ميدو المحلة
زيزوومي VIP
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

هو أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، كان أبوه مولى لرسول الله ، ويكنى أبا محمد، وهو مولى رسول الله من أبويه، وكان يسمى "حِبّ رسول الله ". ولد رضي الله عنه بمكة سنة 7 قبل الهجرة، ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام لله تعالى ولم يدن بغيره، وهاجر مع رسول الله إلى المدينة، وكان رسول الله يحبه حبًّا شديدًا، وكان عنده كبعض أهله.. وأمه هي أم أيمن رضي الله عنها، واسمها بركة مولاة رسول الله وحاضنته، وكان زيد بن حارثة لخديجة فوهبته لرسول الله فأعتقه رسول الله وزوّجه أم أيمن بعد النبوة، فولدت له أسامة بن زيد رضي الله عنه
في العام السادس من بعثة النبي وُلد لأمّ أيمن أسامة بن زيد رضي الله عنه، فنشأ وتربى رضي الله عنه في أحضان الإسلام، ولم تنل منه الجاهلية بوثنيتها ورجسها شيئًا، وكان رضي الله عنه قريبًا جدًّا من بيت النبوة، وملازمًا دئمًا للنبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي مسند الإمام أحمد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: كنت رديف رسول الله (أي كان يركب خلفه) بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها. قال: فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى. ومن ثَمَّ كان تأثره شديدًا برسول الله ، وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا؛ ففي البخاري بسنده عن أسامة بن زيد رضي الله عنه حدَّث عن النبي أنه كان يأخذه والحسن رضي الله عنه فيقول: «اللهم أحبهما؛ فإني أحبهما»
بل وكان النبي يأمر بحبِّ أسامة بن زيد رضي الله عنه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة». وكان نقش خاتم أسامة بن زيد رضي الله عنه: (حِبّ رسول الله ). وقد زوّجه النبي وهو ابن خمس عشرة سنة
أم أيمن -رضي الله عنها- هي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي إحدى المؤمنات المجاهدات اللاتي شاركن في المعارك الإسلامية مع رسول الله ، فقد شهدت أُحدًا، وكانت تسقي المسلمين، وتداوي الجَرْحَى، وشهدت غزوة خيبر. وقد روت أم أيمن -رضي الله عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله . قال ابن حجر في الإصابة: كان النبي يقول عنها: «هذه بقية أهل بيتي». هذه المرأة المؤمنة التقية الورعة المجاهدة كانت أحد المحاضن التربوية التي تخرَّج فيها أسامة بن زيد رضي الله عنه.
وقد استشهد زيد بن حارثة رضي الله عنه زوج أم أيمن ووالد أسامة في مُؤْتة، واستشهد أيمن ابنها وأخو أسامة من أمه في حُنين، ففي هذه الأسرة المؤمنة المجاهدة نشأ هذا القائد الفارس الفذّ، وتربى على معاني الجهاد والدفاع عن الإسلام؛ مما جعل رسول الله يوليه إمارة الجيش الإسلامي وهو في الثامنة عشرة من عمره وفي الجيش كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار وأصحاب السبق في الإسلام.
روى البخاري بسنده عن عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- أن امرأة سرقت في عهد رسول الله في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد رضي الله عنه يستشفعونه. قال عروة: فلما كلمه أسامة رضي الله عنه فيها، تلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتكلمني في حد من حدود الله؟!» قال أسامة رضي الله عنه: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله خطيبًا، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها، فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت. قالت عائشة: فكانت تأتي بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولاَّه النبي -على صغر سنِّه- قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام، وقال له: «يا أسامة، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، فأغر صباحًا على أهل أُبْنَى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع». ثم عقد الرسول لأسامة اللواء، ثم قال: «امض على اسم الله». وقد اعترض بعض الصحابة على استعمال هذا الغلام على المهاجرين الأولين، ولما علم رسول الله بذلك، غضب غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وايم الله إن كان للإمارة لخليقًا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيرًا؛ فإنه من خياركم»
وقبل الخروج مع أسامة جاء المسلمون يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بإنفاذ بعث أسامة رضي الله عنه. وركب أسامة إلى معسكره وصاح في الناس أصحابه باللحوق بالعسكر، فانتهى إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل وقد مَتَعَ النهار، فبينا أسامة يريد أن يركب من الجُرْف أتاه رسول أم أيمن -وهي أمه- تخبره أن رسول الله يموت، فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهما- فانتهوا إلى رسول الله وهو يموت، فتُوفِّي رسول الله حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجُرْف المدينة.
وبعد وفاة النبي بويع لأبي بكر رضي الله عنه، وقد ارتدَّ من العرب من ارتد عن الإسلام، دخل على أبي بكر كبارُ الصحابة، فقالوا: "يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب، وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئًا، اجعلهم عُدَّة لأهل الردة ترمي بهم في نحورهم، وأخرى لا نأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بِجِرَانِه، وتعود الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة، حينئذٍ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا". ولكن الصديق رضي الله عنه أصر على إنفاذ بعث أسامة قائلاً: "والذي نفسي بيده، لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث".
وبالفعل خرج جيش أسامة، واستطاع هذا الجيش أن يقوم بمهمته على خير وجه، ويعود ظافرًا إلى المدينة. وظهرت موهبة أسامة الفذة في قيادة الجيش، وأثبت أنه كان -على صغر سنِّه- جديرًا بهذه القيادة.
عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبطيَّة كثيفة أهداها له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال رسول الله : «ما لك لا تلبس القبطية؟» قلت: كسوتها امرأتي. فقال: «مرها فلتجعل تحتها غلالة؛ فإني أخاف أن تصف عظامها».
وعن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمْ أرَكَ تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان. قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم».
روى البخاري بسنده عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء»
وروى مسلم في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم».
تربّى أسامة رضي الله عنه على يد رسول الله ، وقد ربّاه النبي على أن يكون قائدًا، واكتشف عناصر هذه القيادة في شخصيته، وقد كان رضي الله عنه دقيقًا في تنفيذ أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويظهر ذلك من مواقفه المتعددة، ومنها عندما كان قائدًا للجيش الذي غزا الروم في الشام، ومدى الدقة التي التزم بها في تنفيذ تعليمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضلاً عن ذلك فقد شهد له رسول الله أنه خليق بالولاية وأنه أهلٌ لها، وقد نجح رضي الله عنه في مهمته التي انتدب لها أعظم نجاح، وأدى دوره على أفضل ما يكون الأداء؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله بعث بعثًا وأمَّر عليهم أسامة بن زيد رضي الله عنه، فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده».
اعتزل أسامة بن زيد رضي الله عنه الفتن بعد مقتل عثمان رضي الله عنه إلى أن مات في أواخر خلافة معاوية رضي الله عنه، وكان قد سكن المِزّة غرب دمشق، ثم رجع فسكن وادي القرى، ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجُرْف

