مصطلح "عرفنة" والإشكالات اللغوية:
مصطلح "عرفنة" والإشكالات اللغوية:
نحاول فيما تبقى من هذا العرض أن ندعم اعتراضنا الأولي على استخدام مصطلح
"عرفنة" كمصطلح بديل عن مصطلح "معرفة" بشكل خاص، بمناقشة ما يتصل بالجانب
اللغوي الاشتقاقي للمصطلح البديل والتحقيق في مدى ملاءمة الصيغة الصرفية المقترحة من
الناحية اللغوية )التصريفية والاشتقاقية(.
أول ملاحظة تستوقفنا ونحن نقرأ الصيغة المقترحة، أي "عرفنة"، بوصفها مصطلحا
جامعا للنشاط الذهني البشري، هي ردّها إلى الفعل )عرفنَ(، المشتق بدوره من الفعل )عَرَفَ(
وزيادة حرف النون في آخره، أي من الثلاثي المجرد )فَعَلَ( التي تصير فعلا مزيدا ليصبح فعلا
رباعيا ملحقا بالثلاثي أي )فَعْلَنَ(، وهذه الصيغة الأخيرة لم ترد في كلام العرب، جاء في
لسان العرب لابن منظور قوله: " ألا ترى أنه ليس في الأفعال فَعْلَنَ، وإنّما هو في الأسماء، نحو
عَلْجَنٍ، وخَلْبَنٍ؟" 14
ودون الخوض في مسألة الفعل والمصدر أيهما مشتق من صاحبه؟ التي أثيرت بين نحويي
البصرة والكوفة قديما 15 ، نرى من الأنسب أن يكون المنطلق في اقتراح مصطلحات جديدة
هو المصدر وليس الفعل، من منطلق أننا نتعامل مع المصطلحات، والمصطلحات هي أسامي
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
18
تتعلق بالمفاهيم والتجريدات. وعليه يمكن أن ننطلق من الصيغة الصرفية المصدرية "فعلنة"
ونشتق منها ما يرتبط بها من فعل وفاعل ونسبة...الخ.
ومن الأبحاث القليلة التي تناولت هذا الوزن الصرفي المستحدث بالدراسة عثرنا على
مقال د.عبد الحميد الأقطش الذي وسمه ب "التوليد اللغوي على وزن )فَعْلَنَة( في الاستعمال
العربي المعاصر "16 والذي يصرح فيه بالقول إنه يشقّ على الباحث أن يرصد لحياة هذا الوزن
)فعلنة( في العربية التراثية استعمالا حيّا، في شعر أو نثر، بيد أن كتب الأبنية مُتقاطرة على
سرد صيغة أخرى، كأنما هي الأم ل)فَعْلَنَة( وهي )فَعْلَن(، وهي صيغة تُذكر، عادة، في أبنية
الإلحاق، مما يتَولد بزيادة لاحقة النون في آخر الثلاثي ليصير رباعياً، وتكون في بنية اسمية
أو وصفية، لكن ليس ضمن أبنية الأفعال. 17
ومما جاء في البحث أيضا أن وزن )فَعْلَنَة( بنية من السهولة تشقيقُها إلى الوحدات
الصرفية الآتية: وحدة )الجِذع(، ومكونّة من ثلاثة صوامت صحاح، ووحدة )النون( المزيدة
رابعة بعد وحدة الجذع، ووحدة )التاء( بآخر الصيغة. ووحدة )الجِذْع
هي الصورة المجردة
الجامدة للصيغة في صورتها المعجمية الأساسية، ومن هذه الصيغة توسعت عربية لغة الحياة
العادية بالاشتقاق منها، بالزيادة فيها، أي بالاشتقاق من الجذع الجامد..".
وعن الخطاب الوظيفي لهذا الوزن يقول د. عبد الحميد الأقطش إنها مألوفة في
السياقات الاجتماعية التي يعمد إليها اللاوعي العربي الجمعي عند إرادة الإفصاح عن معنى لم
يكن سجيّة أو طبعا في صاحبه ثم تحوّل إليه، ولابسه، واتّصف به، فصار أمارة عليه، وصفة
شبه ثابتة في سلوكه.
وإ ا أردنا تطبيق هذه المنحى الدلالي لصيغة )فعلنة( على مصطلح "عرفنة" نقول إن
دلالتها تقتضي تحويل شيء وجعله متصفا بصفة ليست سجيّة فيه، والمفروض أن تكون هذه
الصفة هي "المعرفة" أو "التعرّف" باعتبار الأصل الاشتقاقي. فإ ا أردنا الحديث عن "عقلنة"
استخدام الموارد أو "عصرنة" وسائل الإنتاج، مثلا، فهذا يعني أن استخدام الموارد لم يكن
متصفا بالعقلانية، والوسائل لم تكن عصرية، ثم جعلناهما كذلك.
وإنه ليجدر أن نستنتج من هذا أنه إ ا كانت الوظيفة الأساسية والمتأصلة في الذهن
البشري، هي أن يعرف ويتعرف بدءا، وأن يكتسب المعرفة، وأن يستخدمها أو يطبقها، وأن
ينشرها، وأن يعرف كيف يعرف..الخ. فهذا يدفع إلى الاستنتاج أن ثمة دلالات أخرى ينبغي أن
يكتسبها مصطلح "عرفنة" على اعتبار أن الاسم "معرفة" يعتبر من الناحية اللغوية الأصل الذي
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
19
اشتق منه الإسم "عرفنة" )مصدر عرفن( ناهيك عن شيوعه وتداوله. من هنا نلاحظ عدم
التوافق بين الصفة الملازمة والبدئية للنشاط الذهني البشري الذي وسم تقليديا بكونه "يعرف"
أو "يتعرف"، وبين وسمه بأنه "يعرفن" أولا مع ما يحمله هذا من دلالة زائدة عن دلالة الأصل
تتمثل بالأساس في دلالة الجعل، أو التحويل، أو الإتّصاف.
فهل أن الذهن البشري "يعرف" الموجودات و"يتعرف" عليها ويحولّها إلى "معارف"
منظمة، ومبنينة، بما يوظفه من آليات وعمليات واعية وغير واعية، أم أنه "يعرفنها" بدءا عن
وعي وعن سابق معرفة وإدراك؟ مما لاشك فيه أن فعل التعرّف والمعرفة أسبق من العرفنة بهذا
المعنى، وإلا ما الذي سيعرفنه إن لم تكن ثمة معرفة، سواء باعتبارها سيرورة وملكة هنية
ونفسية أو بوصفها معارف فطرية أو مكتسبة؟.
وبخصوص النواحي الدلالية لصيغة )فعلنة( يشير د. الأقطش في ختام بحثه إلى أهمها
بوصفها الأبرز تداولا في وظائفها الخطابية السياقية، وهي: 18
- الإفصاح عن معنى لم يكن سجيّة، ولا طبعا في صاحبه، ثم تحول إليه، واتّصف
به، فصار أمارة عليه، وصفة شبه ثابته في سلوكه.
- الإفصاح عن معنى النسبة الاعتباطية بين منفذ الحدث، والحدث نفسه.
- الإفصاح عن معنى المبالغة في المهن الاجتماعية، والمعنوية خصيصا.
- الإفصاح عن معنى عام هو: الجعل والاخذا .
