6/ تَـارِيخُ تَشْرِيعِ فَرِيضَةِ الصِّيَامِ
فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الصِّيَامَ عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ فِي شَهْرِ شَعبَانَ مِن السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلْهِجْرَةِ الشَّرِيفَةِ (2 هــ)؛ وقَد صَامَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}... إِلَى قَوْلِـهِ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البَقَرَة: 183- 185).
(15) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». رَوَاه البُخَارِيُّ (1/ 8) ومُسْلِمٌ (1/ 16).
- وتَعرِيفُ الصِّيَامِ؛ هُـــــوَ: التَّعَبُّدُ للهِ تَعَالَى بِالإِمْسَاكِ عَنِ المُفْطِرَاتِ، مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، مَعَ الـنِّــيَّـةِ.
7/ عَلَى مَنْ يَجِب الصِّيَامِ
أَجْمَعَ عُلَمَاءُ المُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الصِّيَامَ يَجِبُ عَــلَـــى:
1. المُسْلِم: فَلاَ يَجِبُ عَلَى الكَافِرِ، ومَا فِي مَعنَاه.
2. العَاقِل: فَلاَ يَجِبُ عَلَى المَجْنُونِ ولاَ المُغْمَى عَلَيْهِ حَتَّى يَفِيق.
3. البَالِغ: فَلاَ يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ والصَّبِيَّةِ حَتَى يَبْلُغَـا؛ وعَلاَمَةُ بُلُوغِهِمَا بِأَنْ يَحتَلِم الوَلَدُ؛ وأَنْ تَحِيض البِنْتُ. غَيْرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِوَلِي أَمْرِهِمِا أَن يَأَمُرهُمَا بِالصَّيَامِ وهُمْ صِغَارٌ كِي يَعتَادُوه.
4. الصَّحِيح؛ الخَالِي مِن الأَمْرَاضِ الشَّدِيدَةِ: والَّتِي يَحتَاجُ فِيهَا إِلَى العِلاَجِ دَوْماً؛ حَتَّى إِذَا مَا انْقَطَعَ عَنْهُ العِلاَجُ لَحِقَ بِهِ الضَّرَرُ وتَأَّخَرَ عَنْهُ الشِّفَاءُ، أَو قَد يُسَبِّب لَهُ الوَفَاة؛ ويُعرَفُ ذَلِكَ بِسُؤَالِ الطَّبِيبِ المُسْلِمِ المَاهِرِ فِي مِهْنَتِـهِ.
5. المُقِيم؛ غَيْرُ المُسَافِر: وفِي حَالَةِ السَّفَرِ لِلْفَردِ حُـرِّيَّـةُ الإِخْتِيَارِ؛ بَيْنَ أَنْ يَصُوم أَو يُفْطِر.
6. وأَنْ تَكُونَ المَرْأَةُ طَاهِرَةٌ مِن الحَيْضِ والنِّفَاسِ.
8/ أَنْــــــوَاعُ الـــصِّـــــيَــــــــــامِ
الصَّوْمُ عَلَى أَربَعَةِ أَنْوَاعٍ .. هِـــــيَ:
النَّوْعُ الأَوَّل/ الـصَّـــوْمُ الـمَـفْـــــرُوضِ (الوَاجِب)، وهُــوَ عَلَى أَربَعَةِ أَقْسَـامٍ:
1) صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)). {البَقَرَة: 185}
2) النَّذْر بِالصِّيَامِ فَي وَقْتٍ مُحَدَّدٍ؛ ويَجِبُ فِيهِ التَّتَابُع لِمَنْ نَذَرَ أَو حَلِفَ أَنْ يَصُوم أَيَّاماً بِعَيْنِهَا. كَأَنْ يَقَول الشَّخْصُ مَثَلاً: لأَصُومَنَّ شَهَرَ رَجَبٍ للهِ.. أَو سَوْفَ أَصُومُ الإِثْنَيْن القَادِم نَذْراً.. ونَحوِ ذَلِك. (16) قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ، فَلْيُطِعْهُ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (8/ 6696) وأَبُو دَاوُد (3/ 3289)
3) قَضَاءُ رَمَضَانَ؛ ولاَ يَجِبُ فِيهِ التَّتَابُع، سَوَاء أَكَانَ كُلَّه أَو عِدَّة أَيَّام مِنْه، والَّتِي أَفْطَرَ فِيهَا الفَردُ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وغَيْرِه.
