كريم الجنابي

مدير عام للمنتدى والمكتبة الالكترونية
طاقم الإدارة
طـــاقم الإدارة
★★ نجم المنتدى ★★
نجم الشهر
عضو المكتبة الإلكترونية
عضوية موثوقة ✔️
كبار الشخصيات
إنضم
1 ديسمبر 2012
المشاركات
25,562
مستوى التفاعل
70,214
النقاط
10,720
الإقامة
ZYZOOM
غير متصل
MKXlx53.png


ألا تَسْتَنْصِرُ لنا!

-%D8%A5%D9%86-%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8..-1091x520-c.jpg


الجزء الاول

BTyPYZD.png


إن طريق المؤمنين إلى الله تعالى ليس بالسهل المفروش بالورود، وإلا لسلكه الكسالى، ولتسارع إليه أصحاب الهوى، ولكنه
طريق شاق كثير العقبات والمَلمَّات، كثير التكاليف، يحتاج إلى همم تناطح الجبال، وأنفس تواقة تستعصي على الترويض ولا تقبل
المساومة ولا ترضى بالضَّيم، مهما كلفها ذلك من تضحيات.
◆◇
عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: "شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو
لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ،
ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى
حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" (صحيح البخاري).
◆◇
ويصف الإمام ابن القيم هذا الطريق فيقول: "يا مُخنَّثَ العزم أين أنت، والطريقُ طريقٌ تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمِي
في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذبح
السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، وزاد على المقدار بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى
محمد ﷺ ، تزها أنت باللهو واللعب".
◆◇
ولصعوبة الطريق ومشقته وعد الله تعالى عباده المؤمنين بأن يتولى أمرهم وأن ينصرهم على عدوهم، وألا يجعل لأهل
الباطل عليهم سبيلاً.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}‏ [الحج:38].
nPuZNVE.png

أولاً: تساؤلات على الطريق
ربما يقول قائل
- أين دفاع الله عن الذين آمنوا وسط كل هذه الانتهاكات الصارخة، وهذا الظلم البيِّن، وهذا الفجور والتجبر من أعداء الله!!
- وأين دفاع الله تعالى والأعراض قد انتهكت، والحرمات قد استبيحت، والكرامة قد دِيْسَت، والأبدان قد مُثل بها وقد حُرِّقت!!
- وأين دفاع الله تعالى عن هؤلاء الشيوخ الرُّكع، والأطفال الرُّضع!!
- وأين دفاع الله وقد أنهِكنا من العبادة ومن الدعاء!!
* وغير ذلك من الأسئلة الأخرى التي لا تنتهي ولا يتوقف السائرون على الطريق عن ترديدها، خاصة كلما استأسد الباطل
وتبجح، وكلما زاد الخناق على أهل الحق.
nPuZNVE.png

