الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فعيد الحب ؛ عقيدة وثنية عند الرومان ، وتبعهم فيها النصارى.
جاء في الموسوعة:
كان الرومان يقدمون القرابين لآلهتهم المزعومة، كي تحمي مراعيهم من الذئاب بزعمهم، وكانوا يحتفلون بعيديدعى ( لوبركيليا ) في 15 فبراير من كل عام، في القرن الثالث الميلادي.
وفي تلك الآونة كان الدين النصراني في بداية نشأته، حينها كان يحكم الإمبراطورية الرومانية الإمبراطور كلايديس الثاني، الذي حرم الزواج على الجنودحتى لا يشغلهم عن خوض الحروب، لكن القديس (فالنتاين) تصدى لهذا الحكم، وكان يتم عقود الزواج سراً، ولكن سرعان ما افتضح أمره وحكم عليه بالإعدام، وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان ، وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان في شريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية، وإنما شفع له لدى النصارى ثباته على النصرانية حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه على أن يترك النصرانية ليعبد آلهة الرومان ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له، إلا أن(فالنتاين) رفض هذا العرض وآثر النصرانية فنفذ فيه حكم الإعدام يوم 14 فبرايرعام 270 ميلادي ليلة 15 فبراير عيد (لوبركيليا)، ومن يومها أطلق عليه لقب "قديس".
وبعد سنين عندما انتشرت النصرانية في أوربا وأصبح لها السيادة تغيرت عطلة الربيع، وأصبح العيد في 14 فبراير اسمه عيد القديس (فالنتاين) إحياء لذكراه؛ لأنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين، وأصبح من طقوس ذلك اليوم تبادل الورود الحمراء وبطاقات بها صور (كيوبيد) الممثل بطفل له جناحان يحمل قوساً ونشاباً، وهو إله الحب لدى الرومان كانوا يعبدونه من دون الله !!
هذا هو ذلك اليوم الذي يحتفل به ويعظمه كثيرٌ من شباب المسلمين ونسائهم، وربمالا يدركون هذه الحقائق.
قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: "علامة حُبُّ الله حُبَّ القرآن ، وعلامة حب القرآن حبُّ النبي صلى الله عليه وسلم".
والحب لنبيه صلى الله عليه وسلم وسنته:
وذلك باتباعه، والعمل بسنته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. آل عمران: 31.
قال صلى الله عليه وسلم: (حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ). مسلم.
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المرء مع من أحب ). متفق عليه.
قال صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وأنا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي). ابن ماجه.
والحب للأولاد:
وذلك بالاهتمام بتربيتهم التربية الإسلامية، قال تعالى ـ في حق الخليل عليه وسلم في دعوته لنفسه وبنيه محبة وإنقاذاً لهم من النار ـ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}.إبراهيم: 35 .
وفي الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "قَبَّلَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلمالْحَسَنَ بن عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بن حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فقال الْأَقْرَعُ: إِنَّ لي عَشَرَةً من الْوَلَدِ ما قَبَّلْتُ منهم أَحَدًا، فَنَظَرَ إليه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال: (من لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ).متفق عليه.
قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أحدكم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ أو قال لِجَارِهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ). مسلم.
أحبتي في الله؛ قد ابتلي بعض المسلمين والمسلمات بمشابهة الكفار في أعيدهم الدينية الوثنية، وبمتابعتهم وهذا ما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ وهو من علامات النبوة حيث قال عليه السلام : (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ). متفق عليه.
وحذر من التشبه بالكفار فقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ منهم). أحمد.
فلا يجوز الاحتفال بأعيادهم، ولا تبادل الهدايا معهم، سواء كانت مأكولات او مشروبات أو الملبوسات وغيرها، ولا التعامل في تلك الهدايا المخصوصة لأعيادهم؛ بيعاً وشراءً وتصنيعاً وتوزيعاً، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان.