4) صَوْمُ الكَفَّارَاتِ؛ وهُوَ يَشْمَلُ أَربَعَة كَفَّارَاتٍ:
فالأولى: كَفَّارَةُ اليَمِينِ: ويَجِبُ فِيهَا التَّتَابُع، ومُدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)). {المَائِدَة: 89}
والثانية: كَفَّارَةُ الظِّهَارِ: والظِّهار هُوَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي؛ يُرِيدُ بِذَلِكَ تَحرِيمَهَا عَلَيْهِ؛ ومُدَّتُهَا سِتِّونَ يَوْماً (60)، ويَجِبُ فِيهَا التَّتَابُع. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)). {المُجَادَلَة: 3، 4}
والثالثة: كَفَّارَةُ الجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ: ومُدَّتُهَا شهران متتاليان، ويَجِبُ فِيهَا التَّتَابُع. (17) فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ..؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا..؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ..؟» قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا..؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ، قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ..؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ..؟! فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1936) ومُسْلِمٌ (2/ 1111)
- (هَلَكْتُ): فَعَلْتُ مَا يَسْتَوْجِبُ الهَلاَك والعُقُوبَة.
- (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي): جَامَعتُهَا.
- (رَقَبَةً): عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَو أَمَةٌ.
- (تُعْتِقُهَا): تُحَرِّرهَا مِن الرِّقِ.
- (فَمَكَثَ): جَلَسَ يَنْتَظِر.
- (العَرَق): يَعدِلُ أَربَعِينَ كِيلُو جِرَامًا ونِصْفاً (40,5 كجم).
- (لاَبَتَيْهَا): يَقْصِدُ المَدِينَةَ المُنَوَّرَةَ، شَرَّفَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
والرابعة: كَفَّارَةُ القَتْلِ الخَطَأ: ومُدَّتُهَا سِتِّونَ يَوْماً (60)، ويَجِبُ فِيهَا التَّتَابُع. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)). {النِّسَاء: 92}
النَّوْعُ الثَّانِي/ الـصَّـــوْمُ الـمَـنْـــــدُوبُ (المُستحَبُّ)
1) صَوْمُ يَوْمٍ وإِفْطَارُ يَوْمٍ: وهُوَ صِيَامُ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، وهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعدَ الفَرضِ. (18) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2/ 1131)، ومُسْلِمٌ (2/ 1159)
2) صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَمَرِيٍّ: وهِيَ: الثَّالِثُ عَشَر والرَّابِعُ عَشَر والخَامِسُ عَشَر (13، 14، 15). (19) فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ: «صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2/ 1178)، ومُسْلِمٌ (1/ 711)؛ (20) وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ؛ صَوْمُ الدَّهْرِ». رَوَاهُ مُسْلِم (2/ 1162)، وأَبُو دَاوُد (2/ 2425)
3) صَوْمُ يَوْمَي الِاثْنَيْنِ والخَمِيسِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ: (21) فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ فِيهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2/ 1162)، وأحمَد (37/ 22537)؛ (22) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ (3/ 774) وحَسَّنَهُ؛ والنَّسَائِيُّ (4/ 2358)، وهُوَ صَحِيحٌ بِطُرُقِهِ.
4) الإِكْثَارُ مِن الصِّيَامِ فِي شَهْرِ شَعبَان: (23) فَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ فِي وَصْفِهَا لِصِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ؛ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1969)، ومُسْلِمٌ (2/ 1156)؛ (24) وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ..؟! فَقَالَ: «ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (4/ 2357)، وأَحمَد (36/ 21753)؛ وهُوَ حَسَن.
5) صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِن شَهْرِ شَوَّالٍ؛ مُتَتَابِعَةٌ -وهُوَ الأَفْضَلُ- أَو مُفَرَّقَةٌ .. (25) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». رَوَاهُ مُسْلِم (2/ 1164) والتِّرمِذِيُّ (3/ 759)
6) صِيَامُ اليَوْمِ التَّاسِعِ مِن شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ "يَوْم عَرَفَة": فَصِيَامُهُ كَفَّارَةٌ لِسَنَتَيْنِ؛ مَاضِية وقَادِمَة مِن صَغَائِر الذُّنُوبِ. (26) فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». رَوَاهُ مُسْلِم (2/ 1162)، وأَبُو دَاوُد (2/ 2425)
7) الصِّيَامُ فِي شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ: وهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعدَ رَمَضَانَ، وأَفْضَلُ أَيَّامِ صَوْمِهِ: العَاشِر مِنْهُ (عَاشُورَاء)، ثُمَّ يَلِيهِ فِي الفَضْلِ التَّاسِع (تَاسُوعَاء)، ويُسَنُّ الجَمْعُ بِيْنَهُمَا. (27) فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2/ 1163)، والتِّرمِذِيُّ (2/ 438)؛ (28) وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ». رَوَاهُ مُسْلِم (2/ 1162)، وأَبُو دَاوُد (2/ 2425)؛ (29) وعَنْ عَبْد اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِم (2/ 1134)، وأَبُو دَاوُد (2/ 2445)
النَّوْعُ الثَّالِثُ/ الـصَّـــوْمُ الـمَـــكْـــــرُوه
1) إِفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِالصِّيَامِ: (30) فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1985)، ومُسْلِمٌ (2/ 1144).
2) تَخْصِيصُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصِّيَامِ: (31) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (2/ 2421)، والتِّرمِذِيُّ (3/ 744) وحَسَّنَهُ.
3) صَوْمُ الحَاجِّ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَة (اليَوْم التَّاسِع مِن ذِي الحِجَّة): (32) لِخَبَرِ أُمِّ المُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ؛ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ؛ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1989)، ومُسْلِمٌ (2/ 1124).
- (بِحِلاَب): اللَّبَنُ المَحلُوبُ مِن النَّاقَةِ وغَيْرِهَا.
(33) ولِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حِينَمَا سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: "حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وحَجَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ". رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ (3/ 751) وحَسَّنَهُ؛ وأَحمَد (9/ 5080)
4) صَوْمُ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ قَبْلَ رَمَضَان: (34) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1914)، ومُسْلِمٌ (2/ 1082)
5) صَوْمُ الوِصَالِ: ومَعنَاهُ: أَلاَّ يُفْطِر الصَّائِمُ عِنْدَ آذَانِ المَغْرِب، حَتَّى يُوَاصِلَ صَوْمَ الغَدِ بِالأَمْسِ، فَيُواصِل صَوْمَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَو أَكْثَر. (35) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ فِي الصَّوْمِ". فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «وَأَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1965)، ومُسْلِمٌ (2/ 1103)
6) صَوْمُ الدَّهْرِ (طَوَال العُمُر): يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ، لِمَا قَد يَكُون فِيهِ مِن إِضْعَافٍ لِلْصَائِم عَن القِيَامِ بِالْفَرَائِضِ والوَاجِبَاتِ، والكَسْبِ الحَلاَلِ الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْـهُ. (36) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1977) ومُسْلِمٌ (2/ 1159)
النَّوْعُ الرَّابِعُ/ الـصَّـــوْمُ الـمُـحَـــــرَّم
1) هُنَاكَ أَيَّامٌ مَخْصُوصَةٌ يَحرُمُ عَلَى المُسْلِمِ صِيَامُهَا؛ وهِيَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ: يَوْمُ عِيدِ الفِطرِ (1 شَوَّال)؛ وكُلُّ أَيَّامِ عِيدِ الأَضْحَى: (10، 11، 12، 13 مِن ذِي الحِجَّةِ). لِوُرُودِ النَّهْي عَنْ صِيَامِهِم؛ (37) فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2/ 1138) وأَبُو دَاوُدَ (2/ 2417)؛ (38) وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ تَعلِيقاً (2/ ص23)، ووَصَلَهُ أَبُو دَاوُد (2/ 2419)، والتِّرمِذِيُّ (3/ 773) وصَحَّحَهُ. (39) وعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ: أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ». رَوَاهُ مُسْلِم (2/ 1141)، وأَحمَد (34/ 20722)؛ (40) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا". وهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (2/ 2418)، ومَالِكٌ (1/ 137)؛ وهُوَ صَحِيحٌ.