وللرد على هذه التساؤلات نقول .. وبالله التوفيق:
- ألا يُعد ثباتك على الحق وسط كل هذه الأهوال والأهواء والمغريات نصراً؟
بالطبع نعم!
فمن ذا الذي ثبَّتك وقوَّاك وأيَّدك وحمَاك؟
هل هي نفسك الأمارة بالسوء! أم أنه الله تعالى؟؟
- ألا يُعد اقتناع مُعظم من حولك أنك على الحق، وأنك لا تستحق كل ما تتعرض له من ظلم، نصراً!!
* إن الله تعالى قد أخضع للحق ألسنة من شهدوا له.. ومن خضع لسانه فقد أوشك قلبه وقالبه أن يخضعا!!
◆◇
إن الله تعالى قادر على أن يُخضع قلوب وأبدان العباد للحق عُنوة بآية من آياته، كما حدث في غزوة الخندق! ولكن كما يقال أن
"زمن المعجزات قد انتهى"، ولو نزلت آية أو معجزة الآن لقال أهل الباطل ومن يوالونهم أن (الظروف) قد قهرتهم، ولقالوا
أن (الظروف) قد خدمت أهل الحق!! وما اعترفوا بما حدث على أنها آية من آيات الله، والله تعالى يريد أن يكون انتصار الحق
وأهله أبيضاً ناصعاً واضحاً لا شائبة فيه ولا غموض ولا جدال.
◆◇
* إن المطلوب من أهل الحق بعد الإخلاص والثبات هو الأخذ بكل الأسباب المادية والمعنوية لاستجلاب النصر، والأخذ بزمام المبادرة.
◆◇
قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} [التوبة:14].
◆◇
* والمطلوب من أهل الحق كذلك هو أن يفهموا معنى النصر بمفهومه الشامل في ضوء ما تم ذكره.
◆◇
والمطلوب من أهل الحق أن يُحققوا في أنفسهم شروط وصفات المؤمنين الذين يستحقون نصر ربهم !
◆◇
فكما أن الأب لا يُعطي ما غلي ثمنه لطفل لا يُدرك قيمته ولا يقدِّره حق قدره، فكذلك الله تعالى لا يُعطي النصر لأمة لا تعرف قيمته
ولا تقدِّره حق قدره، ولله المثل الأعلى!
◆◇
وكما أن الأم تتلهف على رؤية جنينها الذي في بطنها إلا أنها تأبى أن تضعه قبل موعده بيوم واحد خوفاً عليه أن يصيبه
مكروه، ولله المثل الأعلى!
◆◇
* إننا لو آمنا بربنا كما أمر ربنا وكما يحب ويرضى، ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً، ولكان الله معنا، ولأيدنا بنصره،
ولكننا للأسف لم نرتق إلى المرحلة المطلوبة للإيمان، كما قال تعالى: {وما كان أكثرهم مؤمنين}.
nPuZNVE.png

ثانياً: حوار ابنة هولاكو وأحد علماء بغداد
يٌحكى أن ابنة هولاكو زعيمِ التتار كانت تطوف في بغداد فرأت جمعاً من الناس يلتفـون على رجل منهم، فسألت عنه…
فإذا هو عالم من علماء المسلمين، فأمرت بإحضاره، فلما مثُل بين يديها سألته: ألستم المؤمنين بالله؟
قال : بلى.
قالت: ألا تزعمون أن الله يُؤيد بنصره من يشاء؟
قال : بلى.
قالت: ألم ينصرنا الله عليكم؟
قال: بلى.
قالت: أفلا يعني ذلك أننا أحب إلى الله منكم؟
قال: لا.
قالت: لِمَ؟!
قال: ألا تعرفين راعي الغنم؟
قالت: بلى.
قال: ألا يكون مع قطيعه بعض الكلاب؟
قالت: بلى.
قال: ما يفعل الرَّاعي إذا شردت بعض أغنامه، وخرجت عن سلطانه؟
قالت: يُرسل عليها كلابه لتعيدها إلى سلطانه.
قال: كم تستمر في مُطاردة الخراف؟
قالت: ما دامت شاردة.
قال: فأنتم أيها التتار كلاب الله في أرضه وطالما بقينا شاردين عن منهج الله وطاعته فستبقون وراءنا حتى نعود إليه جل وعلا.
nPuZNVE.png

ثالثاً: فهم المسلمين الأوائل لطبيعة الصراع بين الحق والباطل
جاء في كتاب "فتوح مصر وأخبارها": عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال: لما أبطأ على عمر فتح مصر كتب إلى عمرو بن العاص:
أما بعد: فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر.. وما ذاك إلا لِمَا أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم، وإن الله تعالى لا ينصر قوماً
إلا بصدق نياتهم، وقد كنت وجَّهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما أعرف؛ إلا أن يكون غيرهم ما
غير غيرهم. فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس وحضَّهم على قتال عدوهم ورغبهم في الصبر والنية، وقدِّم أولئك الأربعة في صدور
الناس، وأمر الناس أن يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزَّوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة
ووقت الإجابة، وليعج الناس إلى الله وليسألوه النصر على عدوهم.
◆◇
فلما وصل الكتاب إلى عمرو جمع الناس وقرأه عليهم، ثم دعا أولئك النفر فقدمهم أمام الناس، وأمر الناس أن يتطهروا ويُصلوا
ركعتين ثم يرغبون إلى الله ويسألونه النصر ففتح الله عليهم" اهـ.
◆◇
* والأربعة نفر هم: "الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد" رضي الله عنهم أجمعين.
nPuZNVE.png

