غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

إن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلا ينبغي للعبد أن يظن أنه قادر على الخداع والمراوغة؛ فإن الله محيط بما يبدي وما يخفي.
وقد ذم الله تعالى المنافقين الذين يبطنون خلاف ما يظهرون فقال: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} (البقرة: 9). والمراد بقوله تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم} الإشعار بأنَّهم لـمَّا خادعوا مَن لا يُخْدَع كانوا مخادعين أنفسهم، لأنَّ الخِداع إنَّما يكون مع مَن لا يَعْرِف البواطن. وأمَّا مَن عَرف البواطن: فمَن دخل معه في الخِدَاع، فإنَّما يَخْدَع نفسه وما يشعر بذلك.
وقد فضح الله طائفة من أهل الكتاب كان ديدنهم الخداع وعقيدتهم الكذب وهديهم الضلال ودينهم الفجور فقال عنهم: {وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(آل عمران:72). فهم يتظاهرون بالإيمان من قبلهم أول النهار ويكفرون به آخره، وذلك لقصد الإيهام وإدخال الريب والشك في نفوس المسلمين حسب زعمهم ولؤم طبائعهم، ومن هنا يرتد عن الإسلام مَنْ آمن بالإسلام من العرب؛ حيث قالوا: لعلَّهم يرجعون : أي يرتدون عن الدين، وهذا هو دَأْبُهم ومكرُهم بالمسلمين من زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما أوضح سبحانه وتعالى تضليلهم الماكر وحيلهم المتتالية وكيدهم المستمر ومراوغتهم الواهية؛ قال عز وجل: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(آل عمران: 78).
