Mr. HATEM
زيزوومي VIP
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

حاتم: أخبرنا شيخنا محمد بن عبيد النهري عن شيخه محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ عن شيخه حمد بن فارس عن شيخه عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ عن الإمام المجدّد/ محمد بن عبد الوهاب رحمه اللهُ تعالى، قال:
بسم الله الرحمن الرحيم
مِن محمد بن عبد الوهاب إلى مَن يصل إليه من المسلمين .. سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته
وبــعـــــــد؛،
أُخبركم أني، ولله الحمد، عقيدتي وديني الذي أدين الله به: مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بَيَّنْتُ للناس إخلاصَ الدين ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يعبد الله به من: الذبح والنذر والتوكل والسجود، وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مُقرَّب ولا نبي مرسَل، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة .. وأنا صاحب مَنصِب في قريتي، مسموع الكلمة، فأنكر هذا بعض الرؤساء؛ لكونه خالف عادة نشؤوا عليها!
وأيضًا ألزمتُ مَن تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الرِّبا وشُرب المسكر وأنواع من المنكرات، فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه؛ لكونه مُسْتَحْسَنًا عند العوام؛ فجعلوا قَدحهم وعَداوتهم فيما آمُرُ به من التوحيد، وما نهيتهم عنه من الشرك، ولَبَّسُوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه الناس، وكبرتْ الفتنة جدًّا، وأجلبوا علينا بخَيل الشيطان ورَجله، فنقول: التوحيد نوعان توحيد الربوبية، وهو أن الله سبحانه- متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم، وهذا حق لا بُد منه؛ لكن لا يُدْخِلُ الرجلَ في الإسلام، بل أكثر الناس مقرّون به، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} (سورة يونس، الآية رقم 31).
وإنَّ الذي يدخل الرجلَ في الإسلام هو: توحيد الإلهية، وهو: أن لا يعبد إلا الله، لا ملكًا مُقرَّبًا ولا نبيًّا مرسلاً؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثَ والجاهلية يعبدون أشياء مع الله: فمنهم مَن يعبد الأصنام، ومنهم مَن يدعو عيسى، ومنهم مَن يدعو الملائكة؛ فنهاهم عن هذا، وأخبرهم أن الله أرسله لِيُوَحَّدَ؛ ولا يُدْعَى أحدٌ لا الملائكة ولا الأنبياء، فمَن اتبعه ووحد الله: فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله، ومَن عصاه ودعا عيسى أو الملائكة واستنصرهم، والتجأ إليهم فهو الذي جَحَد لا إله إلا الله مع إقراره أنه لا يخلق ولا يرزق إلا هو.
وهذه جملة لها بسطٌ طويلٌ، ولكن الحاصل أن هذا مُجمَع عليه بين العلماء، فلما جرى في هذه الأمة ما أخبر به نبيها صلى الله عليه وسلم حيث قال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ" (رواه البخاري ومسلم) .. وكان من قبلهم كما ذكر الله عنهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} (سورة التوبة، الاية رقم 31)؛ وصار ناس من الضالين يدعون أُناسًا من الصالحين في الشِّدة والرَّخاء مثل عبد القادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وعدي بن مسافر، وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح، صاح عليهم أهل العلم من جميع الطوائف أعني على الدَّاعين.
وأمَّا الصالحون الذين يكرهون ذلك فحاشاهم، وبَيَّنَ أهل العلم في أمثال هذا أنه هو الشِّرك الأكبر وعبادة الأصنام، فإن الله سبحانه إنما أرسل الرُّسل وأنزل الكتب لِيُعْبَدَ وحدَهُ، ولا يُدعَى معه إله آخر.
والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل: الشمس والقمر والصالحين، والتماثيل المصورة على صورهم لم يكونوا يعتقدون أنها تُنْزِلُ المطرَ أو تُنْبِتُ النباتَ، وإنما كانوا يعبدون الملائكة والصالحين، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ فبعث اللهُ الرُّسلَ وأنزل الكتب تَنْهَى عن أن يُدْعَى أحدٌ من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.
واعلم، أن المشركين في زماننا قد زادوا على الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يدعون الملائكة والأولياء والصالحين، ويريدون شفاعتهم والتَّقرُّب إليهم، وإلاَّ فهم مُقرِّون بأن الأمر لله، فهم لا يدعونهم إلاَّ في الرَّخاء، فإذا جاءت الشدائد أخلصوا لله، قال اللهُ تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} (سورة الإسراء، الآية رقم 67).
