من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
حسبك ياملبِّس !
بسم الله الرحمان الرحيم
نرى بعض من نخالطهم ونجالسهم ممن تبدوا عليهم ظواهر الإلتزام بسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يشاطرونا بعض المعاصي فنصرف هذا الأمر على أنهم يريدون بعضاً من اللهو وشيئاً يسيراً من الإنفتاحية التي نتصور أنهم محرومون منها إزاء ماحتَّم عليهم تمسكهم من أمور
فنرفع أكف من داخل أفئدتنا بدعاء سر : ( اللهم ثبت قلوبنا على هذا الوضع والحال ) !! (1)
فعند قدوم بعضهم ، نسارع بإخماد جمر السجائر ودس ورقة البلوت ونهرع لكتم صوت التلفاز ، فما أن يلقي التحية على الحاضرين ويأخذ مكانه في المجلس إذ به يسدد نظره إلى الجهاز ويسارقك نظر مشاهد الرذيلة !
فعند قدوم بعضهم ، نسارع بإخماد جمر السجائر ودس ورقة البلوت ونهرع لكتم صوت التلفاز ، فما أن يلقي التحية على الحاضرين ويأخذ مكانه في المجلس إذ به يسدد نظره إلى الجهاز ويسارقك نظر مشاهد الرذيلة !
وقد يستدرّ الحديث حول أخيه المسلم ويشرع في نهش لحمه بعدوانية مسلتذّاً بذلك وبحجة النقد وتحت شعار التأسّف لحاله !! (2)
وإذا ما صرّح أحد الجالسين مستغلاً وجوده بينهم عن رغبته في هجر التدخين ، وأنّه جاهد نفسه وكدح بكل وسيلة من شأنها أن تفضي إلى تركه دون جدوى أجابه قائلاً : ( نعم صدقت ، فأنا كنت أدخن في اليوم كثيراً . وبالمقابل أضرّ بي كثيراً فتحولت إلى الـ (Davidoff ) والثاني (3) خفيف بذاته وآفاته ، وقد لاحظت الفرق .. وأظنك لاتستطيع ترك التدخين فأنصحك أن تتحول إليه ... انتهى كلامه)
سبــحـــان الله العظيم !!!
كأنها إيحائات لهذا العامي المسكين الذي استبشر بنصيحة مفيدة من هذا الشخص تعينه بعد الله على تركه بأنه - صاحب النصيحة - يتمنى أن لم يترك التدخين إلى وقته هذا وأن فيه غذاء الروح ومتعته بمشاهدة التشكلات الهندسية الجميلة لدخانه المتصاعد بعد نفثه أمام عينيه !
وإذا مالحظته في جانب الأرزاق وجلب الأموال فإنك تجده شديد اللهفة على غلَّاته شديد الحسرة
على مافاته .. لايتورّع عن كسبٍ حرام أو فيه شبهه . فأمثال هؤلاء يُلبّسون على الناس الحقائق .. يغيّبون عنهم لذّة مجاهدة الهوى وحلاوة الطاعة !!
على مافاته .. لايتورّع عن كسبٍ حرام أو فيه شبهه . فأمثال هؤلاء يُلبّسون على الناس الحقائق .. يغيّبون عنهم لذّة مجاهدة الهوى وحلاوة الطاعة !!
يُنشدون أمام عوام الناس بترنُّم مايهيّج عواطفهم قول المجنون (4) :
قضاها لغيري وابتلاني بحبّها
... فهلا بشيءٍ غير ليلى ابتلانيا
... فهلا بشيءٍ غير ليلى ابتلانيا
ولم يسوقوا أول فوائد
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
التي ذكرها ابن القيم - رحمه الله - ( أنه يُورث القلب سروراً وانشراحاً أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر ؛ وذلك
لقهره عدوِّه بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه ... )
لقهره عدوِّه بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه ... )
وترى بعض المجاهرين بالمعاصي - صنف آخر - نسأل الله السلامة والعافية يفصلّ فعلته الشنيعة بنشوة ويزعم أن سعادته حينها لاتوصف بحد بلغت عنان السماء أو هي أقرب ، ثم يسكت فجأة ويكتفي بعمليات شهيقٍ وزفير يعبّر بها عن يتمه ، محاولاً استذكار أحداث تلك الشهوة البهيمية ..