لكن الباحث يركز على معنى "التحول نحو الاتصاف بصفة". وهذا المعنى الأخير هو
ما يكتفي هادي العلوي بالتنويه به حينما جعل صيغتي تفعيل وفعلنة )مثل تصنيع، وتعريب،
وشرعنة، وعقلنة( ضمن معجمه الجديد، وقال إنهما تفيدان الجعل من حالة إلى حالة. وهي
تقابل ما ينتهي في الانجليزية ونحوها ب ize أو ify . 19
يهمنا في هذا الشأن اللاحقة ize - )أو ise-( التي تستخدم لجعل الإسم فعلا 20 . وهي
الأحرف نفسها التي نجدها في نهاية الفعل (cognize) ، لكنها لا تبدو أنها ملحقة به للدلالة
على تحويل الاسم إلى فعل بحسب ما يخبرنا به البحث في أصوله اللاتينية التي لا تحمل
اللاحقة izare -21 اللاتينية التي تعد أصلا للاحقة ize- ، والفعل (cognize) يرتبط بالاسم
(cognizance) أو (cognisance) الذي يتصل بالاسم (cognition) بطريق غير مباشر،
برغم حملهما للدلالة نفسها والتقائهما في الأصل اللاتيني نفسه، تفصيل لك أن الأول دخل
إلى الإنجليزية بطريق الاقتراض عن اللفظ الفرنسي القديم connoissance المشتق من اسم
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
20
الفاعل للفعل اللاتيني cognōscere . بينما يعود (cognition) إلى الاسم cognitiō المشتق
مباشرة من cognitus اسم المفعول )التصريف الثالث( للفعل اللاتيني cognit- المشتق من
الفعل cognōscere المنحدر من gnōscere المنحدر بدوره من الفعل nōscere الذي جاء من
الأصل الهندو أوروبي كثير الفروع: - -*gnō . 22
وعليه نتساءل عن الاسم الذي حوّلناه لنحصل على الفعل (cognize) عندما ترجمناه
بالفعل "عرفن"، سيكون حتما (cognizance) ، وربما (knowledge) أيضا لحملهما الدلالة
اللغوية نفسها، ولكن لن يكون بالتأكيد (cognition) فهي نتيجة لهذا التحويل أي
)عرفنة(. والواقع أن الكلمات الثلاث تحمل الدلالة نفسها، فهي مترادفات، لكنها خذتلف في
أصولها وتطورها الإيتمولوجي.
وفوق هذا كلّه نعثر في بعض الكتابات المعاصرة من يستخدم مصطلح (cognition)
ويضيف إليه اللاحقة -ize في آخره ليجعل منه فعلا، أي (cognitize) ، وهناك من أعاده إلى
إسميته بإضافة اللاحقة -ization فأصبح (cognitization) للدلالة على الجعل والتحويل
وغيرها من الدلالات الخاصة، ومن الشواهد على هذه الاستخدامات نذكر:
بخصوص (cognitize) نقرأ: )التسطير مني(
" t in with us, thus playing an active par cognitize1. technologies that cognitizeour cognitive processes (…). 2. This new technologies do not only 23for us.” cognitizewith us, but they also
أما بخصوص مصطلح (cognitization) فنقرأ:
"Notably, it has argued that simply evoking neural activity in a brain structure by activating cognitive and/or emotional processes during listening ) might have beneficial effects on the recovery cognitization(referred to as 24 of stroke patients)”.
وعلى المنوال نفسه نعثر على استخدامات لمصطلح (knowledgization) وما يتفرع
عنه للدلالة على جعل الشيء معرفيا أيضا. من لك هذا المقطع:
or «modernization» of islam rather than knowledgization“He is for 25islamization of knowledge or modernity...”
في هذا المقطع حديث عن تجديد الفكر الديني وجعله معرفيا، وهناك من طرق هذا
الموضوع باللغة العربية وعبّر عن المصطلح ب"عرفنة"، من لك ما ورد في ملخص مقال منشور
على شبكة الانترنت بعنوان: "الدين والعرفنة في ايران المعاصرة" 26 ، أين وُظف المصطلح
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
21
توظيفا مركزيا بحسب ما نفهم من المقتطفات التالية: "لاشك أن لعرفنة الدين في خطابي
الاسلام السياسي والحداثة قراءات متعددة" "فالتجدد بصدد عرفنة الدين لتكتسب –
مفاهيمه الأساسية معنى خارج نطاق الدين" "أما الأصولية بصدد عرفنته لكي تجيب على -
المستجدات في دائرة الشريعة والاجتهاد استنادا إلى التحولات والتغيرات ومقتضيات الزمان" -
"ولأجل توضيح مسألة العرفنة في إيران المعاصرة نتطرق الى تحليل خطابي الحداثة والأصولية
ومفهوم العرفنة.." "ثم نسلط البحث على أبرز مزايا عرفنة الدين في ايران المعاصرة" - .
من الواضح من استخدام "عرفنة" هنا أنه جاء قياسا على استخدام مصطلح "علمنة"
المتداول في سياقات مشابهة، أي جعل الشيء )مجتمعا أو دولة( علمانيا أو متّصفا بهذه الصفة.
ومن الواضح من سياق الحديث أن المقصود بالمعرفة والعرفنة هنا يختلف عن سياق استخدامها
في الشواهد السابقة الخاصة بمصطلح (cognitization) وما يتّصل بها.
فهذه الأمثلة وغيرها أين وردت (cognitize) و (cognitization)
و (knowledgization) قد تحظى بالأولوية في الاستفادة من الوزن الصرفي "فعلنة" في ترجمتها
إلى اللغة العربية، وفي هذا مبرّر آخر نراه كافيا، للإبقاء على مصطلح "معرفة" لنقابل به
مصطلح (cognition) ، أو اقتراح بدائل أخرى تكون أنسب. كأن نستخدم صيغتي الإفراد
والجمع للتمييز بين الفعل المعرفي ونتيجته فنقول "معرفة" و"معارف" )على منوال معلومات( في
سياقات الحديث عن أحدهما أو كليهما.
خلاصة:
حاولنا فيما تم عرضه أن ندلي برأينا في أحد تمظهرات إشكالية الاختلاف في تمثل المصطلحات
الوافدة، وبخاصة في الجانب الم تصل بإعادة النظر في المتداول منها والعمل على استبدالها بأخرى
بإعادة صياغتها كما حصل مع المصطلح الشائع )معرفة( الذي عوض بمصطلح )عرفنة(، وقد
حاولنا التدليل على عدم كفاية المبررات التي كانت الدافع لهذه الاستعاضة للأسباب المذكورة في
البحث، ونرى في مقابل ذلك أن تحظى الفروق المفهومية وسياقات استخدامها بالاعتبار قبل أي
اعتبار آخر، وعليه يبدو السياق حاسما وكفيلا بتوضيح ما يلتبس إذا توفرت معرفة سابقة بالمفاهيم،
ذلك أن المعنى بحسب النظريات اللسانية المعرفية يتحقق ذهنيا وسياقيا، وليست الكلمات إلا حاثات
لبناء المعنى في الذهن. وليس ضارا أن تحفل اللغة الاصطلاحية بالمترادفات. ولكن الضار
الاختلاف في التحديد الدقيق والصحيح للمفاهيم في سياقاتها. وهذا ما يطرح في كل مرة إشكالية
التعامل مع المصطلح الأجنبي.
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
22
الهوامش:
* يستخدم البحث اللغة الإنجليزية كلغة ثانية لاعتبا ا رت منهجية.
1 ينظر: الأزهر الزناد: في مصطلح "العرفنة" ومشتقاتها. مدونته: -
post_22.html-4/bloghttp://lazharzanned.blogspot.com/2012/0 . بتاريخ: الأحد 00 أفريل 0210
2 رولا وزينب فاضل: العرفان عند الشيعة، معهد الحكمة المتعالية، ال ا ربط: -
http://www.mutaaliah.com/Home/print.php?id=357
3 قد يتخصّص مصطلح "إد ا رك" - (perception) بحسيته فيقال "إد ا رك حسي"، وهو يقابل "الإد ا رك الذهني"
(conception) أو التصور )بمعنى الحدث( وهناك التصور "concept" )بمعنى الشيء( الذي يترجم ب"المفهوم"
أيضا. والتصور أو التمثيل (representation) من منظور معرفي معاصر هو الوحدة الرئيسية لمعارفنا وهو
مركزي لعملية المقولة (categorization) وبناء التصور أو المفهمة (conceptualization) ، والتصو ا رت تلازم
النسق التصوري، ويتم تشكيلها منذ الطفولة المبكرة انطلاقا من التجربة الإد ا ركية الحسية من خلال عملية
اصطلح عليها باسم "تحليل المعنى الإد ا ركي الحسي" ) perceptual maning analysis (، تستنهض هذه العملية
التصو ا رت الأكثر بدائية المعروفة باسم خطاطة الصورة (image schema) . ويمكن للتصو ا رت أن تشفر في
شكل لغوي مخصص يعرف كتصور معجمي (lexical concept) . وبينما تكون التصو ا رت عبارة عن كيانات
معرفية مستقرة نسبيا إلا أنّها تعدّل عن طريق تجارب مستمرة عرضية وانعكاسية. ينظر:
- Vyvyan Evans: A Glossary of Cognitive Linguistics, Edinburgh University Press, Edinburgh 2007, p31.
