأجوج ومأجوج قوم عِراض الوجوه صغار العيون، صُهب الشغاف، أي أن لون شعرهم أسود فيه حُمرة، كأنّ وجوههم المِجان المُطرقة، أي كأنها التروس لبسطها وتدويرها وغِلظها وعددهم كبير جداً. ومن كل حدبٍ ينسلّون، أي من كل مكان مرتفع يخرجون سراعاً. لكن المكان الذي وُجِدَ فيه يأجوج ومأجوج يكتنفه الغموض ولا دليل على المكان الذي قيل إنهم محتجزون فيه، إلا أن بعض المصادر الإسلامية يرجّح أن يكون في ما وراء الصين
ويذكر بعضهم أنه في جبال القوقاز قرب أذربيجان وأرمينيا. كما تذهب بعض المصادر غير الإسلامية إلى أن السدّين (الذين سنأتي على ذكرهما) هما بحر قزوين والبحر الأسود، ومنطقة ما بين السدّين هي الحدود الفاصلة بين ما يُعرف حالياً بأسم أوسيتيا الجنوبية (تابعة لجورجيا) وأوسيتيا الشمالية (تابعة لروسيا)، حيث يفصل بينهما مضيق جبلي يُعرف حالياً بإسم مضيق داريال، و ماجوج وياجوج كانوا جنوبه
ورد في سورة الكهف (الآيات من 93 إلى 99) أن الملك الصالح ذو القرنين يصل في مكان يحدث فيه ما يأتي:
"حَتّى إِذا بَلَغَ بَينَ السَّدَّينِ وَجَدَ مِن دونِهِما قَومًا لا يَكادونَ يَفقَهونَ قَولًا ﴿٩٣﴾ قالوا يا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجوجَ وَمَأجوجَ مُفسِدونَ فِي الأَرضِ فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا عَلى أَن تَجعَلَ بَينَنا وَبَينَهُم سَدًّا ﴿٩٤﴾ قالَ ما مَكَّنّي فيهِ رَبّي خَيرٌ فَأَعينوني بِقُوَّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَبَينَهُم رَدمًا ﴿٩٥﴾ آتوني زُبَرَ الحَديدِ حَتّى إِذا ساوى بَينَ الصَّدَفَينِ قالَ انفُخوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ نارًا قالَ آتوني أُفرِغ عَلَيهِ قِطرًا ﴿٩٦﴾ فَمَا اسطاعوا أَن يَظهَروهُ وَمَا استَطاعوا لَهُ نَقبًا ﴿٩٧﴾ قالَ هـذا رَحمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعدُ رَبّي حَقًّا ﴿٩٨﴾ وَتَرَكنا بَعضَهُم يَومَئِذٍ يَموجُ في بَعضٍ وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَجَمَعناهُم جَمعا"
هذه الآيات تدل على أن قوم يأجوج ومأجوج كانوا في قديم الزمان أهل فساد وشر وقوّة لا شي يردّههم عن العدوان على جيرانهم. وحين قدم الملك الصالح ذو القرنين وسألوه أن يبني بينهم وبين هؤلاء الأشرار سدّاً يحميهم منهم فطلب منهم أن يمدّوه بالعمال وبقطع الحديد وأقام ردماً عظيماً وصب عليه النحاس المُذاب فلم يستطع يأجوج ومأجوج النفاذَ منه وسيبقون هكذا إلى وقت قيام الساعة
في آخر الزمان يخرجون من محبسهم ويكون منذ ذلك مع خروج المسيح الدجّال، كما تذكر المصادر الإسلامية. ثم يأتي نبيّ الله عيسى فيقضي على الدجّال ويرسل الله تعالى على يأجوج ومأجوج مرضاً يفتك بهم وتنتن الأرض من جيفهم فيرسل عليهم طيوراً ضخمة تنقلهم وتلقيهم حيث شاء الله

