Mr. HATEM

زيزوومي VIP
إنضم
6 مايو 2020
المشاركات
4,128
مستوى التفاعل
8,887
النقاط
3,760
الإقامة
Egypt
غير متصل
96898



280px-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8.png



حاتم: أخبرنا شيخنا محمد بن عبيد النهري عن شيخه محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ عن شيخه حمد بن فارس عن شيخه عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ عن الإمام المجدّد/ محمد بن عبد الوهاب رحمه اللهُ تعالى، قال:

بسم الله الرحمن الرحيم

مِن محمد بن عبد الوهاب إلى مَن يصل إليه من المسلمين .. سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته

وبــعـــــــد؛،

أُخبركم أني، ولله الحمد، عقيدتي وديني الذي أدين الله به: مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بَيَّنْتُ للناس إخلاصَ الدين ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يعبد الله به من: الذبح والنذر والتوكل والسجود، وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مُقرَّب ولا نبي مرسَل، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة .. وأنا صاحب مَنصِب في قريتي، مسموع الكلمة، فأنكر هذا بعض الرؤساء؛ لكونه خالف عادة نشؤوا عليها!

وأيضًا ألزمتُ مَن تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الرِّبا وشُرب المسكر وأنواع من المنكرات، فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه؛ لكونه مُسْتَحْسَنًا عند العوام؛ فجعلوا قَدحهم وعَداوتهم فيما آمُرُ به من التوحيد، وما نهيتهم عنه من الشرك، ولَبَّسُوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه الناس، وكبرتْ الفتنة جدًّا، وأجلبوا علينا بخَيل الشيطان ورَجله، فنقول: التوحيد نوعان توحيد الربوبية، وهو أن الله سبحانه- متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم، وهذا حق لا بُد منه؛ لكن لا يُدْخِلُ الرجلَ في الإسلام، بل أكثر الناس مقرّون به، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} (سورة يونس، الآية رقم 31).

وإنَّ الذي يدخل الرجلَ في الإسلام هو: توحيد الإلهية، وهو: أن لا يعبد إلا الله، لا ملكًا مُقرَّبًا ولا نبيًّا مرسلاً؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثَ والجاهلية يعبدون أشياء مع الله: فمنهم مَن يعبد الأصنام، ومنهم مَن يدعو عيسى، ومنهم مَن يدعو الملائكة؛ فنهاهم عن هذا، وأخبرهم أن الله أرسله لِيُوَحَّدَ؛ ولا يُدْعَى أحدٌ لا الملائكة ولا الأنبياء، فمَن اتبعه ووحد الله: فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله، ومَن عصاه ودعا عيسى أو الملائكة واستنصرهم، والتجأ إليهم فهو الذي جَحَد لا إله إلا الله مع إقراره أنه لا يخلق ولا يرزق إلا هو.

وهذه جملة لها بسطٌ طويلٌ، ولكن الحاصل أن هذا مُجمَع عليه بين العلماء، فلما جرى في هذه الأمة ما أخبر به نبيها صلى الله عليه وسلم حيث قال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ" (رواه البخاري ومسلم) .. وكان من قبلهم كما ذكر الله عنهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} (سورة التوبة، الاية رقم 31)؛ وصار ناس من الضالين يدعون أُناسًا من الصالحين في الشِّدة والرَّخاء مثل عبد القادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وعدي بن مسافر، وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح، صاح عليهم أهل العلم من جميع الطوائف أعني على الدَّاعين.

وأمَّا الصالحون الذين يكرهون ذلك فحاشاهم، وبَيَّنَ أهل العلم في أمثال هذا أنه هو الشِّرك الأكبر وعبادة الأصنام، فإن الله سبحانه إنما أرسل الرُّسل وأنزل الكتب لِيُعْبَدَ وحدَهُ، ولا يُدعَى معه إله آخر.

والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل: الشمس والقمر والصالحين، والتماثيل المصورة على صورهم لم يكونوا يعتقدون أنها تُنْزِلُ المطرَ أو تُنْبِتُ النباتَ، وإنما كانوا يعبدون الملائكة والصالحين، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ فبعث اللهُ الرُّسلَ وأنزل الكتب تَنْهَى عن أن يُدْعَى أحدٌ من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.

واعلم، أن المشركين في زماننا قد زادوا على الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يدعون الملائكة والأولياء والصالحين، ويريدون شفاعتهم والتَّقرُّب إليهم، وإلاَّ فهم مُقرِّون بأن الأمر لله، فهم لا يدعونهم إلاَّ في الرَّخاء، فإذا جاءت الشدائد أخلصوا لله، قال اللهُ تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} (سورة الإسراء، الآية رقم 67).
 

