عمران السليماني
زيزوومي جديد
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
لماذا ضرب زيد عمرا؟!
قال المنفلوطي في كتابه النظرات ص (307 - 308):
أراد داود باشا أحد الوزراء السالفين في الدولة العثمانية أن يتعلم اللغة العربية فأحضر أحد علمائها, وأنشأ يتلقى عليه دروسها عهدا طويلا فكانت نتيجة علمه ما ستراه.
سأل شيخه يوما: ما الذي جناه عمرو من الذنوب حتى استحق أن يضربه زيد كل يوم ويقتله تقتيلا ويبرح به هذا التبريح المؤلم, وهل بلغ عمرو من الذل والعجز منزلة من يضعف عن الانتقام لنفسه، وضرب ضاربه ضربة تقضي عليه القضاء الأخير؟.
سأل شيخه هذا السؤال وهو يتحرق غيظا وحنقا ويضرب الأرض بقدميه.
فأجابه الشيخ: ليس هناك ضارب ولا مضروب، وإنما هي أمثلة يأتي بها النحاة لتقريب القواعد من أذهان المتعلمين، فلم يعجبه هذا الجواب, وأكبر أن يعجز مثل هذا الشيخ عن معرفة الحقيقة في هذه القضية فغضب عليه وأمر بسجنه، ثم أرسل إلى نحوي آخر فسأله كما سأل الأول فأجابه بنحو جوابه فسجنه كذلك، ثم ما زال يأتي بهم واحدا بعد واحد حتى امتلأت السجون وأقفرت المدارس وأصبحت هذه القضية المشئومة الشغل الشاغل له عن جميع قضايا الدولة ومصالحها،
ثم بدا له أن يستوفد علماء بغداد فأمر بإحضارهم فحضروا وقد علموا قبل الوصول إليه ماذا يراد بهم، وكان رئيس هؤلاء العلماء بمكانة من الفضل والحذق والبصر بموارد الأمور ومصادرها، فلما اجتمعوا في حضرة الوزير أعاد عليهم ذلك السؤال بعينه, فأجابه الرئيس: إن الجناية التي جناها عمرو يا مولاي يستحق أن ينال لأجلها من العقوبة أكثر مما نال، فانبسطت نفسه قليلا وبرقت أسارير وجهه, وأقبل على محدثه يسأله: ما هي جنايته؟
فقال له: إنه هجم على اسم مولانا الوزير واغتصب منه الواو فسلط النحويون عليه زيدا يضربه كل يوم جزاء وقاحته وفضوله "يشير إلى زيادة واو عمرو وإسقاط الواو الثانية من داود في الرسم"
فأعجب الوزير بهذا الجواب كل الإعجاب
وقال لرئيس العلماء: أنت أعلم من أقلته الغبراء، وأظلته الخضراء، فاقترح علي ما تشاء
فلم يقترح عليه سوى إطلاق سبيل العلماء المسجونين، فأمر بإطلاقهم وأنعم عليهم وعلى علماء بغداد بالجوائز والصلات.
قال المنفلوطي في كتابه النظرات ص (307 - 308):
أراد داود باشا أحد الوزراء السالفين في الدولة العثمانية أن يتعلم اللغة العربية فأحضر أحد علمائها, وأنشأ يتلقى عليه دروسها عهدا طويلا فكانت نتيجة علمه ما ستراه.
سأل شيخه يوما: ما الذي جناه عمرو من الذنوب حتى استحق أن يضربه زيد كل يوم ويقتله تقتيلا ويبرح به هذا التبريح المؤلم, وهل بلغ عمرو من الذل والعجز منزلة من يضعف عن الانتقام لنفسه، وضرب ضاربه ضربة تقضي عليه القضاء الأخير؟.
سأل شيخه هذا السؤال وهو يتحرق غيظا وحنقا ويضرب الأرض بقدميه.
فأجابه الشيخ: ليس هناك ضارب ولا مضروب، وإنما هي أمثلة يأتي بها النحاة لتقريب القواعد من أذهان المتعلمين، فلم يعجبه هذا الجواب, وأكبر أن يعجز مثل هذا الشيخ عن معرفة الحقيقة في هذه القضية فغضب عليه وأمر بسجنه، ثم أرسل إلى نحوي آخر فسأله كما سأل الأول فأجابه بنحو جوابه فسجنه كذلك، ثم ما زال يأتي بهم واحدا بعد واحد حتى امتلأت السجون وأقفرت المدارس وأصبحت هذه القضية المشئومة الشغل الشاغل له عن جميع قضايا الدولة ومصالحها،
ثم بدا له أن يستوفد علماء بغداد فأمر بإحضارهم فحضروا وقد علموا قبل الوصول إليه ماذا يراد بهم، وكان رئيس هؤلاء العلماء بمكانة من الفضل والحذق والبصر بموارد الأمور ومصادرها، فلما اجتمعوا في حضرة الوزير أعاد عليهم ذلك السؤال بعينه, فأجابه الرئيس: إن الجناية التي جناها عمرو يا مولاي يستحق أن ينال لأجلها من العقوبة أكثر مما نال، فانبسطت نفسه قليلا وبرقت أسارير وجهه, وأقبل على محدثه يسأله: ما هي جنايته؟
فقال له: إنه هجم على اسم مولانا الوزير واغتصب منه الواو فسلط النحويون عليه زيدا يضربه كل يوم جزاء وقاحته وفضوله "يشير إلى زيادة واو عمرو وإسقاط الواو الثانية من داود في الرسم"
فأعجب الوزير بهذا الجواب كل الإعجاب
وقال لرئيس العلماء: أنت أعلم من أقلته الغبراء، وأظلته الخضراء، فاقترح علي ما تشاء
فلم يقترح عليه سوى إطلاق سبيل العلماء المسجونين، فأمر بإطلاقهم وأنعم عليهم وعلى علماء بغداد بالجوائز والصلات.