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله:
"الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:
الأول: إنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.
الثاني: أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح _ رضي الله عنهم _ فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء في المآكل أوالمشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق". اهـ.
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
أو شرب أو بيع أو شراء أوصناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً وبالله التوفيق".أهـ.
اسأل الله أن يرزقنا حب الكتاب والسنة وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا ويُكرّه إلى الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا من الراشدين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ،،،،
الحمد لله الذي قضى على كل مخلوق بالفناء ، وتفرد بالعز والبقاء ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ له الأسماء الحسنى ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه هداة الأنام ومصابيح الدجى. أما بعدُ أيها المسلمون: فإننا في زمن كثرت فيه الفتن والآفات ، حتى اقتحمت الأمم والمجتمعات ، وغيرت كثيراً من المفاهيم؛ حتى صار كثير من المنكرات من نوع المألوف الذي لا يقبل الجدل ، فإذا جاء من ينكرها فكأنه جاء ببدع من القول. قال ابن مسعود t:" كيف أنتم إذا لبستكم فتنة؛ يربو فيها الصغير؛ ويهرم فيها الكبير، ويتخذها الناس سنة، فإذا غيرت قالوا : غيرت السنة . قالوا : متى ذاك يا أبا عبد الرحمن ؟. قال: إذا كثر قراؤكم ، وقل فقهاؤكم ، وكثر أمراؤكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين ". وها نحن نعيش في مثل هذه الأزمان ، وفي كل يوم يظهر من الفتن والمنكرات ما يهوّن ما كان قبله، ليس لهون ذلك المنكر، ولكن لأنه خَلَفه ما هو أشد منه ، حتى جعله هيناً بالنسبة إليه ، كما قيل :
لم أبك من زمن صعب لشدته
إلا بكيــــــــت عليه حين أفقدُهُ
ما قد جزعت على ميْتٍ فُجِعْتُ
إلا ظللت لستــــر القبر أحسدُه
وما ذممــــــــت زماناً في تقلبه
إلا وفي زمني قد صرت أحمدُه
قال الإمام الشعبي /: « ما بكيت من زمان إلا بكيت عليه» ، وهو بعينه قول القائل :
رب يوم بكيــــــت فيه فلما
صرت في غيره بكيت عليهِ
وقد أخبر عن ذلك الصادق المصدوق r ؛ الذي ما ترك طريق خير أو شر إلا بيّنه لنا، فقال: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ؛ وتجيء فتنة يرقق بعضها بعضاً؛ وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ؛ ثم تتكشف ؛ وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه ؛ فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ؛ فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ». وإن من هذه الفتن التي غزت ديارَ المسلمين؛ وخلخلت العقائدَ والأخلاق؛ تلك الاحتفالات المبتدعة ، المستوردة من أمم الكفر، ومنها ما يحتفِلُ فيه الكفار هذه الأيام بما أسموه: " عيد الحب " ؛ والذي يوافق