توقيع : Mr. HATEM
اعلم، أرشدك اللهُ تعالى أن الله خلق الخلقَ ليعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (سورة الذاريات، الآية رقم 56).

والعبادة هي التوحيد لأن الخصومة بين الأنبياء والأُمم فيه، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (سورة النحل، الآية رقم 36).

وأما التوحيد فهو ثلاثة أنواع: توحيد الرُّبُوبية، وتوحيد الأُلُوهية، وتوحيد الأسماء والصِّفات.

(1) توحيد الرُّبُوبية: فهو الذي أقرّ به الكُفارُ على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُدخلهم في الإسلام وقاتلهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واستحلّ دماءهم وأموالهم، وهو توحيده بفعله تعالى، والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُون} (سورة يونس، الآية رقم 31)، {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} (سورة ، الآيات أرقام 84-89)؛ والآيات على هذا كثيرة جدًّا أكثر من أن تُحصر وأشهر من أن تُذكر.

(2) توحيد الأُلُوهِية: فهو الذي وقع فيه النِّزاع في قديم الدَّهر وحديثه، وهو توحيد الله تعالى بأفعال العباد كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة؛ ودليل الدعاء قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (سورة يونس، الآية رقم 60)، وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من القرآن .. وأصل العبادة تجريد الإخلاص لله وحده وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (سورة الجن، الآية رقم 18)، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (سورة الأنبياء، الآية رقم 25)، وقال تعالى: {لَهُ ‌دَعۡوَةُ ‌ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيۡءٍ إِلَّا كَبَٰسِطِ كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} (سورة الرعد، الآية رقم 14)، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (سورة الحج، الآية رقم 62)، وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (سورة الحشر، الآية رقم 7)، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة آل عمران، الآية رقم 31).

(3) توحيد الذَّات والأسماء والصِّفات: قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (سورة الإخلاص)، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (سورة الأعراف، الآية رقم 180).
 
توقيع : Mr. HATEM
أنواع الشِّرك

ثم اعلم، أنَّ ضِد التَّوحيد الشِّرك، وهو ثلاثة أنواع: شِرك أكبر، وشِرك أصغر، وشِرك خَفِي.

النوع الأول: الشِّرك الأكبر: الدليل على الشِّرك الأكبر قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} (سورة النساء، الآية رقم 48).

النوع الثاني: الشِّرك الأصغر: وهو الرِّياء، والدليل قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (سورة الكهف، الآية رقم 110).

النوع الثالث: الشِّرك الخفي: والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "‌الشِّرْكُ ‌أخْفَى مِن دَبِيبِ النَّمْلِ"، وكفارته قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهمَ إِنِّي أَغوذُ بِكَ أَنْ أشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا لا أَعْلَّمُ". رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد"!

أنواع الكُفر

النوع الأول: الكُفر الذي يُخرج من المِلَّة: فالكُفر كفران: كُفر يُخرِج من المِلَّة، وهو خمسة أنواع:
(1): كُفر التَّكذيب، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ} (سورة الأنعام، الآية رقم 21).
(2): كُفر الإباء والاِستكبار مع التَّصديق: والدليل قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (سورة البقرة، الآية رقم 34).

(3): كُفر الشَّك: وهو كُفر الظَّن، والدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً} (سورة الكهف، الآية رقم 35).

(4): كُفر الإِعراض: والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} (سورة الأحقاف، الآية رقم 3).

(5): كُفر النِّفاق: والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} (سورة المنافقون، الآية رقم 3).

النوع الثاني: كُفر أصغر: وكُفر أصغر لا يُخرِج من المِلَّة وهو كُفر النِّعمة، والدليل قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (سورة النحل، الآية رقم 112).

أنواع النِّفاق

أمَّا النِّفاق فنوعان: اِعتِقادي وعَمَلي.

فأمَّا الاعتقادي فهو: تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تكذيب بعض ما جاء به الرسول، أو المَسرَّة بانخفاض دِين الرسول، أو الكراهية لانتصار دِين الرسول؛ فهذه الأنواع صاحبُها من أهل الدَّرك الأسفل من النار.

وأمَّا العَمَلي فهو: قوله صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ خَالِصٌ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا ‌خَاصَمَ ‌فَجَرَ". (رواه البخاري ومسلم)؛ نعوذ بالله من النِّفاق والشِّقاق وسُوء الأدب، واللهُ أعلم.
 