4 -Cf. Jhon Ayto : words origins, The Hidden Histories of English Words from A to Z, 0nd Edition, A&C Black Publishers, 2005, p 562 (Word Family Trees)
5 -Cf. Jhon Ayto : words origins, ibid, ps: 5- 119- 301-416 (acquaint- cognizance- know- recognize)
6 -Alan .R .Lacey: A Dictionary of Philosophy, Third edition, Routledge & Kegan Paul Ltd, New York 1996, PP 96-97 (epistemology)
7 -Stanford Encyclopedia of Philosophy: knowledge analysis
(http://plato.stanford.edu/entries/knowledge-analysis/) from:
en.wikibooks.org/wiki/…/Knowledge_Representation_and_Hemispheric_Specialisation
8 ولذلك وجدنا من اقترح أن الإنسان يولد بمعارف فطرية تؤسس للنشاط المعرفي وعملية التفكير. -
Cf. Lora Taylor: introducing cognitive development, psychology press, Taylor & Francis group, 2005, p2
9 -Cf. Vyvyan Evans: A Glossary of Cognitive Linguistics, Ibid. p17
وتشمل هذه الجوانب المرتبطة بالوظيفة الذهنية ما يؤديه الذهن من أنشطة ووظائف متعدّدة لكنّها محصورة في
سلسلة من الأنشطة البشرية مثل التذكر، واتخاذ الق ا ر ا رت، والتعقل، والتخطيط، وما إليه، وكلّها عمليات ذهنية
تندرج بصفة عامة تحت تسمية " معرفة " (cognition) ، كمصطلح عام لكل أشكال العمليات الذهنية الواعي
منها وغير الواعي.
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
23
Cf. David Matsumoto: The Cambridge Dictionary Of Psychology, Cambridge University Press, p 114
10 وعيا بهذا الاختلاف المفهومي وتلافيا لإطلاق المقابل نفسه، أو إطلاق اسم الجزء على الكل أو العكس، -
عثرنا على اجتهادات أخرى تقترح مصطلحات بديلة للتمييز بين المفهومين، من ذلك ما جاء في الموسوعة
الحرة )ويكيبيديا( على شبكة الإنترنت التي اقترحت صيغتين للدلالة على المصطلح (cognition) هما
"الاستع ا رف" و"التعرّف"، وتحدّده بأنه: "مصطلح يدل على السيرورة التي تَطلب بها الأنساق الطبيعية )مثل
الذهن( أو الاصطناعية )مثل الحاسوب( المعرفة ] knowledge [ من خلال اكتساب المعطيات أو المعلومات
عن العالم وببناء تمثيلات تحوَّل إلى معارف بواسطة إج ا رءات خاصة وتستعمل في أنشطة وأعمال مختلفة.
فالتعرف يشير إلى مختلف الوظائف الذهنية التي تتعلق بمعالجة المعطيات والمعلومات والتي تتمثل، بالأساس،
في الإد ا رك والفكر والتذكر والاستدلال واتخاذ الق ا رر والانفعال العاطفي والتجريد، وذلك في علاقتها الذهنية
لاكتساب المعرفة والخب ا رت والتعلم. ويدرس التعرف في إطار علوم التعرف أو التعرفيات التي تشمل مجالات
العلوم العصبية وعلم النفس واللسانيات والمنطق والرياضيات التطبيقية والذكاء الاصطناعي وعلم الحاسوب )أو
الحاسوبيات( وفلسفة الذهن. ينظر: استع ا رف ar.wikipedia.org/wiki/
أما مصطلح (knowledge) فتحافظ الموسوعة على مقابله المتداول، أي "المعرفة"، وتحدّدها نقلا عن قاموس
أكسفورد بأنها" )أ( الخب ا رت والمها ا رت المكتسبة من خلال التجربة أو التعليم؛ الفهم النظري أو العملي لموضوع
]ما[، )ب( مجموع ما هو معروف في مجال معين؛ الحقائق والمعلومات، الوعي أو الخبرة التي اكتسبتها من
الواقع أو من الق ا رءة أو من المناقشة..." ينظر: معرفة ar.wikipedia.org/wiki/
أما في نسختها الإنجليزية فتحدد الموسوعة مصطلح (knowledge) بأنها " اعتياد ]أو ألفة[ شخص ما أو
شيء ما، ويمكن أن تنضوي على حقائق، ومعلومات، وأوصاف، أو مها ا رت مكتسبة أثناء التجربة أو التعلم.
ويمكنها أن تحيل إلى الفهم النظري أو التطبيقي لموضوع معين. ويمكن أن تكون ضمنية )كالمهارة التطبيقية
أو الخبرة مثلا( أو صريحة )كالفهم النظري لموضوع ما(؛ ويمكنها أن تكون منهجية او نسقية قليلا أو كثي ا ر.
تسمى د ا رسة المعرفة في الفلسفة الإبستمولوجيا؛]...[ ويتضمن اكتساب المعرفة سيرو ا رت معرفية معقدة
[ complex cognitive processes [ منها: الإد ا رك الحسي، التواصل، الت ا ربط والتفكير، ..." ]ترجمتنا[. ينظر:
en.wikipedia.org/wiki/Knowledge
11 يحدّد جورج لايكوف العلم المعرفي - (science cognitive) بأنه "ميدان جديد ت ا رفق مع ما عرف عن
الذهن في تخصصات أكاديمية متعدّدة: في علم النفس، واللسانيات، والأنثروبولوجيا، والفلسفة، وعلم الحاسوب.
وهو ينشد إجابات مفصلة عن هذه الأسئلة: ما هو التفكير؟ كيف نعطي معنى لتجربتنا؟ ما هو النسق
التصوري وكيف يتم تنظيمه؟ هل يستعمل الناس كلهم النسق التصوري نفسه؟ إن كان الأمر كذلك، فما هو هذا
النسق؟ وان لم يكن كذلك، فما هو المشترك تحديدا في طريقة تفكير الكائن البشري؟ ]هذه[ الأسئلة ليست
بجديدة، ولكن ]نوع[ الإجابات ال ا رهنة عنها هي كذلك". ينظر:
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
24
- George Lakoff: Women, Fire, and Dangerous Things, What Categories Reveal about the Mind. The University of Chicago Press, Chicago and London, 1987. p Xi (preface)
12 لقد وجدنا بالفعل من بين منظري العلم المعرفي من تناول مسألة تحديد الإطار المفهومي أولا، منهم -
جورج لايكوف ومارك جونسون اللذان حددا إطار عملهما بالتركيز على ما يعنيه مصطلح ) cognitive ( من
منظور العلم المعرفي، مشيرَين إلى ما قد يثيره هذا المصطلح من التباس في قولهما: "لمصطلح "معرفي"
[ cognitive [ معنيين جد مخلتفين، ما قد يخلق التباسا في بعض الأحيان. في العلم المعرفي، يستخدم مصطلح
معرفي لأي نوع من العمليات أو البنيات الذهنية التي يمكن د ا رستها بمصطلحات دقيقة. هذه البنيات والعمليات
وجد أنها لاواعية في معظمها... كل مظاهر الفكر واللغة، واعية أو غير واعية، هي معرفية. يشمل هذا
الفونولوجيا ]الصوتيات[، والنحو، والأنسقة التصورية، والمعجم الذهني، وكل الاستنتاجات اللاواعية من أي
ضرب كانت. كما أن التخيل الذهني، والمشاعر، ومفهوم العمليات الحركية، كلها تدرس من هذا المنظور
المعرفي. وكذا الشأن مع النمذجة العصبية لأي عملية معرفية تعد جزءا من العلم المعرفي."