الرابعَ عشر من فبراير من كل عام ، وقد قلّدهم- ومع الأسفِ الشديد - بعضُ المسلمين جهلاً منهم بحقيقة الأمر ؛ وظناً منهم أنه من باب " الموضة " أو " البرستيجات الحديثة ". وما علم مَن كرَّمه الله ﻷبالإسلام أن ذلك من العبادات الوثنيةِ المحرمةِ التي لا يجوز المشاركةُ فيها بحال من الأحوال . واسمعوا وتأملوا : ففي يوم الرابع عشر من فبراير لعام 270 ميلادية، قام الإمبراطور الروماني " كلاوديس الثاني " بمنع عقود القران ، ذلك لأنه لاحظ أن العزابَ أشدُّ صبراً في الحرب من المتزوجين الذين يرفضون الذهاب إلى جبهات المعارك، فأصدر أوامره بمنع عقد أيِّ قران. غير أن أحد القساوسة واسمه " فالانتاين "- وهو الذي سمي باسمه عيد الحب- عارض هذا الأمر ، واستمر بعقد الزيجاتِ في كنيستهِ سراً حتى اكتشفَ الإمبراطورُ أمرَهُ فسجنه، وفي السجن تعرف على ابنةِ أحد سجانيه ، وكانت مصابةً بمرض فعالجها فشُفِيَت. إلا أنه قد وقع في غرامها، وقبل أن يُعدم أرسل إليها بطاقةً مكتوباً عليها من المخلص " فالانتاين "، وقد اعتنقت النصرانية مع مجموعة من أقاربها- لأنه كان يدعو للنصرانية- . وقد لاحظ بعض القساوسة أن بعض الشباب يجتمعون في بعض القرى الأوروبية في منتصف فبراير؛ ويكتبون أسماء بنات القرية؛ ثم يضعون ذلك في صندوق ، ثم يسحب كلُّ شاب ورقة، والتي يَخرج اسمُها تكون عشيقته طوالَ السنة، فيرسل لها بطاقةً مكتوباً عليها: باسم الآلهة الأم أرسل لـك هـذه البطاقة ، ثم تستمر العلاقة بينهما إلى عام ثم يستبدلها بعدُ بامرأةٍ أخرى . فلما وجد القساوسة أنه من الصعب إلغاء ذلك الطقس من عقول أولئك الشباب ، عَمدوا إلى فكرةٍ ترسّخ النصرانية في عقول أولئك الشبان ، فقرروا أن يغيّروا عبارة: باسم الآلهة التي يستعملها الشباب إلى عبارة: باسم القسيس "فلنتاين"؛ وذلك لكونهِ رمزاً نصرانياً؛ وفي ذلك يتم ربطُ الشباب بالنصرانية. وإنه لمن المحزن جداً أن ترى بعض القنوات الفضائية؛ أو الجرائد اليومية؛ أو الاتصالات التي يملكها مسلمون وبين صفوف المسلمين وهم يروّجون لهذا العيد الوثني بين صفوف المسلمين. إن هذا العيد المسمى بعيد الحب؛ عيدٌ وثني لا يجوز المشاركةُ فيه بحالٍ من الأحوال ، ويجب قطعُ جميعِ الطرق والوسائل المفضية إليه، وذلك أنه من أعياد الجاهلية التي أبطلها النبيُّ r ؛ قال أنس t : « قدم رسول الله r المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذا اليومان؟. قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله r : إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يومُ الأضحى، ويومُ الفطر». وعلى ذلك فلا يجوز الاحتفالُ بأي يومٍ واتخاذه عيداً يعودُ في كل عام إلا ما حدّده الشرع وعظّمه كعيدي الأضحى والفطر . كما أن الاحتفال بهذا العيد الوثني - ( عيد الحب )- إحياءٌ لشعيرة من شعائـر الكفار؛ وتعظيمٌ لأيامهم الوثنية؛ وتشبهٌ بهم في عبادتهم؛ وقد قال r : « من تشبه بقومٍ فهو منهم » . وفي هذا الاحتفالِ مضادةٌ لدينِ الله؛ وقدحٌ في أصلٍ من أصول عقائدِ أهل السنة والجماعة، وهو الولاء والبراء المتمثل في محبةِ المؤمنين وبعضِ الكافرين. كما أن