2) صِيَامُ المَرأَةِ تَطَوُّعاً مِن غَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وهُوَ حَاضِرٌ: (41) فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُمِ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7/ 5192)، ومُسْلِم (2/ 1026)
3) صِيَامُ المَرأَةِ الحَائِضِ أَو النُّفَسَاءِ: فَإِنَّ المَرأَةَ فِي حَالَتَيْ الحَيْضِ والنِّفَاسِ، يَسْقُط عَنْهَا وُجُوبُ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ، ويَحرُمُ عَلَيْهَا الصِّيَامِ مُطلَقاً، ولاَ يَنْعَقِدُ صَوْمُهُا، فَإِذَا صَامَت أَثِمَت، ولَمْ يَصِح صَوْمُهُا؛ ثُمَّ إِذَا طَهُرَت وَجَبَ فِي حَقِّهَا القَضَاء لِلْصَوْمِ لاَ لِلْصَّلاَةِ، وهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِين. (42) لِقَوْلِ أمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَطْهُرُ؛ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1/ 335)، وأَبُو دَاوُد (1/ 263) والنَّسَائِيُّ (4/ 2318)
- (فَيَأْمُرُنَا): أَي: يَأْمُرُنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
9/ آدَابُ الصِّيَامِ
- السُّحُـور: (43) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً». رَوَاه البُخَارِيُّ (3/ 1923)، ومُسْلِمٌ (2/ 1095).
- تَعجِيلُ الفِطرِ: يُسْتَحَبُّ لِلْصَائِمِ أَنْ يُعَجِّل الفِطرِ، وذَلِكَ عِنْدَ سَمَاعِ آذَانِ المَغْرِب؛ (44) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ». رَوَاه البُخَارِيُّ (3/ 1957)، ومُسْلِمٌ (2/ 1098).
- الإِفْطَارُ عَلَى التَّمْرِ أَوِ المَاءِ: كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ (45) فِيمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه كَانَ: "يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ". رَوَاه أَبُو دَاود (2/ 2356)، والتِّرمِذِيُّ (3/ 696) وحَسَّنَهُ.
- قِرَاءَةُ القُرآنِ الكَرِيمِ، وإِعطَاءُ الصَّدَقَةِ: وهُمَا مُسْتَحَبَّان فِي كُلِّ وَقْتٍ، إِلاَّ أَنَّهُمَا أَعظَمُ أَجْراً فِي رَمَضَان؛ (46) فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ". رَوَاه البُخَارِيُّ (1/ 6)، ومُسْلِمٌ (4/ 2308).
- الاِجْتِهَادُ فِي العِبَادَةِ، لاَ سِيَّمَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَان: (46) فَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ". رَوَاه البُخَارِيُّ (3/ 2024)، ومُسْلِمٌ (2/ 1174).
- (وَشَدَّ الْمِئْزَرَ): كِنَايِةٌ عَنِ الإِجْتِهَادِ فِي العِبَادَةِ.
- الاِعتِكَاف؛ ومَعنَاهُ: اللُّبْثُ فِي المَسْجِدِ مِن شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ، وهُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ، لَكِنَّهُ فِي رَمَضَان أَفْضَل، ويَعظُمُ فَضْلُهُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْهُ، وذَلِكَ لِطَلَبِ قِيَامِ لَيْلَةِ القَدرِ. (47) لِخَبِرِ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ". رَوَاه البُخَارِيُّ (3/ 2026)، ومُسْلِمٌ (2/ 1172).
10/ مُـبْـطِــــلَاتُ الصِّـيَـــامِ
- الأَكْلُ والشُّربُ عَمْداً؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ يَفْسَدُ بِهِ، ويَجِبُ فِيهِ القَضَاء.
- ومَا كَانَ فِي مَعنَى الأَكْلِ والشُّربِ.. كَالحُقَنِ المُغَذِّيَةِ لِلْجِسْمِ.. وغَيْرِهَا.
