من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .
يبدو لي أن الأمر عام وخاص .
فالعام ؛ يَتعلّق بِوَضْع الأمّة وحالها ، وحملات التغريب ، والصّدّ عن سبيل الله وعن طاعته ، بكُلّ ما أُوتوا مِن وَسيلة وطريقة ، كما قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا
) .
والخاص ؛ يَتعلّق بِالقَلْب ورِقّته .
وهذه لها أسباب ، منها : البُعد عن الحرَام ، والبُعد عن الفِتن ، واستشعار أن هذا الموسم قد يكون آخر مَوسِم ، كما قال عليه الصلاة والسلام في شأن الصلاة : إذا قُمْتَ في صلاتك فَصَلِّ صَلاة مُوَدِّع . رواه الإمام أحمد وابن ماجه . وحسنه الألباني .
ومِنها : مُزاحَمَة حقائق الشرع بِغيرها ؛ فيُودّي ذلك إلى ضَعْف الحقائق الشرعية في النّفس ، فالذي يُزاحِم الأعياد الشرعية بِغيرها ، يضعف عنده الاهتمام بالأعياد الشرعية .
وكذلك المواسِم ؛ فالذي عنده اهتمام بِمَواسِم الرّياضَات المختَلِفة ، والمهرجات المتنوّعة يَضْعف عنده الاهتمام بالمواسم الشرعية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : مَن أكثر مِن سَمَاع القصائد لِطَلب صَلاح قلبه ؛ تَنقُص رَغبته في سماع القرآن ، حتى ربما كَرِهه .
ومَن أكثر مِن السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها ؛ لا يبقى لِحَجّ البيت الحرام في قَلبه مِن المحبة والتعظيم ما يكون في قلب مَن وَسِعَته السّنّة .
ومَن أدْمَن على أخذ الحكمة والآداب مِن كلام حُكماء فارِس والروم ، لا يَبْقَى لِحِكْمَة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الْمَوْقِع .
ومَن أدمَن قصص الملوك وسِيَرِهم ؛ لا يَبقى لِقصص الأنبياء وسِيَرهم في قلبه ذاك الاهتمام ، ونَظِير هذا كثير . اهـ .
وكان السلف يَعرِفون التقصير مِن أنفسهم ، ويَتلمّسون أسبابه ؛ لاجْتِنابِه .
قال الفضيل بن عياض : إني لأعصِي الله فأعرِف ذلك في خُلق حِماري وخادِمي .
وقال ابن الجوزي :
اعْلَم أنه مِن أعظم الْمِحَن : الاغترار بالسلامة بعد الذَّنْب ، فإن العقوبة تتأخّر .
ومِن أعظم العقوبة ألاّ يُحِسّ الإنسان بها ، وأن تكون في سَلْب الدِّين ، وطَمْس القلوب ، وسُوء الاختيار للنَّفْس ، فيكون مِن آثارها : سَلامَة البَدَن ، وبُلوغ الأغراض .
قال بعض الْمُعْتَبِرِين : أطْلَقْت نَظَري فيما لا يَحلّ لي ، ثم كنت أنتظر العقوبة ، فأُلْجِئت إلى سَفَر طَويل ، لا نِيّة لي فيه ، فَلَقِيت الْمَشَاقّ ، ثم أعْقَب ذلك : مَوْت أعزّ الْخَلْق عندي ، وذهاب أشياء كان لها وَقْع عظيم عندي ، ثم تَلافَيْتُ أمْري بالتوبة ، فَصَلح حَالي .
ثم عاد الْهَوى ! فَحَمَلني على إطلاق بَصَري مَرّة أخرى ، فَطُمِس قلبي، وعُدِمْت رِقّته ، واسْتُلِب مِنّي ما هو أكثر مِن فَقْد الأوّل ، ووَقَع لي تعويض عن المفقود بما كان فَقْده أصْلَح .
فلما تأمّلْتُ ما عُوِّضْتُ وما سُلِب مِنّي ، صِحْتُ مِن ألَـمِ تلك السِّيَاط ، فها أنا أُنَادِي مِن على السَّاحِل : إخواني ! احذرُوا لْجُة هذا البَحْر ، ولا تَغْتَرّوا بِسُكُونه ، وعَليكم بِالسَّاحِل ، ولازِمُوا حِصْن التقوى ، فالعقوبة مُرَّة .
وقال رحمه الله :
قال أبو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَلاءِ : كُنْتُ وَاقِفًا أَنْظُرُ إِلى غُلامٍ نَصْرَانِيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ ، فَمَرَّ بِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ ، فَقَالَ : إِيشِ وُقُوفُكَ ؟ فَقلت : يَا عَمِّ ! مَا تَرَى هَذِهِ الصُّورَةَ ، تُعَذَّبُ بِالنَّارِ ؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ بَيْنَ كَتِفَيَّ ، وَقَالَ : لَتَجِدَنَّ غِبَّهَا وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ .
قَالَ ابْنُ الْجَلاءِ : فَوَجَدْتُ غِبَّهَا بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، أُنْسِيتُ الْقُرْآنَ . ( ذمّ الهوى ) .
وسبق الجواب عن :
كيف يقضي المسلم يومه في رمضان ؟
ماذا يفعل من ابتُلي بِشرّير مِن الأشرار ؟
هذا بِذنْبِي
خُطبة جُمعة عن .. (قسوة القَلبِ)
خُطبة جُمعة عن .. (آثار قسوة القلب)
خُطبة جُمعة عن .. ( أسباب رِقّة القلب وصلاحه)
والله تعالى أعلم .