ويتابعان:" ينشأ الالتباس أحيانا بسبب أن مصطلح معرفي غالبا ما استخدم بطرق جد متباينة في بعض التقاليد
الفلسفية. بالنسبة للفلاسفة ضمن هذه التقاليد، تعني ]لفظة[ معرفي البنية التصورية أو القضوية
[ propositional [. وتشمل العمليات الخاضعة للقواعد والجارية على هذه البنيات التصورية والقضوية. علاوة
على أنه نظر إلى المعنى المعرفي بوصفه معنى شروط الصدق ] truth-conditional [ ، أي، ليس ذاك المعنى
المحدد داخليا في الذهن أو الجسد، ولكن ذاك المحدد بالإحالة إلى الأشياء في العالم الخارجي. وعليه فأغلب
ما سنطلق عليه تسمية اللاوعي المعرفي لا ينظر إليه الكثير من الفلاسفة على أنه معرفي بإطلاق )..( ومن
الناحية العملية، سوف نستخدم ضمن العلم المعرفي مصطلح معرفي بمعنى أكثر ث ا رء ما أمكن، لنصف به كل
العمليات والبنى الذهنية التي تشمل اللغة، والمعنى، والإد ا رك الحسي، والأنسقة التصورية، والتعقل.. ". ينظر:
George Lakoff & Mark Johnson: Philosophy In The Flesh. New York: Basic Books (1999). pp 23-24
13 يقول روبرت ستارنبرغ أنه من الأسئلة التي تم طرحها تلك التي تعلقت أساسا ب "طبيعة المعرفة"، وقد -
أصبحت د ا رستها أم ا ر أساسيا ليس فقط بالنسبة لهؤلاء المنشغلين بالعلم المعرفي، بصفة عامة، وعلم النفس
المعرفي، بصفة خاصة، ولكن بالنسبة لأغلب هؤلاء المهتمين بد ا رسة الذهن. ففي علم النفس، صار معلوما أن
المعرفة تلعب الآن دو ا ر مركزيا في علم النفس الاجتماعي )د ا رسة المعرفة الاجتماعية(، وفي علم النفس
التطوري )د ا رسة النمو المعرفي(، وفي علم النفس العلاجي )أو علم النفس المرضي(، وفي علم النفس التربوي
)د ا رسة المعرفة داخل الصف(، وفي علم النفس العصبي )د ا رسة العمليات المعرفية المرتبطة بعمل الدماغ(،
وفي كل مجالات علم النفس بصفة عملية. أما في الفلسفة، فقد تجلّت المعرفة كونها الموضوع المركزي الأكثر
تأملا من قبل فلاسفة الذهن منذ أفلاطون إلى الفلاسفة المعاصرين. وحتى الكثير من علماء الاقتصاد صار
من المعلوم الآن أنهم لن يفهموا أبدا وبحق سلوك المستهلك حتى يتخذوا نماذج "الرجل والم أ رة الاقتصاديَين"
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
25
العقليَين والأخذ بعين الاعتبار كيفية تفكير الناس حقيقة. وفي الأنثروبولوجيا، أصبحت الأنثروبولوجيا المعرفية
فرعا أساسيا. وفي اللسانيات، تعرّف الكثير من اللسانيين على علاقة القرب المتبادلة بين الفكر واللغة.
Cf. Robert j Sternberg: The nature of cognition; massachusetts Institute of Technology, 1999, preface: p vii.
14 ابن منظور: لسان العرب، ط دار المعارف القاهرة، مادة )عرجن(. -
وسرد ابن عصفور )ت 666 ه( أقسام الثلاثي المزيد الملحقة به وهي: فَ يعَ لَ ، فَ ع لَلَ ، فَ وعَ لَ ، فَ ع وَلَ ، فَ ع نلَ ،
ي فعَ ل ، فَ ع لَى، أَ فعَ لَ. )ليس بينها فَ ع لَنَ ( ينظر: ابن عصفور الإشبيلي: الممتع الكبير في التصريف، تح: فخر
- 116 1666 ، صص 111 ، الدين قباوة، مكتبة لبنان ناشرون لبنان، ط 1
15 ينظر عن المسألة: أبو البركات بن الأنباري ) 155 ه
الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين -
- - 0220 م، ص ص 160 ، والكوفيين، تحقيق: جودة مبروك محمد مبروك، مكتبة الخانجي القاهرة، ط 1
021
16 د.عبد الحميد الأقطش: التوليد اللغوي على وزن )فَ علَنَة( في الاستعمال العربي المعاصر، مجمع اللغة
العربية الأردني، ال ا ربط:
http://www.majma.org.jo/majma/index.php/2009-02-10-09-36-00/417-79-2.html
17 يذكر ابن عصفور فيما تلحقه الزيادة من الثلاثي المجرد بعد اللام ما كان على فَ علَ ن: و لم يجئ إلا -
صفة، نحو ر عشَن، وض يفَن. ينظر: ابن عصفور الإشبيلي: الممتع الكبير في التصريف، ص 66
18 ينظر مقال د. الأقطش للوقوف على متن استعمال الصيغة الصرفية ) فَ ع لَ نة( بشكل عام مع الشواهد التي -
استقاها مما سمعه في الخطاب الشفوي الدارج، أو مما ق أ ره في بعض الكتابات الأكاديمية باللغة الفصيحة.
19 يقول المؤلف عن تَ ف ع يل و فَ ع لَ نة إنهما من الأو ا زن الهامة في ميداني العلم والفكر الحديثين. وقد انتشرت -
في لغة الكتابة الحديثة رغم أنها لم تحظ حتى الآن بموافقة اللغويين مما خلق بعض التردد لدى الكتاب
والمفكرين بشأنها. وهي فصيحة ودقيقة ولا سبيل للاستغناء عنها م ا رعاة للاجتهادات أو الأذواق الشخصية.
1661 ، ص - ينظر: هادي العلوي: المعجم العربي الجديد. دار الحوار للنشر والتوزيع سوريا، ط 1 - ص 61
60
20 يكون ذلك في حالات خاصة منها: التسبيب، والتمثيل، والتصيير، والاستهداف، والمعالجة، والقيام بفعل، -
مثل: sterilize / pasteurize : يبستر )بسترة(، crystallize : يبَ ل ور )بلورة(، oxidize : يؤكسد )أكسدة(،
theorize : ينظّر )تنظي ا ر(.
Cf. Michael Sheehan: Word Parts Dictionary: standard and reverse listings of prefixes, suffixes, and combining forms ; McFarland & Company, Inc., Publishers, 2000, p 45.
21 - Cf. A Dictionary of Prefixes, Suffixes, and Combining Forms. From: Webster’s Third New International Dictionary, unabridged, 2000, p 29 ( www.Merriam-WebsterUnabridged.com)
22 - Cf. Jhon Ayto : words origins, ibid, p 119
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
26
23 - Itiel E.Dror: Cognitive Technologies and the Pragmatics of Cognition, John Benjamins publishing 2007. P 1
ونقترح ترجمة المقطع هكذا:
1.التكنولوجيات التي تعرفن معنا، وعليه فهي تلعب دو ا ر إيجابيا في عملياتنا المعرفية )...(. "
0. هذه التكنولوجيات الجديدة لا تعرفن معنا فقط، ولكنها تعرفن لأجلنا أيضا".
24 - Cf. Stefan Koelsch: Brain and Music, John Wiley & Sons, 0211, p 237 (margin)
ونقترح ترجمة المقطع كما يلي:
"جدير بالذكر أن ثمة من قال بأن مجرد إثارة نشاط عصبي في بنية الدماغ بتنشيط عمليات معرفية و/أو
عاطفية أثناء الاستماع )التي يحال إليها بوصفها عرفنة( يمكن أن يكون لذلك تأثي ا رت مفيدة على شفاء مرضى
السكتة الدماغية".
25 - Quarterly Journal of the Pakistan Historical Society. Pakistan Historical Society. 2006. Volume 54/ p 17
http://books.google.dz/books?id=Nfo...a=X&ei=C2MSUf3rHcn24QTg64C4Cg&ved=0CE8Q6AEwBg
26 محمد اسماعيل نباتيان: الدين والعرفنة في اي ا رن المعاصرة. )صفحة ويب دون معلومات إضافية. -
)0210/0/ بتاريخ 12
http://www.shareh.com/persian/magazine/uloum_s/32/15.htm
المعرفة/ الإدراك/ العرفنة
بحث في المصطلح
د. عمر بن دحمان
جامعة تيزي وزو
ابغي التلخيص لهاذا الكلام ارجوكم اخواني باللله ساعدوني
مصطلح "عرفنة" والإشكالات اللغوية:
نحاول فيما تبقى من هذا العرض أن ندعم اعتراضنا الأولي على استخدام مصطلح
"عرفنة" كمصطلح بديل عن مصطلح "معرفة" بشكل خاص، بمناقشة ما يتصل بالجانب
اللغوي الاشتقاقي للمصطلح البديل والتحقيق في مدى ملاءمة الصيغة الصرفية المقترحة من
الناحية اللغوية )التصريفية والاشتقاقية(.
