الأمل والتفاؤل في القرآن :
حثنا ديننا الإسلام على التحلي بالتفاؤل والأمل، فجاء ذلك في حيات الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وكثير من حيات أنبياء الله الآخرين، وجاء أيضا بالقرآن الكريم العديد من الآيات التي يأمرنا بها الله بالأمل والتفاؤل. فالقرآن دائما ما يكون لنا مصدر السعادة والأمل والتفاؤل فهو كلام الله عز وجل، فماذا يريد المرء أكثر من ذالك، رب كريم يطبطب على روح عباده بكلمات تُثلج القلب.
ومن هذه الآيات:
1- )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ? أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ? فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(
)سورة البقرة الآية (186)(
"قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: بذلك وإذا سَألك يا محمد عبادي عَني: أين أنا؟ فإني قريبٌ منهم أسمع دُعاءهم، وأجيب دعوة الداعي منهم."
الله عز وجل يبعث بهذه الآية الأمل والتفاؤل في نفوس عباده، ويقول لهم أينما كنتم فأنا معكم، أدعوني ألبي لكم دعواكم، ولكن يجب يا أخواني الإخلاص في الدعاء لله، وأن يكون الدعاء بالأشياء الطيبة
الحسنة، لنا ولغيرنا.
2- )كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(
)سورة البقرة - الآية 216(
"قال تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) أي : لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء ، والاستيلاء على بلادهم ، وأموالهم ، وذراريهم ، وأولادهم.
( وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة. ومن ذلك القعود عن القتال ، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم.
ثم قال تعالى : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) أي : هو أعلم بعواقب الأمور منكم ، وأخبر بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم ; فاستجيبوا له ، وانقادوا لأمره ، لعلكم ترشدون."
وطبقا لهذا التفسير نرى أخوتي خطاب الله الصريح لنا ألمليء بالتفاؤل والأمل، وليس ينطبق هذا على القتال فقط بل هو في كل شؤون حياتنا، فأنه عز وجل يقول لنا أنه ليس كل ما نحبه ويحجبه عنا الله
هو شر لنا، فقد يكون هذا المنع خيرا لنا ولكن لا نعلم، فنحن فقط نكتشف هذا في الوقت الصحيح.
3) "وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(
)سورة الأعراف - الآية 156(
"قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى: هذا الذي أصبتُ به قومك من الرجفة، عذابي أصيب به من أشاء من خلقي, كما أصيب به هؤلاء الذين أصبتهم به من قومك (8) = " ورحمتي وسعت كل شيء "، يقول: ورحمتي عمَّت خلقي كلهم. وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: مخرجه عامٌّ، ومعناه خاص, والمراد به: ورحمتي وَسِعت المؤمنين بي من أمة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم. واستشهد بالذي بعده من الكلام, وهو قوله: " فسأكتبها للذين يتقون "، الآية.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك على العموم في الدنيا، وعلى الخصوص في الآخرة.
* * *
وقال آخرون: هي على العموم, وهي التوبة.
* * *
وأما قوله: " فسأكتبها للذين يتقون "، فإنه يقول: فسأكتب رحمتي التي وسعت كل شيء= ومعنى " أكتب " في هذا الموضع: أكتب في اللوح الذي كُتِب فيه التوراة " للذين يتقون "، يقول: للقوم الذين
يخافون الله ويخشون عقابه على الكفر به والمعصية له في أمره ونهيه, فيؤدُّون فرائضه, ويجتنبون معاصيه. وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي وصف الله هؤلاء القوم بأنّهم يتقونه. فقال
بعضهم: هو الشرك.
* * *
وقال آخرون: بل هو المعاصي كلها.
* * *
وأما قوله: " والذين هم بآياتنا يؤمنون "، فإنه يقول: وللقوم الذين هم بأعلامنا وأدلتنا يصدِّقون ويقرُّون."
#يتبع