- الـقَـيْءُ عَمْداً؛ وهُوَ: مَا قَذَفَتُهُ المَعِدَةُ مِمَّا فِيهَا عَنْ طَرِيقِ الفَم؛ بِدُونِ تَعَمُّدٍ مِن الشَّخْصِ. فَإِنَّ الصَّوْمَ يَفْسَدُ بِهِ، ويَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ القَضَاءُ.
- الحَيْضُ والنِّفَاسُ، ولَوْ فِي اللَّحظَةِ الأَخِيرَةِ مِن اليَوْمِ، قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ يَفْسَدُ بِهِ، ويَجِبُ على المَرْأَةِ القَضَاءُ عِنْدَ طَهَارَتِهَا.
- الجِمَاعُ: فَيَجِبُ عَلَى مَنْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ القَضَاءُ والكَفَّارَةُ؛ بِأَنْ يَصُوم عَن اليَوْمِ الَّذِي جَامَعَ فِيهِ يَوْماً مَكَانَهُ، ويُكَفِّرُ عَنْ ذَلِكَ اليَوْمِ بِأَن يَصُوم شَهْرِين مُتَتَابِعِين؛ فِإِذَا لَمْ يَسْتَطِع أَطعَمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً.
- الإِسْتِمْنَاءُ.
- التَّدخِين: كَالشِّيشَةِ والسَّجَائِرِ، ومَا فِي مَعنَاهُم؛ لأَنَّ لَهُم جِرْمٌ.
11/ مَا يَنْتَقِصُ بِهِ أَجْـرُ الصَّائِمِ
اعِلَمْ أَنَّهُ يَنْبِغِي لِلْصَائِمِ الكَفُّ عَمَّا يَتَنَافَى مَعَ الصِّيَامِ، وأَنْ يَتَحَفَّظ مِن الأَقْوَالِ والأَفْعَالِ الَّـتِـي تَخْدِشُ صَوْمَهُ وتُنْقِصُ أَجْرَهُ، حَتَّى يَنْتَفِعَ بِالصِّيَامِ، وتَحصُلَ لَهُ التَّقْوَى الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِـهِ: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (48) وكَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَع قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 1903) وأَبُو دَاوُد (2/ 2362).
- (مَنْ لَمْ يَدَع): مَنْ لَمْ يَتْرُك.
- (قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ): الأَقْوَالُ والأَفْعَالُ البَاطِلَة مِثْل: الكَذِب والغَيْبَة والنَّمِيمَة والسَّب والشَّتْم وشَهَادَة الزُّور وعُقُوقِ الوَالِدَيْنِ والسَّرِقَةِ وأَكْلِ مَالِ اليَتِيمِ وإِعطَاءِ الرَّشَاوَى وأَخْذِهَا وسَمَاعِ الأَغَانِي ومُشَاهَدَةِ الأَفْلاَمِ والمُسَلْسَلاَتِ واللَّعِب بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ... وغَيْرِهَا.
- (فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ): كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ قَبُولِ صَوْمِ مَنْ صَامَ وحَالُهُ هَكَذَا.
12/ مَا لاَ يُـفْـسِدُ الـصَّـــوْمَ
- اِبْتِلاَعُ الرِّيقِ.
- اِسْتِنْشَاقُ أَو اِبْتِلاَعُ غُبَارَ الطَّرِيقِ.
- وَضْعُ القَطْرَةِ فِي العَيْنِ أَو فِي الأُذُنِ.
- الأَكْلُ أَو الشُّرْبُ فِي حَالِة النِّسْيَانِ.
- وَضْعُ العُطُورِ، أَوْ الاِخْتِضَابُ بِالحِـنَّـاء.
- المَضْمَضَةُ والاِسْتِنْشَاقُ.
- القَـيْءُ بِدُونِ قَصْدٍ.
- القُبْلَةُ لِلْمُتَزَوِّج؛ إِذَا كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَن الوُقُوعِ فِي الجِمَاعِ؛ وإِلاَّ فَلاَ.
- المَذِي، وهُـوَ: مَاءٌ رَقِيقٌ أَصْفَرُ يَخْرُجُ عِنْدَ الشَّهْوَةِ الضَّعِيفَةِ كَالْمُلَاعَبَةِ أَوِ النَّظَرِ.
