راجية الجنة
مُديرة عامّة
طـــاقم الإدارة
★★ نجم المنتدى ★★
نجم الشهر
عضو المكتبة الإلكترونية
كبار الشخصيات
غير متصل
وتصرمت أيامنا،
العمر،
مرور الأيام
مقال،

مقالٌ؛ قيّم؛
من بحر النُّصح والرّقائِق؛
أرجو أن نفيد منهُ جميعًا.
وتصرّمت أيامنا
من بحر النُّصح والرّقائِق؛
أرجو أن نفيد منهُ جميعًا.
وتصرّمت أيامنا

::
وتصرّمت أيامنا
وتصرّمت أيامنا
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي.

( لعلك تتذكر بعض أحداث رمضان العام الماضي ، بل ربما تتذكر أول يوم منه -
وربما أبعد من ذلك - لعلك تتذكر أحداثَ أشهرٍ من أعوام ماضية )
أردت بهذا تقرير حقيقة سرعة الأيام ، وأنّها تمضي بسرعة أكبر ممّا نتصور .

إنّ العاقل من ينتفع من هذه العبر .
سنواتٌ تبدأ وسرعان ما تنتهي .
وشهورٌ تدخل ولا نشعر إلا بخروجها .
ويومٌ تشرق شمسه ولا نشعر إلا وقد انقضى ذلك اليوم .
إنّ هذه السرعة الرهيبة لانقضاء الساعات لتجعل العاقل فينا من يوقن -
أنّ الحياة لا بد وأن تستغل ، وأنّ الساعات لا بد وأن تُملأ بالخيرات -
فهي تتفلت منّا ، ولا نقدر على رد لحظة منها فلِما لا تكون هذه الأيام زاداً ليوم المعاد !

لعلك تكاسلت عن طاعة ، ولعلكِ أجلتِ قربة .
فتأملوا معي حال رجلين أو امرأتين كيف عاشوا آخر عشر سنوات من عمرهم .
أحدهما :
كان محافظاً على الصلوات في وقتها وسننها وزيادة فضل منها .
والآخر :
متكاسل ومفرّط ولا يرفع بها رأساً .

لقد كسب الأول ثمانية عشر ألف ومئتين وخمسون فرضاً قد أدى حق الله فيها ،
ونجا من جُرم التفريط معها ، وسيقدم على ربه قد أدى أعظم مافرضه الله عليه .
وصلى السنن الرواتب كلها وكانت؛
خلال العشر سنوات ( ثلاث وأربعون ألفا ومئتا ركعة ).
وفي الغالب أنّ مثل هؤلاء لهم نصيب من قيام أو أقله الوتر ،
وربما صلى الضحى وتنفّل بغيرها من الصلوات .

فانظروا كم كسب الأول ، وماذا خسر الثاني المفرِّط !
ولو كان الأول يختم القرآن كل شهر مرة فيكون مجموع ختماته:
اثنا عشرة ختمة في العام وربما تزيد في رمضان
( فيفوز - برحمة الله - بقرابة ثلاث مائة وستون مليون حسنة في هذه العشر سنوات )
فأي خسرة قد جنى الثاني من تفريطه وهجره للقرآن .
وقل مثل ذلك في الصدقات والحج والعمرة وذكر الله وغيرها من أعمال البر .
إنّ التفريط بالطاعات تسويفاً واتكالاً لفراغ الوقت مستقبلاً؛
يوقن بفشله كل مفرِّط كسول ، فإنّه مازاد مع الأيام إلا كسلاً ، ولا جنى من التسويف إلا حرماناً .
لقد جعل الله الدينا ميداناً لتحصيل الصالحات ،
وميقاتاً للتزوّد من الباقيات ، فلا ثَمّ داراً غير هذه الدار ، ولا ثَمّ زماناً غير حياتك .

أغمض عينك الأن وتذكّر أناساً قد رحلوا من الدنيا ، ماذا أخذوا منها ؟
وأي أعلى أنواع الربح نالوا فيها ؟
وما أمنية أحدُهم وهو في قبره ؟
ولا يستبعد أحدُنا الموت فلو قدِّر لك أن تسأل أهل القبور ،
هل كنتم تتوقعون يوم موتكم لقال أكثرهم :
لا ، وربنا .
فكن على استعداد له وأنت تراه في غيرِك ، وغداً النّاس سيرونه فيّ وفيك .

سرعة مرور الأيام إيذاناً بسرعة زوال الدنيا ،
فما الدنيا إلا كصُبابة يصبها المرء ليُخرج آخر ما في الإناء ،
وزوال الدنيا الذي يراه النّاس بعيداً هو في حقيقة قريب ،
ولا ينظر أو ينتظر أحدُنا زوالها بل ينظر في الحقيقة الثابتة وهي زوالها منها .
فهو الحقيقة الكبرى التي نتغافل عنها ونستبعدها كما استبعدها غيرُنا ممّن انتقلوا من الدنيا فجأة .

سرعة الأيام تجعلك توقن أنّ الزمان سريع ، وأنّه إذا رحل لن يعود .
ساعتك التي مضت قبل قراءة هذا المقال؛
لن تقدر أن ترجعها فتزيد فيها عملاً صالحاً ، فكيف بأشهر أو سنوات !
إنّ بقاءنا وطول عمر بعض فرصة يجب اهتبالها بالباقيات الصالحات ، وماينفع بعد الممات .
والأيام كالخزينة يودع فيها المرء مايريد ولا تفتح له إلا يوم القيامة ،
فلينظر أحدُنا مايُودع ، وليعمل صالحاً ليستبشر .

تمّ بحمد الله تعالى.
::
المصدر/ صيد الفوائد.

اللّهمّ أعنّا على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتك.