توقيع : Mr. HATEM
إذا عرفت أن الشِّرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبُه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة، وهي الشِّرك بالله، الذي قال الله تعالى فيه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (سورة النساء آية: 48)، وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها اللهُ تعالى في كتابه:

القاعدة الأولى: أن تعلم أن الكُفَّار الذين قاتلهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُقِرُّون بأن الله تعالى هو الخالق المُدبِّر، وأن ذلك لم يُدخلهم في الإسلام، والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} (سورة يونس آية: 31).

القاعدة الثانية: أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القُربة والشفاعة؛ فدليل القُربة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (سورة الزمر آية: 3)؛ ودليل الشفاعة قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (سورة يونس آية: 18) .. والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة .. فالشفاعة المنفية: ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا اللهُ، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (سورة البقرة آية: 254) .. والشفاعة المثبتة: هي التي تُطلَب من الله، والشافع مكرَّم بالشفاعة، والمشفوع له مَن رضي اللهُ قولَه وعملَه بعد الإذن، كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} (سورة البقرة آية: 255).

والقاعدة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أناس متفرقين في عبادتهم منهم مَن يعبد الملائكة، ومنهم مَن يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم مَن يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم مَن يعبد الشمس والقمر؛ وقاتلهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يُفرِّق بينهم، والدليل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (سورة الأنفال آية: 39)، ودليل الشمس والقمر قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (سورة فصلت آية: 37)، ودليل الملائكة قوله تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً} (سورة آل عمران آية: 80)، ودليل الأنبياء قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} (سورة المائدة آية: 116)، ودليل الصالحين قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (سورة الإسراء آية: 57)، ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} (سورة النجم آية: 19-20)، وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ‌اجْعَلْ ‌لَنَا ‌ذَاتَ ‌أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} (الأعراف: ١٣٨)، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ"، رواه أحمد والترمذي وصحَّحه.

القاعدة الرابعة: أن مُشرِكي زماننا أغلظ شِركًا مِن الأوّلين، لأن الأوّلين يُشركون في الرَّخاء ويُخلصون في الشِّدة، ومُشرِكو زماننا شِركهم دائمًا في الرَّخاء والشِّدة، والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (سورة العنكبوت آية: 65).

*******

وصلى اللهُ على محمدٍ وآله وصحبه وسلم
 
توقيع : Mr. HATEM
ألف شكر ليكم ربنا يزيدكم علم كمان وكمان و يجعل كل ما تقدموه فى ميزان حسناتكم ويغفر لآبائكم وأمهاتكم ويبارك لكم فى أهل بيتكم خالص تحياتى لكم أستاذى الفاضل حاتم
 
توقيع : fathy100
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي الحبيب ومشرفنا حاتم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع الجد رائع وتفقيه الناس وتعريفهم من هو الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة اللهم آمين يارب العالمين.
والذي بعث محمدآ بالحق ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) , لايحب الامام إلا تقي ولا يبغضه إلا منافق خبيث القلب .
فالله درك أخي الحبيب حاتم وعلى الله أجرك إن شاء الله على هذا الموضوع الرائع والشرح عن سيرته رحمه الله تعالى.
وتقبل مني فائق التقدير والإحترام
محبك في الله أخوك أبوعبدالله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
بارك الله فيك
 
بارك الله فيك اخي الكريم حاتم واحسن اليك
 
ألف شكر ليكم ربنا يزيدكم علم كمان وكمان و يجعل كل ما تقدموه فى ميزان حسناتكم ويغفر لآبائكم وأمهاتكم ويبارك لكم فى أهل بيتكم خالص تحياتى لكم أستاذى الفاضل حاتم

ربنا يعزِّك ويكرمك أخي الحبيب الكريم/ فتحي

بسم الله الرحمن الرحيم
اخي الحبيب ومشرفنا حاتم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع الجد رائع وتفقيه الناس وتعريفهم من هو الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة اللهم آمين يارب العالمين.
والذي بعث محمدآ بالحق ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) , لايحب الامام إلا تقي ولا يبغضه إلا منافق خبيث القلب .
فالله درك أخي الحبيب حاتم وعلى الله أجرك إن شاء الله على هذا الموضوع الرائع والشرح عن سيرته رحمه الله تعالى.
وتقبل مني فائق التقدير والإحترام
محبك في الله أخوك أبوعبدالله

ربنا يعزِّك ويكرمك أخي الكبير وأستاذي الكريم/ أبو عبد الله

بارك الله فيك

جزاك اللهُ خيرًا

بارك الله فيك اخي الكريم حاتم واحسن اليك

ربنا يعزِّك ويكرمك أخي الكبير الكريم/ أبو فيصل
 
توقيع : Mr. HATEM
بارك الله فيك
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق
عودة
أعلى