رابعاً: رجل بألف رجل
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول عن الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو رضي الله عنه: "صوته في الجيش خير من ألف رجل".
◆◇
وكان لا يُهزم جيش يحارب فيه القعقاع، غنم في فتح المدائن أدرع كسرى وسيفه، وكان يتقلده في أوقات الزينة، وكانت كتيبته التي
يقودها تُسمى (الخرساء).
◆◇
ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة، والطبري في تاريخه، وابن الأثير في الكامل أن عمر رضي الله عنه قال في القعقاع بن
عمرالتميمي: "لا يهزم جيش فيهم مثله".
أرسله سيدنا عمر إلى سعد عندما طلب المدد، وقال "لا يهزم جيش فيه مثل هذا".
وكتب سعد عنه لعمر فقال: "لم أر مثل القعقاع حمل يوماً ثلاثين غارة، يقتل في كل غارة فارساً من فرسان الفُرس المشهورين".
◆◇
* إن شهادة كبار الصحابة للقعقاع رضي الله عنه من المؤكد أنها لم تبنى على صفات ومؤهلات بدنية فقط.. وإلا لبالغوا في
وصفها، ولكنها بُنيت على يقين راسخ لا يتزعزع، وإيمان قوي لا يلين، وعزيمة لا تخور، ونفس لا يتسرب إليها يأس،
وهمَّة لا تعرف المستحيل.
maxresdefault-1-1091x520-c.jpg


الجزء الثاني
BTyPYZD.png


تحدثنا في الجزء الأول من هذا الموضوع عن مدى المُعاناة التي يعانيها أهل الحق وهم على الطريق، وقلنا أن هذه المُعاناة قد
تجعل البعض يستبطئون نصر الله للذين آمنوا، بل ويتساءلون أين نصر الله للذين آمنوا!!
◆◇
وقلنا أن نصر الله تعالى لا يتحقق إلا لمن يعملون له ولمن يستحقونه ويعرفوا قدره، حتى لا يضيع النصر سريعاً كما تحقق سريعاً.
◆◇
وذكرنا نماذج من الصحابة الكرام كان الواحد منهم بألف رجل لما لديه من يقين راسخ لا يتزعزع، وإيمان قوي لا يلين، وعزيمة
لا تخور، ونفس لا يتسرَّب إليها يأس، وهمَّة لا تعرف المستحيل.
وفي هذا الجزء سنتحدث بفضل الله تعالى عن:-
nPuZNVE.png