تقليدَ الكفار في هذا اليوم يقودُ إلى المحبة القلبية لأعمال المشركين؛ وللمشركين أيضاً ؛ وينمي الاستئناسَ بمن يحتفلُ بهذا اليوم ، لأن المرء عادةً يرتاح لمن يعملُ مثلَ عمله. قال ابن تيمية /: " مشابهةُ أهلِ الكتاب والأعاجم ونحوهم لابد أن تورثَ عند المسلمِ نوعَ مودةٍ لهم، أو هي على الأقلِّ مظنة المودة؛ فتكون محرمةً من هذا الوجه سداً للذريعة، وحسماً لمادة حب الكافرينَ والولاءِ لهم ، فضلاً عن كونها محرمة من وجوه أخرى بالنصوص الواردة وغيرها". وليحذر المسلم أشدَّ الحذر من التهنئةِ بهذا اليوم وغيره من الأعيادِ المبتدعَةِ ، لاسيما الأيام المعظَّمة عند الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم. قال ابن القيم /: "وأما التهنئة بشعائر الكفار المختصة بهم فحرام بالاتفاق، مثلَ أن يهنئهم بأعيادِهم وصومِهِم فيقول : عيدٌ مبارك عليك ، أو تهنئْ بهذا العيدِ ونحوِهِ ، فهذا إنْ سَلِمَ قائِلُهُ من الكفرِ فهو من المحرمات ، وهو بمنزلةِ أن يهنئَه بسجودهِ للصليب ، بل إن ذلك أعظمُ إثماً عند الله وأشدُّ مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتلِ النفس". قال : " وكثير ممن لا قدر للدين عندَه يقع في ذلك ولا يدري قُبْحَ ما فَعَل ، كمن هنّأَ عبداً بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو كفرٍ، فقد تعرّض لِـمَقتِ الله وسخطه ". وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :" الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه : الأول : أنه عيدٌ بدعي لا أساسَ له في الشريعة . الثاني : أنه يدعو إلى اشتغالِ القلبِ بمثل هذه الأمورِ التافهةِ المخالفةِ لهدي السلفِ الصالحy ؛ فلا يحل أن يُحدث في هذا اليوم شيءٌ من شعائر العيد؛ سواء في المآكل أو المشاربِ أو الملابسِ أو التهادِي أو غير ذلك " . ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم من بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين ) . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد : فاعلموا أن الاحتفال والمشاركةَ في عيد الحب - كما أنه قدحٌ في العقيدة- فكذلك هو إزراءٌ بالأخلاق؛ وشهادةٌ على النفس بالفجور . فكم هو من الخزيِ والعارِ المشين؛ أن ترى محلاتِ الزهور وقد امتلأت باللونِ الأحمرِ - وهو شعار هذا العيد الفاجر- ؛ أو ترى الأسواقَ وقد امتلأت بالدُّمى والصورِ، وصور القلوبِ الحمراءِ التي يتهافت عليها التافهات والتافهون لإهدائها إلى بعضهم البعض. إن المشاركةَ بهذا الفعل القبيح لهو استيرادٌ للطريقة الغربية في العلاقَةِ بين المرأةِ والرجل ، وإعلانٌ لهذا العشق البهيمي الذي يؤسَّسُ على عَلاقةٍ محرمةٍ. إن المرأة التي تشارك بهذا الفعلِ لهي تشهدُ على نفسها بالفجور وأنها ساقطة عند عامة الناس؛ ويسيئون بها الظن ولو كانت بريئة، فالواجب عليها البعدُ عن مواطن الريبة والتهم . كما ينبغي على ولي الأمر أن يكونَ حريصاً على ذريته ، وأن يقطع حبلَ الشيطان قبل أن يلْتَفَّ حولَ أعناقِ أبنائه ولاسيما البنات . تفقدوا بناتكم وحذروهن من هذا الفعل المشين . وابك لحال كثيرٍ من بنات المسلمين