أول ملاحظة تستوقفنا ونحن نقرأ الصيغة المقترحة، أي "عرفنة"، بوصفها مصطلحا
جامعا للنشاط الذهني البشري، هي ردّها إلى الفعل )عرفنَ(، المشتق بدوره من الفعل )عَرَفَ(
وزيادة حرف النون في آخره، أي من الثلاثي المجرد )فَعَلَ( التي تصير فعلا مزيدا ليصبح فعلا
رباعيا ملحقا بالثلاثي أي )فَعْلَنَ(، وهذه الصيغة الأخيرة لم ترد في كلام العرب، جاء في
لسان العرب لابن منظور قوله: " ألا ترى أنه ليس في الأفعال فَعْلَنَ، وإنّما هو في الأسماء، نحو
عَلْجَنٍ، وخَلْبَنٍ؟" 14
ودون الخوض في مسألة الفعل والمصدر أيهما مشتق من صاحبه؟ التي أثيرت بين نحويي
البصرة والكوفة قديما 15 ، نرى من الأنسب أن يكون المنطلق في اقتراح مصطلحات جديدة
هو المصدر وليس الفعل، من منطلق أننا نتعامل مع المصطلحات، والمصطلحات هي أسامي
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
18
تتعلق بالمفاهيم والتجريدات. وعليه يمكن أن ننطلق من الصيغة الصرفية المصدرية "فعلنة"
ونشتق منها ما يرتبط بها من فعل وفاعل ونسبة...الخ.
ومن الأبحاث القليلة التي تناولت هذا الوزن الصرفي المستحدث بالدراسة عثرنا على
مقال د.عبد الحميد الأقطش الذي وسمه ب "التوليد اللغوي على وزن )فَعْلَنَة( في الاستعمال
العربي المعاصر "16 والذي يصرح فيه بالقول إنه يشقّ على الباحث أن يرصد لحياة هذا الوزن
)فعلنة( في العربية التراثية استعمالا حيّا، في شعر أو نثر، بيد أن كتب الأبنية مُتقاطرة على
سرد صيغة أخرى، كأنما هي الأم ل)فَعْلَنَة( وهي )فَعْلَن(، وهي صيغة تُذكر، عادة، في أبنية
الإلحاق، مما يتَولد بزيادة لاحقة النون في آخر الثلاثي ليصير رباعياً، وتكون في بنية اسمية
أو وصفية، لكن ليس ضمن أبنية الأفعال. 17
ومما جاء في البحث أيضا أن وزن )فَعْلَنَة( بنية من السهولة تشقيقُها إلى الوحدات
الصرفية الآتية: وحدة )الجِذع(، ومكونّة من ثلاثة صوامت صحاح، ووحدة )النون( المزيدة
رابعة بعد وحدة الجذع، ووحدة )التاء( بآخر الصيغة. ووحدة )الجِذْع
الجامدة للصيغة في صورتها المعجمية الأساسية، ومن هذه الصيغة توسعت عربية لغة الحياة
العادية بالاشتقاق منها، بالزيادة فيها، أي بالاشتقاق من الجذع الجامد..".
وعن الخطاب الوظيفي لهذا الوزن يقول د. عبد الحميد الأقطش إنها مألوفة في
السياقات الاجتماعية التي يعمد إليها اللاوعي العربي الجمعي عند إرادة الإفصاح عن معنى لم
يكن سجيّة أو طبعا في صاحبه ثم تحوّل إليه، ولابسه، واتّصف به، فصار أمارة عليه، وصفة
شبه ثابتة في سلوكه.
وإ ا أردنا تطبيق هذه المنحى الدلالي لصيغة )فعلنة( على مصطلح "عرفنة" نقول إن
دلالتها تقتضي تحويل شيء وجعله متصفا بصفة ليست سجيّة فيه، والمفروض أن تكون هذه
الصفة هي "المعرفة" أو "التعرّف" باعتبار الأصل الاشتقاقي. فإ ا أردنا الحديث عن "عقلنة"
استخدام الموارد أو "عصرنة" وسائل الإنتاج، مثلا، فهذا يعني أن استخدام الموارد لم يكن
متصفا بالعقلانية، والوسائل لم تكن عصرية، ثم جعلناهما كذلك.
وإنه ليجدر أن نستنتج من هذا أنه إ ا كانت الوظيفة الأساسية والمتأصلة في الذهن
البشري، هي أن يعرف ويتعرف بدءا، وأن يكتسب المعرفة، وأن يستخدمها أو يطبقها، وأن
ينشرها، وأن يعرف كيف يعرف..الخ. فهذا يدفع إلى الاستنتاج أن ثمة دلالات أخرى ينبغي أن
يكتسبها مصطلح "عرفنة" على اعتبار أن الاسم "معرفة" يعتبر من الناحية اللغوية الأصل الذي
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
19
اشتق منه الإسم "عرفنة" )مصدر عرفن( ناهيك عن شيوعه وتداوله. من هنا نلاحظ عدم
التوافق بين الصفة الملازمة والبدئية للنشاط الذهني البشري الذي وسم تقليديا بكونه "يعرف"
أو "يتعرف"، وبين وسمه بأنه "يعرفن" أولا مع ما يحمله هذا من دلالة زائدة عن دلالة الأصل
تتمثل بالأساس في دلالة الجعل، أو التحويل، أو الإتّصاف.
فهل أن الذهن البشري "يعرف" الموجودات و"يتعرف" عليها ويحولّها إلى "معارف"
منظمة، ومبنينة، بما يوظفه من آليات وعمليات واعية وغير واعية، أم أنه "يعرفنها" بدءا عن
وعي وعن سابق معرفة وإدراك؟ مما لاشك فيه أن فعل التعرّف والمعرفة أسبق من العرفنة بهذا
المعنى، وإلا ما الذي سيعرفنه إن لم تكن ثمة معرفة، سواء باعتبارها سيرورة وملكة هنية
ونفسية أو بوصفها معارف فطرية أو مكتسبة؟.
وبخصوص النواحي الدلالية لصيغة )فعلنة( يشير د. الأقطش في ختام بحثه إلى أهمها
بوصفها الأبرز تداولا في وظائفها الخطابية السياقية، وهي: 18
- الإفصاح عن معنى لم يكن سجيّة، ولا طبعا في صاحبه، ثم تحول إليه، واتّصف
به، فصار أمارة عليه، وصفة شبه ثابته في سلوكه.
- الإفصاح عن معنى النسبة الاعتباطية بين منفذ الحدث، والحدث نفسه.
- الإفصاح عن معنى المبالغة في المهن الاجتماعية، والمعنوية خصيصا.
- الإفصاح عن معنى عام هو: الجعل والاخذا .