.. فياليت من يستحضر أمام هذا المسكين ، قول ابن تيمية - رحمه الله -
( إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ) (5)
وأبلـغ من ذلك قوله - عز وجل -
( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا ) (6)
وقال سبحانه :
( من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) (7)
قال ابن القيم في تعقيباً له على هذه الآية :
لما انتفى عنه الضلال فيها وحصل له الهدى والهدى فيه من برد اليقين وطمأنينة القلب وذاق طعم الإيمان فوجد حلاوته وفرحة القلب به وسروره والتنعم به ومصير القلب حياً بالايمان مستنيراً به قوياً به قد نال به غذاؤه ورواءه وشفاءه وحياته ونوره وقوته ولذته ونعيمه ما هو من أجلّ أنواع النعيم وأطيب الطّيبات وأعظم اللذات قال الله تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) فهذا خبر أصدق الصادقين ومخبره عند أهله عين اليقين بل هو حق اليقين ولا بد لكل من عمل صالحا أن يحييه الله حياة طيبة بحسب إيمانه وعمله ولكن يغلط الجفاة الأجلاف في مسمى الحياة حيث يظنونها التنعم في أنواع المآكل والمشارب والملابس والمناكح أو لذة الرياسة والمال وقهر الأعداء والتفنن بأنواع الشهوات ولا ريب أن هذه لذة مشتركة بين البهائم بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الإنسان فمن لم تكن عنده لذة الا اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والأنعام فذلك ممن ينادى عليه من مكان بعيد ولكن أين هذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالط بشاشته القلوب سلى عن الأبناء والنساء والأوطان والأموال والإخوان والمساكن ورضى بتركها كلها والخروج منها رأسا وعرض نفسه لأنواع المكاره والمشاق وهو متحل بهذا منشرح الصدر به يطيب له قتل إبنه وأبيه وصاحبته وأخيه لا تأخذه في ذلك لومة لائم حتى إن أحدهم ليتلقى الرمح بصدره ويقول فزت ورب الكعبة ويستطيل الآخر حياته حتى يلقي قوته من يده ويقول إنها لحياة طويلة إن صبرت حتى آكلها ثم يتقدم إلى الموت فرحاً
مسروراً ويقول الآخر مع فقره لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ويقول الآخر إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً وقال بعض العارفين إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيشٍ طيب ...
مسروراً ويقول الآخر مع فقره لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ويقول الآخر إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً وقال بعض العارفين إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيشٍ طيب ...
________________________________
(1) أشرت هنا إلى حديث أم سلمة رضي الله عنها انها قالت : كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم :" يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " . رواه الترمذي وقال حديث حسن .. والمقصود هو أن البعض يتوهم برؤية أمثاله يزوغ يمنة ويسرة ، ولا يعمل بأوامر الشرع عكس المؤمل منه فيقنع بحالته ويظن أن مثله لا يقدر على ذلك
(2)يقول ابن الجوزي في
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
: أعوذ بالله من صحبة البطّالين . لقد رأيت خلقاً كثيراً يجْرون معي فيما اعتاده الناس من كثرة الزيارة ، ويسمُّون ذلك التردد خدمة ، ويطلبون الجلوس ويجرون فيه أحاديث الناس وما لايغني ويتخلله غيبة .(3) نوع من أنواع الدخان
(4) قيس بن الملوح (مجنون ليلى)
(5) ذكره ابن القيم عن ابن تيميه - رحمهما الله - في الوابل الصيب
(6) سورة طـه
(7) سورة النحل