خامساً: توضيح سبب تأخر نصر الله تعالى بمفهومه الشامل
إن النصر قد يتأخر على الذين آمنوا رغم ما يتعرضون له من ظُلم وانتهاكات، ويكون هذا التأخير لحكمة يريدها الله تعالى.
◆◇
1- قد يتأخر النصر لأن بنية الفئة المؤمنة لم تنضج النضج المطلوب بعد، ولم يكتمل بُنيانها بعد، ولم تحشد له كل طاقاتها بعد.
فلو نالت النصر حينئذ لفقدته سريعاً كما نالته سريعاً، لعدم قدرتها على حمايته!
◆◇
2- وقد يتأخر النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طاقتها من قوة، وآخر ما تمتلكه من جهد مادي ومعنوي، فلا تستبقي
عزيزاً ولا غالياً إلا بذلته طواعية هيِّناً رخيصاً في سبيل الله.
◆◇
3- وقد يتأخر النصر حتى تجرِّب الأمة المؤمنة آخر قواها، فتدرك أن كل هذه القوى وحدها بدون معيَّة الله تعالى لا تجلب النصر
ولا تصونه بعد تحققه.
◆◇
4- وقد يتأخر النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله تعالى، وهي تعاني وتتألم وتبذل، ولا تجد لها سنداً إلا الله، ولا ملجأ إلا إليه وحده
سبحانه في كل أوقاتها وفي كل أحوالها. وهذه الصِّلة هي الضمانة الأكيدة لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله تعالى
، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق قيد أنملة، ولا تحيد عن العدل وهي قد ذاقت مرارة الظلم ولوعته.
◆◇
5- وقد يتأخر النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تناله، أو تقاتل حمية
وتشفياً، أو تقاتل حتى لا يُقال أنها جبُنت.
◆◇
إن الله تعالى يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله وحده، مُجرداً من أي مشاعر ومن أي مقاصد. "من قاتل لتكون كلمة الله هي
العليا فهو في سبيل الله".
◆◇
6- وقد يتأخر النصر لأن في الشر الذي تواجهه الأمة المؤمنة بقية من خير، يريد الله تعالى أن يجرِّد الشر من هذا الخير، ويذهب
الشر وحده هالكاً غير مأسوفاً عليه، لا تتلبس به ذرة واحدة من خير!
◆◇
7- وقد يتأخر النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً. فلو زال هذا الباطل قبل أن ينكشف كل
زيفه يكون له أنصار من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بفساده ولا بضرورة إزالته، فتظل للباطل جذور في نفوس هؤلاء المخدوعين
الذين لم تنكشف لهم الحقيقة. فيشاء الله تعالى أن يُبقِى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس، ويذهب غير مأسوفاً عليه بلا أنصار
ولا مُشيعين ولا مُترحمين!
◆◇
8- وقد يتأخر النصر لأن البيئة الموجودة حالياً لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة. فلو انتصرت
حينئذ للقيت مُعارضة من هذه البيئة لا يستقر للحق معها قرار. فيشاء الله أن يظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس لاستقبال
الحق الظافر، ولاستبقائه!
◆◇
من أجل هذا كله، ومن أجل غيره مما يعلمه الله تعالى قد يتأخر النصر، فتتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام حتى يتم استيفاء
أسباب النصر وأداء موجباته، وحتى تتهيأ النفوس قبل الأبدان، والقلوب قبل القوالب لاستقباله واستبقائه. حينها يأذن الله تعالى
لأوليائه بنصر تقر به أعينهم، وتطيب به جروحهم، وينسون معه كل ألم، ويفرحون به فرحة الأم بعودة وحيدها.
◆◇
قد يتأخر النصر، فتتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام حتى يتم استيفاء أسباب النصر وأداء موجباته، وحتى تتهيأ النفوس قبل
الأبدان، والقلوب قبل القوالب لاستقباله واستبقائه
nPuZNVE.png

سادساً: علامات على طريق النصر
قال تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: من الآية 40].
وقال تعالى: {وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} [الفتح: 3].
لابد أن نفهم أن الله تعالى لا يقبل لعباده إلا نصراً عزيزاً يليق بقدرته سبحانه ويليق بما بذلوه من جهد وتضحية!!
◆◇
* إن النصر العزيز يتطلب من المؤمنين تضحية عزيزة وجهد جهيد حتى إذا أتاهم تمسكوا به، وعضوا عليه بالنواجذ، ودافعوا عنه
دفاع الأسد عن عرينه ودفاع الملك عن حِماه وحِياضه ودفاع الأبوين عن وليدهما الذي رزقا به بعد سنوات من الانتظار،
ولا يُفرِّطون في النصر مهما كلفهم الأمر.
◆◇
- إن النصر السهل يُعطل الطاقات ويُعوِّد على الكسل والتراخي، وهذا ليس من مقاصد النصر ولا من مقاصد الإسلام .
- إن النصر لابد أن تسبقه تربية وجدانية وهذه لا تتحقق إلا بالممارسة العملية للكر والفر، والقوة والضعف، والأمل والألم،
والفرح والترح، والاطمئنان والقلق، والنصر والهزيمة.
◆◇
* من أجل هذا كله، يؤخِّر الله تعالى النصر .. ومن أجل هذا كله جعل الله تعالى المؤمنين عاملاً من عوامله، ولم يجعل النصر
مُجرد هِبة تهبط عليهم من السماء بلا جهد ولا عناء، فعلى قدر الإيمان، وعلو الهمم، والأخذ بكامل أسباب النصر، يكون النصر.
◆◇
يقول ابن القيم رحمه الله: "ولله الهمم! ما أعجب شأنها، وأشد تفاوتها. فهمة مُتعلقة بمن فوق العرش. وهمة حائمة حول الأنتان
والحش. والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يُحسنه. والخاصة تقول: قيمة المرء ما يطلبه. وخاصة الخاصة
تقول: همة المرء إلى مطلوبه" اهـ.
* الحش: مكان قضاء الحاجة.
◆◇
من هنا نعلم أن صاحب الهمة العالية لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته فهو كالطائر الذي اعتاد أن يُحلق في فضاء رحب فسيح،
لا يرضى بالدُّون مهما كانت العقبات ومهما تكاثرت المَلمَّات ومهما غلت التضحيات.
nPuZNVE.png