لكن الباحث يركز على معنى "التحول نحو الاتصاف بصفة". وهذا المعنى الأخير هو
ما يكتفي هادي العلوي بالتنويه به حينما جعل صيغتي تفعيل وفعلنة )مثل تصنيع، وتعريب،
وشرعنة، وعقلنة( ضمن معجمه الجديد، وقال إنهما تفيدان الجعل من حالة إلى حالة. وهي
تقابل ما ينتهي في الانجليزية ونحوها ب ize أو ify . 19
يهمنا في هذا الشأن اللاحقة ize - )أو ise-( التي تستخدم لجعل الإسم فعلا 20 . وهي
الأحرف نفسها التي نجدها في نهاية الفعل (cognize) ، لكنها لا تبدو أنها ملحقة به للدلالة
على تحويل الاسم إلى فعل بحسب ما يخبرنا به البحث في أصوله اللاتينية التي لا تحمل
اللاحقة izare -21 اللاتينية التي تعد أصلا للاحقة ize- ، والفعل (cognize) يرتبط بالاسم
(cognizance) أو (cognisance) الذي يتصل بالاسم (cognition) بطريق غير مباشر،
برغم حملهما للدلالة نفسها والتقائهما في الأصل اللاتيني نفسه، تفصيل لك أن الأول دخل
إلى الإنجليزية بطريق الاقتراض عن اللفظ الفرنسي القديم connoissance المشتق من اسم
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
20
الفاعل للفعل اللاتيني cognōscere . بينما يعود (cognition) إلى الاسم cognitiō المشتق
مباشرة من cognitus اسم المفعول )التصريف الثالث( للفعل اللاتيني cognit- المشتق من
الفعل cognōscere المنحدر من gnōscere المنحدر بدوره من الفعل nōscere الذي جاء من
الأصل الهندو أوروبي كثير الفروع: - -*gnō . 22
وعليه نتساءل عن الاسم الذي حوّلناه لنحصل على الفعل (cognize) عندما ترجمناه
بالفعل "عرفن"، سيكون حتما (cognizance) ، وربما (knowledge) أيضا لحملهما الدلالة
اللغوية نفسها، ولكن لن يكون بالتأكيد (cognition) فهي نتيجة لهذا التحويل أي
)عرفنة(. والواقع أن الكلمات الثلاث تحمل الدلالة نفسها، فهي مترادفات، لكنها خذتلف في
أصولها وتطورها الإيتمولوجي.
وفوق هذا كلّه نعثر في بعض الكتابات المعاصرة من يستخدم مصطلح (cognition)
ويضيف إليه اللاحقة -ize في آخره ليجعل منه فعلا، أي (cognitize) ، وهناك من أعاده إلى
إسميته بإضافة اللاحقة -ization فأصبح (cognitization) للدلالة على الجعل والتحويل
وغيرها من الدلالات الخاصة، ومن الشواهد على هذه الاستخدامات نذكر:
بخصوص (cognitize) نقرأ: )التسطير مني(
" t in with us, thus playing an active par cognitize1. technologies that cognitizeour cognitive processes (…). 2. This new technologies do not only 23for us.” cognitizewith us, but they also
أما بخصوص مصطلح (cognitization) فنقرأ:
"Notably, it has argued that simply evoking neural activity in a brain structure by activating cognitive and/or emotional processes during listening ) might have beneficial effects on the recovery cognitization(referred to as 24 of stroke patients)”.
وعلى المنوال نفسه نعثر على استخدامات لمصطلح (knowledgization) وما يتفرع
عنه للدلالة على جعل الشيء معرفيا أيضا. من لك هذا المقطع:
or «modernization» of islam rather than knowledgization“He is for 25islamization of knowledge or modernity...”
في هذا المقطع حديث عن تجديد الفكر الديني وجعله معرفيا، وهناك من طرق هذا
الموضوع باللغة العربية وعبّر عن المصطلح ب"عرفنة"، من لك ما ورد في ملخص مقال منشور
على شبكة الانترنت بعنوان: "الدين والعرفنة في ايران المعاصرة" 26 ، أين وُظف المصطلح
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
21
توظيفا مركزيا بحسب ما نفهم من المقتطفات التالية: "لاشك أن لعرفنة الدين في خطابي
الاسلام السياسي والحداثة قراءات متعددة" "فالتجدد بصدد عرفنة الدين لتكتسب –
مفاهيمه الأساسية معنى خارج نطاق الدين" "أما الأصولية بصدد عرفنته لكي تجيب على -
المستجدات في دائرة الشريعة والاجتهاد استنادا إلى التحولات والتغيرات ومقتضيات الزمان" -
"ولأجل توضيح مسألة العرفنة في إيران المعاصرة نتطرق الى تحليل خطابي الحداثة والأصولية
ومفهوم العرفنة.." "ثم نسلط البحث على أبرز مزايا عرفنة الدين في ايران المعاصرة" - .
من الواضح من استخدام "عرفنة" هنا أنه جاء قياسا على استخدام مصطلح "علمنة"
المتداول في سياقات مشابهة، أي جعل الشيء )مجتمعا أو دولة( علمانيا أو متّصفا بهذه الصفة.
ومن الواضح من سياق الحديث أن المقصود بالمعرفة والعرفنة هنا يختلف عن سياق استخدامها
في الشواهد السابقة الخاصة بمصطلح (cognitization) وما يتّصل بها.
فهذه الأمثلة وغيرها أين وردت (cognitize) و (cognitization)
و (knowledgization) قد تحظى بالأولوية في الاستفادة من الوزن الصرفي "فعلنة" في ترجمتها
إلى اللغة العربية، وفي هذا مبرّر آخر نراه كافيا، للإبقاء على مصطلح "معرفة" لنقابل به
مصطلح (cognition) ، أو اقتراح بدائل أخرى تكون أنسب. كأن نستخدم صيغتي الإفراد
والجمع للتمييز بين الفعل المعرفي ونتيجته فنقول "معرفة" و"معارف" )على منوال معلومات( في
سياقات الحديث عن أحدهما أو كليهما.
خلاصة:
حاولنا فيما تم عرضه أن ندلي برأينا في أحد تمظهرات إشكالية الاختلاف في تمثل المصطلحات
الوافدة، وبخاصة في الجانب الم تصل بإعادة النظر في المتداول منها والعمل على استبدالها بأخرى
بإعادة صياغتها كما حصل مع المصطلح الشائع )معرفة( الذي عوض بمصطلح )عرفنة(، وقد
حاولنا التدليل على عدم كفاية المبررات التي كانت الدافع لهذه الاستعاضة للأسباب المذكورة في
البحث، ونرى في مقابل ذلك أن تحظى الفروق المفهومية وسياقات استخدامها بالاعتبار قبل أي
اعتبار آخر، وعليه يبدو السياق حاسما وكفيلا بتوضيح ما يلتبس إذا توفرت معرفة سابقة بالمفاهيم،
ذلك أن المعنى بحسب النظريات اللسانية المعرفية يتحقق ذهنيا وسياقيا، وليست الكلمات إلا حاثات
لبناء المعنى في الذهن. وليس ضارا أن تحفل اللغة الاصطلاحية بالمترادفات. ولكن الضار
الاختلاف في التحديد الدقيق والصحيح للمفاهيم في سياقاتها. وهذا ما يطرح في كل مرة إشكالية
التعامل مع المصطلح الأجنبي.
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
22
الهوامش:
* يستخدم البحث اللغة الإنجليزية كلغة ثانية لاعتبا ا رت منهجية.
1 ينظر: الأزهر الزناد: في مصطلح "العرفنة" ومشتقاتها. مدونته: -
post_22.html-4/bloghttp://lazharzanned.blogspot.com/2012/0 . بتاريخ: الأحد 00 أفريل 0210
2 رولا وزينب فاضل: العرفان عند الشيعة، معهد الحكمة المتعالية، ال ا ربط: -
http://www.mutaaliah.com/Home/print.php?id=357
3 قد يتخصّص مصطلح "إد ا رك" - (perception) بحسيته فيقال "إد ا رك حسي"، وهو يقابل "الإد ا رك الذهني"
(conception) أو التصور )بمعنى الحدث( وهناك التصور "concept" )بمعنى الشيء( الذي يترجم ب"المفهوم"
أيضا. والتصور أو التمثيل (representation) من منظور معرفي معاصر هو الوحدة الرئيسية لمعارفنا وهو
مركزي لعملية المقولة (categorization) وبناء التصور أو المفهمة (conceptualization) ، والتصو ا رت تلازم
النسق التصوري، ويتم تشكيلها منذ الطفولة المبكرة انطلاقا من التجربة الإد ا ركية الحسية من خلال عملية
اصطلح عليها باسم "تحليل المعنى الإد ا ركي الحسي" ) perceptual maning analysis (، تستنهض هذه العملية
التصو ا رت الأكثر بدائية المعروفة باسم خطاطة الصورة (image schema) . ويمكن للتصو ا رت أن تشفر في
شكل لغوي مخصص يعرف كتصور معجمي (lexical concept) . وبينما تكون التصو ا رت عبارة عن كيانات
معرفية مستقرة نسبيا إلا أنّها تعدّل عن طريق تجارب مستمرة عرضية وانعكاسية. ينظر:
- Vyvyan Evans: A Glossary of Cognitive Linguistics, Edinburgh University Press, Edinburgh 2007, p31.
