ضياء البرق

زيزوومى مميز
إنضم
6 نوفمبر 2012
المشاركات
334
مستوى التفاعل
346
النقاط
520
غير متصل
بسم الله الرحمن الرحيم

كيف تتعامل مع الآخرين ؟!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعدُ...


فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أنه ينبغي للمرء في تعامله مع الآخَرين ونظرته إليهم عندَ الاقتضاء، أن يكون على ذُكْر من المنهج المتَّبَع في القرآن الكريم، في عدم التعميم حالَ النقد أو التخطئة، مُلاحِظًا أن التعميم -في كثير من الأحيان- ينافي الإنصافَ ووضعَ الأمور مواضِعَها، والشعارُ في هذا كله هو العدل والقسط، فلا غلوَّ في الإطراء حالَ الرضا، ولا إفراطَ في القَدْح حالَ الشنآنِ والخصومةِ، وقد قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قال الرجلُ: هلَكَ الناسُ فهو أهلَكُهُم"(رواه مسلم)، والمعني أَيْ: هو أشدُّهم هلَاكًا.


قال عليُّ بنُ أبي طالب -رضي الله عنه-: "ألَا أخبركم بالفقيه كلَّ الفقه؟ مَنْ لم يقنِّط الناس من رحمة الله، ولم يُؤمِّنهم من مكر الله، ولم يُرخِّص لهم في معاصي الله، ولم يَدَعِ القرآنَ رغبةً إلى غيره".


ومِقْبَضُ الرَّحى في ذلكم كله هو إحكامُ الهوى عن أن يميل لكفَّة دون أخرى، بمجرَّد الهوى والمزاج؛ ولهذا قال الله -تعالى-: (فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النِّسَاءِ: 135].


كما أنه ينبغي للمرء في تعامُلِه مع الآخَرين أن يعتمد على مصادر صحيحة ثابتة، لا لَبْسَ فيها؛ ليتفادَى اتباعَ الظن، أو الاستناد إلى الإشاعات، أو الانخداع بالإثارة عبرَ وسائل التواصل بشتَّى صُوَرِها، وما تنشره من أخبار أو تعليقات مبنِيَّة -في حالات كثيرة- على الظن والكذب، والخَرْص والجُزاف، والهوى والتحيُّز، والتهييج والإثارة، وكَسْب السَّبْق في الطرح، وجَذْب القُرَّاء والْمُشاهِدِينَ والْمُستَمِعِينَ؛ ولذا فإن المرءَ الحصيفَ يتعامل مع مثل ذلكم بحذرٍ بالغٍ؛ ليسلَم من غوائل تلكم الوسائلِ، وينجوَ من مغبَّتها، ومن المقرَّر -بداهةً- أن السلامة لا يعدلها شيءٌ، بل هي تسعة أعشار العافية.


إذا هيَّأ المرءُ نفسَه لمثل ذلكم أثمَر له تعاملًا حصيفًا تجاهَ نصحه الآخَرين، وإشفاقه عليهم؛ بأن يستهدف هدايتَهم لا إغاظتَهم، وتوجيهَهم لا إثارتَهم، ونصحَهم لا تعييرَهم، والتبيينَ لهم، لا التنفيسَ عن مشاعره الذاتية، وأن تكون غيرتُه للصواب، لا للانتصار للنفس، وأن يعمل في هذا الأمر ما أرشَد الله إليه، من الحكمة وتحرِّي الأسلوب الأجدر بالإقناع والموازَنة، بين المصالح والمفاسد، استنباطًا ممَّا قرَّره علماء السلف؛ من أن الأمر بالخير والنهي عن الشر وسيلة لا غاية، شريطةَ ألَّا تكون مصلحةُ الوسيلةِ مؤديةً إلى مَفسَدةٍ أكبرَ منها، فحينئذ يكون درء المفاسد الراجحة مقدَّمًا على جلب المصالح؛ اهتداءً بقول الله -جل شأنه-: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)[الْأَنْعَامِ: 108].


الشيخ سعود الشريم
خطيب الحرم المكي الشريف

 

رزقك الرحمن - كل خير وابعد عنك - كل شر -
 
توقيع : fathy100
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق
بســــــم اللـــه الرحمـــــــــن الرحيــــــــــم
الســــــــــــــــــــــلام عليكــــــــم

oooooo11.gif
 
توقيع : roufaida
عودة
أعلى