وختاماً أقول:
إن كل تضحية في سبيل نصرة الحق هي تضحية مأجورة، إما بالبركة وطيب الذكر وحسن الأثر في الدنيا، وإما بالنعيم المُقيم في الآخرة .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "يودُّ أَهلُ العافيةِ يومَ القيامةِ حينَ يُعطى أَهلُ البلاءِ الثَّوابَ لو أنَّ جلودَهم كانت
قُرِضَت في الدُّنيا بالمقاريضِ" (صحيح الترمذي).
◆◇
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ
يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا، مِن أهْلِ
الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ما مَرَّ بي
بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ" (صحيح مسلم).
nPuZNVE.png

وأقول:
إننا أمرنا بالعمل وسنُسأل عنه، أما النتائج فهي بإذن الله تعالى وحده يأذن بها لمن يشاء وقتما شاء وكيفما شاء .
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا وثبتنا على الحق وثبت الحق بنا وقر أعيننا بنصر عزيز تعز به أهل طاعتك وتذل به أهل معصيتك.
nPuZNVE.png

منقول
ScbamGc.png

 

توقيع : كريم الجنابي
حروفك مليئة بِـ الصدق لا يكتبها إلا شخص متألق في سماء الإبداع
لا يسعني الا تقديم الشكر لك,, وان يبارك الله فيك
 
توقيع : salemsw100
إننا أمرنا بالعمل وسنُسأل عنه، أما النتائج فهي بإذن الله تعالى وحده يأذن بها لمن يشاء وقتما شاء وكيفما شاء .
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا وثبتنا على الحق وثبت الحق بنا وقر أعيننا بنصر عزيز تعز به أهل طاعتك وتذل به أهل معصيتك.

نسأل الله ان يكتب اجركم ويثبتكم على الحق ويرزقكم الفردوس الاعلى من الجنه

اللهم امين
 
بارك الله فيك
 
حروفك مليئة بِـ الصدق لا يكتبها إلا شخص متألق في سماء الإبداع
لا يسعني الا تقديم الشكر لك,, وان يبارك الله فيك
اسال الله ان يجعلك ممن يورثون الجنان ويبشرون بروح وريحان ورب غير غضبان
 
توقيع : كريم الجنابي
نسأل الله ان يكتب اجركم ويثبتكم على الحق ويرزقكم الفردوس الاعلى من الجنه

اللهم امين
ربِـي اغْسل قُلـوبَنا
من كُل حَـزن و هَـم..!
وامْلأ قُلوبَنا بِالرضًـا والسَعادَه …!
إلِهـي لا أدْري مافِي قُلوبِهم ..
فَأعْطهِم الخيـر في كُل مَا يريْــدون..
 
توقيع : كريم الجنابي
توقيع : كريم الجنابي
الف شكر لمجهودك الجميل بارك الله فيك
 
بارك الله فيك
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يعافيك ويعطيك ماترضي في الدنيا والاخرة من الشفاعة والحوض وسائر أنواع الكرامة وشكرا لك استاذنا الفاضل
 
توقيع : fathy100
توقيع : كريم الجنابي
توقيع : كريم الجنابي
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يعافيك ويعطيك ماترضي في الدنيا والاخرة من الشفاعة والحوض وسائر أنواع الكرامة وشكرا لك استاذنا الفاضل
اللهم إنك تعلم أنهم أحباب قلبي، وأصحاب دربي، فبلغهم مني كل الحب، وأدم إلهي بيننا حبل الود،
اللهم ارزقنا وإياهم مغفرة بلا عذاب، وجنة بلا حساب ودعاء مستجاب
 
توقيع : كريم الجنابي
عودة
أعلى