اللاتي يتهافتن إلى محلات الزهور أو شراءِ القلوب وتعليقها في السيارات . وكأنها تقول للناس إنها تسعى إلى المجون. ولربما بعضهن تفعل ذلك بحسنِ نية تقليداً للمجتمع، فيجب على من فتح الله عليه بمعرفةِ حكم هذا اليوم الوثنِي أن يحذرها من مغبةِ هذا الفعل الشائن . انتبهوا أيها المسلمون ؛ وبخاصة الشباب لأنكم قد اطلعتُم على وسائلَ لم يطلع عليها غيرُكم ممن سبقكم ، فحوطوا الأهلَ بالنصح والتوجيه. لا ترضوا أن تتزين البنتُ باللباسِ الأحمرِ في هذا اليوم، أو أن تتبادل البطاقاتِ أو الورودَ أو القلوبَ حتى مع الصديقات، فإن الانحراف في هذه العصور لم يقتصر على الشباب والبنات فقط؛ بل حتى بين البنات أنفسهن مما يحصل من التعلقِ القلبي المهلكِ. فلا تتساهلوا في هذا الأمر الخطير، ولا تغفلوا عن أمرٍ اكتشف الكفار مغبته وهَدْمَه للأخلاق فحاربوه؛ ففي القرنين الثامنَ عشر والتاسعَ عشر ؛ ثار رجال الدين في إيطاليا على هذا العيد المسمى ( عيد الحب ) وأبطلوه؛ واعتبروه مفسدة لأخلاق الشباب والشابات؛ فلا يغفل المسلمُ العاقلُ المتمسكُ بأخلاقه عن أمرٍ تنبه له الكفار فاقدو البصيرة. وعلى التاجرِ المسلم أن يتقي الله ولا يشاركَ في بيع ما لَه علاقةٌ في هذا العيد الوثني، فإن كسبه حينئذٍ سحتٌ وحرامٌ، وحريٌّ ألا يبارِكَ اللهُ به. قال ابن تيمية رحمه الله : " ولا يبيع المسلمُ ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم – أي الكفار – في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك ، لأن في ذلك إعانةً على المنكر ". فليتق الله المسلمُ أن يعينَ إخوانَه المسلمين على مخالفةِ أمرِ الله ﻷ ، بل الواجب عليه أن يحذرهم من مغبة هذا الفعل، لا أنْ يبحث عن الربح المادي ولو كان في المقابل ضياعُ دينِ إخوانه . ومما يخطئ فيه بعضُ إخوانِنا وأخواتِنا من أهلِ النوايا الحسنةِ؛ أن بعضَ النساءِ تشتري لزوجِها شيئاً أحمر بهذه المناسبة احتفالاً بهذا اليوم، وقد يحصل من بعض الأزواجِ مثل ذلك، ظناً منهم أن الاحتفال بهذا اليومِ يحرمُ إذا كانت الهدايا المتداوَلةُ بين رجلٍ فاجرٍ وامرأةٍ ساقطة فقط. وهذا ظنٌّ خاطئ، فكما أنه يحرمُ إذا كان شعاراً على الفجور بين رجلٍ غريبٍ وامرأةٍ أجنبيةٍ جاهروا بالمنكر والفجور، فكذلك يحرم إذا كان بين الزوجين، لأنه عبادةٌ كفريةٌ وثنيةٌ، ولا يجوز تقليدُ الكفار في أعيادهم ؛ كما أنه قائد إلى اتهامِ الرجل والمرأة بما لا يليق بمثلهم؛ والحب بين الزوجين ليس له وقت معين، بل هو طول العُمْرِ إن أصلحهما الله. هذا وإن مثل هذه الأيام المبتدَعة - عَلاوة على كونها ليست من الدين ، فقد أدَّت إلى فتورِ العلاقات بين صفوفِ المجتمع- كما هو في الواقع الغربيِ - فلا يتذكر الرجلُ زوجته إلا في ( يوم الحب )، ولا يذكر أمه إلا في ( يوم الأم )، ولا فضائل بلده إلا في اليوم الوطني وهكذا. فاتقوا الله عبادَ الله، ولا يغلبنكم أهلُ الفجورُ على دينكِم وأخلاقِكم، واحذروا من التساهل فيما ترونَه صغيراً ، حتى يصير كبيراً فيطرحُ صاحبَه إلى هوةٍ سحيقةٍ لا نجاة فيها ولا فكاك. اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا..