ضياء البرق

زيزوومى مميز
إنضم
6 نوفمبر 2012
المشاركات
332
مستوى التفاعل
345
النقاط
520
غير متصل
بسم الله الرحمن الرحيم

توقير الله وتعظيمه: المعينات والمآلات (1)
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].



أما بعدُ: فإن الله -تعالى- هو العظيم الذي لا أعظمَ منه، القادرُ على كل شيء، المالك لكل شيء، وكل شيء تحتَ قهرِه وقدرتِه، وتعظيمُ الله -عز وجل- من أجلِّ العبادات القلبية، وهو الذي يتعيَّن ترسيخُه في القلوب، وتزكيةُ النفوسِ به، وكلَّما كانت المعرفةُ بالله أتمَّ، والعلمُ به أكملَ كانت الخشيةُ له أعظمَ وأكثرَ، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فَاطِرٍ: 28]، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّما أنَا أعلمُكم باللهِ وأخشاكم له"، وقد ذمَّ اللهُ -سبحانه- أولئك الذين لم يُوقِّرُوه حقَّ توقيره فقال عزَّ مِنْ قائلٍ: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[الزُّمَرِ: 67]، فهم جاهلون بربهم العظيم القدير، ما عرفوه حقَّ معرفته، وما عظَّموه حق تعظيمه، وما أعطوه ما يستحقه -سبحانه-؛ من تقديس وإجلال وتكريم وتنزيه.



عبادَ اللهِ: من أخطر ما يفتِك بقلب العبد، ويُورده المهالكَ، أن يعتقد الإنسانُ في ذات الله -تعالى-، أو صفاتِه، أو أفعاله خلافَ الحقِّ، قال تعالى على لسان إبراهيم -عليه السلام- وهو يخاطِب قومَه الذين اتخذوا الأصنامَ آلهةً: (فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 87]؛ أَيْ: إنَّ اعتقادَكم في جانبِ ربِّ العالمينَ باطلٌ وجهلٌ منكَرٌ.



وقد يكون المرءُ ممَّن يُسيء الظنَّ بربه وهو لا يشعر، قال ابن القيِّم -رحمه الله-: "فأكثرُ الخلق، بل كلُّهم إلا مَنْ شاء اللهُ يظنُّون بالله غيرَ الحق ظنَّ السَّوءِ؛ فإنَّ غالبَ بني آدم يعتقِد أنَّه مبخوسُ الحقِّ، ناقصُ الحظِّ، وأنَّه يستحق فوقَ ما أعطاه اللهُ، ولسانُ حاله يقول: ظلَمَنِي ربي، ومنَعَنِي ما أستحقّ، ونفسُه تشهد عليه بذلك، وهو -بلسانه- يُنكِره، ولا يتجاسَر على التصريح به، ولو فتشتَ مَنْ فتَّشتَه، لرأيتَ عنده تعتُّبًا على القَدَر، ومَلامةً له، واقتراحًا عليه خلافَ ما جرى به، وأنَّه ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقِلٌّ ومستكثِرٌ، وفتِّشْ نفسَكَ، هل أنتَ سالم من ذلك؟!" انتهى كلامه -رحمه الله-.



ومن صُوَر هذه المسألة -أيها الإخوة- التسخطُ والاعتراضُ على الأقدار؛ فهي من أخطر أمراض القلوب، ومن مظاهر ذلك قولُ بعضهم إذا أُصيب بمصيبة: ماذا فعلتُ يا ربي؟ أو أنا لا أستحقُّ ذلك، أو عندما يرى على أحدٍ نعمةً فيحسُده عليها قائلًا: لماذا فلان عندَه كذا وكذا وأنا ما عندي شيء؟! وكذلك ما يقوله بعضُهم إذا أُصِيبَ شخصٌ بمصيبة: فلانٌ مسكينٌ لا يستحقّ ما جرى له! أو لا يستأهل هذه العقوبةَ، فمثل تلك الأقوال المنكَرة ممَّا يَكثُر على الألسنة، وذلك من الاعتراض على قضاء الله وقدَرِه، ومن الجهل بحكمته -سبحانه- فلا يجوز إطلاقُها، ولا أن نتكلَّم بكلمة تُسخِط ربَّنا وتُحبِط عملَنا، بل علينا أن نَرضى ونُسلِّم لأمرِ اللهِ وحُكمِه وتدبيرِه، وأن نُحسِن الظنَّ به، ونُفوِّض الأمرَ إليه.

يتبع ...
 

بارك الله فيك
شكراً لك على الطرح الرائع
 
توقيع : أسيرالشوق
جزاك الله خيرًا وبارك الله فيك
 
بارك الله فيك وجزاك خيرا وشكرا لك
 
توقيع : aelshemy
عودة
أعلى