- التَّسَوُّك طَوَال النَّهَار.
- اِغْتِسَالُ الصَّائِمِ، ولَوْ كَانَ لِلْتَّـبَرُّد.
- الإِحتِلاَمُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ والشَّخْصُ نَائِمٌ.
13/ مَنْ يُرَخَّص لَهُم فِي الإِفْطَـارِ
(1) مَنْ يُرَخَّص لَهُم فِي الفِطرِ، وتَجِب عَلَيْهِم الفِديَة: أَيْ يَجُوزُ لَهُم أَنْ يَفْطِرُواْ، ولَكِنْ تَجِب عَلَيْهِم الفِديَةُ (والفِديَةُ هِيَ: إِطعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ)؛ وهُم أَربَعَةُ أَشْخَاصٍ:
- الشَّيْخُ الكَبِير.
- المَرأَةُ العَجُوز.
- المَرِيضُ الَّذِي لاَ يُرجَى شِفَاؤُهُ؛ فَهَؤُلاَءِ جَمِيعاً يُرَخَّصُ لَهُم فِي الفِطرِ، إَذَا كَانَ الصِّيَامُ يُجْهِدُهُم، ويَشُقُّ عَلَيْهِم مَشَقَّة شَدِيدَة فِي جَمِيعِ فُصُولِ السَّنَةِ. ويَجِبُ عَلَيْهِم أَنْ يُطعِمُواْ عَن كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً.
- الحَامِل والمُرضِعَة: إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَو وَلَديْهِمَا؛ يُفْطِرَان ويَفْدِيَان ويَقْضِيَان.
(2) مَنْ يُرَخَّص لَهُم فِي الفِطرِ، ويَجِبُ عَلَيْهِم القَضَاء: يُبَاحُ الفِطرُ لِلْمَرِيضِ الَّذِي يُرجَى شِفَاؤُهُ، والمُسَافِرِ، ويَجِبُ عَلَيْهِمَا القَضَاءُ. والمَرَضُ المُبِيحُ لِلْفِطرِ، هُوَ المَرَضُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزِيدُ بِالْصَوْمِ، أَو يُخْشَى تَأَخُّر شِفَاؤُهُ؛ ويُعْرَف ذَلِكَ، إِمَّا بِالْتَّجْرِبَةِ أَو بِإخْبَارِ الطَّبِيب المُسْلِم الثِّقَة أَو بِغَلَبَةِ الظَّنِ.
(3) مَنْ يَجِب عَلَيْهِ الفِطرُ والقَضَاءُ مَعاً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِب الفِطرُ عَلَى المَرأَةِ الحَائِضِ والنُّفَسَاءِ، ويَحرُم عَلَيْهِمَا الصِّيَامُ، وإِذَا صَامَتَا لاَ يَصِحُّ صَوْمُهُمَا، ويَقَعُ بَاطِلاً، وعَلَيْهِمَا قَضَاءُ مَا فَاتَهُمَا مِن أَيَّامٍ.
14/ قَـضَـــاءُ رَمَـضَـــانَ
اعلَم أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ لاَ يَجِبُ عَلَى الفَوْرِ، بَلْ يَجِبُ وُجُوبًا مُوَّسَّعاً فِي أَي وَقْتٍ، وكَذَلِكَ الكَفَّارَة؛ وإِنْ كَانَ الأَفْضَلُ الإِسْرَاع فِي القَضَاءِ؛ ولاَ يَشْتَرِطُ فِيـهِ التَّتَابُعُ ولاَ الزِّيَادَةُ عَلَى الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَر فِيهَا.
15/ مَنْ مَاتَ وعَلَيْهِ صِيَامٌ
إِذَا مَاتَ الفَردُ وعَلَيْهِ قَضَاءُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ قَد أَفْطَرَ فِيهَا بْعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ.. ونَحوِ ذَلِك؛ فَإِنَّ وَلِـيَّــهُ (أَحَدُ الوَرَثَة... كَالوَالِد أَو الإِبْنِ أَو الأَخِّ) يُطْعِم عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.