4 -Cf. Jhon Ayto : words origins, The Hidden Histories of English Words from A to Z, 0nd Edition, A&C Black Publishers, 2005, p 562 (Word Family Trees)
5 -Cf. Jhon Ayto : words origins, ibid, ps: 5- 119- 301-416 (acquaint- cognizance- know- recognize)
6 -Alan .R .Lacey: A Dictionary of Philosophy, Third edition, Routledge & Kegan Paul Ltd, New York 1996, PP 96-97 (epistemology)
7 -Stanford Encyclopedia of Philosophy: knowledge analysis
(http://plato.stanford.edu/entries/knowledge-analysis/) from:
en.wikibooks.org/wiki/…/Knowledge_Representation_and_Hemispheric_Specialisation
8 ولذلك وجدنا من اقترح أن الإنسان يولد بمعارف فطرية تؤسس للنشاط المعرفي وعملية التفكير. -
Cf. Lora Taylor: introducing cognitive development, psychology press, Taylor & Francis group, 2005, p2
9 -Cf. Vyvyan Evans: A Glossary of Cognitive Linguistics, Ibid. p17
وتشمل هذه الجوانب المرتبطة بالوظيفة الذهنية ما يؤديه الذهن من أنشطة ووظائف متعدّدة لكنّها محصورة في
سلسلة من الأنشطة البشرية مثل التذكر، واتخاذ الق ا ر ا رت، والتعقل، والتخطيط، وما إليه، وكلّها عمليات ذهنية
تندرج بصفة عامة تحت تسمية " معرفة " (cognition) ، كمصطلح عام لكل أشكال العمليات الذهنية الواعي
منها وغير الواعي.
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
23
Cf. David Matsumoto: The Cambridge Dictionary Of Psychology, Cambridge University Press, p 114
10 وعيا بهذا الاختلاف المفهومي وتلافيا لإطلاق المقابل نفسه، أو إطلاق اسم الجزء على الكل أو العكس، -
عثرنا على اجتهادات أخرى تقترح مصطلحات بديلة للتمييز بين المفهومين، من ذلك ما جاء في الموسوعة
الحرة )ويكيبيديا( على شبكة الإنترنت التي اقترحت صيغتين للدلالة على المصطلح (cognition) هما
"الاستع ا رف" و"التعرّف"، وتحدّده بأنه: "مصطلح يدل على السيرورة التي تَطلب بها الأنساق الطبيعية )مثل
الذهن( أو الاصطناعية )مثل الحاسوب( المعرفة ] knowledge [ من خلال اكتساب المعطيات أو المعلومات
عن العالم وببناء تمثيلات تحوَّل إلى معارف بواسطة إج ا رءات خاصة وتستعمل في أنشطة وأعمال مختلفة.
فالتعرف يشير إلى مختلف الوظائف الذهنية التي تتعلق بمعالجة المعطيات والمعلومات والتي تتمثل، بالأساس،
في الإد ا رك والفكر والتذكر والاستدلال واتخاذ الق ا رر والانفعال العاطفي والتجريد، وذلك في علاقتها الذهنية
لاكتساب المعرفة والخب ا رت والتعلم. ويدرس التعرف في إطار علوم التعرف أو التعرفيات التي تشمل مجالات
العلوم العصبية وعلم النفس واللسانيات والمنطق والرياضيات التطبيقية والذكاء الاصطناعي وعلم الحاسوب )أو
الحاسوبيات( وفلسفة الذهن. ينظر: استع ا رف ar.wikipedia.org/wiki/
أما مصطلح (knowledge) فتحافظ الموسوعة على مقابله المتداول، أي "المعرفة"، وتحدّدها نقلا عن قاموس
أكسفورد بأنها" )أ( الخب ا رت والمها ا رت المكتسبة من خلال التجربة أو التعليم؛ الفهم النظري أو العملي لموضوع
]ما[، )ب( مجموع ما هو معروف في مجال معين؛ الحقائق والمعلومات، الوعي أو الخبرة التي اكتسبتها من
الواقع أو من الق ا رءة أو من المناقشة..." ينظر: معرفة ar.wikipedia.org/wiki/
أما في نسختها الإنجليزية فتحدد الموسوعة مصطلح (knowledge) بأنها " اعتياد ]أو ألفة[ شخص ما أو
شيء ما، ويمكن أن تنضوي على حقائق، ومعلومات، وأوصاف، أو مها ا رت مكتسبة أثناء التجربة أو التعلم.
ويمكنها أن تحيل إلى الفهم النظري أو التطبيقي لموضوع معين. ويمكن أن تكون ضمنية )كالمهارة التطبيقية
أو الخبرة مثلا( أو صريحة )كالفهم النظري لموضوع ما(؛ ويمكنها أن تكون منهجية او نسقية قليلا أو كثي ا ر.
تسمى د ا رسة المعرفة في الفلسفة الإبستمولوجيا؛]...[ ويتضمن اكتساب المعرفة سيرو ا رت معرفية معقدة
[ complex cognitive processes [ منها: الإد ا رك الحسي، التواصل، الت ا ربط والتفكير، ..." ]ترجمتنا[. ينظر:
en.wikipedia.org/wiki/Knowledge
11 يحدّد جورج لايكوف العلم المعرفي - (science cognitive) بأنه "ميدان جديد ت ا رفق مع ما عرف عن
الذهن في تخصصات أكاديمية متعدّدة: في علم النفس، واللسانيات، والأنثروبولوجيا، والفلسفة، وعلم الحاسوب.
وهو ينشد إجابات مفصلة عن هذه الأسئلة: ما هو التفكير؟ كيف نعطي معنى لتجربتنا؟ ما هو النسق
التصوري وكيف يتم تنظيمه؟ هل يستعمل الناس كلهم النسق التصوري نفسه؟ إن كان الأمر كذلك، فما هو هذا
النسق؟ وان لم يكن كذلك، فما هو المشترك تحديدا في طريقة تفكير الكائن البشري؟ ]هذه[ الأسئلة ليست
بجديدة، ولكن ]نوع[ الإجابات ال ا رهنة عنها هي كذلك". ينظر:
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
24
- George Lakoff: Women, Fire, and Dangerous Things, What Categories Reveal about the Mind. The University of Chicago Press, Chicago and London, 1987. p Xi (preface)
12 لقد وجدنا بالفعل من بين منظري العلم المعرفي من تناول مسألة تحديد الإطار المفهومي أولا، منهم -
جورج لايكوف ومارك جونسون اللذان حددا إطار عملهما بالتركيز على ما يعنيه مصطلح ) cognitive ( من
منظور العلم المعرفي، مشيرَين إلى ما قد يثيره هذا المصطلح من التباس في قولهما: "لمصطلح "معرفي"
[ cognitive [ معنيين جد مخلتفين، ما قد يخلق التباسا في بعض الأحيان. في العلم المعرفي، يستخدم مصطلح
معرفي لأي نوع من العمليات أو البنيات الذهنية التي يمكن د ا رستها بمصطلحات دقيقة. هذه البنيات والعمليات
وجد أنها لاواعية في معظمها... كل مظاهر الفكر واللغة، واعية أو غير واعية، هي معرفية. يشمل هذا
الفونولوجيا ]الصوتيات[، والنحو، والأنسقة التصورية، والمعجم الذهني، وكل الاستنتاجات اللاواعية من أي
ضرب كانت. كما أن التخيل الذهني، والمشاعر، ومفهوم العمليات الحركية، كلها تدرس من هذا المنظور
المعرفي. وكذا الشأن مع النمذجة العصبية لأي عملية معرفية تعد جزءا من العلم المعرفي."
ويتابعان:" ينشأ الالتباس أحيانا بسبب أن مصطلح معرفي غالبا ما استخدم بطرق جد متباينة في بعض التقاليد
الفلسفية. بالنسبة للفلاسفة ضمن هذه التقاليد، تعني ]لفظة[ معرفي البنية التصورية أو القضوية
[ propositional [. وتشمل العمليات الخاضعة للقواعد والجارية على هذه البنيات التصورية والقضوية. علاوة
على أنه نظر إلى المعنى المعرفي بوصفه معنى شروط الصدق ] truth-conditional [ ، أي، ليس ذاك المعنى
المحدد داخليا في الذهن أو الجسد، ولكن ذاك المحدد بالإحالة إلى الأشياء في العالم الخارجي. وعليه فأغلب
ما سنطلق عليه تسمية اللاوعي المعرفي لا ينظر إليه الكثير من الفلاسفة على أنه معرفي بإطلاق )..( ومن
الناحية العملية، سوف نستخدم ضمن العلم المعرفي مصطلح معرفي بمعنى أكثر ث ا رء ما أمكن، لنصف به كل
العمليات والبنى الذهنية التي تشمل اللغة، والمعنى، والإد ا رك الحسي، والأنسقة التصورية، والتعقل.. ". ينظر:
George Lakoff & Mark Johnson: Philosophy In The Flesh. New York: Basic Books (1999). pp 23-24
13 يقول روبرت ستارنبرغ أنه من الأسئلة التي تم طرحها تلك التي تعلقت أساسا ب "طبيعة المعرفة"، وقد -
أصبحت د ا رستها أم ا ر أساسيا ليس فقط بالنسبة لهؤلاء المنشغلين بالعلم المعرفي، بصفة عامة، وعلم النفس
المعرفي، بصفة خاصة، ولكن بالنسبة لأغلب هؤلاء المهتمين بد ا رسة الذهن. ففي علم النفس، صار معلوما أن
المعرفة تلعب الآن دو ا ر مركزيا في علم النفس الاجتماعي )د ا رسة المعرفة الاجتماعية(، وفي علم النفس
التطوري )د ا رسة النمو المعرفي(، وفي علم النفس العلاجي )أو علم النفس المرضي(، وفي علم النفس التربوي
)د ا رسة المعرفة داخل الصف(، وفي علم النفس العصبي )د ا رسة العمليات المعرفية المرتبطة بعمل الدماغ(،
وفي كل مجالات علم النفس بصفة عملية. أما في الفلسفة، فقد تجلّت المعرفة كونها الموضوع المركزي الأكثر
تأملا من قبل فلاسفة الذهن منذ أفلاطون إلى الفلاسفة المعاصرين. وحتى الكثير من علماء الاقتصاد صار
من المعلوم الآن أنهم لن يفهموا أبدا وبحق سلوك المستهلك حتى يتخذوا نماذج "الرجل والم أ رة الاقتصاديَين"
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
25
العقليَين والأخذ بعين الاعتبار كيفية تفكير الناس حقيقة. وفي الأنثروبولوجيا، أصبحت الأنثروبولوجيا المعرفية
فرعا أساسيا. وفي اللسانيات، تعرّف الكثير من اللسانيين على علاقة القرب المتبادلة بين الفكر واللغة.
Cf. Robert j Sternberg: The nature of cognition; massachusetts Institute of Technology, 1999, preface: p vii.
14 ابن منظور: لسان العرب، ط دار المعارف القاهرة، مادة )عرجن(. -
وسرد ابن عصفور )ت 666 ه( أقسام الثلاثي المزيد الملحقة به وهي: فَ يعَ لَ ، فَ ع لَلَ ، فَ وعَ لَ ، فَ ع وَلَ ، فَ ع نلَ ،
ي فعَ ل ، فَ ع لَى، أَ فعَ لَ. )ليس بينها فَ ع لَنَ ( ينظر: ابن عصفور الإشبيلي: الممتع الكبير في التصريف، تح: فخر
- 116 1666 ، صص 111 ، الدين قباوة، مكتبة لبنان ناشرون لبنان، ط 1
15 ينظر عن المسألة: أبو البركات بن الأنباري ) 155 ه
- - 0220 م، ص ص 160 ، والكوفيين، تحقيق: جودة مبروك محمد مبروك، مكتبة الخانجي القاهرة، ط 1
021
16 د.عبد الحميد الأقطش: التوليد اللغوي على وزن )فَ علَنَة( في الاستعمال العربي المعاصر، مجمع اللغة
العربية الأردني، ال ا ربط:
http://www.majma.org.jo/majma/index.php/2009-02-10-09-36-00/417-79-2.html
17 يذكر ابن عصفور فيما تلحقه الزيادة من الثلاثي المجرد بعد اللام ما كان على فَ علَ ن: و لم يجئ إلا -
صفة، نحو ر عشَن، وض يفَن. ينظر: ابن عصفور الإشبيلي: الممتع الكبير في التصريف، ص 66
18 ينظر مقال د. الأقطش للوقوف على متن استعمال الصيغة الصرفية ) فَ ع لَ نة( بشكل عام مع الشواهد التي -
استقاها مما سمعه في الخطاب الشفوي الدارج، أو مما ق أ ره في بعض الكتابات الأكاديمية باللغة الفصيحة.
19 يقول المؤلف عن تَ ف ع يل و فَ ع لَ نة إنهما من الأو ا زن الهامة في ميداني العلم والفكر الحديثين. وقد انتشرت -
في لغة الكتابة الحديثة رغم أنها لم تحظ حتى الآن بموافقة اللغويين مما خلق بعض التردد لدى الكتاب
والمفكرين بشأنها. وهي فصيحة ودقيقة ولا سبيل للاستغناء عنها م ا رعاة للاجتهادات أو الأذواق الشخصية.
1661 ، ص - ينظر: هادي العلوي: المعجم العربي الجديد. دار الحوار للنشر والتوزيع سوريا، ط 1 - ص 61
60
20 يكون ذلك في حالات خاصة منها: التسبيب، والتمثيل، والتصيير، والاستهداف، والمعالجة، والقيام بفعل، -
مثل: sterilize / pasteurize : يبستر )بسترة(، crystallize : يبَ ل ور )بلورة(، oxidize : يؤكسد )أكسدة(،
theorize : ينظّر )تنظي ا ر(.
Cf. Michael Sheehan: Word Parts Dictionary: standard and reverse listings of prefixes, suffixes, and combining forms ; McFarland & Company, Inc., Publishers, 2000, p 45.
21 - Cf. A Dictionary of Prefixes, Suffixes, and Combining Forms. From: Webster’s Third New International Dictionary, unabridged, 2000, p 29 ( www.Merriam-WebsterUnabridged.com)
22 - Cf. Jhon Ayto : words origins, ibid, p 119
المعرفة/الإدراك/العرفنة الخطاب: العدد 14
26
23 - Itiel E.Dror: Cognitive Technologies and the Pragmatics of Cognition, John Benjamins publishing 2007. P 1
ونقترح ترجمة المقطع هكذا:
1.التكنولوجيات التي تعرفن معنا، وعليه فهي تلعب دو ا ر إيجابيا في عملياتنا المعرفية )...(. "
0. هذه التكنولوجيات الجديدة لا تعرفن معنا فقط، ولكنها تعرفن لأجلنا أيضا".
24 - Cf. Stefan Koelsch: Brain and Music, John Wiley & Sons, 0211, p 237 (margin)
ونقترح ترجمة المقطع كما يلي:
"جدير بالذكر أن ثمة من قال بأن مجرد إثارة نشاط عصبي في بنية الدماغ بتنشيط عمليات معرفية و/أو
عاطفية أثناء الاستماع )التي يحال إليها بوصفها عرفنة( يمكن أن يكون لذلك تأثي ا رت مفيدة على شفاء مرضى
السكتة الدماغية".
25 - Quarterly Journal of the Pakistan Historical Society. Pakistan Historical Society. 2006. Volume 54/ p 17
http://books.google.dz/books?id=Nfo...a=X&ei=C2MSUf3rHcn24QTg64C4Cg&ved=0CE8Q6AEwBg
26 محمد اسماعيل نباتيان: الدين والعرفنة في اي ا رن المعاصرة. )صفحة ويب دون معلومات إضافية. -
)0210/0/ بتاريخ 12
http://www.shareh.com/persian/magazine/uloum_s/32/15.htm
المعرفة/ الإدراك/ العرفنة
بحث في المصطلح
د. عمر بن دحمان
جامعة تيزي وزو
ابغي التلخيص لهاذا الكلام ارجوكم اخواني باللله ساعدوني
